مقدمة:
على الرغم من أن الأغورا agora اختراع يوناني، مرتبط ارتباطًا وثيقًا باختراع المدينة، فإنها ترتبط في الخيال المعاصر بالديمقراطية، والتي سبقتها على الرغم من أنها لم تتضمنها في كل مكان. لذلك من المستحسن النظر إلى أغورا الأصول، كما تظهر في قصائد هوميروس، ولكن أيضًا من خلال عناصر أخرى، ولا سيما العناصر الأثرية. هذه تسمح لنا بفهم تجسيد واقع إنساني في المقام الأول في الفضاء الحضري. هذه المساحة العامة هي تلك الخاصة بالأشخاص الذين تمت استشارتهم في المجتمع، وهي مساحة سياسية منظمة حيث يتم إضفاء الطابع المؤسسي على السياسة وتتطلب تشييد المباني، على حافة الساحة، للهيئات الأصغر والمجلس والمحاكم وكليات القضاة. الأغورا هو أيضًا مكان مفتوح للجمهور الآخر، جمهور السوق، مكان العروض والمسابقات، جمهور الفلاسفة - الجماهير مع ذلك المواطنين. جنبا إلى جنب مع تقلص الحياة السياسية، فإن أغورا المدن العظيمة تتضخم، مثل مساحة متماسكة ومرموقة، لكنها مغلقة على نفسها، وينتهي بها الأمر بالاختفاء مع المدينة في نهاية العصور القديمة. ومع ذلك، قد تكون بعض المحاولات لإحيائها تعمل بشكل جيد. فماهي مختلف دلالات الأغورا؟
ابن رشد والتـوفـيق بين الحكـمــة والشــريعــة: قراءة في كتاب "فصل المـقال وتقريـر ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال" - حــمــزة فــنــيـــن
1 - الفلسفة والمنطق والشريعة؛ أيّة علاقة؟
’’ قُلِ انْظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‘‘. (يونس، 101).
يَبدأ ابن رشد كتابه " فصل المـقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال "[1] بتعريف فعل الفلسفة بأنه النّــظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصــانع، والاعتبار ليس سوى استنباط المجهول من المعلوم واستخراجه منه، وهو نفسُه القياس. وهذا الفعل هو عينُه ما دعا إليه الشرع، حيث يسوق ابن رشد آياتٍ من القرآن تؤكّد ذلك مثل ’’ فاعتبروا يا أولي الأبصار‘‘، ’’ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رُفعت‘‘... وكلها آيات تؤكد على ضرورة النظر العقلي في الموجودات، الذّي هو أتمّ أنواع النظر/القياس أي البُرهــــــان. هكذا تغدو إمكانية معرفة الله مشروطة بمعرفة البرهان، ولا يمكن معرفة البرهان إلا بالرجوع إلى أنواعه وشروطه التي لا يمكن معرفتها وضبطُها إلا بالرجوع إلى المقدمات من مقولات وعبارات، فكأن ابن رشد هنا يُشرعن المنطق بمعنى أو بآخر. وهو أيضاً، في إطار تدعيم قوله، يقابل بين مجال الفقيه ومجال العارف/ الفيلسوف، فكما يستنبطُ الفقيه المقاييس الفقهية وجب على العارف أن يستنبط المقاييس العقلية، وكلها قياسات أُحدِثَت بعد الصّدر الأول من الإسلام فلا أفضلية لأحدهما على الآخر. وبما أنه لا يمكن لفردٍ واحدٍ إدراكُ كل العلوم فوجب أن يستعين المتأخّر بالمتقدّم، أي أنّــه لمعرفة البرهان يجب العودة للمتقدّمين قبل ملة الإسلام وهم اليونان.’’
هايدغر والفن، أو كيف يقول الفن الحقيقة بطريقته؟ - علاء عمر النجار
ما الفن؟
يفتتح هايدغر الفصل المعنوان ب"الأثر والحقيقة" من كتاب "منبع الأثر الفني" بقوله: "إن منبع (أصل) الأثر الفني هو الفن. لكن ما الفن؟ الفن يوجد واقعيا في الأثر الفني"⁽[1]⁾ ، إن سؤال هيدغر كما هو واضح هو سؤال عن ماهية الفن، هذه الماهية التي يصرّح ابتداءً أن لا وجود لها خارج الأثر الفني، لكن ما هو الأثر الفني نفسه؟ إنه ما ينطوي على ماهية الفن، وما الفن؟ إنه ما يوجد في الأثر الفني! إن هايدغر وهو يجيب على سؤال ماهية الفن، يبدو كأنه يُلقي بنا في دورٍ، يبدو لنا محيّرا في البداية، لكنّنا لا نملك إلا المضيّ معه، خاصة عندما يطرح سؤاله الثاني: أين يكمن الوجود الواقعي للأثر؟ فتكون وجهة سيرنا نحو شيئية العمل الفني، لكن حسب الفهم الهيدغيري لها. إن ما يحاول هيدغر أن يقوله لنا هنا، هو أن الأثر الفني في ظهوره لنا، يحتفظ بكون في ذاته، وهذا هو ما يقصده بالواقعية المباشرة والكاملة للأثر الفني، وما هو يبحث عنه هايدغر لالتقاط ماهية الفن.
يناهض هيدغر الإستطيقا التقليدية التي ترى أن الجانب الذي يصنع الأثر ويجعله أثراً فنيا، يكمن في شيء آخر غير جانبه الشيئي-الواقعي نفسه، أي يكمن في جانب التمثيل والرمز، وهو الأمر الذي يقود إلى نتيجة خطيرة وهي إهمال 'الجانب الشيئي' في الأثر. وضدا على ذلك، يصرح هيدغر أن ما يهمه هو واقعية الأثر، أي جانبه الشيئي، ومن هنا يبدأ في التساؤل عن الشيئي عموماً، أي عما يجعل كل شيء، بما هو كذلك شيئا⁽[2]⁾.
هابرماس: دعوة إلى فلسفة عقلانية - يوسف أبو علفه
يعد الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس(1929- ) أحد أبرز الفلاسفة الغربيين الذين أسهموا في التصدي لسؤال العقل والحداثة، انطلاقًا من التأكيد على أهمية تراث التنوير؛ ذاك التراث الفكري الذي كان قد أنبنى على مقولات – الحرية والاخاء والمساواة-والذي كان قد أعلى من شأن العقل والتفكير العقلاني. حيث التقدم " هو القانون الباطني والمعنى الجوهري لتاريخ العالم، لأن الإنسان كائن عاقل، والعقل يدعوه إلى تحسين أحواله وتمكينه من الحياة السعيدة. يتجلى هذا في العلوم والفنون، وفي تهذيب الأخلاق، وفي إصلاح القوانين، وفي انتشار الصناعة والتجارة"[1] وكذلك في مختلف مناحي الحياة، التي ستنفتح مع حقبة النهضة والتنوير على عصرًا مختلفا؛ يغاير ما كانت عايشته الحضارة الغربية، منذ نشوء المدن وسيطرة الثقافة اللاهوتية على العقل الغربي. فمع عصر التنوير ستدخل المجتمعات الأوربية فضاء من التفكير يناقض ما كان سائدًا من ثقافة تتسم بالسمة الدينية واللاهوتية، لتقترب الثقافة الغربية من المعقول أو بالأحرى تتسم، بالسمة العقلانية. " إن التنوير، وعلى مر الزمن، وبالمعنى العريض تعبيرًا عن فكرة التقدم، وهدفه تحرير الإنسان من الخوف وجعله سيدًا. أما الأرض التي تنورت كليا، فهي أرض تشع بشكل يوحي بالانتصار. كان برنامج التنوير برنامجًا يهدف لفك السحر عن العالم؛ حيث أراد التحرر من الأساطير وأن يحمل للمخيلة سند العلم"[2] والتبشير بولادة زمن جديد، يقوم على عقلنة الواقع حيث أن" كل ما هو واقعي عقلي، وكل ما هو عقلي واقعي " كما كان يفترض –هيغل-في احدى مقولاته التي تشير إلى احدى معاني التنوير، وكذلك تبين مدى ثقة الثقافة الغربية بمفهوم العقل والعقلانية. إن التنوير هو ذاك الوعد الذي ستقطعه الحضارة الغربية على نفسها، لتبشر الإنسانية بالخلاص من مختلف اشكال القهر والاستبداد والتخلف، وكذلك لتجعل من الإنسان سيدًا على الطبيعية. لكن شيئًا كان يحدث في مجرى تطور العالم وحركة التاريخ، لم يكن ليجعل من معنى المعقول، هو ذلك المعيار الأمثل لحياة إنسانية أكثر سعادة.
المثقف – السلطة – الحقيقة؛ قراءة في؛ مقالة ، تدبير الحقيقة – م.فوكو- عبد الحفيظ ايت ناصر
" لن يرضى السياسي عن المثقف ابدا"
غرامشي
المثقف اما ان يكون دوره التنوير او ان يكون دوره التبرير، ان كان الاول فذلك العضوي، وان كان الثاني فذلك المتواطئ الذي يسعى إلى تبرير قرارات السلطة والمكرس لأشكال الهيمنة المختلفة. الذي دوره التنوير تكون رسالته تنوير الرأي ويقرأ القضايا على ضوء الواجب الأخلاقي الذي تحتمه عليه صفته، اما المتواطئ المبرر فيجعل من القضايا أرضية للتحليل المغرض واللاأخلاقي وغرضه التشويش والمشاغبة والتضليل، وقد يكون هذا المبرر مدفوعا او مطبوعا عارفا بدوره الخطير، والمدفوع هو الذي تشكل لديه وعي زائف استطاعت السلطة/ اي سلطة تجنيده للقول بإديولوجيتها، وهذا هو الذي يكون واقعا تحت الوصاية الفكرية وليس اخطر من هذه الوصاية.
يقول ميشيل فوكو « لكل مجتمع نظامه للحقيقة»[1] والحقيقة هي نفسها السلطة، او ان هذا النظام للحقيقة هو الذي يسوغ نوعا محددا من السلطة. لا تخرج السلطة اذن عن الحقيقة. هذا النظام للحقيقة كذلك هو الذي يحدد طبيعة المثقف وموقعه الخاص داخل النظام[2] اذ يتحدد حسب انتمائه الايديولوجي/الطبقي ومكانته العلمية والمعرفية وكذلك ممارسته السياسية.
فلسفة المناعة بين حفظ حياة الذوات والأبعاد الاجتماعية للبيئة - د.زهير الخويلدي
مقدمة:
" بُنيت فلسفة علم المناعة في المقام الأول على أنها تفكير نقدي على مفهومي "الذات" و"اللاذات"."
فلسفة المناعة هي مجال فرعي من فلسفة علم الأحياء يتعامل مع القضايا الأنطولوجية والمعرفية المتعلقة بدراسات الجهاز المناعي. في حين أن التحقيقات التأملية والتحليلات المجردة كانت دائمًا جزءًا من التنظير المناعي، إلا أن الفلاسفة حتى وقت قريب تجاهلوا علم المناعة إلى حد كبير. ومع ذلك، فإن الآثار المترتبة على فهم الأساس الفلسفي للوظائف العضوية التي تؤطرها المناعة تقدم وجهات نظر جديدة حول الأسئلة الأساسية في علم الأحياء والطب. تم تطوير فلسفة علم المناعة في سياق تاريخ الطب والبيولوجيا النظرية والأنثروبولوجيا الطبية، وهي تختلف عن هذه الفروع الدراسية ذات الصلة في تركيزها على الأسئلة الفلسفية التقليدية المتعلقة بالهوية والفردية والبيئة والإدراك والمنهجية العلمية وبناء النظرية. تنبع هذه الأجندة الواسعة من برنامج البحث متعدد الأوجه في علم المناعة والذي تطور من التحديات السريرية الأولية للدفاع عن المضيف وزرع الأعضاء والمناعة الذاتية ومناعة الورم والحساسية.
مركزية السؤال في حياة الإنسان - إبراهيم أبو عواد
1
أهميةُ الثقافة لا تَنبُع من قُدرتها على توليد أنساق فِكرية في الإطار الاجتماعي فَحَسْب ، بل أيضًا تَنبُع مِن قُدرتها على فتح التاريخ الإنساني أمام الأسئلة ، مِمَّا يؤدِّي إلى كسر العُزلة المفروضة على العقل ، وتحريره من ضغط المُسلَّمات التي تكوَّنت بفِعل التراكمات الزَّمنية ، وليس التراكمات العِلْمية. والزَّمنُ سُلطة نِسْبِيَّة عَرَضِيَّة ، والمعرفةُ المُستمدة من مُرور الزمن تعتمد على الآليات المُتَوَارَثَة الضاغطة ، في حِين أنَّ العِلْم سُلطة مُطْلَقَة جَوهرية ، والمُعرفة المُستمدة مِن قِيمة العِلْم تعتمد على المناهج الإبداعية الفاحصة . والتمييزُ بين هاتَيْن السُّلْطَتَيْن ضروريٌّ من أجل تكوينِ نظام اجتماعي يمتاز بالفاعلية والدافعية ، ويعتمد على ماهيَّة المعرفة التي تَمَّ إثباتُها وترسيخُها وَفْقَ قواعد المَنهج العِلْمي ، ولَيس سياسة الأمر الواقع . والمجتمعُ لا يَستطيع إنشاءَ سُلطة معرفية قابلة للحياة ، وقادرة على الانتشارِ في إفرازات البيئة وتأثيرات اللغة ، إلا إذا فرَّق بين المَنهج والآلِيَّة ، فالمَنهجُ فلسفة القواعد المَنطقية المُوصلة إلى حقيقة الأشياء وطبيعة العلاقات ، والآلِيَّةُ أداة فَحْص الأشياء ووسيلة الكشف عن العلاقات . والعلاقةُ بين الفلسفة ( الثابت ) والأداة ( المُتغيِّر ) هي التي تُحدِّد الرابطةَ بين المركز والأطراف في العلاقات الاجتماعية التي تَنعكس على اللغة ، التي تَنعكس على الوَعْي ، الذي يَنعكس على المَعنى . وهذه الانعكاساتُ المُتوالية تُمثِّل سلسلةً معرفيةً تُقَوِّي هَيمنةَ الإنسان على العناصر الوجودية التي يَعيش بها ، وتُعزِّز سيادته على القيم العقلانية التي يَعيش فيها ، وتدعم سُلطته على المُدْرَكَات الحِسِّية التي يَعيش معها .
فلسفة الفكاهة بين التظاهر بالهزل وأخذ الأمور على محمل الجد - د.زهير الخويلدي
مقدمة
" لا يوجد شيء متحرر في الدعابة فحسب، بل يوجد أيضًا شيء سامي وراقٍ." سغموند فرويد
على الرغم من أن معظم الناس يقدرون الفكاهة، إلا أن الفلاسفة لم يقلوا الكثير عنها، وما قالوه يعتبر نقديًا إلى حد كبير. تم فحص ثلاث نظريات تقليدية عن الضحك والفكاهة، جنبًا إلى جنب مع النظرية القائلة بأن الفكاهة تطورت من اللعب العدواني الوهمي في القردة. كما يساعد فهم الفكاهة على أنها مسرحية في مواجهة الاعتراضات التقليدية عليها ويكشف عن بعض فوائدها، بما في ذلك تلك التي تشاركها مع الفلسفة نفسها. فما المقصود بالفكاهة؟ وهل هي السخرية أم المزحة؟ وهل للتسلية واللعب أو نقد للأوضاع واتخاذ موقف واع؟ وكيف تعاملت الفلسفة مع الفكاهة؟ ومتى تمنح لها حق المواطنة الوجودية في الفضاء المفهومي الفلسفي؟
1. سمعة الدعابة السيئة
عندما يُسأل الناس عما هو مهم في حياتهم، فإنهم غالبًا ما يذكرون الفكاهة. عادة ما يضع الأزواج الذين يذكرون السمات التي يمنحونها لأزواجهم "روح الدعابة" في القمة أو بالقرب منها. يهتم الفلاسفة بما هو مهم في الحياة، لذلك هناك شيئان يثيران الدهشة بشأن ما قالوه عن الفكاهة، الأول هو مدى ضآلة ما قالوه. من العصور القديمة إلى القرن العشرين ، كان أكثر ما كتبه أي فيلسوف بارز عن الضحك أو الفكاهة مقالًا ، ولم يكتبه سوى عدد قليل من المفكرين الأقل شهرة مثل فرانسيس هاتشسون وجيمس بيتي. لم يتم استخدام كلمة الفكاهة بمعناها الحالي من المرح حتى القرن الثامن عشر ، يجب أن نلاحظ ، ولذا كانت النقاشات التقليدية تدور حول الضحك أو الكوميديا. أكثر ما كتبه كبار الفلاسفة مثل أفلاطون وهوبز وكانط عن الضحك أو الفكاهة كان عبارة عن فقرات قليلة ضمن مناقشة موضوع آخر. كان كتاب هنري برجسن عام 1900 ضحك أول كتاب لفيلسوف بارز عن الفكاهة.
الجنسانيّة: الأعجوبة والضّلال واللّغز - بول ريكور - ترجمة : عبد الوهاب البراهمي
يقال لنا، لِمَ تخصيص عدد من مجلة "فكر" للجنسانية بدل الحب؟ أليس الحبّ عبارة جامعة، و القطب الصاعد والمحرّك الروحي؟ يقينا، ولكن الجنسانية موطن كلّ الصعوبات، وكلّ التردّد، والمخاطر والمآزق، وموطن الفشل والغبطة.
عندئذ، لا شيء نخشاه أكثر من الهروب في وضح النّهار؛ ولا شيء نرجوه أكثر من أن نزيح عن القارئ عتمة غِنائية إيروسية - روحانية . لقد فضّلنا إذن بحثا في الجنسانية عن مدح للحبّ، حتّى لا نتجنّب أيّ صعوبة من الصعوبات التي تجعل وجود الإنسان بوصفه وجودا شِقِيّا، وجودا إشكاليا. يخترق الاختلاف في الجنس البَشَرِيَّةَ بطريقة أخرى غير اختلاف النوع و اختلافٍ اجتماعي، وبطريقة أخرى أيضا غير اختلافٍ روحي. ماذا يعني هذا؟
سنمنح الكلام بالدور للعالِم والفيلسوف، للنقد الأدبي، وللإنسان العادي؛ وسنشابك المساهمات المطوّلة بالأجوبة المختصرة لأولئك الذين تفضّلوا بالإجابة عن أسئلة الاستبيان الذي نجده مبثوثا طوال خلاصة هذا العدد من المجلّة؛ وسنحاول من خلال المقالات والأجوبة تتبع الخيط الناظم لتأمّلات أقرب المشاركين في المجلّة. و سأحاول من جهتي أن أكشف في مقدمة عملنا الجماعي هذا، نتوءات تساؤلنا، وأوّلا دهشتنا أمام أعجوبة وإلغاز الجنس.
الفيلسوف والرياضة: جيل دولوز ولعبة "كرة المضرب" - ادريس شرود
" الكثيرين من الكتاب لم يتوانو عن رؤية
الرياضة وسيلة لإنماء الفن والحياة "
دولوز-غتاري
مقدمة
طفل يطلب من ملك السويد التوقيع على "الاوتوجراف l’autographe "...، تُلتقط الصورة وتُنشر في مجلة "لوفيغارو Le Figaro". كان ذلك الطفل، الذي لم يتجاوز بعد سن الرابعة عشرة هو: جيل دولوز Gilles Deleuze. جرّب دولوز ممارسة "كرة المضرب" و"الملاكمة" و"السباحة"، أحبّ "كرة القدم" واهتم ب"رمي الجُلّة" و"ركوب الامواج Surf".
لكن ما العلاقة التي أقامها الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز مع الرياضة وبالأخص لعبة " كرة المضرب Tennis " ؟
جاك بوفيريس، أو كيف تفكر بقدميك على الأرض؟ - ترجمة:د.زهير الخويلدي
" كل فلسفة من حيث هي نقد للخطاب تمكننا من فهم ما يعنيه"
من لم يجد الفلسفة مجردة أكثر من اللازم، أو لغتها شديدة الغموض، أو أن فلاسفتها طنانين بعض الشيء، يريد أن يملي الطريقة التي يعمل بها العالم. في مواجهة التيار، كان جاك بوفيريس أحد المدافعين الكبار عن المنطق الحديث والفلسفة التحليلية التي ساعد على إدخالها في فرنسا. إذا كان هذا هو الحال، فكيف يمكننا أن نفسر أن جاك بوفيرس ، الذي توفي في 9 مايو ، والذي رفع الفلسفة إلى مرتبة "رياضة فكرية" وتتطلب الوضوح والدقة ، لا يزال غير معروف لعامة الناس؟ ولد جاك بوفيريس عام 1940 في إبينوي (في الجورا)، أصبح الفيلسوف المتخصص في فتجنشتاين، ابن فلاحين أستاذاً في كوليج دو فرانس ، في 9 مايو 2021.وشغل منصب أستاذ في كوليج دو فرانس من 1995 إلى 2013. بعيدًا عن الصورة التي عادة ما تكون لدينا عن الفلسفة، رفض النخبوية والمسافة الوهمية التي يسعى إليها بعض الفلاسفة لتأسيس مع المواطنين العاديين. كما يذكرنا تلميذه جان جاك روسات:"بالتأكيد لا توجد فلسفة بوفريسية، بمعنى أن بوفيريس ليس لديه أطروحة أو حتى على الأقل نسق. ولكن هناك خيارات، وحتى المزيد من الرفض، المصمم للغاية، وكذلك الحيرة التي لا تقل أهمية عند فيلسوف منتبه إلى الفروق الدقيقة والتعقيدات. "