recherche-anfasse12يُعد البحث التربوي أحد الادوات الهامة التي لا غنى عنها لمواجهة المطالب المتجددة لمنظومة التعليم , سواء من حيث تقديم معالجة علمية موضوعية  للمشكلات و القضايا , أو من حيث صوغ الحلول و القرارات التي يقود تبنيها نحو تطوير الأداء التربوي عموما , و ضمان القوة و الفاعلية للمؤسسة التعليمية في ظل عالم ينحو بقوة نحو  الإبداع ,و تصنيع المعرفة باعتبارها وقود النهضة الحديثة .
فالمنظومة التعليمية في أي بلد لا يمكنها أن تستقيم و تنجح في أداء دورها كقاطرة للتنمية , وركيزة أساسية في البناءالحضاري إلا إذا تمتع البحث التربوي بسلطة القرار في تدبير وتوجيه السياسة التعليمية , من خلال مراجعة المناهج و البرامج , و تقويم  الكفايات وطرائق التدريس , ورصد العوائق و الإكراهات التي تحد من فاعلية  المخططات و المشاريع التربوية , سواء كانت هذه الإكراهات داخلية متولدة عن خلل في تنزيل التصورات , أو خارجية منبثقة عن تفاعل المؤسسة مع محيطها الاجتماعي و الاقتصادي .
و بالنظر لما تعانيه المدرسة من تراجع في أدوراها , وعجز عن الاستجابة للاقبال المتزايد على التعليم , و بطء شديد في مسايرة التطور التكنولوجي المُذهل , فإن البحث التربوي يغدو مطلبا اجتماعيا لمواكبة الحاضر . و لن يتأتى ذلك إلا بالحد  من مبادرات ملء الفراغ التربوي  باستيراد مخططات ونظريات منزوعة من سياق اجتماعي وفكري يبلغ حد التصادم مع واقعنا .. وقيمنا ..ومعتقداتنا !

Elevationان النظام التعليمي الكلاسيكي كان حقا يسلك طرائق شاقة لتوصيل المعرفة الى المتعلمين. و ذلك عبر الوسائل البيداغوجية المناسبة و الملائمة ، لإنجاز هذه المهمة التربوية ، وفق التقييمات التربوية الحداثية المنتقدة للأساتذة ، و طرائق التدريس ، و المادة المدرسة.انه حكم خلق صراعا بين جيلين متضادين على مستويات عدة، بفصل شروط و عوامل تاريخية منتجة لهما.
و لعل من الأمور أو القضايا المختلف حولها، قضية او موضوعة الذكاء، التي أسالت الأقلام بخصوصه حبرا كثيرا، ساعد اهلها على بناء نظريات عديدة تقارب الذكاء ، تعريفا ، و تحليلا ، و توضيحا ، و نقدا.فقيل بشأنه الكثير ، من حيث :
1- الوظيفة .
2- البناء .
فمن حيث الوظيفة، يعرف شترن الالماني، الذكاء، قائلا : " ان  الذكاء هو القدرة العامة على التكيف العقلي للمشاكل و مواقف الحياة الجديدة." و يرى كلفن الامريكي ان : " الذكاء هو القدرة على التعلم" ، و يقول جودار الامريكي ان : " الذكاء هو القدرة على الاستفادة من الخبرات السابقة في حل المشكلات الحاضرة و التنبؤ بالمشكلات المستقبلية ...".

ANFASSEتكاد لا تخلو منظومة تربوية من أثر لآراء جون ديوي و تعاليمه , فهذا الأمريكي القادم من فرمونت أعاد للفلسفة نضارتها , وأرجعها إلى أصلها الطيب باعتبارها محبة للحكمة . و ذلك حين اشترط أن يدور فعل التفلسف حول التربية من جهة كونها تاج الاهتمامات الانسانية ! وميز من خلال هذا الموقف بين نوعين من الفلسفة : نوع متصل بالحياة , يستمد منها شرعيته ووظيفته , وهو التربية , و نوع منعزل عن الحياة و تمثله الفلسفة اللفظية (1).
في كتابه " عقيدتي الفلسفية" يلخص ديوي مرتكزات نظريته التربوية  كما يلي : 1- التربية سمة بشرية بفضلها تتوارث الاجيال ما حصلته الانسانية من حضارة 2- الفعل التربوي  فعل لا شعوري يتحقق من خلال محاكاة الفرد لمجتمعه 3- ينبغي أن تكون التربية الحديثة ثمرة علمين هما : علم النفس و علم الاجتماع , فالأول يُجلي     نفسية الطفل , و الثاني يحدد مطالب المجتمع ! وبذلك يكون ديوي سباقا إلى التعبير عن روح التربية الحديثة في دعوتها إلى تبني التجريب العلمي , والقطع مع مباديء التربية التقليدية التي لم تفلح سوى في " قتل روح الابتكار لدى التلاميذ و تحولهم الى نوع سيء من المواطنين , ذلك النوع الذي لا يصلح إلا لكي يؤمر فيطاع , أو توضع له الخطط فينفذ , لأنه يعيش وهويفكر على فتات أفكار الآخرين .." (2)
وحتى تحدث النقلة النوعية المطلوبة على نحو عملي , أنشأ ديوي في فترة رئاسته لقسم الفلسفة بجامعة شيكاغو , مدرسة أولية للتعليم تخالف, من حيث المنهج و المقررات الدراسية , ما هو سائد , وسميت "المدرسة المعملية " لأنها لم تقتصر على تدريس الفلسفة و التربية و علم النفس بل أُلحقت بها معامل لعلوم الطبيعة و الكمياء . كما حرص على إنشاء حلقة من طلاب الدراسات العليا تتردد فيها آراؤه و مبادئه , وتواكب التغيير المذهل الذي هز كثيرا من الثوابت في المجتمع الامريكي آنذاك .

444444حرص الغرب منذ تخليه عن مستعمراته أن تظل هذه الأخيرة حقلا لتجاربه, و فضاء لتطبيقاته في شتى المجالات وخصوصا ..التربية .
و انطلاقا من كون الفكر التربوي لأي مجتمع هو وليد الحراك الحاصل في بنياته الاساسية , فإن السعي الحثيث لتغريب المنظومة التربوية في أي قطر يُبقي على حبال التبعية موصولة في ابشع صورها . و إذا كان العالم الثالث قد شهد بعض صور الممانعة ممثلة في إنضاج  مشروع تربوي ينحت إطاره المرجعي من الاعتداد بالذات و رفض الهيمنة " كمشروع تربية التحرر للتربوي البرازيلي باولو فرير " فإن رياح العولمة هبت بغير ما تشتهيه الأنظمة التربوية - خصوصا العربية منها – حين غدت توصيات المؤسسات الدولية المانحة للقروض  هي الموجه الحقيقي للمشاريع التربوية فانحسر البعد الاجتماعي للتعليم  سواء من حيث دوره في بناء انسان الغد الذي سيدفع بعجلة التقدم و النهوض , أو من حيث الاستجابة للمتطلبات الحقيقية لمجتمعات تروم الفكاك من قمقم التخلف ! 
بالرغم من ذلك لم يعدم المشهد التربوي صيحات دالة .. تحلل بعمق و دقة مكامن العطب في النظم التعليمية , و تستند إلى رصيد هام من البيانات و المعطيات التي تمكن من صوغ رؤية أكثر وضوحا و شمولا , وتؤسس لوعي تربوي يعبر عن واقع التعليم بصدق و يطمح لمستقبل أفضل .. ولعل جهود  المفكر و التربوي " فيليب كومبز " في كتابه الشهير " أزمة التعليم في عالما المعاصر " شاهد إثبات لما نقول !
صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب عن جامعة أكسفورد عام 1968 , وبالرغم من مضي أزيد من نصف قرن , لم تفقد مقولات هذا الكتاب جدتها و فرادتها . فخبرة المؤلف كمدير للمعهد الدولي للتخطيط التعليمي , وسبقه لاعتماد "منهج تحليل النظم " كطريقة علمية لبحث مشكلات التعليم  , بالاضافة إلى  اتكائه على رصيد هائل من البيانات و الإحصائيات الخاصة بنظم التعليم في بلدان العالم النامي , أهلته لتقديم طرح يمتاز بالشمول و العمق , ويُوحد في سلة الأزمة بين الغالب و المغلوب !

ac-abstrتحية طيبة لكم  نريد ان نعرف من هو الدكتور عبد القادر بودومة؟
جئت إلى الفلسفة في زمن بدأت فيه الجزائر تعاني من مأساة العنف و العنف المضاد . لحظتها التحقت بقسم الفلسفة بجامعة وهران ( الجزائر ) أين نلت شهادة الليسانس ، و أثناء فترة التكوين عرفت توجيهاتي الفلسفية طريقها نحو التشكل . إلى أن بلغت و لامست اللحظة النيتشوية . بعد التحرج قمت بتدريس الفلسفة بالثانوية . إلى غاية 2005 . عيّنت بعدها أستاذا مساعدا بقسم الفلسفة جامعة تلمسان ( الجزائر ) . بعد أن نلت شهادة الماجستير الموسومة بـ :" الكتابة و تجربة الإختلاف عند نيتشه " . و في سنة 2010 ناقشت أطرحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم و الموسومة بـ : " الفينومينولوجيا و سؤال المنهج عند هوسرل " قد نتساءل عن سر هذا الإنتقال الذي أحدثته من لحظة نيتشه إلى لحظة هوسرل . لقد منحني الأول الكثافة الأنطولوجية المحمولة بالقوة الشاعرية . أما الثاني فقد منحني الصرامة المنهجية المحمولة بقوة الانتباه و الرؤية . فهوسرل كان بالنسبة لي ضروريا إذا أردت أن أحتفظ بأنطولوجيتي المتدفقة .

temps-scolaireيعد الزمان من المعضلات الكبرى التي شغلت بال الإنسان مسببة له الحيرة ، والقلق٬ بسبب طبيعته المبنية على بنيتين متضادتين :
1-    بنية الليل : حيث الظلام و الخوف و السكون.....
2-    بنية النهار: حيث انتشار الضوء وتبدد الخوف و عودة الحركة٬ و الانتشار عبر أنحاء الكون. و هوتضاد أدهش الإنسان القديم ٬فلم يجد له تفسيرا منطقيا ، يخرجه من الحيرة العقلية والقلق الوجودي ٬ و الاضطراب النفسي. فظل يشعر بقوته وجبروته ٬ خاضعا خانعا لسلطته و سطوته ، مستسلما للعيش على السجية والعفوية ٬  يتحرك بالنهار ويسكن بالليل ٬ دون معرفة أوعلم بما يجري حوله.
لكن مع تطور البنية الذهنية الإدراكية للإنسان وفي ظل التقدم الحضاري٬ ظهرت حقيقة الزمن وانكشفت هويته ٬ عبر قراءات متعددة أجمعت على أن الزمن ليس فقط ظاهرة كونية يحكمها التعاقب المنظم لحركة الكون ٬ بل هو قيمة كبرى تتحكم في وجود الإنسان ، مركز الكون، وبناء مصيره الفكري ٬ و الثقافي والاجتماعي و الحضاري..... ولعل أجمل ما قيل في شأنه "انه طاقة غير متجددة". وبما انه كذلك ٬ فإما أن يستهلك على الوجه الأمثل، فيكون زمنا ايجابيا، نافعا، مثمرا .(الزمن الفعال الايجابي....أو ما يسمى بزمن ولوج الحضارة ).

bougie-anfasseإن  المعرفة المكتسبة من قبل المتمدرسين٬ تتسرب إليها / تقتحمها في كثير من الأحيان تمثلات خاطئة٬ فتستقرو تقطن في بنيته الذهنية الإدراكية٬ لتكون بذلك سندا له في تفسير الأحداث وتقييم المواقف وبناء الوضعيات. وهو أمر يقتضي وفق المنطق التربوي التقويم . فما السبيل المناسب إذن لمعالجة هذه الوضعية المشكل؟
وما هي آثار أو انعكاسات المعالجة أو التدخل التصحيحي؟
انه من باب الاعتقاد الراسخ الذي لا يشك فيه أن التوتر الذي يطبع العلاقة الرابطة بين التلاميذ و الأساتذة يعزى إلى التصادم الذي يحدث بين تمثلات الأستاذ والمتعلم . فالأول ومن موقعه كمدبر للشأن التربوي وحامل للمعرفة يرى أن تمثلات التلميذ خاطئة ٬ تحتاج إلى تصحيح وتقويم ٬ وهذا شأن تربوي صحيح سليم و محمود . وينسجم و دور الأستاذ المتمثل التوجيه وتحديد مواطن الخطأ. إلا أن التلميذ لا يشاطر الأستاذ نفس الرأي فيما يتعلق بمكتسباته التي يضعها موضع تقدير لا تقبل الطعن و الانتقاد ما دامت هي المعتمدة في إنتاج سلوكاته الفكرية و النفسية و الاجتماعية. انه تضارب حقيقة تضارب ، معرفي بالغ التعقيد يصعب معالجته في ضوء انحياز كل جانب إلى موقفه وتمسك كل فرد برأيه مما يسبب في خلق وضعيات معقدة تفرز :

jalibertبــدايـــة:
أثار الكتاب المدرسي «في رحاب الفلسفة»للسنة الأولى من سلك الباكلوريا، بعيد نشره، اهتماما جادا تشهد له بعض المقالات المنشورة على صفحات بعض المنابر الوطنية، وهي من دون شك مقالات سعت، من حيث مبناها ومعناها، إلى تحقيق غرضين اثنين:
يتحدد الغرض الأول في تقديم انتقادات صميمية، وبناءة في الوقت عينه، للكتاب المذكور، وإن اختلفت زوايا النظر وطرق المعالجة.
ويتحدد الغرض الثاني في الرغبة في تطوير درس الفلسفة في التعليم الثانوي التأهيلي، باعتباره أولا درسا في حق التأمل الحر، والتفكير الجاد، وبوصفه ثانية تمرنا وتمرينا على ممارسة النقد الواعي والمسؤول، كما النظر المنهجي الدقيق والسليم.
إن درس الفلسفة إلى جانب كونه مرحلة المرآة، هو كذلك لحظة انقلابية واعية من أجل النظر، وإعادة النظر في مختلف أشكال الانضباط والخنوع، والانحباس، والتحنط في شرنقة القيم، والمعارف، والمسلكيات، والتصورات الجامدة، وإرساء لقـواعد من التفكير جديدة ترتكز بشكل أساسي وكلي على العقل، والمنطق والخلق والتجاوز، والتحرر.
ومن هنا أهميته وفعاليته في تــنشئة الشخص الإنساني بإقداره على التكامل والاندماج الاجتماعيين.

communiلقد دخلت المنظومة التربوية المغربية مرحلة التحديث و التجديد و التطوير ،راسمة للمسار التعليمي سبيلا تخلصه من العد يد من العقبات والعوائق التي  ظلت  حتى  عهد  قريب  تعوق تقدمه  للانطلاق نحو الأمام باحثا  لنفسه عن موقع يؤهله ليكون ضمن  الدول  المقتحمة  ميدان الحداثة التربوية . ويتجلى ذلك في المنجز النظري القيم''ميثاق التربية و التكوين'' كمنتوج تربوي أسهمت في انجازه العديد من القوى  ذات الاهتمام  بالقطاع التربوي  مما جعله غنيا في مضامينه ،  وذلك  بما يحمله ويحويه من رؤى حداثية ، و مواقف تصحيحية ترمي للنهوض بالمجال التربوي التعليمي  الذي عاش حينا من الدهر عليلا تعوزه علله عن مواكبة المستجدات الطارئة على الخريطة الكونية . وتجاوزا للوضعية العليلة  الكامنة أساسا في الرؤية و الممارسة الكلاسيكيين التربوتين , حمل الميثاق تدابير حداثية تتميز بالقوة البيداغوجية الفعالة  القادرة على تغيير بنية التعليم ، وضخ دماء جديدة في جسمه السقيم العليل ، ليصير تعليما منتجا جيدا ، كما وكيفا.

فعلى المستوى الكمي : فقد وضعت مواد المقررات الدراسية، للصفوف كافة، بعناية وانتقائية، إذ تم انتخاب واختيار ماهو ملائم  للمتعلمين ومنسجم  قدر الإمكان وأذواقهم ، ومستجيبا لتطلعاتهم ، وهو أمر كان منعدما في المقررات السابقة ،قبل ميلاد الميثاق الوطني للتربية و التكوين.

philo-12أكد ميثاق التربية و التكوين على سلسلة من الإصلاحات يهمنا منها هاهنا؛ على الصعيد البيداغوجي، لحظتين إستراتيجيتين أساسيتين: بيداغوجيا الكفايات ثم التدريس بالمجزوءة.
أولا: بيداغوجيا الكفايات:
محور المشرع بيداغوجيا الكفايات حول أربع قيم هي:
العقيدة الإسلامية.
الحضارة و الهوية الثقافية  المغربية المتعددة.
قيم المواطنة، والمراد منها، على وجه التدقيق، خلق مواطن مغربي جديد تواق إلى الانخراط بفعالية في المجال العمومي.
استدماج مبادئ وقيم حقوق الإنسان كما هي متعارف  عليها عالميا؛ واستلهاما أيضا  لما نصت عليه ديباجة الوثيقة الدستورية لسنة 1996.
ثانيا: المجزوءة: انتقال المبادرة من المعلم إلى المتعلم:
يمكن إرجاع مسألة العمل بالمجزوءة إلى التحولات المجتمعية الكبرى  التي شهدتها نهاية القرن العشرين؛ وما اعتمل من تطورات أرخت بظلالها على المنظومات القيمية؛ والتربوية من جهة؛ وعلى سلوكات وسيكلوجيات الأجيال  الطالعة من جهة أخرى.

rihabeضمن إطار المقالات النقدية السابقة لكتاب  «الرحاب» يندرج هذا العمل. فكلما توغلنا في عملية إنجاز المقرر المذكور إلا وتعترضنا عوائق تعسر مهمتنا؛ وتزيد من تراكم كم لا يستهان به من الملاحظات، ومن تناسل ترسانة هائلة من الاستفهامات ترتهن في تفاصيلها بحيثيات«الرحاب»؛وأسسه، وقيمته الفلسفية، والبيداغوجبة، و الديداكتيكية على حد سواء، مقارنة مع ما تقدمه من مقررات، وكتب مدرسية، وهذه أمور، فيما نخال، تعمل على طرح رهانات ومستقبل درس الفلسفة في الصف الثانوي التأهيلي بشكل ملح وحاد.
ستنبري هذه المقالة النقدية للنظر في درس «المجتمع»؛ والمقصد تحديدا محاوره الثلاثة، وهي بالتتالي: أساس الاجتماع البشري، ثم الفرد والمجتمع، وأخيرا المجتمع و السلطة.
تقابل مزعوم بين النصوص:
طرح مؤلفو«الرحاب» ضمن المحور الأول سؤالا إشكاليا صاغوه هكذا: ما هو أساس الاجتماع البشري: هل هو طبيعي ضروري أم اتفاقي إرادي؟ وبغية التعاطي معه اقترحوا نصوصا ثلاثة: نص أساسي للتحليل، وهو لابن خلدون، يتمحور حول فكرة مفادها أن العمران البشري هو «اجتماع القدر الكثيرة» ب «الفطرة» التي لا يعتبرها ابن خلدون «مضافا اجتماعيا»؛ ثم نصان «محاوران» له، الأول لأرسطو، يحلل فيه بناء على المنطق الدائري، ومقولة «لا علم إلا بالكليات»، «الدولة» كمؤسسة مقدمة على الفرد الذي لا ينبغي له أن يكتفي بذاته فيعتزل الجمهور(...) وأما الثاني فهو لروسو، يطرح بين ثناياه تصوره لكيفية تشكل السلطة السياسية، بناء على تعاقد اجتماعي حصل بين الناس، لحظة الانتقال من حال الطبيعة إلى الحال المدنية(...)ومثلما هو واضح، أقحم واضعو «الرحاب» النصين« المحاورين» في علاقة منطقية مع نص التحليل؛ زعموا أنها «تأسيسية» بالنسبة للنص الأول، وتضاد بالنسبة للنص الثاني، الشيء الذي أوقعنا في حيزة كانت الداعي إلى بلورة هذه المساءلات طلبا للإيضاح والاستيضاح:
ما معنى علاقة التأسيس؟ وأين تتضح تحديدا هذه العلاقة التي تبقى في تقديرنا مغلفة باللبس والضبابية؟ من يؤسس لمن يا ترى؟ هل ابن خلدون  الذي كان يدشن منهجية جديدة لكتابة التاريخ بناء على «طبائع العمران»؛ كان يفكر كالهيلينيين أو الأنواريين؟ ولماذا لم يتم سوق أي نص يحدد بكيفية مضبوطة مفهوم المجتمع؟.