
مطر خفيف..يبلل الحيطان..و ينفض عن شجيرة اللوز عناء صيف حار ..غمرتها نشوة طفولية وهي تعترض الرذاذ بلسانها ..لمحت من بعيد قوافل الجند ..شاحنات متهالكة تتلوى في المنعرجات كحية متعبة ..ساورها القلق ..تسارع النبض وهي تخمن في رسالته الاخيرة " سنلتحم قريبا بجيوش العدو ..لا تنسي ان تصلي لأجلي ..واحرسي جيدا شجيرة اللوز ..سيكون زهرها الابيض طوقا يزين جيدك ليلة العرس ..الى اللقاء ".
ترددت قبل اللحوق بالاهالي الى الساحة العامة ..ارتدت معطفها وحثت الخطو لتحظى بموطيء قدم وسط هذا الحشد المتلهف !
اصفرت الشمس مؤذنة بالمغيب ..هي ذي الشاحنات قد دنت لتوقف سيل الظنون ..خيم صمت رهيب على الحشد قبل ان تفرغ الشاحنات ما في احشائها من بقايا حرب مستعرة ..أشباح آدمية ..ما بين مكلوم و مثخن و مسجى على لوح خشبي ..
اندفعت الامهات بلوعة يتفحصن الجثث..تسمرت هي في مكانها ترقب المشهد ..هل ستلقاه راجلا أم محمولا على لوح ..هل مات ؟ كفكفت دموعها و اندفعت تتفحص الاجسام الممددة ..