
تم الإتفاق على توحيد إستخدام مصطلح العولمة للدلالة على تحولات البنية العالمية في العقدين السابقين،خاصة في منطقة الشرق الأوسط عامة والعربية بشكل خاص،في المجالات السياسية والإقتصادية وربط كل ما هو محلي (داخلي)،بالعالمي (الخارجي).وما تم من خلق لمساحات إجتماعية إنسانية أكثر شمولية بواسطة العوالم السماوية المفتوحة أو العالم الإفتراضي المتجسد في شبكة المعلومات.
فالعولمة من حيث بنيتها الفكرية الأولى تعتمد على إزالة الحواجز الزمانية والمكانية،وتوحيد الهم الإنساني تحت المفهوم الكوني،مع تجاوز لكل العوائق القومية والعرقية والدينية والمذهبية بكل تجلياتها للوصول إلى أعلى مرحلة دمج ممكنة بين المجتمعات،في محاولة لتعديل المسار الإنساني الذي عانى قروناً طويلة تحت طائلة الصراعات الإختلافية.مما يُعطي للعولمة قيمة الضرورة لا مجرد حالة من الطرف الفكري.
ومن أهم المشكلات التي تصطدم بها العولمة الهوية بأشكالها المتعددة (القومي ـ الديني)،فمن الناحية التاريخية فإن الهوية القومية من المشاريع السياسية والإقتصادية التي تكاملت مع المجتمعات الرأسمالية الحديثة في المجتمعات الغربية،وبداية المشروع الناصري والصراع مع الكيان الإسرائيلي في المجتمع العربي.فحاولت الحكومات إيجاد مساحات تعزز بها حالة الفصل بين (الأنا) و(الآخر)، وتوجيه الخطاب (المتجسد في إعلام وتعليم)،لإنتاج فكرة واحدة تهدف إلى الربط بين الفرد داخل إطار الهوية القومية .
ولكن مع ما وقع فيه الخطاب القومي من مشاكل سياسية (كحرب الستة أيام 1976)،وما استتبع ذلك من إنزلاقات إقتصادية،أدى في النهاية إلى إنهيار المشروع القومي ذاته.ومع ظهور الإتجاهات الإسلامية السياسية في المرحلة التالية ،وإنتشار ما يُسمى بالهوية الإسلامية،وأتى ذلك متزامناً مع مشكلة النفط والدور الإقتصادي الهام الذي قام به وتحوله إلى المصدر الأساسي والوحيد للطاقة،وتأثير كل ذلك على المجتمع الدولي بشكل عام والعربي خاصة.إنتقل الصراع إلى مرحلته التالية متجسداً في العلاقة بين النفطي(الإقتصادي)،والإسلامي (السياسي).وظهور ما تم تسميته بالإرهاب الديني وما شكّله من خطر حقيقي على المجتمعات الدولية،خاصة ما أنتجته الهوية الدينية من صراع بين القومي والديني.