توطئة :
إن عبارة المسرح المدرسي تتركب من كلمتين هما : المسرح و المدرسة . فعندما نذكر المسرح تتبادر إلى الذهن الفرحة و المتعة و الفرجة و الترفيه و الترويح عن النفس .. إنه من الفنون الجميلة الممتعة التي بدأت مع حياة الإنسان المبكرة ، و هو مدرسة من مدارس الحياة و حركتها و ديمومتها ، بل هو صورة من صورها . أما المدرسة فهي هيئة اجتماعية رسمية ، تتولى وظيفة تنشئة الأبناء و البنات ، و تعمل على رفع قُدراتهم و مهاراتهم في شتى المجالات ، بما يتيح لهم فرص الاندماج في المجتمع ، فهي تقوم إلى جانب الأسرة و مؤسسات أخرى بوظيفة التنشئة الاجتماعية للفرد ، و زرع القيم لديه ، كما أنها المكان التربوي الذي يهتم بتربية الطفل تربيةً سليمةً من الناحية الحس ـ حركية و العقلية ، و المعرفية و العاطفية ، في إطارٍ من البرامج و المناهج المحددة سلفا ، بهدفِ تكوين شخصيته لتكون متزنة و متوازنة ، و بغايةِ أن تجعل منه المواطن الصالح .
و سنحاول في هذا العرض المقتضب تسليط الضوء على المسرح المدرسي كرافعة أساسية لدعم الفعل التعليمي التعلمي بالمدرسة الابتدائية ، و ذلك من خلال تناول المحاور الآتية :
ـ مقدمة .
ـ تعريف المسرح المدرسي .
ـ أهمية المسرح المدرسي .
ـ أنواع المسرح المدرسي .
ـ أهداف المسرح المدرسي بالمرحلة الابتدائية .
ـ إعداد نص مسرحي .
ـ العمليات المعتمدة لإعداد نص مسرحي .
ـ خاتمة .

إذا كان بناء المنهاج الحالي لمادة الجغرافيا بالمرحلة التأهيلية من التعليم الثانوي، قد ارتكز على خلفية المرجعية الديداكتيكية المؤطرة له وفق التصور الابستيمي الأكاديمي (مجالات الجغرافيا – المفاهيم المهيكلة للخطاب الجغرافي – النهج الجغرافي – الوسائل التعبيرية – الإنتاجات). إلا أن بعض المفاهيم المركزية التي تم تداولها ضمن ثنايا وثيقة التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس التاريخ والجغرافيا بسلك التعليم الثانوي التأهيلي[1]، ومنها "منهج التفكير المجالي"، ظلت بدون تحديد سياقي وتأطير مفاهيمي، وتوضيح دلالي عميق...
  يقدم المقال التالي توضيحا نسبيا لثلاثة مفاهيم مركزية/مفاتيح ضمن الحقل الابستمولوجي والديداكتيكي للجغرافية المدرسية وهي مفاهيم أساسية ومترابطة تنطلق من مفهوم إدراك المجال، إلى مفهوم الاستدلال الجغرافي، وأخيرا منهج التفكير المجالي. المقال هو أصلا ترجمة للفصل السادس من كتاب  "أسس البحث في ديداكتيك الجغرافيا" لصاحبة "كريسيان دوديل"[2].
تشكل الجغرافيا المدرسية، موضوعا للمعالجة الديداكتيكية الخاصة، انطلاقا من دراسة إدراك المجال، الاستدلال الجغرافي، ومنهج التفكير المجالي. إن استثمار هذه المواضيع الثلاث هو ضروري لكونه يتضمن الخصائص الأساسية للإشكاليات الجغرافية.

"إذا كانت الأزمة في التربية هي أزمة في الحضارة بأسرها ، فإن التربية في حد ذاتها تتحمل مسؤولية هذه الأزمة بصورة كبيرة ،وإن الحل يمكن أن يكون  متأتيا منها بقسط كبير"
يحتل التعليم مكانة أساسية في الحياة الإنسانية وتقوم المؤسسات التربوية بإعداد كائنات بشرية حرة بغية القيام بأعمال صالحة في المجتمع وحسن استثمار المحيط وتنظيم العلاقات بين الناس وفق ملكة العقل.
من الجلي أن التربية هي واحدة من الرهانات الكبرى في الحياة الإنسانية ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وأن العلاقات بين التعليم والتحضر وبين التمدرس والتمدن وبين طلب العلم وتطوير المجتمع لا يمكن إنكارها.
والآية على ذلك أن التربية المنشودة تسمح للمرء الذي لا يزال يافعا بالنماء والاندماج في المجتمع والتأقلم مع الواقع وأن يصير كهلا مسئولا ضمن نسق ثقافي معين ووسط منظومة قانونية تحكمها دولة مؤسسات.
علاوة على ذلك تكمل المدرسة المجهود الذي تقوم به الأسرة في تربية الأطفال وترافقتهم بلا كلل أو ملل لتخطي مرحلة المراهقة وبلوغ الرشد والحصول من المجتمع على المعارف ومقدرات إنتاجية تقوم ببثها.

قد يبدو للوهلة الأولى ومن خلال إخضاع القارئ العنوان لفعل التأويل، أن نية الكاتب تذهب إلى افتعال مفاضلة ما بين الطرفين: المدرس والمتعلم. لكن من زاوية نقدية، فالمعنى المراد إيصاله يُفهم على نحو معكوس تماما أو على الأقل يرنو إلى مسك العصى من الوسط كما يقول المثل المتداول، دون التحيّز إلى أي طرف. فالحياة المعاصرة -وهو ما ينبغي الانتباه له-تُعلن انقلابا جذريا فكاكا لمجموعة من الارتباطات المحنوطة بثوب القداسة، منها: موت الكاتب وحياة النص، موت الأب وحياة الابن، موت الناقد وحياة المعلّق الافتراضي {...} إلى غير ذلك. وعليه فدلالة العنوان تُبطن تحريضا للوعي لكي يتخلّص من ركام معارفه السابقة ويجيد التنقل بسلاسة بين مجموعة الثنائيات التي أذابها واقعنا الحالي، منها: الأخذ والعطاء، التلقي والفاعلية، السلطة والسلطة المضادة، النموذج والقالب، المؤثر والمتأثر، العارف والمريد، الممثل والمشاهد، العنف الرمزي والعنف المادي {...} الخ، كلها متقابلات تصدق مفاعيلها على العلاقة المحقونة اليوم بين المعلم والمتعلم والتي لا يمكن الاكتفاء بعدّ العنف المدرسي الإفراز الوحيد لها.  مادامت الإشكالات التي تطرحها العلاقة التربوية في الحياة المدرسية جد معقدة ومستعصية.

يلاحظ المدرس أحيانا بين أفراد جماعة الفصل الدراسي وجود فئة مهملة ومعرضة عن بناء التعلمات والمشاركة، فيها فيصدر عليها أحكاما قيمية نهائية، وقد يتشكل لديه تمثل سلبي عن مثل هؤلاء الافراد طيلة حياته المهنية، وقد يعمد إلى إقصاء هؤلاء الأفراد او الدخول معهم في مشاحنات تزيد الأمر تعقيدا.
في الواقع مثل هذه الحالات تحتاج إلى تفهم ومعاملة خاصة مهما كان مستوى خروجها عن تعاقدات الجماعة وتأثيرها على اتجاهاتها. قد يحتاج الأمر إلى بحث نفسي واجتماعي يمكن أن يميط اللثام عن ما هو مخفي بما قد يغير نظرة المدرس تماما. العزوف والإعراض العمدي أحيانا والإمعان في ذلك والحرص على إظهاره للمدرس ولجماعة القسم قد تقف خلفه عوامل ذاتية نفسية أو اجتماعية مرتبطة بالمحيط العائلي أو نتيجة هيمنة تمثلات على ذهنية المتعلم، تمثلات سلبية قد تكون خاطئة وقد تكون مبررة ومعقولة. فقبل أن يلج المتعلم حجرة الدرس يجد نفسه محاصرا بجميع هذه العوامل المعرقلة: نظرة متشائمة للمستقبل، مواقف سياسية واجتماعية غير مؤطرة، تمثل سلبي عن المدرسة كفضاء مغلق رسمي وقانوني، عن الإدارة، عن المدرس، عن الجماعة الفصلية، عن المادة...الخ
 فهذه اشتراطات قد تغيب عن المدرس، وقد يكون مدركا لها إلا أنه يعتبرها خارجة عن نطاق عمله. وهنا تتعقد مشكلة العزوف أكثر بحيث يمكن أن تعيق السير العادي للدراسة.

قلما تصفحت اليوم صحيفة أو موقعا إخباريا دون أن تقع عيناك على تجل مؤلم من تجليات الاحتدام اليومي بين المراهق و المدرس .احتدام مرده إلى سعي المراهق للكشف عن التقلبات الجسدية و النفسية و العقلية التي يتعرض لها كيانه، بينما يحرص المدرس على إعادته إلى رشده و سابق طفولته وانضباطه، حتى يضمن سيرا عاديا، أو إن شئت فسمه روتينيا، للدرس .
وتزداد تجليات الاحتدام سوءا كل يوم بفعل خيارات التمرد العديدة التي يوفرها الشارع و التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى سرى في الأذهان تمثل يقرن المراهقة بالتمرد و الإساءة و العدوان. ولو عدنا إلى مصطلح المراهقة كما يجري تداوله اليوم لتبين لنا بوضوح أثر النظرة الغربية التي تصف تلك المرحلة بالاضطراب و السفه و الاستعداد القوي لركوب الشر. بينما تكشف الدراسات و الأبحاث التي عنيت بأثر البيئة الاجتماعية على المراهق أن تمثلاتنا حوله وليدة المدنية الحديثة، وما أفرزته من مظاهر بعثرة العادات و التقاليد (1) .

1.    تحديدات وظيفيية لمفاهيم المنهجية
-    المنهجية: هي الخطة أو الاستراتيجية أو الطريقة؛ ونقصد بها مجموعة من الخطوات والقواعد المنظمة والممنهجة، والتي نريد أن نصل من خلالها إلى غاية محددة. على هذا الأساس فالمنهجية عمل قصدي.
-    الكتابة: يوجد الخطاب الكتابي في تقابل مع الخطاب الشفوي، فإذا كان هذا الأخير يتميز بالعفوية والتلقائية وإعطائه الأهمية للمضمون على حساب الشكل. فإن الخطاب الكتابي عبارة عن خطاب منظم وكثيف يخضع لمجموعة من القواعد اللغوية والمنطقية.
-    الإنشاء 1: من المنشآت؛ أي المباني. والبناء عبارة عن عملية نحتاج في إنجازها لعنصرين أساسيين هما: التصميم؛ ويمثل الوجود النظري لشيء واقعي. ثم المواد الأولية المتمثلة مثلا في (الإسمنت، الرمل، الحديد...) في حالة بناء منزل. نفس الفهم يمكن تطبيقه على الإنشاء الفلسفي، فنحن نحتاج إلى منهجية وإلى مواد أولية (مفاهيم، أفكار، أمثلة، حجاج...).
-    النص الفلسفي: نقصد بالنص –أي نص- مجموعة من الكلمات والجمل التي توضح فكرة ما. في حين أن النص الفلسفي يكون حاملا لقضية فلسفية نعمل على معالجتها من داخل النسق الفلسفي وانطلاقا من شروطه.
-    السؤال الإشكالي المفتوح: عبارة عن قضية استفهامية تثير قضية تتضمن إحراجا فلسفيا، من هنا طابعه الإشكالي، لذا ينبغي الكشف عن الإشكالية وعن أبعادها وصياغتها في تساؤلات. أما كونه مفتوحا فلأنه غير مقيد بنص أو بقولة توجهه، كما أن الجواب عنه لا يقتضي استدعاء جواب محدد ومباشر، بل احتمالات وإمكانات مختلفة للإجابة.
-    القولة: يمكن تعريفها في علاقتها بالنص بأنها نص مكثف وقصير، لذلك تشترك في خصائص تعريف النص. وتختلف عنه من حيث أنها تتضمن جملة أو جملتين حاملة لقضية ذات طابع فلسفي.  
-    التحليل: نقصد بالتحليل من الناحية اللغوية عملية التفكيك والتجزيء إلى العناصر الأولية. وفلسفيا –من الناحية الإجرائية- هي مجموع الخطوات المنهجية التي نحلل عن طريقها أطروحة النص أو القولة أو السؤال بالاستناد على المفاهيم والأفكار والأمثلة والحجاج...
-    المناقشة: من الناحية اللغوية تعني الجدال والحوار، والذي يقتضي اتفاقنا الكلي أو الجزئي أو معارضتنا الكلية أو الجزئية لشخص أو فكرة ما. ومن الناحية الفلسفية تشير المناقشة إلى توضيح قيمة وحدود الأطروحة التي نقوم بتحليلها، مع الانفتاح على قضية أو قضايا فلسفية تساءل الحدود الكلية للموضوع الذي نقوم بمناقشته.

" لا تستهدف التربية إلا تشكيل الإنسان، سواء بواسطة مدرسة الأحاسيس، أي العائلة، أو بواسطة التدريس. وليس التعليم إلا هذا الجزء من التدريس الذي يستهدف تثقيف الإنسان بتكوين حكمه" [1]
ما يلفت الانتباه اليوم هو أن قطاع التربية في المجتمعات المعاصرة يتخبط في أزمة جوهرية لا تقتصر على ساحات المدارس وأقسام المعاهد ومخابر الجامعات وقاعات التدريس الأكاديمي ، وإنما تشمل المبيتات والأسر والمؤسسات الثقافية والحواضن الاجتماعية وتؤرق بال الدول والجمعيات الأهلية وتحير العقول الجادة. والحق أن هذه الأزمة لا يتعلق تاريخ اشتدادها باللحظة الراهنة فقط وإنما ضاربة في القدم وتعود إلى الزمن الذي استحوذ فيه السفسطائيون على حديقة العقل واستمروا في ترويج الظنون والآراء المبتسرة. بهذا المعنى تبدو الأزمة متصلة بتعثر البيداغوجيا وتكوين المربين وضعف النجاعة بالنسبة للمدرسة ولكنها في العمق ورطة هيكلية انجرت عن تعميم التعليم من الأطفال إلى شرائح عمرية متقدمة في السن وترتب عنها انحدار في المستوى وظهور أشكال جديدة من الأممية ناتجة عن غياب الأفكار الناظمة والرؤى التأليفية والنظريات الرابطة ، وفي المقابل الإغراق في التخصص والتشذر والانعزالية والانفصال. لقد أضرت هذه الأزمة بشكل ملفت للانتباه بالمنزلة التي ينبغي أن تحتلها التربية في الوضع البشري وقطعت العلاقة التلازمية بين المدرسة والمجتمع وقللت من دور التعليم في تنظيم الوجود اجتماعيا. كما أسقطت من حساب الدارسين أهمية طرح مشاكل التربية ضمن المشاكل السياسية وعرضها على النقاش العمومي للمواطنين والنظر إليها من زوايا متعددة مثل الطرح الاقتصادي والمنظومة الإيتيقية المأمولة [2]. من هذا المنطلق تم استدعاء جون لوك لجهوده التنويرية  وبرامجه التربوية من جهة نظرية المعرفة وتصوره لبرنامج بيداغوجي عساه يقدم حلولا تنويرية.
 

مقدمة
لا يمكن لك في أي نقاش مع أحد الأساتذة أو التلاميذ ألا تجد اهتماما بمسالة الكتابة الإنشائية في مادة الفلسفة. فكثيرا ما يقترح عليك أحد التلاميذ ورقة مكتوبا عليها ما يعتبره منهجية ويستفتيك فيما إذا كانت صالحة للعمل بها في الامتحان الوطني. والغالب أن هذه "المنهجية" تتضمن القليل من الروابط اللغوية والكثير من الفراغات التي يسهل عليه حفظها، بل وتوظيفها في كل المواضيع والإشكالات الفلسفية على طول المقرر وعرضه. وإذا كان الأمر بهذا الشكل؛ أي إذا كانت تلك المنهجية صالحة لكل شيء وبنفس النفس الببغاوي، فأين الفلسفة؟ وأين إبداع التلميذ؟
لو كان الأمر يتعلق بالتلميذ فقط لكان بالإمكان التماس العذر له لأن غايته براغماتية مرتبطة بالحصول على درجة في الامتحان بأقل جهد، لكن الأمر يتجاوزه نحو المدرسين كما نعاين ذلك في واقع الممارسة. والحال أن الكثير من هؤلاء هم حجة ذلك التلميذ صاحب المنهجية العجيبة الصالحة لكل زمان ومكان، بطريقة آلية وبدون حضور لأدنى قيم الإبداع أو إعمال للعقل. هكذا تجد هذه الطريقة "التخلصية" من التلميذ ومن "صداع الرأس" في إفهامه بأن الكتابة الفلسفة -ولو كانت إنشائية مدرسية- يلزم أن تكون كتابة إبداعية بالدرجة الأولى تؤكد تحقق الكفاية التواصلية أو جزء منها كما تشير إلى ذلك (التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة، 2007)، لكن الرغبة في التخلص من المتابعة اللازمة للتلاميذ[1] ولكتاباتهم تفرض اختيار الطريق السهل نحو صيغة أكثر آلية يحس التلميذ معها بأنه تحول إلى فيلسوف.

هل يمكن إنضاج البحث التربوي في صفوف المعلمين على نحو يضمن انخراطهم في حل المشاكل الصفية التي تعيق أداءهم،وتحد من الجودة المرتقبة ؟
قد يبدو السؤال متقدما في ظاهره إذا عاينا الإطار الذي يتم وفقه رسم الخطة التكوينية للمعلمين. ذلك الإطار الذي يحصر أدوارهم في إدارة الفصل،و تيسير التعلمات،واللجوء إلى البدائل المتاحة (طرائق، وسائل ...) للحد من أية تعثرات أو صعوبات تكسر "القالب "المعد بإتقان لمخرجات منسجمة مع الوضع الراهن.إلا أن عالم اليوم الموسوم بالتعقد و التشابك و الاعتماد المتبادل بات يستهدف النظم التعليمية في شتى أنحاء العالم،ويضغط باتجاه إحداث تصويبات جادة في الممارسة التعليمية،وتعديل المناهج و الاستراتيجيات،وحفز الذاتية الثقافية على الاندراج في المتغير العالمي طوعا أو كرها ! وهذا المعطى يفرض حتما توسيع أدوار المدرسين،وتنمية مهاراتهم البحثية في المجال التربوي والنفسي و المهني لتمكينهم من تجاوز الصعوبات التي تعترض ممارستهم الصفية،وتطوير المؤسسات التي ينتمون إليها.

تمهيد
إن واقعا بشريا يعيش تحديات ورهانات، في الآن نفسه، على جميع المستويات والأصعدة، معرفيا وقيميا وعلى مستوى مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية أيضا، بل وعلى مستوى مجالات الحياة كلها، لا يمكن أن نحسن تدبير شأنه والنهوض به إلا إذا سادت قيم  الحرية والحق والعدالة والديمقراطية على الصعيد السياسي الاجتماعي، ثم قيم الحوار والتسامح والمحبة على الصعيد الأخلاقي الفردي، وهو الأمر الذي يمكنه أن يساعد على تحقيق الخير الأسمى المتمثل في تنمية البلد وازدهاره. غير أن الإقتناع بوجود أزمة حقيقية تتخبط فيها المدرسة المغربية لهو سبب كاف لتدشين مسلسل من الإصلاحات  في المنظومة التربوية ككل، وهو ما جعل "البنك الدولي" يعطي تقريرا أسودا مخيبا للآمال، وبالتالي فإن الحديث عن الإصلاح هو بالأساس حديث عن رهان الاستجابة لحاجات المجتمع ومتطلباته، فعندما لا تكون المدرسة بمنتوجاتها المعرفية والقيمية والمهاراتية عند حسن ظن المجتمع  وانتظاراته، أي حينما تعجز المدرسة على تلبية أغراض المجتمع وأهداف أفراده، وعلى رأسها الترقي الاجتماعي، حينئذ تشتد الأزمة وتستفحل، وهو نفسه ما يلح عليه "الميثاق الوطني" في توجهاته على أن المدرسة تمثل محركا حقيقيا للتقدم الاجتماعي وعامل من عوامل التنمية البشرية، كما أنها مجالا حقيقيا لترسيخ مجموعة من القيم  من مواطنة وتسامح وسلوك مدني وقيم حقوق الانسان والحوار...لكن واقع الممارسة يثبت بالملموس عكس هذه التنظيرات ما يجعل العلاقة بين واقع المدرسة ورهانات المجتمع أو قل واقع المدرسة ورهانات التنظيرات الإصلاحية موضع تساؤل، فبأي معنى إذن نتحدث عن اللاتطابق بين المدرسة والمجتمع أو أزمة تنظير/تخطيط العلاقة بين المدرسة والمجتمع؟