نظراته تعانق الأضواء المتلألئة من وراء الأفق...فتشرد روحه... تَلُوحُ له أشرعة آماله و هي تنعطف عند الأفق.. يتراءى له طيف حبيبته يلوح له من هناك...فاتحة ذراعيها لاحتضان أحلامه..تعده جنة الخلد.آآآآآآه من حبيبته، تلك الحورية من سلالة عيسى أرقت منامه...تأتيه كل ليلة تمشي بغنج و خيوط الشمس تتدلى ثائرة على ظهرها... يشحب وجه القمر أمام ضياء وجهها..و عيون تغريه بالإبحار في زرقة سمائها.
كل يوم كان يضرب لها موعدا عند قمة هذا التل، يناجيها فتحمل أمواج البحر آهاته إليها.. و نسيم المساء يداعب آماله و يسافر بأفكاره إلى ما وراء الأفق..ليعانق حلمه.
في كل يوم كان الحلم الجميل الذي تبناه يكبر في أحشائه حتى تحول إلى وحش ينهش أفكاره و يأسر إرادته ... أصبح كالمسحور.. لا يرى نورا غير ذاك المنبعث من وراء الأفق.
و حل اليوم الموعود.. اليوم الذي سيذهب فيه للأندلس فاتحا...قلبه للحب الجديد...سيغادر الليلة على متن قارب عند منتصف الليل . و ضع ماءا في حقيبته و فواكه جافة تعينه في رحلته على كتم صرخات أمعائه حين تنهشها مخالب الجوع... ثم جلس و عيناه تراقصان عقارب الساعة في إيقاع دقات قلبه المتسارعة كلما اقترب موعد الرحيل..