الـصِّـفـْـرُ – قصة : المصطفى السهلي
أنهى رئيس التحرير قراءة الأوراق ورفع إليه عينين حمراوين تطلان من فوق نظارتيه السميكتين كأنهما قعر كأس زجاجي من النوع الرديء..قال بصوت من يسدي نصيحة إلى أحد أبنائه:
قطة....لاجئة – قصة : أحمد الحارون
أهاج الظلام فى النفوس نوماً غير مأمول, وحرك فى آخرين يقظة أفئدةناسكة, أوشهواتٍ مسعورة مكبوته, والتمستُ مذياعى القديم تريد أركانه أن تنقض, يقيم أوده أستيك فقد صفته حتى لا تخرج أحشاءه, ورحتُ أستجديه يسامرنى ظلام ليلى...أدرته برفق...أخرسه الليل, هززته بلين كى ينفضَ ما علاه من قسوة الهجر...أبى نطقاً كمن يعاقبُ حين مقدرة, رحتُ أتحسس بطاريته فصرختْ وتقيأتْ بصدأ وصديد فى جوفها وفاض ليعدى جيرانها, انقطعت أمعاءُ الرجاء لدى فى صديق أصارع معه أبابيل الليل العاصفة, تأففت وحدتى ... بحثت مرغماًعن سِنةٍأو نومٍ, تهتُ فى أغطية تشبه كفن ميتٍ فى إحكامها, واتخذتُ رجاء النوم وسادة عل الجفنَ يثقله نوماً, أو ينقضُّ عليه حلمٌ ضل صاحبه, لكن..صوت الريح يعلو...يعبث بحباتِ رمالٍ يتيمةٍ تطرق نافذتى, تبحثُ عن ملاذٍ آمن, وأنى لى أن أرقَّ بحالها؟
أحلام نوم متأخر ـ نصوص : أحمد أبو وصال
رأيتني في شارع طويل ...سيارات كثيرة راكنة على جانب الرصيف وأخرى تسير في الإتجاهين ...
رجال متجهمون ونساء عابسات ...واجهات المحلات والأبناك والمطاعم جميلة ...ألوان وأضواء
تظهر وتختفي ...لا أتذكر منها سوى جزار فلسطين وقريبا منه مقهى الوحدة العربية ومطعم الخليج
وفي الجهة الأخرى رأيت لافتة قديمة سقط جزء منها ...مسرح Aالشعب....لم أعرف الزمان ولا المكان
حاولت إستفسار رجل يحمل جريدة لكنه رفض الوقوف والكلام ...وقررت أن أسير حتى ينتهي
الشارع أو ينتهي الحلم....
الحلم الثاني :
رأيتني أجلس في مقهى جميل ونظيف ...أضع أمامي وعلى مائدة سوداء إبريق شاي صغير وكأسين
....أشخاص متشابهو الملامح يتابعون مباراة لكرة القدم ...الهتافات تتصاعد من حين لآخر ...
بائع للسجائر بالتقسيط وماسح للأحذية يتشاجران ...متسول يطوف بين الطاولات...ناذلة شابة تبتسم
سوء تفاهم .. ـ قصة : خالد الخراز
أستيقظ فجأة على أصداء أصوات غريبة ، إنها الثالثة صباحا ، هناك أصداء لأرجل تمشي بحذر .. ينتابني خوف شديد ، إن آخر شيء كنت أتوقعه ، هو أن يقتحم اللصوص بيتي في هذه المدينة الهادئة ، يشل تفكيري وأعجز عن اتخاذ موقف معين .. تقترب الأصوات ، لا شك أنهم داخل البيت ، ولكن كيف تمكنوا من دخوله وكل الأبواب والنوافذ مغلقة ؟ لابد أن أدافع عن نفسي .. أقوم بخطوات خفيفة وأقف خلف الباب ، كنت أشعر بخوف شديد .. فجأة دخل فرد الغرفة بحذر كبير وهو يصوب آلة ما وعليها مصباح نحو فراشي ، استجمعت كل شجاعتي وارتميت عليه ، كان قوي البنية وكنت متشبثا بقوة برقبته وهو يصرخ .. وفجأة امتلأت الغرفة برفاقه وانهالوا علي ركلا وضربا ورفسا ، كانوا جميعا يحملون بنادق ، وكنت مذهولا ، مرعوبا .. كانت الدماء تنزف من فمي وأنفي ، سلط أحدهم ضوء مصباحه على وجهي :ـ إنه هو ـ خذوه
القدح العاشر أعماني ـ نص :الشاوي محمد
السخرية من القدر وبشاعته تتجسد في كل لحظة نعيشها.حين تتجمد كل الأحاسيس وتتقهقر نحو هوة سحيقة والقادم من الزمن كفيل بالإجابة عن معنى الوجود دون رغبة فيه
سكير أسقطه القدح العاشر فكتب ما يلي :
لقد رأيتك ذات حلم،ولم يتبق في ذهني غير إحساس بالطمأنينة..وقد ظللت أياما أخمن أي كلام سأقوله لك لو أنك تعودين.فلم أجد إلا رسالة قصيرة :آسف لأني لم أعتذر أكثر،لأني لم أكشف عن مشاعري أكثر.لقد فرض علينا أن نخطئ أكثر مما قد يجعل العلاقة ناجحة.لم أكتشف قلقي إلا حين اقتنعت مكرها أني فقدتك للأبد.وكان الزمن حينها قاسيا
2
مرتاح قليلا،رغم عجزي عن التعايش مع هذا الواقع،وحينما يسألونني عنك أقول أنك بخير وعلى خير وأننا "فقط" لم نعد نلتقي
الأعمى في مكتب الكهرباء - قصة : البشير البقالي
غالبه القهر والتذمر، فشرع يلعن في قرارة نفسه الجرأة التي أوهمته بيسر الطريق وقدرته على الوصول من غير عيون أو دليل. وعرته الوحشة حين أحس بخلو الطريق.. وحدها الريح كانت تعربد في الفضاء، تحدث أنينا وخشخشة جراء احتكاكها بالأرض والأوراق والأشياء...
تثاقلت خطواته لما سمع حشرجة سيارة تقترب منه. حاول تجنبها بحدسه لكنه خاف من التورط أكثر فتوقف مؤذنا باستسلامه للموقف تاركا المسؤولية للسائق ليختار طريقه. وحين مرت السيارة بجانبه تناها إلى سمعه من داخلها صوت "أم كلثوم" وهي تصرخ صرختها المشهودة؛ ( فات المعااااد). شق الصوت طريقه بعنف داخل نفسه المجروحة، وتفاقم لديه الإحساس بالوحشة والضعف. وشرع يمشي من جديد.. بتثاقل وإحباط.. مكتويا بالمواعيد الهاربة.
غبار في القلب ـ قصة : أحمد ناصر نور الدين
وعلى الرُّغم من انسياقه وراء سكرٍ مفرط متواصل، فقد نمت لدى الرجل العجوز، وعلى مَرِّ السنين، غريزة من اليقظة البالغة يفرزها خوف فطري تطور في ذاته على امتداد عمرٍ من التَسَكُّعِ في الشوارع والحواري، إضافة لما تعرض له من تشريد وترهيب في صباه وشبابه الأول. وكان في أيام الصبى كلما قفل راجعا من العمل إلى مخبئه الحقير عند المساء استنفر كل حواسه وأعصابه تَحسُّباً لأي هجوم مباغت قد يتعرض له على يد أحد زعران الأحياء وما أكثرهم. كانوا يتعرضون لعاثري الحظ في ظلمات الليالي سعياً وراء المال وأشياء أخرى ثمينة. وكان قد سمع منذ بداية وعيه الكثير من القصص المخيفة، حتى أنه عاش إحداها بنفسه، إذ انقضَّ عليه ذات مساء، وكان لا يزال شاباً يافعاً، شابان في أحد الشوارع الضيقة المظلمة.