تمهيد الموضوع
صرّح ريمون بيلور* في مقال له حول "دولوز فيلسوف رحّال": "سوف يأتي اليوم الذي سيكون فيه القرن دولوزيا" بهذه العبارات الشهيرة احتفى فوكو ب "الاختلاف والتكرار" و"منطق المعنى"، "وهما كتابان كبيران من بين الكتب الكبيرة". لقد مرّ على هذا الكلام ثمانية عشر سنة الآن، وأصبح ضروريا مرة أخرى إعادة قول نفس ما قيل في حق هذا الفيلسوف."[1]
تكمن نقطة قوة فكر الفيلسوف دولوز في العودة إلى حدث تجاوز الوضعية الجديدة وكذا الفينومينولوجيا وفلسفة التاريخ كما أشار إلى ذلك فوكو.[2] استطاع دولوز التخلّص من فكر الدياليكتيك، من حيث القدرة على تخطّي مقولات السلب والتناقض والتركيب، والصراع ، فاجترح أفقا آخر للفكر والفلسفة؛ إنّه أفق الاختلاف والترحال والخروج وعدم مراوحة نفس الفكر الذي عهده التقليد الفلسفي الغربي.
إنّ فلسفة من هذا النوع سوف تبغي الخروج من المناطق التي ارتكنت إليها الميتافيزيقا. إنّها ترنو نحو الخروج من تاريخ الفلسفة الرسمي منفتحة على الآداب والفن والسينما. لكن إنجاز هذا الانعطاف في مسار التقليد الفلسفي الغربي ليس سهلا إلى هذه الدرجة، بله صعب وشاق يتطلب عقد حوار نقدي مع هذا التاريخ من بداية الفلسفة إلى راهنها المعاصر.