
الكنيسة تستند في تبرير حضورها على ادعاء، يتلخّص في أن المنطقة تابعة تاريخيا لحيز المسيحية الرومانية، والحقيقة أن شمال إفريقيا ما تنكّر لماضيه المسيحي، فقد كان معقلا من معاقل هذا الدين الجليل، حيث صعّد عدة بابوات لسدّة البابوية وقدّم قوافل الشهداء والعلماء، بيد أن ما يجحده القساوسة أو يحاولون نكرانه، وهو التطور العقدي الذي مرت به المنطقة، من الديانات البدائية إلى التوحيد الخالص مع الديانة الإسلامية.
فقد فرضت حقبة الاستقلالات على الكنيسة سياسة جديدة، هيمن فيها التعامل مع المغرب العربي ضمن معطيين: أحدهما برغماتي والآخر استراتيجي، يتمثل الأول في التسليم على مضض بهيمنة الإسلام والطابع العروبي على المنطقة، والثاني في مواصلة نقض تلك البنية الحضارية الموسومة بسمة بالغزو، مما يحوّل الإسلام والبعد العربي إلى دخيلين وطارئين، أملا في العودة بالمنطقة إلى فترة ما قبل الفتح الإسلامي. هذا الطرح نجده متطوّرا بالأساس مع أسقف الجزائر السابق هنري تيسيي، خصوصا في كتابه غير المنشور بالعربية: "مسيحيون في الجزائر: الكنيسة الواهنة" 2004.