تركت غيابها يفاجئ نشرة الأخبار الصّباحيّة تُذيعها الأبواب المشرعة على الأبواب أسرارا وجه أسرار، وأفْجرت تخرج من مسكن ضيّق بنهج ضيّق من حيّ مكتظّ .
كانت على بساطة مترفة الأناقة ، وقوام حسن يميس في بنطال وسترة ناعميْ الزّرقة ، يباهيان سماء عينيها الرّائقة بدقّة التّفاصيل المنحوتة على مدى الجسد وصِفر الخصر المستدقّ.
عمّ مسافة حصباء وزمن نعسان ، تدرك القطار الأوّل نحو العاصمة يأتي مهركلا على هزيز يرجّ السّكينة ويقضّ ضجعة الحيّ الغافي لحينه على صقيع الحديد فينهض أهلهُ على الصّفير الصامّ متأفّفين تتطاير أفواههم أخْلافا وسُبابا وأوجاعا .
تسافر إليه من شعور كفيف يتلمّس الوجوهَ المتفرّقة بحثا عن إطار عاطفيّ يلائم الصّورة الرّاسخة بالخيال ، ولهفةٍ معصوبة الرّأس لا تفكّر إلاّ بصوته الثريّ يسري فيها خريرا كجرعة النّور تشْهَقُها العتمة اليائسة فتحيى ، ويزهر ليل الضّجر ببساتين فيحاء ذات ثمر وريحان وظُلل من أفياء الحلم الوثير.