اقتنعت بعد تجربة كأستاذ في إحدى الجامعات الأمريكية أن مؤلفات عهد الاستعمار حول المغرب، التي نهملها ونحتقرها، لا تزال تؤثر في أذهان الأجانب. إن الباحث الأمريكي يتسرع في جمع المعلومات حول ماضي المنطقة دون أن يكون مؤِهلا لنقدها والتمييز بين أنواعها. يتهافت على الفرضيات التي يتحفظ حتى أصحابها عند تقديمها فيأخذها كحقائق نهائية. يجهل العربية والبربرية ويهدف إلى فهم الحالة القائمة فلا يهمه من التاريخ إلا ما هو لازم أكاديميا وما يسهل إدراك المشكلات الاجتماعية والسياسية. فيستهويه ما كتبه الفرنسيون ويعطيه قيمة أعلى من قيمته الحقيقية. والباحث الأمريكي ليس إلا مثلا على كل الدارسين الأجانب.
«فكرت، والحالة هذه، أنه من المفيد أن أقدم نظرة مغربية على تاريخ المغرب، حتى ولو لم آت بأي كشف جديد، مقتصرا على تقديم تأويلات جديدة للأحداث والوقائع»
(عبد الله العروي: مجمل تاريخ المغرب، ص 28 ــ 29).
سيكون من باب «الذهان القرائي» دراسة خطاب المؤرخ والروائي المغربي عبد الله العروي في ضوء «نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي» التي تستند إلى «وعي نظري» لا يسمح المجال بأن نعرض لها في هذا التقديم(١)، هذا بالإضافة إلى ما يتيحه هذا الوعي من إمكانات متعددة على مستوى دراسة العديد من «النصوص» المكرسة والمتداولة في «ثقافات» ما ينعت بـ«العالم الثالث». وهذا إذا كان خطاب عبد الله العروي يتيح إمكانية حصره في خانة «العالم الثالث» وغيرها من الخانات أو التسميات التي عادة ما يلجأ إليها الباحثون في نطاق السعي إلى «السيطرة المفترضة» على مواضيعهم. وحتى نلج الموضوع، موضوعنا، تجدر الملاحظة إلى أنه ثمة فرق جلي بين إدوار سعيد (1935 ــ 2003) الذي مهد، وبقوة، للنظرية سالفة الذكر، وعبد الله العروي المشدود إلى قارة معرفية أخرى لا تزال تتأبى على الدراسة والتحليل بسبب من «المفهومية» المكثفة التي يستند إليها صاحبها في كتابة التاريخ ورصد المفاهيم والنقد الإيديولوجي. وكما أن الفرق بينهما كامن في المرجعية وفي المفهوم أو المفاهيم التي تسند المرجعية ذاتها. وكل ذلك في المنظور الذي يصل ما بين هذين الطرفين معا وفي المدار نفسه الذي لا يفارق الهدف المتوخى من «الثقافة» على نحو ما يفهمها كل واحد منهما على حدة. ومن هذه الناحية يمكن الإشارة إلى «نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي» باعتبارها مرجعية ناظمة لـ«مشروع» إدوارد سعيد، وخصوصا من ناحية مفهومها المركزي «الخطاب» (Discours) الكاشف عن «تمفصلات» الثقافة (النوع الروائي بشكل خاص) والقهر الإمبريالي، وكل ذلك في إطار من السعي إلى «فك الاستعمار» (Décolonisation) عن «العالم الثالث».
«فكرت، والحالة هذه، أنه من المفيد أن أقدم نظرة مغربية على تاريخ المغرب، حتى ولو لم آت بأي كشف جديد، مقتصرا على تقديم تأويلات جديدة للأحداث والوقائع»
(عبد الله العروي: مجمل تاريخ المغرب، ص 28 ــ 29).
سيكون من باب «الذهان القرائي» دراسة خطاب المؤرخ والروائي المغربي عبد الله العروي في ضوء «نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي» التي تستند إلى «وعي نظري» لا يسمح المجال بأن نعرض لها في هذا التقديم(١)، هذا بالإضافة إلى ما يتيحه هذا الوعي من إمكانات متعددة على مستوى دراسة العديد من «النصوص» المكرسة والمتداولة في «ثقافات» ما ينعت بـ«العالم الثالث». وهذا إذا كان خطاب عبد الله العروي يتيح إمكانية حصره في خانة «العالم الثالث» وغيرها من الخانات أو التسميات التي عادة ما يلجأ إليها الباحثون في نطاق السعي إلى «السيطرة المفترضة» على مواضيعهم. وحتى نلج الموضوع، موضوعنا، تجدر الملاحظة إلى أنه ثمة فرق جلي بين إدوار سعيد (1935 ــ 2003) الذي مهد، وبقوة، للنظرية سالفة الذكر، وعبد الله العروي المشدود إلى قارة معرفية أخرى لا تزال تتأبى على الدراسة والتحليل بسبب من «المفهومية» المكثفة التي يستند إليها صاحبها في كتابة التاريخ ورصد المفاهيم والنقد الإيديولوجي. وكما أن الفرق بينهما كامن في المرجعية وفي المفهوم أو المفاهيم التي تسند المرجعية ذاتها. وكل ذلك في المنظور الذي يصل ما بين هذين الطرفين معا وفي المدار نفسه الذي لا يفارق الهدف المتوخى من «الثقافة» على نحو ما يفهمها كل واحد منهما على حدة. ومن هذه الناحية يمكن الإشارة إلى «نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي» باعتبارها مرجعية ناظمة لـ«مشروع» إدوارد سعيد، وخصوصا من ناحية مفهومها المركزي «الخطاب» (Discours) الكاشف عن «تمفصلات» الثقافة (النوع الروائي بشكل خاص) والقهر الإمبريالي، وكل ذلك في إطار من السعي إلى «فك الاستعمار» (Décolonisation) عن «العالم الثالث».