
غالبه القهر والتذمر، فشرع يلعن في قرارة نفسه الجرأة التي أوهمته بيسر الطريق وقدرته على الوصول من غير عيون أو دليل. وعرته الوحشة حين أحس بخلو الطريق.. وحدها الريح كانت تعربد في الفضاء، تحدث أنينا وخشخشة جراء احتكاكها بالأرض والأوراق والأشياء...
تثاقلت خطواته لما سمع حشرجة سيارة تقترب منه. حاول تجنبها بحدسه لكنه خاف من التورط أكثر فتوقف مؤذنا باستسلامه للموقف تاركا المسؤولية للسائق ليختار طريقه. وحين مرت السيارة بجانبه تناها إلى سمعه من داخلها صوت "أم كلثوم" وهي تصرخ صرختها المشهودة؛ ( فات المعااااد). شق الصوت طريقه بعنف داخل نفسه المجروحة، وتفاقم لديه الإحساس بالوحشة والضعف. وشرع يمشي من جديد.. بتثاقل وإحباط.. مكتويا بالمواعيد الهاربة.