« L’intelligibilité des faits passe par un effort de décentration qui tient compte des cadres de références, des normes et des valeurs du contexte.
C’est en apprenant quelles étaient les fins des gens, leurs valeurs, que leurs actions et leurs conduites deviennent intelligibles » 
Mostafa Hassani Idrissi  . Pensée historienne et apprentissage de l’histoire.éd.L’Harmattan,2005,p.100

» كنتُ أشعر أن لا فارق من أي نوع بين مغربي ومغربي آخر .

لو كنتُ سافرتُ إلى مناطق نائية لكان الوقعُ في وجداني مختلفا «  عبد الله العروي،استبانة،2016،ص60.

تكاد المقاربات التاريخية الجديدة، سواء في مرحلة الإنتاج الأكاديمي للمعرفة التاريخية، أو عند نقلها إلى الفصول الدراسية، تُجمع على ضرورة ربط دراسة التاريخ- باعتباره حقل الاهتمام الفكري بالتغيّر الاجتماعي ضمن تبدلاته وفق لوحة الأزمنة الثلاثية ومُددِها بمقاييسها المتنوعة وتبعا للمشكلة التاريخية موضوع البحث والمعالجة- بالمشكلات المعاصرة التي تعيشها المجتمعات، ومحاولة فهمها، وتفسيرها، واتخاذ مواقف واعية ونقدية منها، وتجاهها .

تأتي المساهمة الفكرية- التي نعتزم تقديمها لتقاسم فائدتها وقيمتها النظرية والمنهجية- للأستاذ والباحث المتخصص في ديداكتيك التاريخ بالجامعة المغربية مصطفى حسني ادريسي، ضمن منجز فكري جماعي ضخم، وبتعددية ثرية مجالات، ومبحثا، ومنهجا، ولغات( تحت عنوان: التاريخ والهوية، الكتابة التاريخية بين الأرشيف والذاكرة وسؤال التعددية، أعمال مهداة إلى جامع بيضا/ منشورات باب الحكمة- ط1- 2023) في سياق تلك المقاربات الجديدة التي تتجاوز مستوى التعامل مع المعرفة التاريخية باعتبارها سردا تاريخيا تقليديا للاستعراض والحفظ والاسترجاع السطحي.

المقالة وردت في الكتاب الأول، ضمن القسم المخصص للتعليم والمجتمع، وكانت بعنوان "أيُّ وظائف تربوية لتدريس التاريخ في مجتمع متعدد الثقافات؟" صفحات419-431، وتنطلق من تصور نظري لموضوع التاريخ في مجتمع متعدد الثقافات، ومقترحات منهجية وديداكتيكية تمنح درس التاريخ وظائفه التربوية داخل فصول بتعددية ثقافية-هوياتية، وتجعل التاريخ المدرسي مناسبة لتعلم الفكر التاريخي كما هو في مساراته المنهجية الكبرى، وعلى قواعد ونهج مهنة المؤرخ، بكيفية معقولة يتقاطع فيها التفكير في  "نحن" والتفكير في "الآخرين" (ص426) والمقالة ترجمة لمداخلة أُلقِيت باللغة الفرنسية في ندوة دولية بإسبانيا في شهر مارس 2005.

مقدمة عامة :

يأتي الحديث عن القيم في مجال التربية و التدريس في سياق التطورات التي عرفتها الساحة التعليمية في السنوات الأخيرة ، و التي وضع أسسها الميثاق الوطني للتربية و التكوين ، و رسم اختياراتها و توجهاتها الكتاب الأبيض و ما تلاه من وثائق و قرارات و تنظيمات .

إنطلاقا من هذا الإطار المرجعي و ما رافقته من مشاريع تطوير و تجديد المدرسة المغربية ، برزت مقاربة التربية على القيم و التدريس ببيداغوجيا الكفايات و التربية على الاختيار كإضافة نوعية ، و ركيزة أساسية من الركائز التي يقوم عليها العمل التربوي كهدف لتطوير المجتمع ، و الحديث عن القيم في المدرسة المغربية ليس بالأمر اليسير ، و ذلك نظرا لتراجع القيم في المؤسسة التربوية ، و محاولة البحث عن أسبابه من أجل اقتراح بعض الحلول .

  • المحور الأول : مفاهيم و تعاريف

يقول عبد الكريم غريب و آخرون : "القيم مجموعة المبادئ و القواعد و المثل العليا التي يؤمن بها الناس و يتفقون عليها فيما بينهم ، و يتخذون منها ميزانا يزنون به أعمالهم و يحكمون بها على تصرفاتهم المادية و المعنوية"[1] ، و يشير عبد الهادي مفتاح مفنذا رأي عبد الكريم غريب إلى أن التأمل في الخطابات الفكرية المعاصرة قد يلاحظ المكانة المركزية التي أضحت تحتلها القيم ، باعتبارها الالغوريتم المتحكم في مختلف التصرفات الفردية و الإجتماعية [2] ، و في الاتجاه الآخر المعاكس نرى أن محمد بلفقيه يتخذ مسارا مخالفا لسابقيه في تعريفه للقيمة معتبرا إياها أحد المفاهيم التي تتباين في معانيها الآراء و تتعدد في مباحثها الاجتهادات ... و التباين في النظر إلى مفهوم المعنى و مبنى و خصائص و تصنيفا يزكيه إختلاف المداخل المنهاجية التي جعلته أو تجعله في القلب من اهتماماتها المعرفية ، و المدخل الديني و المدخل الفلسفي و المدخل الواقعي ليست سوى بعض هذه المداخل [3] ، و من ثم لا تبدو القيم الاجتماعية كقيم موضوعية ، بل كقيم ذاتية عامة ، أو لنقل كقيم ذاتية مشتركة ، و باختصار فإن القيمة تتحرك بتحرك السياق الذي تظهر فيه

إِذا كانَتْ التَرْبِيَةُ فَنّاً، فَإِنَّ هذا الفَنَّ لا يَعْمَلُ فِي مادَّةٍ جامِدَةٍ، كَفَنُ النَحْتِ، بَلْ فِي مادَّةٍ حَيَّةٍ تَنْطَوِي فِي ذاتِها عَلَى مَبْدَأِ نُمُوِّها" - توما الأكويني
"لا تَعَلَّمُوا أَطْفالَكُم القِراءَةَ، بَلْ عَلِّمُوهُمْ أَنْ يَضَعُوا كُلَّ ما يَقْرَؤُونَهُ مَوْضُوعَ تَساؤُلٍ وَشَكٍّ، عَلِّمُوهُمْ أَنْ يَضَعُوا الأَشْياءِ كلها مَوْضِعَ تساؤل وَشَكٍّ وَاِخْتِبارٍ" - جورج كارلين.

مُلَخَّصٌ

يَتَّجِهُ كَوْكَبُنا قُدَماً لِيُصْبِحَ كَوْناً عَبْقَرِيّاً سِيبْرِنْتْيا فائِقَ الذَكاءِ، فَعَلَى اِمْتِدادِ هذا الكَوْكَبِ تَتَشَبّاكِ الأَدْمِغَةُ وَتَتَخاصَبُ العُقُولَ، وَتَتَفاعَلُ الإِراداتُ البَشَرِيَّةُ، وَتَتَضافَرُ الخِبْراتُ وَالمَعارِفُ الإِنْسانِيَّةُ، وَهذا كُلُّهُ يُبَشِّرُ اليَوْمَ بِوِلادَةِ وَعْيٍ إِنْسانِيٍّ إِبْداعِيٍّ فارِقٍ فِي التارِيخِ، إِنَّهُ شَكْلٌ مِن أَشْكالِ الوَعْيِ الجَمْعِيِّ المُتَشَكِّلِ مِن جِماعِ الأَدْمِغَةِ، وَمِن تَضافُرِ العُقُولِ وَالعَبْقَرِيّاتِ جَمِيعِها فَوْقَ هذا الكَوْكَبِ، لِيَتَجَلَّى في نهاية المطاف عَلَى صُورَةٍ عَبْقَرِيَّةٍ إِنْسانِيَّةٍ خارِقَةٍ لَيْسَ لَها مَثِيلٌ، وَلَنْ يَكُونَ لَها نَظِيرٌ فِي التارِيخِ الإِنْسانِيِّ بِرُمَّتِهِ. فَالثَوْرَةُ الصِناعِيَّةُ الرابِعَةُ تَعْمَلُ اليَوْمَ عَلَى إِلْغاءِ الحُدُودِ الفاصِلَةِ بَيْنَ كُلِّ ما هُوَ فِيزْيائِيٌّ وَرَقْمِيٌّ وَبيولوجِيٌّ، وَفِي هذا الكَوْنِ الجَدِيدِ المَغْمُورِ بِفَيْضِ الإِبْداعاتِ العَبْقَرِيَّةِ وَالأَصْواتِ وَالكَلِماتِ وَالصُوَرِ، يَتَوَجَّبُ عَلَيْنا أَنْ نُحَدِّثَ ثَوْرَةً تَرْبَوِيَّةً نَتَجاوَزُ فِيها أَزْمَةُ العَلاقَةِ بَيْنَ قَدِيمٍ لا يَمُوتُ وَجَدِيدٌ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُولَدَ كَما يَقُولُ كِتابُ أنطونيو غرامشي (Antonio Gramsci).

1 مُقَدِّمَة

الثَوْرَةُ فِي التَرْبِيَةِ وَالتَعْلِيمِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ التَطْوِيرِ أَوْ التَغْيِيرِ، هُوَ سَبِيلُنا لِدُخُولِ الثَوْرَةِ الصِناعِيَّةِ الرابِعَةِ، وَنَحْنُ قادِرُونَ عَلَى إِحْداثِ تِلْكَ الثَوْرَةِ فِي تَعْلِيمِنا إِذا تَخَلَّيْنا عَن نَمَطِيَّةِ التَفْكِيرِ التَرْبَوِيِّ وَجُمُودِهِ فِي مَجالِ التَعْلِيمِ وَالتَخْطِيطِ التَرْبَوِيِّ، وَهذا الأَمْرُ يَتَطَلَّبُ أَيْضاً نَمَطاً مِن التَخْطِيطِ الثَوْرِيِّ لِاِحْتِياجاتِنا المُسْتَقْبَلِيَّةِ بِحِيادِيَّةٍ، بَعِيداً عَن النَزْعَةِ العاطِفِيَّةِ الاِنْفِعالِيَّةِ، وَبَعِيداً عَن الأَخْطاءِ الَّتِي أَعاقَت تَقَدُّمَنا الحَضارِيَّ وَالتَرْبَوِيَّ لِعُقُودٍ طَوِيلَةٍ مِن الزَمَنِ؛ فَالتَغْيِيرُ الثَوْرِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شُمُولِيّاً تَكامُلِيّاً يَأْخُذُ فِي الحُسْبانِ تَفاعُلَ المَنْظُوماتِ التَرْبَوِيَّةِ وَالاِجْتِماعِيَّةِ ضِمْنَ خَرِيطَةٍ جِينِيَّةٍ تَقُومُ عَلَى التَغْيِيرِ الجَذْرِيِّ فِي المَناهِجِ التَعْلِيمِيَّةِ بِشُمُولِيَّةٍ وَعُمْقٍ، وَيَتَضَمَّنُ ذلِكَ رَفْعُ كَفاءَةِ المُعَلِّمِ وَتَغْيِيرُ طُرُقِ التَدْرِيسِ التَقْلِيدِيَّةِ جَذْرِيّاً، وَتَحْسِينُ بِيئَةِ التَعْلِيمِ، وَتَطْوِيرِ أَنْظِمَتِهِ، وَذلِكَ كُلُّهُ يَجِبُ أَنْ يَتِمَّ فِي سِياقِ التَكامُلِ وَالتَفاعُلِ مَعَ مُخْتَلِفِ النُظُمِ الاِجْتِماعِيَّةِ وَالسِياسِيَّةِ لِخَلْقٍ بُنِّيَّةٍ مُجْتَمَعِيَّةٍ مُتَكامِلَةٍ مُتَكَيِّفَةٍ مَعَ الاِنْفِجاراتِ التكنولوجِيَّةِ وَالحَضارِيَّةِ الهائِلَةِ الَّتِي تَشْهَدُها الإِنْسانِيَّةُ مُنْذُ مَطْلَعِ القَرْنِ الحادِي وَالعِشْرِينَ.

لَقَدْ أَصْبَحَت الثَوْرَةُ فِي التَعْلِيمِ وَالتَرْبِيَةِ ضَرُورِيَّةً جِدّاً لِمُواكَبَةِ الثَوْراتِ الصِناعِيَّةِ المُتَجَدِّدَةِ، وَمِنْ غَيْرِ هذِهِ الثَوْرَةِ، فَإِنَّ الثَوْرَةَ الصِناعِيَّةَ الرابِعَةَ الَّتِي نُنْشُدُها سُتَلَتْهُمْ ثَقافَتُنا، وَتُدَمِّرُ، وَاِقْتِصادُنا وَتَنْتَهَكُ وُجُودُنا الأَخْلاقِيُّ وَالإِنْسانِيُّ، وَالحَدِيثُ عَنْ تَطْوِيرِ وَتَحْسِينِ وَإِصْلاحِ التَعْلِيمِ لَمْ يَعُدْ مُجْدِياً اليَوْمَ، وَقَدْ بَيَّنَتْ التَجارِبُ الإِصْلاحِيَّةُ فِي بِلادِنا عُقْمَ هذِهِ المُحاوَلاتِ وَفَشَلِها خِلالَ العُقُودِ الماضِيَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلمِلْياراتِ الَّتِي أَهْدَرَتْ عَلَى الإصلاح نَفْعاً أَوْ جَدْوَى، وَلَمْ تُغَيِّرْ فِي جَوْهَرِ التَعْلِيمِ، بَلْ زادَتْ الطِينُ بَلَّةً، وَالمُشْكِلاتُ تُشابِكاً وَالعَقْدَ تَعْقِيداً، وَحالُ هذِهِ الإِصْلاحاتِ كَحالِ السَجِينِ الَّذِي يَظَلُّ يَحْفِرُ نَفَقاً طَوِيلاً لِسَنَواتٍ لِلهُرُوبِ، وَإِذا هُوَ يَنْتَهِي بِهِ إِلَى غُرْفَةِ الجَلّادِ.

         "إن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو أن الإنسان لا يستطيع أن يصبح إنسانا إلا بالتربية"[1]. ولعل من يرغب في فهم القول الكانطي، حريّ به أن يقوم باستنطاق منطوقه، ويخلخل ساكِنه، حتي يتسنى له اكتشاف أهمية التربية في حياة الإنسان. فعندما يقول لا يصبح  الإنسان كذلك إلا بالتربية، فمعنى ذلك أن التربية هي الفيصل بين الإنسان والحيوان، بل إنها الأداة ـ والغاية في ذات الوقت ـ التي  بموجبها ينتقل من أواصر طبيعته الحيوانية، ويتحلل منها ولو بشكل جزئي، لكي يتشكل فيه ما هو إنساني. وفي غياب هذه التربية لا يمكن البتة الانفلات من مخالب الطبيعة الحيوانية لدى الإنسان في مجموع تجلياتها ومظاهرها، سيما وأنها  تشكل  محطة التقاء وتقاسم بين الإنسان والحيوان، خصوصا في البعد البيولوجي الغريزي؛ فالإنسان قُدر عليه أن يكون على الشاكلة التي هو عليها الآن. وطالما نقول قُدر عليه، فالأمر يعني أنه مرغم على العيش في خضم مجموعة من الإكراهات والحتميات باعتبارها شرا لابد منه، وأولى بوادر هذه الإكراهات، يتجسد في فعل التربية. فمن يقوم بها؟ ولحساب مَن ؟ وهل لها غاية واحدة أم غايات متعددة ؟ ما الآليات المعتمدة لتحقيق هذه الغايات؟ وماهي الأطراف المشاركة في التربية؟

            شكل موضوع التربية مادة دسمة، لمجموعة من الفلاسفة والمفكرين على اختلاف مشاربهم الفكرية وخلفياتهم المعرفية والإيديولوجية، خصوصا في مجال العلوم الإنسانية التي تُعنى أساسا بدراسة الإنسان في شتى أبعاده، بغية اكتشاف حقيقته والتوصل ـ ولو بشكل نسبي ـ إلى دراسة مجموع الظواهر المرتبطة به ارتباطا وثيقا. كما الشأن هاهنا، بالنسبة للتربية، هذه التي تحيل على :" تبليغ الشيء إلى كماله، أو هي كما يقول المحدثون تنمية الوظائف النفسية بالتمرين، حتى تبلغ كمالها شيئا فشيئا، تقول : ربّيت الولد، إذا قويت ملكاته، ونميت قدراته، وهذّبت سلوكه، حتى يصبح صالحا للحياة في بيئة معينة."[2]

ملخص:
يحظى تقويم التعلم بأهمية خاصة لدى مختلف المتدخلين في الشأن التربوي، لأن التقويم والتعلم يلازم أحدهما الآخر في مختلف العمليات التعليمية التعلمية ولا يمكن الفصل بينهما أثناء تعلم مادة من المواد الدراسة كمادة التاريخ نموذجا، لهذا فإن تعلم التاريخ وتقويمه وفق المقاربة بالكفايات يحتل مكانة متميزة داخل المنظومة التربوية ليس فقط في المدرسة المغربية فحسب، بل في مختلف المدارس عبر العالم، وذلك ما للتاريخ من أهمية بالغة في تربية الناشئة وتكوين جيل مطلع على تاريخه ومعتز بماضيه، ساع إلى بذل جهده للانخراط في مشروع بناء مجتمع يحافظ على أمجاد أسلافه ويتبوأ مكانة متميزة في مصاف الحضارات العالمية.

كلمات المفاتيح:

التقويم، التعلم، التاريخ، المقاربة بالكفايات، المنظومة التعليمية التعلمية، الفكر النقدي.

    تقديم

اشتغلت العديد من الأدبيات التربوية على حقل التقويم بشكل عام والتقويم التربوي بشكل خاص لأنه قلب أي نظام تعلمي كيفما كان وخاصة مع المقاربة بالكفايات التي تبناها النظام التعليمي التعلمي المغربي حيث أعطى أهمية للتقويم التربوي نظرا للمكانة التي يحتلها داخل المنظومة التعليمية التعلمية، لأنه يسعى إلى تحقيق التغییر المنشود في شتى مجالاتها، حيث أصبح أي برنامج تعلیمي تعلمي لا یخلو من برنامج تقویمي مصاحب له، لأنه يمثل جزءا لا يتجزأ من عملية التعلم ومقوما أساسيا من مقوماتها ومواكبا لها في جميع العمليات، لذلك أولت له التوجيهات والمذكرات التربوية المغربية اهتماما خاصا.

إن التقويم والتعلم يلازم أحدهما الآخر في مختلف العمليات التعليمية التعلمية ولا يمكن الفصل بينهما أثناء تعلم المواد الدراسية بما فيها مادة التاريخ، حيث يعد التقويم حلقة أساسية فيها، فهو يقوم بفحص درجة الملاءمة بين إنتاج المتعلم والمعايير المحدد في اتخاذ القرار، و تقدير المردودية[1]، والتحصيل الدراسي، وصعوبات التعليم و التعلم، ونتائج العمل الدراسي، والتطورات الحاصلة في مكتسبات المتعلمات و المتعلمين، وكذا مدى تحقيق الكفايات التي تم التخطيط لها.

"ليس الكمال الأخلاقي الذي يبلغه المرء هو الذي يهمنا، بل الطريقة التي يبلغه بها"
ليو تولستوي

1- مقدمة:

إنّه لمن الغرابة بمكان أن معظم المفكرين التربويين الذين تناولوا التربية الجنسية عند كانط لم يصنفوها ضمن حقل التربية الأخلاقية، واكتفَوْا بوضعها تحت عنوان التربية العملية، وهو التصنيف الذي اعتمده رينك تلميذ كانط ومنسق كتابه "تأملات في التربية ". ولكننا، على خلاف ذلك، نرى أن التربية الجنسية تقع في صميم التربية الأخلاقية، ولا يمكنها أن تكون خارجة عنها. ومن المعروف أن التربية الجنسية هي من أكثر مظاهر الحياة الإنسانيّة ارتباطا بالأخلاق، ولا سيّما قيم الحقّ والباطل والحلال والحرام. ويمكن القول أيضا إن هذه التربية تشكل دائما القضية المحورية التي اهتمّت بها الشرائع الأرضية والأديان السماوية جميعها. وربما لا نبالغ في القول أيضا إنّ العلاقة بين الجنسين تشكل أخطر مظاهر الحياة الأخلاقية وأعمق جوانبها في المجتمعات الإنسانية منذ الأزل. ومن المعروف لدى القاصي والداني أن الشرائع الدينية والمدنية شغلت بتنظيم العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل وفق أنساق عريضة من القيم الأخلاقيّة الّتي لا يمكن تصنيفها أبدا خارج السياق الأخلاقي للعلاقة بين الإنسان والإنسان عامّة..

وبات واضحا لنا أنه لا يمكننا الخوض في فكر كانط التربوي إلا في ضوء فلسفته الأخلاقية النقدية. وعلى هذا المنوال ترتبط التربية الجنسية في أبسط تجلياتها بالأخلاق وبالروح الفلسفية النقدية لديه. وهنا تكمن صعوبة الخوض في قضية التربية الجنسية كما هو الحال في مختلف أشكال التربية الكانطية. ومن المعروف تمام المعرفة أن النظام الفكري عند كانط يتكامل ويتفاعل متّخذا هيئة نظام فكري شامل أساسه فلسفيّ متعدّد الأبعاد. وعلى هذه الصورة لا يمكن تناول آرائه في العلاقة بين الجنسين إلا في ضوء الواجب والقانون الأخلاقي الذي أقره قيمة أخلاقية عليا في الفكر والوجود.

تنبيه هام : هذا جزء مختصر من المحاور والخطوط العامة للمحاضرة الافتتاحية، ولا ندعي مطلقا أنها تغطي تفاصيل المحاضرة التي يمكن الرجوع إليها كاملة مسجلة على منصة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة-الصفحة الرسمية.
*النماذج البيداغوجية للنهوض بمخرجات المنظومة ومعها الثروة البشرية لم تعد تشكل لدينا عقدة، وكل نموذج بيداغوجي يمكننا اعتماده من بين النماذج الدولية يحتاج لشروط عامة وخاصة متكاملة لتنزيله وتطبيقه، ولكل نظام تربية تكلفة لصيقة به "اقتصاد التربية/النموذج الاقتصادي للتربية" بما يعنيه ذلك في علاقة بالمقدرات الاقتصادية والمالية المتوفرة لكل بلد،وكذا في علاقة بالحكامة .
*سلسلة القيمة تبدأ بالمنتوج المنتظر" الطلب الاجتماعي" في صلة بفلسفة التربية ومواصفاتها المحددة، وكيفما كانت النماذج يجب أن تكون تلك المواصفات موحدة بالنسبة للدولة .
*التوجيه يجب أن يكون على قاعدة تكافؤ الفرص.
*مستقبل التعليم اليوم صار مرهونا بالرقميات التي صار تأثيرها يشمل نمط الإنتاج، والمدرسة المستقبلية بعد 20أو30سنة لن تكون هي المدرسة الحالية، كما شهدها القرن العشرين.
*ما نستفيده أيضا من التجارب الفاشلة أيضا له أهميته،سنة2012 كان الوقوف عند أسباب فشل 11دولة إفريقية حينها عن إرساء بيداغوجيا الكفايات(دراسة ج.م دوكيتيل De Ketele وم.دوفلاي(Develay
*انتظارات التعليم المدرسي من البحث التربوي :
-آخر بحث يعود إلى سنة 2010 (بفرنسا) في موضوع التوجهات الدولية في مجال البحث التربوي.
-الكلمات المفتاح ذات أهمية في البحوث :29 مجال للبحث، طريقة التدريس-التعليم الابتدائي-محصلات التعلم-النوع الاجتماعي-البيداغوجيا الجامعية-سياقات التعلم-....إلخ.
-الموضوعات التي تتكرر حسب تلك الدراسة عددها 5:
1-تكوين المدرسين ويهم كل الدول في العالم
2-الحافزيةLa Motivation (نتساءل عن قابلية تلميذ اليوم للمتابعة والانتباه عند إنجاز نشاط لمدة زمنية معينة، وكيف يمكننا تدبير زمن التعلم بطرق مبتكرة)
3-المناهج الدراسية (من حلقات المناهج التي تمتد لسنوات طويلة جدا إلى الحلقات المتوسطة والقصيرة)والسياسات المنهاجية .
4-مواكبة التكوين ومواصفات متابعة التكوين
5-الممارسات المهنية التبصّرية لكل الفاعلين التربويين (أساتذة-مفتشون-إداريون...)

الإصلاحات الأخيرة في نظام التعليم عمّقت التباينات والانقسام فيما بين أطر هيأة التدريس، والذين توحدهم نفس الأزمة في صلة بتحولات مهام مهنة الأستاذ: أزمة المعنى، وأزمة الهوية المهنية .
شكلت مهنة التعليم في العهود السابقة مرادفا للترقي الاجتماعي، غير أنها لم تعد تُغري، وتراجعت جاذبيتها، حتى أن وزارة التربية لم تستطع تغطية عدد المناصب التي عرضتها في آخر مباريات ولوج التعليم(كانت بعدد 4000منصب) أمام نقص عدد المترشحين الذين تقدموا للمباراة.
لطالما كانت مهنة التعليم تصقلها هوية قوية متماسكة، ويسندها معنى إيتيقي، غير أنها اليوم، ومع تنوع الوضعيات التي يوجد عليها أطر التدريس، تعيش تشظيا بتقاطب بارز.
فما صنف التمايزات الجديدة التي تعرفها مهنة التعليم؟ وكيف يمكن تجاوزها ؟.
توجد فعلا خلف الوحدة الظاهرة لمهنة التعليم، وصِفَة الأستاذية فئات مختلفة من الموظفين، وبتباينات واضحة : المبرزون، حاملو الشهادات، أساتذة الثانويات المسار المهني، أساتذة المدارس الابتدائية.
وكان، بالتالي، ضروريا انتظار فترة الستينات من القرن العشرين لتترسخ تلك التمايزات، بينما كانت في السابق تظهر فيما بين أستاذ مبرّز بالثانوي، وأستاذ الابتدائي، وبالمدرسة الجماعاتية، لدرجة أن تجميعهم داخل نفس الفئة يستتبع سوسيولوجيا اختلافات ضئيلة .

هل يمكن أن تتحسن المدارس إن جرى إعادة تصميم مناهجها، وطرق التدريس داخل فصولها، بما يتوافق مع معطيات علم الوراثة؟ وكيف يمكن للجينات أن تحفز التفكير خارج الإطار التقليدي، بالنسبة لطفل لا يتعلم بالطريقة الاعتيادية؟

لا تسمح المسافة بين التعليم وعلم الوراثة بالتكهن، أو توقع حلول للإكراهات التي يواجهها التعليم المدرسي؛ غير أن التأثير الذي تمكن علماء الجينات من إحداثه في ميادين الطب، والزراعة، والقانون، والسياسة الاجتماعية، يعزز فرضية التجاوب، ولو من منظور مستقبلي، بين الدروس المستفادة من علم الوراثة وأبحاث الجينات، وبين الإشكالات التي تنتصب على نحو مستمر داخل الوسط المدرسي، وفي طليعتها: معيقات التحصيل الدراسي.

إن مهمة التعليم هي أن يُكسب الصغار مهارات التعلم البسيطة، ممثلة في القراءة، والكتابة، والحساب، بغض النظر عن معدلات ذكائهم. وهذا يعني أن السياسة التعليمية قائمة على فرض الأهداف ذاتها، دون مراعاة للاختلافات الفردية الطبيعية في القدرة والنمو. في حين يعلم الجميع أن كل طفل عند ولادته، يحمل سمات خاصة به، تعكس حالته المزاجية، واحتياجاته، وميوله. لذا يرتبط تحقق مهمة التعليم بمعرفة الطريقة التي تتفاعل بها جيناته مع الخبرات المكتسبة في المدرسة.

يكمن الحل إذن في نظام تعليم تستوعب مناهجه وطرائقه معطيات علم الوراثة، بشكل يتيح في الآن نفسه تنمية المهارات الأساسية للطفل، واحتضان مواهبه وقدراته الفردية. فمنذ اختتام مشروع الجينوم البشري سنة 2003، أصبح تحديد تسلسل الجينوم عملية ميسرة، تسمح بالتعرف على الجينات التي تؤثر على قدرات التعلم، وبالتالي تُمكّن نتائجها من إحداث فارق إيجابي.

عادة ما يلجأ صناع السياسات العامة إلى الخبراء، حين يتعلق الأمر بتصميم جسر معلق، أو استخدام عقار جديد ضد الأمراض الفتاكة. أما في مواجهة القضايا التعليمية الشائكة فإن القائمين على السياسة التعليمية يميلون إلى تدعيم قراراتهم وخططهم الإصلاحية بفرضيات وتحيزات مبسطة، تستند إلى توظيف انتقائي للبحث العلمي.
وإذا كانت إحدى مهام المدرس المحورية هي تحدي التصورات القائمة في أذهان متعلميه، وحثهم على مراجعتها في ضوء الحجج المنطقية، فإن المنظومة بكاملها تفتقر إلى دليل لتفكيك الأحكام التبسيطية، والاستعمال السيء لما يصدر عن علم النفس وعلم الأعصاب من تفسيرات لا تصمد أمام الفحص الدقيق، من أجل ضمان ألا يتلقى أطفالنا تعليما رديئا.
في تصورهما العام لكتاب (تعليم رديء) يثير فيليب إيدي وجوستين ديلون دواعي التئام زمرة من الخبراء العالميين، لرصد نماذج التطبيق غير الرشيد، والادعاءات المبالغ فيها داخل النظم التعليمية. إذ ينطلق المحرران من خمسة أسباب تستدعي عودة الخبير للإمساك بزمام الأمور، ونزع غطاء العلمية الذي يتدثر به صناع السياسة التعليمية.
أول تلك الأسباب هو التفكير الحالم، أو ما يرغب التربوي في الإيمان به بغض النظر عن وجاهته العلمية.

"إن العلاقة مع المتعلمين أو الطلبة توصِلُنا إلى حدود قدرتنا، بل إنها قد تتجاوزنا، وقد ترهقنا، وتنهك قِوانا، لأنها ذات أبعاد مركّبة" عبد الجليل أميم (مدخل إلى البيداغوجيا.ج.2، 2019، ص.167).
تصاعُدُ مؤشرات الارتباك في العلاقات البيداغوجية، وتردد أنواع من التوتر الذي يأتي لينشر غيوم القلق بمناخ المؤسسات التعليمية خاصة منها بسلك الثانوي، والذي قد يتجلى في أشكال من العنف الرمزي والمادي بين مكونات المجتمع المدرسي، هل له أن يبرر دعاوى غرس قيم التعاطف والرعاية، وتحويل لحظات التوتر إلى مناسبات للتساؤل عن أسبابها الظاهرة أو المستترة، وإلى فرص لتأثيث مساحات القرب والإنصات، ومعها تأمين أهداف المؤسسة التعليمية ومشاريعها، وبخاصة منها استدامة التعلم وغاياته التكوينية؟.
يبدو أن إرساء سلطة بيداغوجية للمدرس-ة في علاقته بجماعة المتعلمين-ات، مبنية على نوع مميز من الرعاية والاحتضان بمعناه التربوي، قد صار ضرورة يجب إدماجها في قواعد اشتغال مؤسسات التربية والتعليم، بهدف تحقيق نوع من المصالحةréconciliation بين التلاميذ والمدرسة، وهو أمر أضحى ملحا في أنظمة التربية بعدد من الدول الغربية.
أكدت وثيقة في قانون الوزير "ليونيل جوسبان" سنة 1989(صدر يوم10يوليوز1989) في مذكرة موجهة لقطاع التعليم على "جعل التلميذ في مركز النظام التربوي"، وكان رد الفعل عليها واسعا لدى عدد كبير من المدرسين، ومن أصحاب القرار في مجال التعليم، بينما كانت الفكرة منذ فترات طويلة تتردد عند رواد البيداغوجيا وفي نصوص التربية الجديدة، هو ما جعلها تتقدم وتترسخ بالتدريج.