ذهب جان بيير بونوا Jean-Pierre Benoit عند رصده لاستعمالات مفهوم الأشكلة problématisation في المصادر الأكاديمية، والقواميس المعجمية والتخصصية، إلى أن الأشكلة وفعل الأشكلة problématiser، لم يرد استعمالهما إلا في ستينيات القرن المنصرم في القواميس الفرنسية المعروفة. كان أول استخدام لمفهوم الإشكالية la problématique،من طرف قاموس روبير سنة 1967م، حيث ورد المفهوم كاسم بدل النعث أو الصفة المحددة لما هو إشكالي le problématique، للإحالة على "فن إنشاء وطرح المشكلات بشكل محكم، وكذا الحل الصارم لها، من خلال رصد تحولات هذه المشكلات داخل الفكر الفلسفي"[1] كما جرى استكمال هذا التعريف بقاموس روبير في مطلع الألفية الثالثة، باعتبار الأشكلة " مجموع الإشكالات/ المشاكل problémes المترابطة العناصر/الأجزاء"؛ وقد حددت موسوعة لاروس (1969) الإشكالية فلسفيا بأنها "الإمكانية النظريةPossibilité théorique لمشكل فلسفي. أو الحقل الذي تمتد داخله سلسلة من المشكلات التي ينبغي طرحها بالشكل المناسب للمنظور الفلسفي الذي يتموقع فيه مفكر، أو باحث أو فيلسوف معين"[2].
من خلال هذه التحديدات السابقة، نلاحظ أن مفهوم الأشكلة problématisation، يرد بمعنى سيرورة، تستدعي التمييز بين التمفصلات الآتية: الموق la position، البناءla construction ، معالجة وحل المشكل traitement et la résolution du problème، باختلاف التخصصات، والسياقات التاريخية (الزمان والمكان) ومركز الثقل الذي تحظى به المشكلة حسب التخصصات واللحظات التاريخية. في هذا السياق أقام ميشيل فابرMichel Fabre تمييزا بين المشكلاتية la problémation، والأشكلة problématisation، فالأولى تشير إلى " فعل معالجة المشكلات الموجهة/ المركزة صوب/على الحلول" الأمر الذي يتطلب وعيا بحدود وشروط هذه المشكلات، والمثال على ذلك اللعبة الرياضية لعالم الرياضيات الفرنسي إدوارد لوكاس Edouard Lucasالمعروفة باسم la tour de Hanoi، حيث تشترط اللعبة تحويل أقراص بأحجام مختلفة من صومعة الانطلاق إلى صومعة الوصول مرورا بصومعة في الوسط، باحترام قواعد اللعبة وهي: أن لا يتم تحويل قرصين دفعة واحدة، وأن لا يوضع القرص إلا فوق القرص الموالي له في الكبر أو في النقطة الصفر للانطلاق (المكان الفارغ)؛ وما يستشفه فابر من خلال هذا المثال، هو أن اللاعب يركز على الحل الذي تم وضعه من طرف مصمم اللعبة، أكثر من التفكير في شروطه وحدوده. وهو الأمر الذي تختص به الأشكلة la problématisation من جهة "مساءلتها لشروط أو حدود المشكل، الشيء الذي يفترض، إعادة صياغة وتشكيل تصوراتنا حوله"[3].