حين نتطرق لماهية العلاقة القائمة بين الاتصال والتربية، أيمكننا أن نتساءل عن طبيعة هذه العلاقة؟ حدودها، مجالها، ومكوناتها، بمعنى أن نبحث في مجال كلا الطرفين؟
أنحنُ أمام مجموعة من الممارسات التي تحدد أسس الاتصال والتربية أم أنَّ المشكل أكبر من ذلك؟ يتعلقُ بمجالين يهتمان بالفرد ومكوناته انطلاقا من أرضية واحدة.
ومن الثابت أننا حين نتكلم عن التربية، فإننا نتكلمُ عن علم قائم بذاته يستمد جذورهُ وقوَّتهُ من عدة علوم أخرى، والشيءُ نفسُهُ بالنسبة لعلم الاتصال، وإن كان هذا الأخير، ما يزالُ محلَّ نقاش وجدل حول أسسه المصدرية ومجالاته.

حين نتطرق لماهية العلاقة القائمة بين الاتصال والتربية، أيمكننا أن نتساءل عن طبيعة هذه العلاقة؟ حدودها، مجالها، ومكوناتها، بمعنى أن نبحث في مجال كلي الطرفين؟
أنحنُ أمام مجموعة من الممارسات التي تحدد أسس الاتصال والتربية أم أنَّ المشكل أكبر من ذلك؟ يتعلقُ بمجالين يهتمان بالفرد ومكوناته انطلاقا من أرضية واحدة.
ومن الثابت أننا حين نتكلم عن التربية، فإننا نتكلمُ عن علم قائم بذاته يستمد جذورهُ وقوَّتهُ من عدة علوم أخرى، والشيءُ نفسُهُ بالنسبة لعلم الاتصال، وإن كان هذا الأخير، ما يزالُ محلَّ نقاش وجدل حول أسسه المصدرية ومجالاته.

من العبارات والموضوعات ما تستدعي مثيلاتها كما يقع في تداعي المعاني، حدث لي ما يشبه هذا عندما سمعت بعض الزملاء المدرسين في قاعة من قاعات مؤسسة تعليمية تربوية، حينما كانوا يتحدثون عن "القلق التربوي" كتجربة وجودية لدى المدرسين والشعور بالذات لديهم، ضمن بعض الهموم والانشغالات أثناء مزاولة مهامهم وأدوارهم التعليمية والتربوية سواء تعلق ببعض الممارسات السلوكية أو القيمية أو التواصلية اليوم، أو في بعض الاختيارات الديداكتيكية أو بعض الضغىوطات الاجتماعية ضمن مناخ عالمي متسارع ومتحول، أصبحت فيه المدرسة التقليدية عاجزة عن التجاوب الفعال مع متطلبات الحراك الاقتصادي والمعرفي والثقافي والاجتماعي. وضمن مناخ كذلك وطني تغذيه متغيرات الوضعية التربوية الراهنة، والتي تعيشها منظومة التربية والتكوين، ويشكل فيه رهان تجديد المدرسة المغربية وسبل تأهيلها للنهوض بوظائفها كاملة تجاه ذاتها، وتجاه الدولة والمجتمع عنوانها الأبرز، مع التحدي والرهان الكبير والمتمثل في بناء الإنسان، الإنسان الذي ينبض بالخير والعطاء والحب والجمال، والرقي بالذوق، وبالإحساس وصفاء الفكر، وصلاح الفعل وبالتعايش وبياض الفعال والتسامح....بعيدا عن الصراع وباقي السلبيات ولا سيما العنف...

ذاع صيت المؤرخ الشهير بجامعة السوربون "إرنست لافيس" وهو يعلن أن" معرفة التاريخ تنير حب الأوطان"، وإذا كان بالفعل تدريس التاريخ مفيدا ،وبقوة، في المعرفة بالماضي وبناء الذاكرة الجماعية، فإن الحياد السياسي للتاريخ المدرسي مجرد أحجية fable(Vincent Capdepuy).
بتزامن مع تصاعد النزعات القومية، وفي سياق بناء الدولة الوطنية، شكلت الكتب المدرسية قنوات فكرية للمرور الهادئ نحو أذهان الصغار والمتعلمين في المدارس والثانويات، وقد شارك المؤرخون عبر إنتاجاتهم في نقل الوقائع إلى قلب الفصول لتشيد الإرادة الجماعية للأمة، ولكن في كثير من الأحيان ب"موضوعية" مُرادها تبرير الحدث لا تفسيره ، بغير قليل من الانتقاء في الوقائع والمنعطفات الكبرى، ويصير إقناع المتعلمين بالضرورة الحضارية للاستعمار ملازما لمهمة "تهذيب" الشعوب الأصلية و"تمدينها".
إضاءة خاطفة في الموضوع نعرضها في ترجمة متواضعة لنص حول الكتب المدسية والتاريخ مقتطف من كتاب "المدارس التاريخية" وهو من تأليف كل منG.Bourdé وH.Martin .

مقدمة:
عندما لا يكون التعليم مستقلا ذاتيا، له مركزية الإدارة والتدبير والتفكير، كفيلا بإدارة أزماته وحل معضلاته، وتقييم ذاته؛ يعود إليه - هو وحده - دون غيره حرية القرار وصلاحية الاختيار اعتمادا على مُقدراته البشرية والمادية لا تقوم له قائمة، ولا يستقيم له نهج !، بل يصبح - كما هو حاليا في بلدنا - رهين اللوبيات السياسية والاقتصادية والدينية والصراعات الإيديولوجية؛ تركب أزماته أو تفتعل عينات منها أنى كانت إشراقة انتخابية تعنو قريبا، أو نُشرت معطيات تحدد لنا موقعا متدنيا بين الدول، أو لما تنتشر بين الخاصة والعامة تقاريرُ نابعة عن تقييمات في الغالب  انطباعيّة، فرديّة لا سندَ دراسيا علميا دقيقا لها؛ تنتقص من مردوديته، ونجاعته.

لمحة تاريخية سريعة، والبحث عن تعليم ملائم :

منذ قرابة 60 سنة ونحن نجتر عبَارة : (إصلاح التعليم) في حين لم يكن لنا البتة تعليمٌ مغربي متكامل  قد تداعى لنرممه ! وإنما ورثنا عن مُستعمِرنا واحدا حَقنّاه بمقرر في اللغة العربية   مُستورَدا هو الآخر من الشرق العربي وحمولتَه الديداكتكية، لا غير..إلى أن تحصّل لدينا واحد باجتهادات السيد بوكماخ يغطي أقسام الابتدائي (مقرر القراءة) رفقة مغامرين آخرين في الميدان  وقد نجحنا إلى حد ما بدليل أن النخب السياسية والمثقفة والمفكرة والمسيرة للشؤون البلاد الاقتصادية والمالية  حاليا هي حاصل تحصيله، وما اكتفينا، بل حسنّاه، فعربنا كلا من التاريخ والجغرافية والفلسفة إلا المواد العلمية، غير أنه في  أواسط السبعينات بدأ التأفف من مردوديته و نجاعة مناهجه  ولمّا يفكرْ أحدٌ من التربويين ليُشيع أن عشر سنوات ونيف غير كافية لتحديد فشل أو نجاح تجربة تعليمية ما،  ولم يستشعر آخر بأن حالات التسرب والانقطاع الدراسي كانت بسبب الفقر المدقع المتفشي بين الأسر، إذِ انكفأ قدرٌ وافرٌ من الطلبة على الدراسة  طلبا للعمل في الوظائف والخدمات الدنيا التي كانت البلد تفتقر إلى من يقوم بها؛ والأغرب لم يأخذ أحدٌ – عند أواخر سبعينية القرن الماضي - كمقياس نجاح: فوران الشُعبِ العلمية، خاصة العلوم التجريبة بالطلبة حتى صارت تسمى  بالشعبة الشعبية. وذي هنّة لم يفطن لها المفكر المغربي المرحوم الدكتور عابد الجابري (رحمه الله) وهو يلقي أضواءه على مشكل التعليم في المغرب .

إشكالية الدراسة وإطارها التصوري:

تندرج وثيقة البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بسلك التعليم الابتدائي في إطار استكمال الجهود  الهادفة إلى التجديد والتطوير المستمرين، بما يمكن من توجيه الممارسات التربوية بهذا السلك نحو تحقيق أهداف النظام التربوي وضمان الانسجام والتفاعل بين مكونات المنهاج، وكذا الإسهام في تيسير الأداء المهني لمختلف الفاعلين وتطوير كفايتهم وتعزيزها، ومن خلال هذه الأهداف الأساسية للمنهاج، تصبح الإشكالية المطروحة هنا، هي إلى أي مدى أستطاع المنهاج أن يوصي بمبادئ وطرائق الديداكتيك العامة؟ وهل هناك طريقة معينة يوصي بها المنهاج للتدريس؟ أم هناك طريقة يوصي بها لتدريس جميع اللغات؟ وهل للغة العربية طريقة خاصة، أم هناك ما هو مشترك وما هو مختلف؟ وكيف هو التقييم الذي أوصى به المنهاج، هل هو عام يوصي به لجميع اللغات أم هو خاص بالنسبة للغة العربية؟ ثم إلى أي مدى تم الاهتمام بالكفايات في المنهاج؟

- مــدخــل:
    الفعل التعليمي – التربوي الخلاّق، بمعناه ضمن معظم التيارات و المدارس التربوية المعاصرة، هو ذلك الذي يضمن نمو المتعلمين،نموا على مستوى مختلف أبعاد شخصيتهم: النفسية و الجسدية و الاجتماعية و الأخلاقية و المهارية و العقلية...و يشترك كل المدرسين في هذا الرهان، رغم اختلاف موادهم التعليمية، ما دام المحوري في تلك الأبعاد و الضامن لنموها و ازدهارها، و الذي هو النمو العقلي، أو نمو البنيات المعرفية، يخصّهم كلهم، إذ حين يحدد أحد أبرز علماء النفس التربويين المعاصرين مثلJohn Biggs  مهمة المدرس الملهم في مساعدة المتعلمين في التخلص من البنية المعرفية المختلةunstructured) ) و الأحادية (unistructral)، باتجاه المتعددة العناصر(multistructural)، ثم العلائقية (relational)، فالميّالة أو الممتدة نحو التجريد(extended to abstraction)(1)،فإنه لا يجعل هذه المهمة الرفيعة تخص مدرس مادة دون غيرها، بل يجدها روح رسالة كل مدرس و محور كل أنشطته التعليمية، و بها تقاس فعاليتها، و أهليته لهذه الرسالة.

تقديم:
عرف المشهد التربوي مجموعة من التحولات على عدة أوجه ، سواء على مستوى منظوماته المرجعية أو على مستوى الغايات أو على مستوى المفهوم في حد ذاته، فقد أصبح سؤالا حيويا شغله الشاغل هو تطوير الممارسة التربوية وتجويدها.ومن هنا أصبح الاهتمام بالنوعية وتحسين المردودية التربوية من صميم اهتمام العديد من الباحثين، فقد تأثر قطاع التربية كمثيله من القطاعات الأخرى بمفاهيم جديدة مسايرة للعصرنة، مع التركيز على الفعالية والجوانب العلمية و الموضوعية.و بدأ الاهتمام يروم  الإجابة على مجموعة من الأسئلة من قبيل: كيف نكون متعلمين فعالين ؟ وكيف نطبق أحسن الطرق و الوسائل من أجل هذا المتعلم الفعال ؟ و كيف نحقق الغايات و الأهداف المتوخاة ؟[1].وقد حاولت في هذا المقال تقديم نظرة بانورامية لأهم النظريات والحركات والأفكار التربوية وسماتها في مختلف العصور وأثرها على الحقل التربوي والممارسة التعليمية المعاصرة.

متداخلة هي ما يلاحق المدرسة المغربية من أسئلة تخص وقعها الوظيفي وقدرتها وحمولتها، وأمام تباين مؤشر أزمة الشأن نجد إشكال التكوين والتكوين المستمر كحلقة أساس في المنظومة التربوية، وفي حديث الباحث والفاعل والمهتم حول ما هو مهننة وتجويد وكفاية أطر. وقد يكون التكوين والتكوين المستمر مدخلين أساسيين لأي إصلاح بات بحديث عن إصلاحِ إصلاحْ، وأن كفايات المهننة هي من سبل تمكين الفاعلين من تنزيل أي اصلاح مؤثر وقادر على بلوغ المنشود من النتائج. الرهان الذي يتأسس ويتمحور حول ما هو موارد محركة للفعل التربوي لن يتحقق دون إطار تكوين وتكوين مستمر، بعيداً عما هو إعادة إنتاج وبأفق أكثر مِهَنية من خلال كفايات أساس ووضعيات مهنية للتجريب والإعداد والاكتساب.

 «la géographie peut servir à faire la guerre et donc à produire la justice ‘’spatiale ‘’ »
Bernard Bret, 03/2015, Géocarrefour Volume 90, La Nature en question. Varia . compte rendu d'ouvrages Théry H., 2014, Le Brésil, pays émergé, Paris, A. Colin, coll. Perspectives géopolitiques, 300
 p.

المحور الثالث : مفهوم "العدالة المجالية" ونشأة الجغرافية القيمية

    الملاحظ أن التقارب بين القيم الفلسفية (العدالة) والأبحاث الجغرافية، قديم قدم الدراسات الجغرافية (المدينة الفاضلة)، لكن استثمار القيم الفلسفية بمنظور التأصيل الجغرافي تعتبر مسالة جد حديثة ترجع خلفياتها غلى ما بعد الحرب العالمية الثانية،  والهدف منها ليس مناولة الموضوع الجغرافي بمنظور فلسفي صرف، ولكن بمنظور جيو مجالي يعمل على استدماج القيم الفلسفية ضمن التنظيم المجالي، في أفق عقلنة تشخيص وتفسير الأبعاد القيمية المجالية (قيمة العدالة). انطلاقا من هذا الجانب فإنه من المسلمات البديهية على مستوى تنظيم المجال (من المجال المحلي، إلى المجال العالمي)، أنه لا وجود لتنظيم سوسيو مجالي عادل/منصف. وبذلك فالعدالة المجالية تشكل حلما أو يوتوبيا بالنسبة للإنسان (مواطن – باحث – مسؤول عن الإعداد والتخطيط – فاعل جمعوي...). كما يجب علينا الاحتراس أثناء مناولة هذا المفهوم وعدم خلطه بالمفاهيم القريبة منه والمتداخلة معه وهي مفاهيم الاختلافات/التباينات المجالية (les différenciations spatiales)، والتفاوتات المجالية (les inégalités spatiales)، واللاعدالة المجالية/اللاعدالة الترابية (l’injustice territoriale)، والعدالة الاجتماعية، فالاختلافات أو التباينات المجالية تمثل حقيقة واقعية، وأن التفاوت في تنظيم المجال هو المحرك الأساس/المظهر لعملية اللاعدالة المجالية، ومن جانب آخر تعد العدالة الاجتماعية مدخلا أساسيا لإحقاق العدالة المجالية والعكس صحيح، معنى هذا أننا أمام قضية تحمل وجهين لعملة واحدة...   

*تقديم
    يشكل المدخل القيمي أحد المداخل الرئيسة المهيكلة للمنهاج الدراسي الحالي لمادتي التاريخ والجغرافيا بالتعليم الثانوي التأهيلي، بجانب المدخلين الآخرين الذين بني عليهما تجديد منهاج المادتين، وهما المدخلين البيداغوجي والتربية على الاختيار. ويمثل هذا المدخل القيمي في نفس الوقت إضافة نوعية للارتقاء بتدريسية المادتين في أفق مقاربة معايير التغطية الشمولية والتمثيلية الخاصة بمنظومة الكفايات، بالتقاطع المتكامل مع المكونات المميزة لشخصية المتعلم (معرفيا/مهاريا/قيميا)، وباستهداف معايير الجودة والتجديد والتحيين في المنتوج المقدم للناشئة المتعلمة. لكن المنظومة القيمية بحمولتها المتعددة الأبعاد المرتبطة بترسيخ قيم الهوية والمواطنة والانفتاح على المنجزات الحضارية العالمية وتقدير ميراثها، والتشبع بالحقوق والحريات وتحمل مسؤولية الواجبات، تبدو واضحة المعالم ضمن دروس مادة التاريخ، إلا أنها تأخذ أنساقا وأشكالا ومظاهر خاصة ضمن منهاج مادة الجغرافيا، بحكم الدينامية المجالية الزمانية التي تطبع تنظيم وتعديل الظواهر الجغرافية، والترابط النسقي للمكونات الإبستمولوجية والبيداغوجية والديداكتيكية المهيكلة لأسس المادة مع الأبعاد المنتظرة من قيم التربية المجالية (المرجعية الديداكتيكية للجغرافية المدرسية – مدخل المقربة بالكفايات)، وانفتاح آفاق الدراسات الجغرافية على إنتاجات العلوم الإنسانية الأخرى (الفلسفة – السوسيولوجيا – المنظومة القانونية...)، وهو ما يطرح إشكالية توظيف/ادماج جملة من المفاهيم القيمية الجديدة ضمن حقل الدراسات الجغرافية ذات المضامين المجالية كالعدالة المجالية، والعدالة الترابية، والعدالة المناخية، والعدالة البيئية... من خلال العمل على ضبط محتوياتها الدلالية، والأطر النظرية والمقارباتية التي أنتجتها، وسياقات استثمارها، وكيفية تدريسيتها ضمن دروس مادة الجغرافيا، وانتقاء الآليات الكفيلة بتدبيرها، وكيفية اكتسابها من طرف الناشئة المتعلمة والتشبع بمضمونها القيمي المجالي...