demonsdeminuitالطعام هنا لا يكفي ، و الماء يشح بإستمرار.. و الحر قاتل..
مشاجرة مع مخالب الفضاء قد تسببت في كسر جناحي ، و تناثر ريشي على اغصان شجرة برية مشوكة ، عدا جروح طفيفة في الجؤجؤ..
الساقية الضحلة التي يسمونها فخرا بالنهر.. أصابت خيال اللاغطين بعطب ما ، و غرقت في قعرها العاري كل آثار رحلاتنا نحو الشمال..
رغم انها ليست كل ما في الأرجاء ، فقد كررت الشموع المقدسة ذوبانها على سطحها الآسن ، و احتشدت آلاف الطيور عندها خاشعة..
بعض المخضرمين يعزفون عن الإصغاء الي ، و اليافعون يجدونني حمقاء ، ابدد وقتي في تطلع شاذ..
خسارتي لجناحي القوي و ريشي جعلتني محط سخرية كل طيور السبخة..
_ما تشرق الشمس الا لتقول انها قضت ليلتنا في مكان آخر يبتهج بضوئها..

images-anfasse33رمق شرخَ المرآة، وهو يسرّحُ بأصابعِه بقايا شعرِه، عدّل ياقتَه، ثمِّ غافل زوجتّه ...!

 في الشارع عاودته الحياة، السيارات تعدو بكلّ الأصناف .. كهولا ، وصبيانا ، ونسوة .. يلقون بعيونهم، ثم يمضون ..  الدربُ الطويلُ يتعرّجُ،  ويعودُ يستقيم .. زمّ شفتيه، وأطلق صفيرا مترنّما .. يجبُ أن يحيا كما يشاء، ألا يعبأ بمتاعبِ العمر .. لن يكون مثل جارِه أبي حمزة .. ما الذي يجنيه أبو حمزة من صراعِه اليومي .. لا شيء سوى الفضائح .. صوتُ أمّ حمزة يجري من فوق الحيطان .. وأبو حمزة دوما يفرّ؛ يشهر للخلقِ باطني جيبيه الفارغين .. ويردُّ على صراخِها بصراخٍ : من أين أتي لكِ بالنقود!

24HEUR-ABSTR10  و30 دق (صباحا)
حركت شدقيها بعصبية ليدور الدم فيهما قبل أن تعيدهما إلى الوضعية الأولى. لترسم على شفتيها ابتسامة تتسع مع انفتاح الباب المقابل لها كل مرة. تستقبل الوافدين على الشركة تحييهم  و تجيبهم عن أسئلتهم تهديهم نحو الوجهة الصحيحة لاعبة دور الدليل في ذاك المبنى.

11 و و 15دق (صباحا)
مر وقت طويل لم يلج فيه احد ذاك الباب فانتهزت الفرصة لتتجه نحو الحمام لتبلل وجهها  ولتخلو إلى نفسها و ترتاح قليلا. دفعت الباب ببطء لتجد زميلاتها منتشرات أمام المرايا الأربع يعدلن من جمالهن. خرجت فلا مكان لها بينهن.
خرجت إلى الحديقة. كانت الشمس تقترب شيئا فشيئا من كبد السماء تبالغ في إرسال أشعتها. بحثت عن مكان ظليل في مقعد خشبي كان تحت شجرة توت وافرة الأوراق. لمحت "ادم" يدخن سيجارة غير بعيد منها. سرت رعشة في أوصالها. تزايدت دقات قلبها. كانت ستولي هاربة لولا سماعه يناديها.

lun-anfasseكنّا جراءً تجري بلا هدف ..
حفاةً تلقي بنا أكواخُ الصدأ!
أنا ..  عن سربي أجنحُ إلى حيثُ قعدة الكبار ، التنصتُ عليهم كان هوايتي .. وهم ساهمون هناك على التراب .. تحت السياجِ الشوكيّ ... مطرقون كالعابدين ..  وسطَهم مذياعُ أبي نظارة .. وأنا في الجوارِ ... يدهشني صياحُ المذيع .. فإذا ما سكت؛ وعلبةُ المعدنِ شرعت بالنشيد .. توجهوا كلّهم إلى أبي نظّارة ... وسألوه ذات السؤال دفعةً واحدة :
ها ... ماذا فهمتَ ؟!
حلمي الذي ورثتُه عن أمّي يعصفُ بي .. أتعلّقُ مع الكبار بفم أبي نظارة ... يهزُّ رأسَه إلى الأمام مرتين .. يلقيه حيثُ الجانبين مرتين .. يحكي وأنفه يرقّصُ نظارته:
... والله يا جماعة الأخبار غامضة!
يزيدهم كلامًا .. لا أفهمُ منه شيئا!

22222RRTYرقصت أشعة الشمس ، متّشحة برائحة المطر، مرتدية حوافر اللحظات  في تلك السويعات الأخيرة من الغروب. ألوان طيفها تعانق تلك المويجات التي تترامى مع ايقاع سكون مجنون، ثمّ تنسحب بعيدا ممتطية مركب الجزر في وسط تلك الأعماق. تاركة رمال ذلك الشاطئ تلملمُ أشلاء حُلمها المكلوم. كنت أنظر إليها من بعيد، أبحث في ثناياها المقفرة. خطوت نحوها رغم حلول الظلام، غير آبهة بذلك السّكون الموحش ولا بذلك البرد الصقيع. أبحث فيها عن روح تشدّ لي أزري، عن أذن تسمع بوح أصداء كلماتي. عن بعض الطريق التي عشتها في رحلة من حزن. أبحث فيها عن أهلي وعشيرتي.

alainbalأنظر ، لست مستعجلا ، لدي الوقت الكافي لمعالجة سوء التفاهم الذي طرأ بيننا في الآونة الأخيرة..هل تظن حقا أنني أخونك ! ؟ لا يا صديقي هذه مجرد وساوس تجتاحك بين الفينة والأخرى وتصور لك الأمور على غير حقيقتها.. تظن ، بدون أدنى دليل أو حتى تفكير ، أنني معجب بصديقتك تلك الشقراء المتعجرفة ، بل تظنني على علاقة سرية بها.. و العجيب في الأمر أنني لطالما أخبرتك أنني لا أحب هذا النوع من النساء.. متكبرة و..و تظن نفسها الأجمل بين كل النساء،  و لا تكاد تستقر على رأي..  عنيدة و .. و تعشق المبالغة .. تبالغ في كل شيء.. في الحديث في الصمت في أحمر الشفاه.. تبالغ حتى في الابتسام.. وكأن الدنيا من حولها تستحق الابتسام ، جد جد مضطربة هي.. أتعرف ، هذا النوع من النساء يخنقني و يجعلني أتقيأ.. هي حقا مضطربة ومقززة، و تدخلك بمجرد رؤيتها في حالة من الاستفزاز لا نهاية لها.. أنا متأكد مما أقول.. متأكد ومصر على أحكامي..

من أنت يا أنا أيها الكائن في ؟
verite-etreأيها الغريب الذي لا يريد أن يبتعد عني
يبحث الإنسان عن الأسرار ، لكن أكبر سر يحمله بين جوانبه . أتصور أحيانا في النهايات القصوى للزمان ، وبعد أن تخرج الحقيقة من البئر حاملة سياطها ، ما الذي يمكن أن تقوله للبشرية أي سر سينكشف أخيرا ، أي ضوء سينير الظلمات ، ذلك الصوت البعيد القادم من وراء العوالم الخفية ، ما الذي يمكن أن يخبرني به .
تبدو لي الحياة أحيانا كما لو أنها ليلة واحدة طويلة تنامها البشرية وستستيقظ في حلم آخر ، زرقة في داخل زرقة . الحقيقة منيعة عن الجنس البشري لكنها دائما تحدق إلينا بجفون مفتوحة . أحتاج الكثير من التفكير للتعمق في الحقيقة ، لكن القليل من الكلمات قادر على قول ما هو أساسي وما هو أساسي هو أنني أفضل الحياة على الحقيقة ، أفضل الوجود على الفكر ، أفضل الإحساس بالغيوم على فهم الغيوم .
التأجيل بالنسبة لي يعني التشبث بالحياة ، رفض الحقيقة . أعتقد أنه من رحمة القدير بنا أنه منحنا هذه النعمة : التيه ، القدرة على النسيان ، التأجيل الدائم لمواجهة الحقيقة .
هكذا أمضي تحت المطر الخفيف في الشارع الطويل الذي يفصل الثانوية عن المنزل ، من هنا إلى هناك تزدحم الأفكار في ذهني كما لو أن رأسي يشبه محطة لا تتوقف عن الحركة . تؤلمني الوجوه العابرة في سطحية الحياة ، في الضمور اللانساني لمعنى الحياة المعاصرة . ما هو مؤسف هو أن البلادة أصبح لها طابع قومي . البلادة الألفية هذه ، هي أولى علامات الإنحطاط البشري الأخير . هذا هو زمن الكينونة الحرجة .

abstr-sinnnعيناهُ لا تنصاعان لإرادتهِ وكأنّ ما بينها وبينَ بائع الفاكهةِ والفاكهةِ وقفصِ السعادين الذي استقرّ مقابلَ الدكانِ على الرصيفِ خيوطاً لزجة ً ،تخيلها مصيدة ً لعنكبوتٍ أخفاهُ الوهمُ لكنهُ ظلّ متحفزاً لصيدِ ما استدرجَ من مخلوقاتٍ لمصيدتهِ ، عبثاً حاولَ أن يَحيدَ بنظرهِ عن التُفّاحِ وعن قفصِ السعادين ، فكرّ أنهُ لن يحظىَ كلّ يومٍ بفرصة ِمُراقبة ِسعادينَ عن كثبٍ، لكنهُ وهوَ يراقبُ السعادينَ شعرَ أنّ عينيّ صاحبِ الدكانِ تلتقطانهُ بخيوطِ نظراتهِا اللزجةِ كعنكبوتٍ أدمنَ مدّ تلكَ الخيوطِ في دروبِ الفرائسِ وهو يعرضُ المخلوقاتِ التي تشبهنا كثيراً على الرصيف، هي الخيوط ذاتها التي امتدت من المشهدِ و العنكبوت الخفي لازال يترصدُ ضحاياهُ ، حاولَ تخليصَ نظرهِ المشدود إلى ما يراه ولكن عبثا فكلما حاولَ تفاقمَ خيطُ العنكبوتِ الموهوم ملتفاً حول عينيهِ ليعجزهما عن الهروبِ إلى جهةٍ أخرى فيبدو للناظرِ رجلاً فضوليا يدفعُ بصرَهُ نحو المشهدِ بإلحاحٍ ، عينا صاحبِ الدكانِ تكفان عن متابعةِ سعادينهِ وتنشغلان بملاحقةِ الرجلِ الذي راحَ ينظرُ إليه ماسحاً بنظراتهِ أنواعَ التفاحِ الثلاثةِ ، الأخضرَ والأصفرَ والأحمرَ كابتاً في الوقت ذاته شهيته العارمة لالتهام بضعِ موزاتٍ ناضجاتٍ اصطفتْ واحدة فوق الأخرى بنسقٍ جميلٍ قد أجادتْ شجرةُ الموزِ صنعَه وكأنها تعمدتْ اصطيادَ شهيّتهِ الملتهبة جراء ميلٍ غريزي للموز وفيما هو يفكر كانت السعادين تتصرفُ على سجيتها في القفصِ الحديدي المتين، أنثى السعدان تتخذ مكاناً في أقصى القفص تمضغُ قشرة َموزٍ تاركة صغيريها يلهوان ويستعرضان قدرتهما على لفت انتباه المارة وهما يُكشران عن أنيابهما بابتسامةٍ عريضةٍ .

مفضلات الشهر من القصص القصيرة