haydare-ali-salamaتتحدد طرق وممارسات اشتغال المنهج الأوتوبيوغرافي " AUTOBIOGRAPHIC"في الخطاب الفلسفي من خلال إعادة اكتشاف الأطر الأبستمولوجية والأنطولوجية "للنص الفلسفي" بوصفه –أي النص– علاقة تواصلية جديدة من الناحية الفينومينولوجيةphénoménological ، بين كل من مفهوم الذات  subject ومفهوم الموضوع object. ربما هذا هو أهم ما يسعى إليه المنهج الأوتوبيوغرافي ((...الذي يقوم أساسا على كتابة العالم، وعلى ابتكار النص text الذي يُولّد خبرة الذات في العالم، عبر الكلمات (). Understanding Curriculum as Phenomenological and Deconstructed text, Edited By F. Pinar & William M. Reynolds, Teachers College Press, USA, 1992, P. 33  
هنا تضعنا الفينومينولوجيا إزاء قانون فلسفي جديد (( يكون فيه التأسيس الموضوعي هو حياة الذات؛ وحيث تصبح فيه معرفة الذات هي معرفة بالذات كعارفة – للعالم، ليس كتعبير عن الذاتية الكامنة، وإنما كمعبر أو وسيط بين هذين الحقلين))Ibid., P.33. والنقطة الأساسية التي نود الإشارة إليها هنا، تتعلق في مدى إمكانية أعادة إكتشاف الجدل التواصلي والفلسفي بين كل ماهو ذاتي/وموضوعي (( اللذان يشكلان بنية الخطاب البيداغوجي/التعليمي للدرس والبحث الفلسفي في آن واحد حينما يستندان على المنهج الاوتوبيوغرافي كمنهج للبحث والتحقق  inquiry)) Ibid., P.36. من هنا، نرى أن المنهج الأوتوبيوغرافي أصبح يمثل ابستمولوجيا جديدة للخطاب الفلسفي اولا؛ وللمتلقي السوسيو-ثقافي ثانيا؛ ولتقويض النزعة الوثوقية والأرثوذكسية في الفلسفة التجريبية و المنطق الوضعي ثالثا.

abstract landscape paintingبذكر النازية وإعلائها من قيمة الجنس الآري وتفوق الإنسان الألماني، تتم العودة لنيتشه على اعتبار أنه ممهد هذه الأفكار، لكن عند نيتشه نجد نقدا لاذعا ليس فقط للعرق الألماني بل لكل ما هو ألماني ثقافيا وسياسيا ولغويا وفكريا.. ونقده هنا راجع إلى تحسره على المنظومة القيمية الألمانية التي بددت القيم الجديدة للنهضة والرؤى الحياتية المستقبلية حفاظا على قيم الانحطاط الكنسية، بالارتكاز على الصياغات الواهمة للقومية والتفوق الاجتماعي. هذه النقطة من جهة أخرى يعرّفها جوزيف كامل باعتبارها المسوغ اللامنطقي للفرد الذي يعتبر نفسه ظاهرة استثنائية بالعالم ـ كحماية للذات من الواقع الملتبس ـ معتبرا سلوكاته كلها تمثيلا للخير، ومبررا لها أيضا من منطلق نفس المفهوم، مهما بلغت درجتها (السلوكات) من العنف - مثلما يحدث مع الجماعات الأصولية. فالمسوّغ الذاتي هنا يصبح معيقا ليس فقط لرؤية الذات ـ بمفهوم كامبل ـ بل عن فهم الذات والعالم أو الذات ضمن الطبيعة. هذا ما يعيدنا لإثارة إشكالية المجتمع العربي، الذي يرى نفسه خير أمة أخرجت للناس، لكن أهذا ينطبق حاليا على الواقع الراهن ـ بعيدا عن نظريات التآمر والتصهين والتأمرك ؟ هل سينفك الإشكال إذا تمت إعادة رسم رؤية للذات العربية كمجتمع تتوافق (هذه الرؤية) مع مسؤوليات الوضع السياسي الاقتصادي القائم : بدل جر مشاكل قَبَلية تعاد للطرح منذ زمن علي ابن أبي طالب.

jeanne bessette paintingيشكل مفهوم الحقيقة، أهم وأبرز المفاهيم الفلسفية التي شغلت تفكير الفلاسفة والمفكرين، بمختلف تياراتهم، واتجاهاتهم الفكرية، مما جعل منها مطلبا إنسانيا، فالكل يبحث عن الحقيقة والكل يسعى للوصول إليها. كما تعتبر الحقيقة غاية كل بحث إنساني،  الأمر  الذي يجعل منها مفتاح جميع المشاكل الفلسفية. وهذا ما يفرض علينا ضرورة التأصيل والتقعيد لذات المفهوم، سواء انطلاقا من تاريخ الفلسفة، أو عن طريق تبيان دلالات ومعاني المفهوم اعتمادا على  تصورات وآراء  الفلاسفة  أنفسهم مما يجعلنا نطرح تساؤلا مركزيا هو : هل باستطاعة الفكر الإنساني أن يحصل على معرفة حقيقة ؟  وإذا أمكن ذلك، فما طبيعة هذه المعرفة ؟ هل ترقى لأن تكون مطلقة أم أنها لا تعدو أن تكون   مجرد معرفة نسبية؟ ما هي أفضل الطرق المؤدية إلى الحقيقة هل العقل أم الواقع أم هما معا؟ وهل يمكن الاعتماد على الرأي لبلوغ الحقيقة أم أنها عائق أمام تحقيقيها؟ وهل الحقيقة ذاتية أم موضوعية ؟ وما قيمة الحقيقة ؟

    إذن هذه هي التساؤلات الرئيسية التي تدور حولها مشكلة الحقيقة. وقبل معالجتها من خلال ما سنستعرضه من مواقف وآراء نحاول أولا تحديد معنى الحقيقة.

abstract-oil-paintings-01" لا يمكن لأحد العيش في عالم غير قابل للسرد أو البقاء بعد حياة غير قابلة للسرد على نحو جذري"[1]
لقد تضمنت الفلسفة المعاصرة تعليما أوليا وكونيا حول الوضع البشري يكون في شكل تقرير ترفعه الفعالية النقدية إلى الملكة التأويلية العلاجية للعقل، وينبغي أن يظل الإنسانيl'Humain الانتماء المشترك للبشر في العصر الكوكبي وأن تحدث مغامرة كبرى تعصف بأوضاع البشرية المتردية وتتلقف الإنساني المحاصر وتنقذ البعد الحيّ وتنتشله من النسيان وتعترف بالتنوع والتفرد والتعدد رمزيا وماديا.
لقد ارتبط الوضع البشري في الزمن مابعد الحديث بمنزلة التي أعطيت للثقافة والمثقفين بعد التحولات العميقة التي غيرت قواعد اللعبة بين العلم والأدب والفنون وسببت أزمة سرديات والتي أثرت في وضعية المعرفة في المجتمعات المتطورة وجعلت الخبراء يقتصرون على نظرية الفكر الضعيف. لقد أصبحت الفلسفة في ظل النزاع بين العلم والأدب مجرد ماوراء خطاب حول الشرعنة تقدم توجيهات نافعة في إطار البحث عن الحق والعدل وتضفي المشروعية على قواعد اللعبة وترسم الحدود بين التصورات[2].

ما يلتفت الانتباه في الفعالية السردية هو تسرب أفعال الكلام الى النظرية المعرفية عن الذات وغزو تداولية رواق الفلسفة خاصة وأن " قاعدة التوافق بين الباث والمتقبل لعبارة لها قيمة حقيقية يمكن أن تكون مقبولة إذا ما اندرجت ضمن منظورية إجماع ممكن بين كائنات عاقلة : إنها سردية الأنوار حيث يشتغل أبطال المعرفة على هدف حسن من الناحية الإيتيقية والسياسية هو السلام الكوني".[3]

haydare-ali-salamaاستأثرت الإشكالية الأسلوبية لبنية النص الفلسفي العراقي بأهتمام كبير من قبل الفيلسوف الراحل مدني صالح، وتعددت صور ذلك الأهتمام على اختلاف مؤلفاته ومقالاته، التي انشغلت بقضايا الكتابة الفلسفية وطرق وأشكال إنتاجها، من مرحلة تدوين الكتب الفلسفية، وانتهاء بأنتاج المقال "الفلسفي/الصحفي" الذي طالما استحوذ على اهتمام الراحل، لما لهذا الجنس الأدبي المتميز من علاقة وثيقة الصلة بواقعه السايكولوجي والثقافي والأنطولوجي، حتى بات يشكل انموذجا يعكس طبيعة تفكيره النظري من جهة؛ وطبيعة مقاله الفلسفي المكتوب/والمنشور من جهة أخرى. من هنا، تبدو قضية الأنهماك بالمورث الفلسفي للراحل مدني صالح، قضية تأويلية/وابستمولوجية بأمتياز، وذلك لغزارة النظام الدلالي والميتافوري من جانب؛ ولفرادة الأسلوب اللغوي من جانب آخر.

images44567تقديم:
يعتبر الكتاب الذي بين أيدينا بمثابة محاولة للبحث عن ماهية المعرفة، أي تعريفها، حدودها، مشاكلها، فهو عبارة عن مسح تاريخي لماهية المعرفة وأنماطها، حيث يمثل كما أشار المترجم إلى ذلك رحلة في موضوعات المعرفة، ما هو الشيء الذي يدعى المعرفة؟، فبرغم ما يبدو عليه السؤال من كونه مسألة بديهية من الوهلة الأولى، غير أنه في الواقع من أصعب الأسئلة التي يمكن أن تطرح على المستوى الفكري، فهو يساعدنا على الإبحار في محيط نظرية المعرفة ومواجهة تياراتها الفكرية.
فبريتشارد أستاذ الفلسفة في جامعة سترلنج وأستاذ الإبستمولوجيا في جامعة ادنبره في المملكة المتحدة، يقيم كثيرا من الآراء التي وردت في كتابه على أسس أولية ضرورية لابد منها تتلخص في سؤال هو ما هي المعرفة وما هي أنواعها وما هو الاعتقاد وهل تتناقض المعرفة مع الاعتقاد أو تتكامل معه.
بحيث يتناول هذا الباحث الأكاديمي البريطاني دنكان بريتشارد في كتابه المترجم إلى اللغة العربية "ما المعرفة" أمورا عديدة تتعلق بهذا الموضوع الفلسفي.

image122367  محمد عثمان الخشت مفكر وفيلسوف مصر الكبير حاول – ولا زال – أن ينتقل بالفلسفة إلى رحاب أوسع من تلك التي سار فيها الفكر العربي والإسلامي قرونًا طوالاً ،  إن شخصية الخشت شخصية علمية من الدرجة الأولى آمنت بالعقل ودوره المحوري في إقامة صرح حضاري لأمة ترنو إلى تبوأ معقدها الملائم لها بين الأمم ، فبالعقل حلل وبالعقل نقد وبالعقل قارن ، ولذا كان من الصعب الفصل بين عقله وفكره بالقدر ذاته الذي يصعب فيه الفصل بين عقله ودينه ، أو دينه وفكره . فقد حدد الخشت الموضوعات التي وجب عليه معالجتها ، وهي تلك الموضوعات التي وجبت معالجتها تحت تأثيرات حضارية وعقدية تتطلع إلى أن يكون الفكر الإسلامي مشاركًا في صناعة العالم من حولنا ، لا الوقوف عند حدود التلقي والمحاكاة التي أوحت إلى العالم من حولنا أننا مجرد شراح لفكر دارس ، وجب الانفكاك من أسره ونفض غباره عن كواهلنا تحقيقًا لصحوة تنويرية تنتشل الأمة من واقعها المرير .

ولما كان لدى الفلاسفة في المدارس المختلفة أفكارهم التي يحكمون من خلالها على الشيء ويجيبون عن الأسئلة المثارة حوله من خلال دروب النظر والتأمل الممكنة ، فقد كان الدكتور الخشت يهدف إلى هذا ، غير أنه كان لا يبعد كثيرًا كما فعل كثيرون ممن شطحوا بعقلهم وحاولوا ولوج مناطق ما أبعدهم عن أن ينالوا منها شيئًا ذا قيمة . وإن كانت الفلسفة بتحديها الدائم وشكوكها الجاهزة تقريبًا، قد ألقت عليه بظلالها القوية فراح يشكك في آراء كثير من الفلاسفة السابقين عليه ناقدًا حينًا ومحللاً حينًا آخر ، كما راح يشكك في صحة الكثير من الآراء التي اعتنقوها عندما وجد أنها لا تتوافق مع منهجه العام ، كما فعل مع رينان وهيجل وكانط وغيرهم ممن تناولهم بالدراسة والنقد .

speed identityمُقدّمة
       يعتبر مفهوم الهوية من بين المفاهيم المُبهمة ، فقد ندّعي في بعض الأحيان أننا نحيط بهذا المفهوم، لكن سُرعان ما نكتشف أننا لا نعرف أي شيء عنه ( ! ) ، فمفهوم الهوية مفهوم ترحالي ، فقد نجده في عدة مشارب معرفية متعددة ؛ مثلا في المنطق والميتافيزيقا الانتروبولوجيا، والعلوم الحقة  والسيكولوجيا والسوسيولوجيا.
فلسفياً، يرجع استعمال مفهوم الهوية إلى فلاسفة ( ما قبل " سقراط " ) ، و خصوصا مع " بارمنيدس "  و" هيراقليطس " ؛ الأول عندما اعتبر الهوية وحدة الوجود و الفكر ، أما الثاني فاعتبار جوهر الهوية  في وحدة الأضداد أو اللوغوس ، وهنا لا ينبغي أن ننسى مقولة هيراقليطس " إنك لا تستحم في النهر مرتين " [1] ، فالوجود واحد لكن داخل الوحدة يوجد التغير و الاختلاف .
غالباً ما يُعرَف مبدأ الهوية من خلال المتساوية الشهيرة [ ( أ ) = ( أ ) ] . تفصح هذه المتساوية عن وجود علاقة تساوي بين طرفين ؛ أي بين ( أ ) و ( أ ) آخر ، و هذه العلاقة هي علاقة منطقية و ضرورية، ولكن هل- فعلاً- هذا هو المبدأ الذي يوجد وراء هذه المعادلة ؟ ، ألا يوجد شيء غامض وراء هذه الصيغة ؟ ألا يمكن القول أن المبدأ الذي يقول أن [ ( أ ) = ( أ ) ] هو مُجرّد تكرار أو عبارة تحليلية - توتولوجية - كما عَبّرَت عن ذلك الوضعية المنطقية ؟ ثم ألا يبدوا من السذاجة أن نعرف الشيء بنفسه ؟ عندما نعرف الماء بالماء ؛ ألا يبدوا أن حديثنا يتضمن الكثير من الحشو ؟ إذن ما هي الهوية ؟ وهل يمكن الحديث داخل الهوية عن التغير و التعدد و الاختلاف؟ أم أن مبدأ الهوية لا يسمح بهذه الأمور ؟

bio-mimetismeيقف الإنسان دوما مشدوها أمام الطبيعة التي لا يمكن إلا أن تكون دوما فيه وبمحاذاته، في كل الأمكنة وفي كل الأزمنة، في الخيال كما في الأحلام، وفي الحضور كما في الغياب، والحال أن هذا الأمر يطرح أمامنا جملة من الأسئلة التي سنعرضها على القراء، ليس من باب الإجابة عليها وما أمكن ذلك، وإنما بغية إعادة قراءة العلاقة بين الإنسان والطبيعة وما أعسره من أمر، وبين الاثنين نقف أمام سيرورة وتاريخ طويل مشروط بقوانين هاته الطبيعة، وعليه فهل نُقِرُّ حقا أن الإنسان جزء لا يتجزأ من الطبيعة، أم نعتبره جسما خارجها لا يخضع لضروراتها خاصة البيولوجية منها؟ ما الذي يريده الإنسان من الطبيعة ومن العالم على حد سواء؟ ماهو هدفه وما هي غايته؟ وهل استطعنا فهم الطبيعة كما ينبغي أن يكون عليه الأمر أم أنه كلما اعْتَدَدْنا بما نعتقده إنجازات منا، كلما توسعت الهوة بيننا وبين الطبيعة؟

magical-blueإن استحضار الزوج ( فلسفة، تربية) متحاورين في مقام تخاطبي موحد، يوحي في الذهن إلى افتراض وجود علاقة. هذه العلاقة أو العلاقات المقدرة يستعصي تقريبها بمقتضى المقدمتين التاليتين :
ـــ إن الحديث عن مسألة ازدواج الفلسفة والتربية بلسان المطلقات لا يتولد عنه إلا الغموض، ذلك أن الزعم بحضور الفلسفة في التربية والإدعاء بأن شكل هذا الحضور يتمثل في إنتاج خطاب فلسفي عن التربية أو ما شابه ذلك من مثل هذه الأساليب، يوجهنا من المشكل إلى ما هو أشكل. ذلك أننا ننطلق من مشكل البث في طبيعة العلاقة بين طرفين ( الفلسفة والتربية) إلى طرح مسائل جديدة أكثر التباسا من حد العلاقة ذاتها. والحق أننا نجد اليوم كثيرا من الدراسات والتناولات، التي عوض أن تحد طرفي العلاقة وطبيعة ازدواج طرفيها، تقر دفعة واحدة، بلغة مطلقة، بأن العلاقة هي خطاب فلسفي، أو تصور فلسفي أو تفلسف حول التربية. علما أن محاولات رد العلاقة إلى هذه الإمكانيات الدلالية يقود إلى تساؤلات تنتج فقط الدور والتسلل لحد اللانهاية.
تشهد الفلسفة، بنصوصها وتاريخها، على نفسها بلبس في الدلالة وغموض في التعريف. بل تقدم نفسها إلينا في صورة الاختلاف والمغايرة، بدءا من مدلولها إلى مبادئ الفلسفة ذاتها ؛ فنحن لا نستطيع أن نرسم للمفاهيم الفلسفية حدودا صارمة أو وظائف إجرائية مطردة، فهي نوعا ما مفاهيم غامضة، مع العلم أنه لا ينبغي أن نفهم من هذا اللفظ دلالته القدحية، فغموض المفاهيم الفلسفية ليس عيبا يجب إلصاقه بها، بل هو دليل على غناها.

Coquelicot 3152"يدفع الإرهاب الشامل إلى الحد الأقصى بعدين اثنين هما غياب الأهداف الواقعية والقدرة على استخلاص فائدته من عطوبية الأنساق المعقدة"[1]
ماهو دور الفلسفة النقدية في تشريح العلاقة بين الإرهاب والعولمة والتمفصل بين الأديان والعنف المدمر؟
ذلك هو السؤال الذي حاول يورغن هابرماس أن يجيب عليه  بالاعتراف منذ البداية بالطابع المزلزل للحدث التاريخي واتصاف التساؤل الفلسفي عن الخبر بدراسة الصاعقة  التي تخلف البطش والرعب. ولهذا حاول إعادة التفكير في دلالات الهجومات الإرهابية ومدى انتمائها إلى الأحداث الفارقة في الأزمنة التاريخية ومدى تورط العولمة والوسائل الحديثة للاتصال في صناعة الإرهاب وانتشارها بشكل سريع.
لقد حصل إجماع على أن الإرهاب علامة مرض بالنسبة للحضارة الكونية ودليل على أزمة بنيوية في الديمقراطية التمثيلية وفشل الفصل العنيف بين السرديات التأسيسية والقوانين الوضعية ويمثل خطرا داهما على الحياة السياسية التشاركية وعلى النظام التشريعي الضامن لها ويسبب الشلل البطيء للآليات الدفاعية والميكانزمات المقاومة حينما تتعرض الجماعة السياسية لهجوم خارجي وتتحسس ضعفا هيكليا داخلها.
إذا كان جاك دريدا يفسر هذه التصرفات بكونها ردود أفعال دفاعية ناتجة عن الحداثة نفسها والتنوير الذي شرعن الاستعمار وضاعف أشكال اللاّمساواة بسبب التحديث القسري والسريع والإرادة السياسية الغازية ويري أن "العولمة" هي عبارة منمقة تعد الإنسانية بالرخاء والوفرة ولكنها تخفي البؤس والعنف والظلم  ويأمل أن تشفى الإنسانية من هذا الوباء الرقمي بأن يتم إخماد النيران والحروب وفض النزاعات التدميرية والتقليل منها ومراقبتها والانتصار عليها بالتدرج وعبر مراحل وبطريقة بطيئة ومدروسة فإن هابرماس يفسر وجود التطرف والإرهاب بالعنف الذي أفرزته العصرنة المسقطة على أنماط الحياة التقليدية وفشل الحداثة في الانتشار على الصعيد الكوني ووجود مقاومات هووية ويشير إلى أن العقل الإنساني مثلما يسمح بالتواصل الشفاف والتنظيم الإداري والتقدم التكنولوجي يفرز أيضا الانفصال والاغتراب والعنف.