أنفاس نتليس من عادتي أن أتعامل بالعواطف والإنفعالات مع الأحداث والوقائع السياسية، غير أنني لا أنكر هذه المرة انفعالي الشديد الذي بلغ حدّ الشعور بالغثيان، وأنا أستمع إلى تعليقات بعض ممثلي الأحزاب السياسية المغربية على مسيرة الشباب يوم 20 فبراير المنصرم.
فأن تقاطع هذه الأحزاب تظاهرة الشعب المغربي المطالب بالتغيير، هو أمر طبيعي بسبب موقع بعضها في الحكومة المسؤولة جزئيا عن الوضع الحالي، وهو أمر طبيعي بعد ما آلت إليه هذه الأحزاب من تردٍّ وتآكل وضعف مصداقية، وهي التي ظلت تعبث في المجال السياسي المغربي منذ 2007 بمجموع أصوات انتخابية لا يتعدّى 19 في المائة موزعة على أزيد من ثلاثين حزبا، كما أنه أمر طبيعي بالنظر إلى سلوكها السياسي الذي يطفو على السطح في أشكال التلاسن والهراش والصراعات الصبيانية والدسائس التي لم تعد تحسب حسابا حتى للمصالح العليا للبلاد، والتي لا تهمّ أحدا من أفراد الشعب المغربي، كالتي تقع بين حزب البام وحزب الإستقلال وحزب العدالة والتنمية، مما يدلّ على مدى الإفلاس الذي بلغته الساحة السياسية المغربية التي أفرغت من كلّ مدلول جدّي. وهو أيضا أمر طبيعي بالنظر إلى العلاقة التي أصبحت تربط الأحزاب السياسية بالسلطة العليا، والتي تتمثل في انتظار "إشارات الملك"، الذي يعطيها الضوء الأخضر للتحرك، فالأحزاب معذورة لأنها لم تتلق إشارات الملك للنزول إلى الشارع لكي تتقدم إليه بمطالب، وقد يعني ذلك ضمن ما يعنيه أن النظام ليس مستعدا بعد لسماع صوت الشعب من أجل التغيير، رغم كل الظروف الخطيرة التي يجتازها العالم في السياق الراهن.

أنفاس نت"متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!"
الفاروق عمر بن الخطاب

مهاد الموضوع
تعد الحرية قدرة الفرد على الفعل من دون قيد آسِرٍ لهذا الفعل، إن الحريةَ تجاوزٌ للقيود والإكراه، والحرية بما هي مقابل للخضوع والإكراه في الفعل الإنساني، فإنها يمكن أن تنفصل إلى طريقين: حرية بما هي نقيض للإكراه على الفعل أو الحرية الآمرة، والحرية بما هي مقابل للإكراه على عدم الفعل أو الحرية الناهية، سواء كان هذا الفعل فرديا أم جماعيا أم ووطنيا. وبالتالي، تغدو الحرية في أبهى تجليها إرادة الفعل و إرادة عدم الفعل في الوقت نفسه.
1. أنماط الحرية
تتمفصل الحرية، بالنظر إلى التحديد السابق، إلى الحرية الفردية التي ترجع إلى الفعل الذاتي، في علاقته بالأفراد والجماعات؛ ثم الحرية الجماعية المتعلقة بقدرة الجماعة على الفعل، بمعناه الاجتماعي، بعيدًا عن الخضوع والخنوع والإكراه؛ ثم الحرية الوطنية التي ترتبط بقدرة الوطن، من خلال مؤسساته الاجتماعية، على الفعل من دون ضغط خارجي يحد من قدرة الوطن، ويأسر إرادته في الفعل والاختيار.

أنفاس نتفى ميدان التحرير تعالتْ صيحاتُ المقهورينَ, وحَّدهم القهر, وقادتهم المعاناة, ومِنْ بعضهم استمدوا الإرادة واستدانوا القوة, فكان المشهدُ مهيباً, رأيناهم يتحررون من أغلالهم,ويحطّمون أبوابَ القُصور الموصدة, والتى زعموا أنها غير قابلة للتحطيم.
كتبَ الشبابُ بدمائهم ( ارحلْ), وطوائفُ الشعبِ خرجتْ من مناجم الغضب لتزلزلَ الأرضَ وتعلنَ أنه :
لا يرضخُ الطّغاةُ لواقعِ الحياةِ إلاّ إذا تحطّمتْ عروشهم, أو بعد فوات الأوان.
فقد
خلقَ الله البشرَ في الحقوقِ والواجباتِ سواسية, لكن فراعنة الظلم وزبانيته أبوْا ذلك.
كانتْ
شعاراتُ المساكينِ القناعةُ, ولقمة العيش الحلال, جدرانَ بسيطة تحمى البدن من قسوة الطبيعة, الأمن على النفس والعرض, وامشِ يا ابنى جنب الحيط, وهذا هو الحد الأدنى لكلِّ أدمى يدب على الأرض.

أنفاس نتلم يعد الناس يـُلقون بالاً لما يقوله "الملأ" من سدنة الاستبداد ونظمه.لم يعد الناس يـتأثرون بما يفعله "حملة المباخر"، المنتفعون من بقاء هذه الأنظمة الاستبدادية، لذا يسعون لتحسين صورتها، وبقائها لأطول أمد.. وهيهات مهما طال الزمن.
لقد تغير الحال كثيرا.. لم تعد الشعوب تسمع لأبواق الإعلام السلطوي الفاسد المُفسد، الضال المُضل التي تحاول، "لاهثة" أن: "تثنى الناس عن التعبير عن غضبهم بعدما فاض بهم الكيل وتحملوا مظالم لا قبل لهم بها".
لم يعد الناس يعيرون اهتماما بما "يـدبجه"وعاظ السلطان"، فلا داعي لهؤلاء وغيرهم أن "يبيعوا دينهم بعرض زائل من الدنيا". لا داع لهؤلاء للسعي، وهم فاشلون سيفشلون، في "تغييب العقول"، وتكريس السلبية، و" تخدير الناس"، وتبرير الرضا بالظلم والقهر والطغيان، والتخويف من طلب الحقوق والعدالة والمساواة والإنصاف.. والحياة الكريمة الشريفة. لقد بقي ذلك العنوان الذي صاغه الشيخ الشعرواي، والغزالي وهم يتصدون لأحداث الزاوية الحمراء: "لسنا من وعاظ السلطة، ولا علماء الشرطة". رحم الله الشيخ الجليل، "محمد الغزالي"، وهاأنذاـ بين يدي هذه السطورـ  أضع يدي علي كتابة/ سفره القديم الجديد المتجدد:"الإسلام والاستبداد السياسي".. أعيد قراءته مرة ومرة ومرة.

أنفاس نتبعيدا عن نظرية المؤامرة و في سياق قراءة شاملة و استراتيجية لما يحصل في تونس هذه الأيام  لا بد من الاتفاق على مجموعة من المسلمات قبل الخوض في موضوع الثورة التونسية و تداعياتها المحتملة في الداخل كما في الخارج .
المسلمة الأولى مفادها أن القوى الفاعلة على الساحة السياسية الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لم ولن يسرها وجود أي نظام سياسي لا يستجيب لإملاءاتها و لا يسعى إلى خدمة مصالحها وبالتالي فهي لن تدخر أي جهد للتصدي إليه بكل الوسائل وإجهاضه إما عبر التدخل العسكري المباشر كما تم في العراق سنة 2003 مع حزب البعث بقيادة صدام حسين ومن قبلها في نيكاراغوا مع الجنرال " نوريغا " [1] , أو عبر وسائلها الديبلوماسية و الاستخباراتية الأخرى .
المسلمة الثانية تتلخص في علاقة التبعية والاستقطاب التي لا تزال قائمة بين دول تابعة وأخرى مستقطبة مما يتيح للأولى التدخل في شؤون الثانية وتوجيه سياساتها في خرق واضح للقانون الدولي ولمبادئ الشرعية الدولية .

أنفاس نتهل يمكننا الحديث عن صحوة شعبية عربية على غرار الانتفاضات الشعبية التي تعيشها وعاشتها العديد من البلدان العربية؟ فكل الأحداث الأخيرة التي وقعت ببعض الدول العربية كتونس والجزائر والسودان ومصر والمغرب ... وغيرها، تنذر بحدوث أحداث أخرى مماثلة في هذه البلدان وفي غيرها. وإذا ما تتبعنا خيوط هذه الأحداث فإننا نجد أغلبها ينحو  نحو المطالب الاجتماعية التي تأتي بعد معاناة واضحة في مجال السكن والعيش الكريم والشغل  و الشغل كحق إنساني تكفله جميع الدساتير. وبالتالي فهذه الأحداث تكون بمثابة إجابة واضحة عن التساؤل أعلاه، فالشعوب العربية أو بعضها على الأقل بدأت تشكل النواة الأولى لبناء ثقافة جديدة تكرس الإيمان بالحق والمطالبة به، وهذا شيء جديد في عالمنا العربي وأسلوب حديث سنته الشعوب العربية المقهورة للمطالبة بحقوقها الاجتماعية المشروعة .
إذن، نستطيع أن نقول إن هذه الصحوة الشعبية بدأت تمثل رؤية جديدة للانتماء الوطني، فالوطن الذي تعاني فيه أغلب الطبقات الاجتماعية من كل أنواع الفقر والذل والإهانة بينما تنعم طبقات قليلة فيه بالخير وتستحوذ على النسبة الكبيرة من ثرواته وخيراته لا يمكنه أن يستمر  في السلم والأمان كثيرا من الوقت، ولذلك على الحكام أن يفكروا جديا من اليوم فصاعدا في كيفية التقليل من حدة هذه المعاناة التي تعانيها كثيرة من هذا الشعب العربي أو ذاك .

ثورة مصر - أنفاسشهدت مصر احتجاجات غير مسبوقة شارك فيها ملايين المتظاهرين في كافة انحاء البلاد للمطالبة باسقاط نظام حسني مبارك، وتحقيق اصلاحات سياسية واجتماعية جذرية.
منذ بداية الاحتجاجات طلبنا من مدون مصري، هو كمال نبيل، وهو ايضا ناشط في جمعيات غير حكومية، ان يكتب لنا مشاهداته عن تطورات الاحداث في مصر، وعن مواقف وآراء الشباب الذين يلتقي بهم تجاه هذه التطورات، فكانت هذه اليوميات التي تعكس صورة عما شهدته مصر من احداث في هذه الفترة
.

الجمعة 11 فبراير/شباط : 

ألف مبروك لكل المصريين. فرحة غامرة يشعر بها ملايين المصريين الذين انتظروا طويلا هذا اليوم. اتلقى رسائل التهنئة بشكل لا يتوقف من الاصدقاء في داخل مصر وخارجها، بل حتى من الاجانب الذين يعيشون في مصر.

أنفاس نت

" كل ما يهز الجماهير هو ما يظهر في شكل صورة لافتة وجلية ،لا تشوبها توضيحات اضافية أو لا تصاحبها الا أشياء عجائبية: انتصار كبير ، معجزة كبيرة، جريمة كبيرة، وأمل كبير."[1]

ينعت البعض من السوفسطائيين والمثقفين الزائفين والكتبة الأرستقراطيين الجماهير بأنها حشود قطيعيةورعية جاهلة وكثرة من الرعاع والدهماء القاصرة ومجموعة من الأرهاط العاجزة عن الحركة في الواقع والفعل في التاريخ ويطلقون عليها عبارات مذمومة مثل الأغلبية الصامتة والسوقة والغوغاء ويتهمونهم بالانفعال والشعوبية وسبب الفوضى والهرج وترويج الاشاعات والقلاقل وبث البلبلة والتخريب والنهب.  زد على ذلك يصف بعض الباحثين المرتبطين بدوائر السلطان الناس بأنهم يميلون بطبعهم الى الاستعباد والاستغلال وتستهويهم الدعاية ويصبغون طابع القداسة على الأشخاص والوثوقية على الأفكار ويعبدون القادة وتسيطر عليهم أخلاق العبيد وخاصة رذائل الخوف من الحرية والطاعة العمياء والخضوع المطلق لمشيئة القدر وقوانين التاريخ والجنوح الى جلد الذات وقبول الهزيمة والعزوف عن رفع لواء التحدي والمغامرة والارتحال الى المجهول وذلك لانتشار واقع الاحباط والفشل وتحولهم الى طابور خامس معرقل لقوى التجديد ومانع لكل تغييروممانع لكل التجارب الثورية الأممية التي تعمل على تحريك السواكن وتحفيز النفوس وشحذ الهمم نحو المساهمة في التحضر والتمدن والقضاء على الهمجية.