لا تنشدي , قربي , أيتها البهية
أغانيك الجيورجية الحنونة
فهي تذكرني
بحياة أخرى , و بساحل بعيد
أواه ! أغانيك الجارحة
تذكرني
بالشرود في ليل مقمر
و تقاسيم امرأتي البعيدة البائسة
أنا أنسى حين أرى فيك
طيفاً أحبه , طيفاً قاتلي
,لكن حين تنشدين

في زنزانتي الرطبة أقبع وراء القضبان
و النسر الفتي , ربيب ,الأسر
رفيقي الحزين , مرفرفاً , بجناحه
ينهش وجبته الدامية عند النافذة
ينهشها و يلقي بها , و يتطلع من النافذة
.كما لو أنه يشاركني أفكاري
إنه ليدعوني بطرفه و صيحته
و يود أن ينطق : (هيا بنا ننطلق ...
نحن طيران حران , آن لنا أن نمضي
بعيداً حيث الجبال بيضاء وراء السحب
حيث البحر يتألق زرقةً

أنت وحيدتي في العالم
و تقولين في رسالتك الأخيرة :
" رأسي ينفجر , قلبي يخفق
إذا شنقوك
إذا فقدتك
أموت "
ستعيشين ! إمرأتي !
و ذكراي كدخان أسود
ستتبدّد في الريح.
ستعيشين , يا أخت قلبي ذات الشعر الأشقر

الثلج شبكة كبيرة تغطي السماء و الأرض

لا أحد بوسعه أن ينجو من معركة تشكلها المدهش

و البحيرة التي تجمدت بدرجات حرارة دون الصفر

اتشحتْ بسمة جادة .

ثمة أعمدة للمصابيح ، بيض كالأشباح، تقف متينة وطويلة

في الشاعر المقفر

أما الجرس الذي يقرع ثلاثاً وثلاثين مرة في الليل الصموت

فهو يسمع مرة اثر مرة مثل تنهيدة متعبة .

الا ابتعدي عن طريقي

يا ربة الأوتار الخافتة

اين انتِ , اين انت ايتها العاصفة الرجولية

يا مغنية الحرية الفخورة ؟

اقتربي و مزقي اكليلي

و حطمي قيثارتي الناعمة

اريد أن اتغنى الحرية الإنسانية

.و أفضح الرذيلة في عروشها

القرية
...
آه لو ان لصوتي القدرةَ على ان يهّز النفوس

كان ثمة عملاق ذو عينين زرقاوين

يحب امرأة صغيرة البنية.

هي، كانت تحلم ببيت صغير

يحوطه بستان

تزهر فيه زهرة العسل المتلاشية.

وكان العملاق يحب مثلما يحب العمالقة،

كانت يداه الكبيرتان

لا تصلحان الا للأعمال الضخمة

ولم يكن قادرا بالتأكيد

على بناء منزل صغير الى هذا الحد

ولا ان يطلب استضافته

بقطعة من الفحم

بطبشورتي المكسورة وقلمي الاحمر

ارسم اسمكِ

اسم ثغركِ

علامة ساقيكِ

على جدار لا احد

على الباب الممنوع

انقش اسم جسدكِ

حتى ينزف نصل سكّيني

ويصرخ الحجر

ويتنفس الجدار كنهد.

مملكة حب من العذاب والكآبة.
ابقوا على مسافة
لو أن الأفاعي والضفادع، النجوم والنيازك
تسقط من حنفية المغطس
بدلاً من المياه
لو أن أخ صديقتك
يعنّفك مثل مجنون
أو يطلب منك المال
لو أن القنابل تنفجر في المساءات غير المأهولة
حين تهيمون في شارع المدرسة
لو أن الماويين يطلقون نداءً عنيفاً جديداً

هناك , في ريف قرطبة الأرجنتينية 

تلعب بين أشجار الحور و حقول الذرة

بين أبقار المزارع القديمة , بين العمال        

و لم أعد أراك الى أن عرفت يوماً

بأنك صرت النور المضرج , صرت

الذي علينا , كل لحظة أن ننظر إليه

لنعرف أين موقعنا.

أن ننظر إلى النهر المصنوع من الزمن و المياه
ونتذكر أن الزمن مهر آخر،
أن نعرف أننا نكف عن الوجود، تماماً كالنهر
وأن وجوهنا تتلاشى، تماماً كالمياه.
أن تشعر أن اليقظة هي نوم آخر
يحلم بأنه ليس نائم، و أن الموت
الذي ترهبه أجسادنا، هو نفسه الموت
الذي يعتادنا كل ليلة ونسميه نوماً.
أن نرى في اليوم أو في السنة رمزاً
لأيام النوع الإنساني وسنواته
أن نترجم حنق السنين