abstr-terroهدأت أصوات الرصاص، أنين و ارتطامات بالأرض، بكاء و عويل، لحي تطارد رائحة العطر، بنادق موضوعة على مؤخرات رجال يساقون إلى الأمير. آخرون خائفون يهتفون الله أكبر، عاش الأمير. أطفال خائفون مبهورون لا يفهمون ما يقع. تكدس نسوة جميلات هناك في آخر الشارع كقطيع. كل هذا كان يمر أمام سمع و بصر سميح كلقطات متتالية من فجوة تحت الحطام ،الذي لولا السارية التي حمت نصفه العلوي لهشم رأسه. نسي رجله التي لم يعد يحس بها ، لعلها بثرت، وظل يراقب و ينصت لما يجري في الشارع، و ينتظر قدره.

aquarelle-vallieresتبسّم النّهار خجلا لمّا فاجأته الشّمس ممدّدا في حجر اللّيل يغمغم حُلما.
نسائم تتلوّى من حرّ في الفضاء. المدينة تنهض من نومها على صفير القطار كسلى منتفخة الجفون ومنبّهات السّيّارات تنوب عن أصحابها في إضرام العراك الصّباحيّ بعد نَوْم أرِق.
تضوّعت ذاكرة المنزل، في غفلة من دلاء الماء وشراسة المكانس، روائحَها القديمة العطنة، وتنهّدت أركانه أسفا على شعب من الحشرات والقوارض الصّغيرة والزّواحف والطّيور الدّاجنة كان يعْمُرُه موفور الأمن والغذاء. 
إثر ليلة عمل مُضْن، كان الجوّ يعبق بعطور المبيدات الحشريّة وسوائل التّنظيف، والجدرانُ المفعمة بللا تلتمع ويتأوّد منها بخار أمْيَسُ استثارته لمسات الشّمس.

corrida-abstrدخل الحلبة مزهوا بكسوته الزاهية الألوان، يحمل سيفا وقطعة ثوب أحمر،
علا الهتاف والتصفيق من أعلى المدرجات، رد التحية على الجماهير المتحمسة والمتعطشة للدم..
ارتفعت الموسيقى وفتح الباب الخشبي الكبير..
خرج الثور يفور ويضرب الأرض بقوائمه، انتظره المصارع أن يهجم.. استفزه بالثوب الأحمر.. لكن الثور جمد في مكانه ورفض الهجوم على المصارع..
اقترب المصارع من الثور ووكزه بسيفه :

طنجةمصادفة عجيبة أن أجد بطنجة مقهى شبيهةٍ بالتي كانت لصديقنا "الهيبي" لكن أثرها امَّحى ْكباقي المعالم الأثرية  بمدينة القصر الكبير العتيقة؛ مقهى تقبع في ركن ليس ببعيد عن " سور المعكازين" و "حومة الشياطين " اختارت لنفسها مكانا يضمن لروادها وقارا وزهدا عما يُرَوٍّجُ له فتيان وفتيات "البولفار" المنفتحين على كل "موضات" الغرب السافرة، كما أنها بعيدة كل البعد عن ضوضاء الحياة الباذخة لرواد " الكورنيش"؛ أصحاب الأموال السكرانة.

452169677...و أضافت كاترين بلغتها المتلعثمة :
ــ يبدو أن اختلافنا في فهم محمود هو السبب، كان من الأنسب ملازمته والوقوف إلى جانبه كي يتخلص من مشاكله.
رد عليها وسيم بسرعة وكأنه كان ينتظر فترة إتمام كلامها :
ــ أعتقد بأن المشكل أكبر من ذلك بكثير... محمود صديق منذ الطفولة، أعرفه جيدا، وأعرف لحظات فرحه، ولحظات حزنه، ربما غموضه يحسب عليه، وأنتم تعرفون عجرفته وغروره...
قاطعته سامرة في اتفاق ضمني معه :
    ــ اسألني أنا التي كنت حبيبته ذات يوم، إنه صعب المراس.
ثم أردفت بعد إطلاق زفرة عميقة :
    ــ لكن مع ذلك فإنه ظل نموذجا للجدية والعطاء، وهو ما يبرر عجرفته وغروره.
قال سمير بعد ذلك محاولا إضفاء طابع العمليّة على هذا النقاش :

فاتها الغرس في مارس ـ نص : المصطفى المغربي قطفته ذات ربيع وردا يانعا ، شمته ثم وضعته بباب مقبرتها الصغيرة تذكارا للزائرين.
في الصيف تناولته عنبا و تينا، راقصته في أعراس القبيلة، ووعدته بقبل فجرية سرعان ما فضحتها صفرة النهار.
في الخريف حملته نايا للياليها القمرية الحزينة، تنفخ فيه همها و تسمع صدى البوار.
في الشتاء رمته في مدفئتها ، وقودا ألفت على ضوئه خاتمة تليق بالحكاية ، بالوهم.
وضعت الحكاية على الرف، و فتحت شرفتها لربيع جديد.
هي لا تغرس، هي المخملية تقطف حبيبا في كل ربيع.
----------------------

abstrait-jauneلا حاجة للشمس (1)

مد ساقيك و لا تخف..
تخيل و لو لمرة واحدة ان المكان لك وحدك ، و ان الوقت نهار حتى لو رأيت النجوم بعينيك تتألق وسط الظلام.
و دع لجشعك ان يحلم بزهرية تحتضن جزءا من الطبيعة الخلابة ، جزءا صغيرا جدا ، كبضعة أغصان تعتليها زهور القوس قزح.
مد يديك كما لو انك قد تحولت الى طائر..
لتكن بحجمك الذي يوازي الحلم..
ان تحقق لك ذلك ، ولو للحظات..لا تفكر بالعودة ابدا.

abstra-dit123كان القمرُ لا يزالُ في مهده يحبو هلالاً، والنجومُ ترسلُ ضوءَها كنظراتِ عذارى من وراءِ خدرها، تُقتلُ في مهدِها، أحسستُ أني أريد أن أناجي البعيدَ القريبَ، ذهبتُ إلى خلوتي ومعبدي، أغوصُ في الظلامِ تارةً حين يغيبُ نورُ السماءِ، وتارةً حين أطبقُ جفوني تاركاً للروح ِتسبحُ أو تعبثُ في ملكوتِ خيالها.
شعرتُ بـــــ نسماتٍ ظننتها ضلتْ، فلا مكانَ لها تحت بردِ الشتاءِ، لكن انتبهتُ على زفيرِ حبيبتي، فهي تعرفُ أين تجدني حين تفقدني؟ تسللتْ إلى صومعتي التي أرددُ فيها صلواتِ الفكرِ والوجدانِ، كأنَ قلبَها شعر بما ألمَّ بي، فجاءتْ تُهدئ من روعه.
وبكبرياء الرجلِ قلتُ: من جاء بكِ تقتحمين دارَ خواطري وتغتالين خيالي؟