
هـا الـنـهـر اليوم يـجري كعادته ، لـكـنـه عـلـيـل ، مـتـرهل ومنكمش حد الإغماء … الماء لم يعد ماء بعدما اخـتـلـط بالمجاري الراكـضة ومـات الـسـمـك بـيـن عـفـونته … فقط بعض الأماكن البعيدة ما زالت تهب ماء النهر صفاءه وعفوية الانسياب بلا فواصل أو نقط تفتيش .
ففي الأماكن الموجودة بين هضبـتـيـن يـنـسـل هـذا الـمـجـرى الـعـذب الذي أصبح ملجأ هادئا لحياة يتهددها الموت المؤجل في كل اللحظات … هـنـاك ، دأبـت مـاريـة أن تـصطـحـب قـصـبتها لتنسى شحوب العالم وتتذكر شـيئا من طفولة مترفة على ضفاف السين حيث الحلم ينتعش دائما بروايات الفنطازيا التي ظلت ذاكرة الطفلة حريصة على تتبع خطى أبطالها .
وهناك ، أيضا كان حيدر ينبعث من رماد كتاباته لينفلت من غربـة سحيقة لفت خاطره بأزمنة كثيرة وسؤال واحد .