anfasse30124في عالم متغير و شديد التعقيد كالذي نعيشه،تواجه الإدارة التربوية مواقف ومتطلبات تستدعي الاهتمام بالمجهود العلمي و النظريات المحددة لممارسة إدارية فعالة.كما تفرض إلمام الإداري بمهارات القيادة التربوية، وتنويع الأساليب القيادية تبعا للمواقف التي يواجهها.
تبني نظرية أو نمط إداري، واكتساب مهارات متجددة ركنان أساسيان للتصور الذي يعتمده الدكتور فتحي أبو ناصر في كتابه ( مدخل إلى الإدارة التربوية)* للتجاوب بشكل مستمر مع المتغيرات التي تؤثر على سير العمل داخل المؤسسة،وتملك أسلوب علمي يضبط المواقف الإدارية.
لا يقترح المؤلف نموذجا فعالا بقدر ما يوسع دائرة الاختيار يعرض نماذج لنظريات وأنماط الإدارة التربوية ومهارات القيادة.ذلك لأن الهاجس الذي يشغله في المقام الأول هو ترسيخ القناعة بجدوى النظرية كإطار مرجعي يوجه الممارسة الإدارة، ويفك الارتباط مع الصورة النمطية و الرديئة لجهاز خدماتي منساق خلف التعليمات الواجب اتباعها،بغض النظر عن ملاءمتها للإطار الاجتماعي الذي يعمل به.
يعرض المؤلف للسياق التاريخي الذي تبلور ضمنه الاهتمام بالنظرية في الإدارة التربوية،كما بسرد أهم المحطات التي شهدت ميلاد فكر جديد في هذا المجال،وفي مقدمتها :

anfasse22134الرهانات والإشكالات
مدخل
اليوم و قد تجاوزنا عتبات القرن الحادي والعشرين، مع ما شهده من تحولات على مختلف المستويات ،قد دخلنا كأمة و كحضارة معتركا جديدا في الحياة العامة تتطلب من الإنسان أفرادا و جماعات التسلح بمناعة قوية و امتلاك الوسائل والآليات التي تجعله قادرا على الصمود و الفعل والتفاعل مع محيطه القريب والبعيد ،والحق أنه لم يعد شيء بعيد، مع ما استجد في عالم الاتصال والتواصل. ومعلوم أن المدرسة بكل أسلاكها هي الوسيلة التي اصطنعها المجتمع لنقل الحضارة ونشر الثقافة وتوجيه الأبناء الوجهة الاجتماعية الصحيحة كي يكتسبوا من العادات الفكرية والعاطفية والاجتماعية ما يؤهلهم للاندماج الإيجابي في المجتمع وإذن فلنا أن نتساءل اليوم: هل منظومتنا التربوية قادرة على تخريج هذا المواطن وتكوينه بالمواصفات المطلوبة على المستويات الوطنية والقومية والكونية في شموليتها؟ هل حققت التجديدات التي عرفها النظام التربوي المغربي على المستويات البيداغوجية و الديداكتيكية غاياتها؟ ما هي مخرجات المدرسة؟ وهل تمكننا من تكوين المواطن المرغوب فيه؟
لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة سنحاول استقراء مجموعة من مدخلات و مخرجات العملية التربوية التعليمية و هنا سأقتصر في هذه الورقة /الوريقة على مكون هام من مكونات مادة اللغة العربية ألا وهو مكون المؤلفات .و سأبدأ من أهداف وخلفيات إقرار هذا المكون لننتهي إن شاء الله بعد محاولة تشخيص الإشكالات المطروحة و التحديات التي تواجهنا (المعلمين والمتعلمين) إلى اقتراح وصفة نراها شافية إن وجدت الدوافع و تكاملت الرغبات مع الطموحات الكبرى للمنظومة بحول الله مع قوته.

anfasse22133القراءة بين الغائية والأداتية:
لماذا؟ هو سؤال الغائية والدافعية الذي لطالما حيّر الإنسان ونال أكثر اهتمامه، وحُقّ له ذلك، إذ بالإجابة عنه تتفتح كل الأبواب، وتتبين كل السبل، وهو سؤال مرافق لجميع الشؤون والأشياء، فما من شيء إلا واستبطن سؤال(لماذا؟) فلماذا نقرأ؟
وما الغاية التي تقودنا إلى القراءة، وتقودنا القراءة إليها؟
ثمّة غايات عديدة وكثيرة في سلّم غايات القراءة، فهناك من يقرأ استعدادًا لامتحان ما، وهناك من يقرأ لتنمية مهارة ما، وهناك من يقرأ لتحصيل المال، وهناك من يقرأ للمعرفة عمومًا... إلى آخر هذه الغايات النسبية. يجب علينا القول أولًا بأن القراءة أداة كأية أداة تساعدنا على تحصّل المادة الخام، والجدير بالذكر هو أن المعرفة ليست هي تلك المادة الخام، فالمعرفة أداة لا تختلف في أدائها عن القراءة، إلا أنها أرفع منزلة في سلّم الغايات. إذن ما الغاية المثلى للقراءة؟ وهل من الممكن ضمّ هذه الغايات إلى غاية واحدة شاملة؟
اتفق كل من وقفت عليهم من الفلاسفة والمفكرين والأصدقاء على أن الغاية المثلى من القراءة هي العمل، إلا أن العمل بإطلاق اللفظ يحتمل القارئ وغير القارئ، ففضّلت الإضافة عليه بالقول: (العمل الحكيم). واتفقوا على أن جلّ القيمة من المعرفة، التي هي الغاية النسبية من القراءة، تكمن في آثارها العملية وفاعليتها على أرض الواقع. وفي هذا يقول برتراند رسل Bertrand Russell) 1872 - 1970)  في كتابه (أثر العلم في المجتمع) بأننا "معجبون بالعلم لأنه يعطينا قوة السيطرة على الطبيعة، ولكن جلّ القوة يكمن في التقنية." وفي ذات السياق-رغم خلاف المنهج بينهما- يقول ماركس (Karl Marx 1818-1883) في كتابه (أطروحات حول فيورباخ) بأن "معرفة ما إذا كان التفكير الإنساني له حقيقة واقعية ليست مطلقًا قضيّة نظرية، إنما هي قضية عملية. ففي النشاط العملي يجب على الإنسان أن يثبت الحقيقة، أي واقعيّة وقوة تفكيره وتواجد هذا التفكير في عالمنا هذا. والنقاش حول واقعيّة أو عدم واقعية التفكير المنعزل عن النشاط العملي ما هو إلا قضية كلامية بحتة." ويتساءل رسل فيقول: "ما الذي نريد معرفته عن الكهرباء، غير كيفية إفادتها لنا وعملها لأجلنا؟".  والفكرة التي تقول: أقرأ لذات القراءة، وأعرف لذات المعرفة هي فكرة عبثية تخيلية، لا تمت للواقع بصلة، إن حُملت على المعنى الحرفيّ لها.

PISA2015أفرجت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية  (OCDE) بتاريخ 06 دجنبر 2016 عن النتائج الأولية لمسابقة بيزا (PISA) 2015 (البرنامج الدولي لتقييم المتعلمين) ضمن تقرير مؤلف من 5 أجزاء :
*الجزء الأول : خصص لتناول قضايا التميز والإنصاف/المساواة في التربية.
*الجزء الثاني : والذي سيصدر قريبا يتناول مفاتيح نجاح السياسات والممارسات المعتمدة في المؤسسات المتميزة.
*بينما ستصدر الأجزاء الثلاثة المتبقية خلال سنة 2017 (الجزء الثالث : يصف المهارات والأنماط التعلمية لدى التلاميذ – الجزء الرابع : كفايات المتعلمين في الثقافة المالية – الجزء الخامس : الحلول التشاركية للمشاكل، تحليل قدرة التلاميذ على العمل الثنائي أو العمل في مجموعات من أجل حل مشكل ما).
فقد ساهم قرابة 540 ألف تلميذ في إنجاز ا اختبارات مسابقة بيزا (PISA) 2015 (من أصل 29 مليون تلميذ عند نفس الفئة العمرية في البلدان المشاركة في هذه المسابقة) تتحد عتبتهم العمرية عند 15 – 16 سنة والمتابعين لمسار دراستهم، ينتمون ل 72 بلد. منها 35 بلدا عضوا في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، و37 بلدا آخرا من شركاء هذه المنظمة، (وللأسف الشديد لم يشارك المغرب ضمن هذه المسابقة في الوقت الذي شاركت فيه 5 دول عربية وهي قطر ولبنان والأردن وتونس والجزائر)، وقد شملت محتويات مسابقة بيزا (PISA) 2015 اختبارات العلوم كمادة رئيسة ومركزية، وفهم النصوص الكتابية، والرياضيات، وحل المشكلات، وهي المسابقة التي تنظمها وتشرف عليها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ((OCDE. ومن التجديدات التي حملتها مسابقة 2015 هو التحول من الاختبارات الورقية إلى الاختبارات الرقمية (épreuves informatisées)...

anfasse22127عندما نتحدث عن تدريس الفلسفة بالمغرب وما يحيط به من مناخ ثقافي، وعن هوية مدرس الفلسفة فإننا بالضبط نتحدث عن هوية الفلسفة، يتماثل بالنسبة لي الموضوع بين هوية المدرس وهوية الفلسفة ، فعندما تصطدم الفلسفة  بالمؤسسة تتلون الهوية بألوان أخرى وتتخذ أشكال متعددة، خصوصا في لحظة انتقالها من الساحة العمومية مع محنة سقراط إلى تنميطها داخل المؤسسة مع أفلاطون. من الأغورا أو ما نسميه بالفضاء العمومي إلى جدران المؤسسة في تجربة الأكاديمية، وبعد أرسطو ستصبح الفلسفة مسألة بيداغوجية. وهذا ما ينتج عنه مفارقة المؤسسي مع الفضاء العمومي وما تتيحه من تنميط لا يسمح فيه بتحويل الفصل إلى أغورا، فتجعل مدرس الفلسفة كمروض يجب أن يروض نفسه والترويض هنا هو شحذ الذهن والجرأة على استخدام العقل بصورة حرة وشخصية حتى يتمكن من معرفة الكلمة وتعليمها. فليس من نافلة القول أن نذكر بأن من لم يكن قادرا على التفلسف لا يسمى معلم الفلسفة ولن يتمكن من تدريس الفلسفة بشكل لائق. بمعنى آخر لأن المدرس مرب، وليس المربي مجرد مدرس، بل لا يمكن لمدرس ما أن يكون مدرسا حقيقيا ما لم يكن مربيا، أي يغذي وينشئ أولئك الذين عهد إليه بهم.

anfasse22126"لا يمكن إصلاح ما لم يقع تقييمه"، فالتّقييم سابق لعمليّة كلّ إصلاح ،والأسبق من كليهما هو التكوين، فالمدرّس يكوّن ويقوّم ويُصلح...هي عمليّات بيداغوجيّة مترابطة ومتداخلة في نفس الوقت. ويظلّ التقويم بأنواعه المتعدّدة إجراءً يحتاجه المتعلّم والمدرسة والمنظومة بل والمدرّس. فالكلّ مَعْنِيٌّ به ومُستفيد منه...
ـ في الحَقل الدّلالي لفِعْل التّقييم:
بيداغوجيًّا نتحدّث عن ممارسة تقييميّة بمجرّد أن تتكوّن لدى المدرّس فكرة قد تكون عامّة أو دقيقة حول كفايات المتعلّمين أو تحصيلهم المعرفي. ففي الوضعيّة البيداغوجيّة يتعيّن أن تكون إجرائيات التقييم موضوعيّة وعلميّة بعيدة كلّ البعد عن الذاتيّة والحدْسيّة... لذلك يكون من المتأكّد أن يستند التقييم إلى أدوات تقنيّة ومعايير موضوعيّة مستقلّة – قدر الإمكان- عن ذات المقيّم ،وفي هذا السياق تظلّ الممارسة التقييميّة ذات وظيفة تعديليّة وعلاجيّة وتكوينيّة ،فالتقييم يبدو بَحثا عن مواضع التّمَفْصُل بين خصائص المتعلّمين المعنيين بالتقييم من ناحية وبين خصائص نظام التقييم المعتمَد من ناحية أخرى...ففي إطار التقييم التشخيصيّ يكون الاشتغال على ما يتوفّر لدى المتعلّمين من رصيد معرفيّ ومهاري يلائم الخطّة التقييميّة المحكومة بانتظارات أنساق التعلّم والتعليم...مثلما يَنصَبّ فِعْلُ التقييم في بُعْدِهِ الجزائيّ  والإشهاديّ على التحقّق من مدى تماثل خصائص المقوَّمين مع ضوابط التقييم خاصّة أثناء القبول أو الارتقاء أو الرّسوب أو الرّفت...أمّا ما يخصّ التقويم التّكوينيّ – مدار اشتغالنا- فإنّ التعديل المصاحب له يهدف بدرجة أولى إلى التحقّق من مدى مطابقة شروط التنظيم البيداغوجيّ لنظام التكوين لخصوصيّات المتعلّمين ولاحتياجاتهم الذّاتيّة... وبصورة أدقّ إنّ هدف التقييم التكوينيّ لا يتمثّل فقط في الوقوف على مطابقة تحصيل المتعلّمين لمقتضيات النظام التقييميّ، وإنّما التأكّد أيضا من أنّ ميكانيزمات النّظام التقييمي ذاته وكيفيّة انتظامه وتوظيفه تستجيب هي بدورها للفروقات بين المقوَّمين ولاختلاف كفاياتهم وتنوّعها.

anfasse22125إن الانتشار الكبير في المجال التربوي للسوسيو-بنائية كنظرية تدعو إلى تمكين الفرد من بناء معارفه ذاتيا والقطع مع الممارسات التربوية التقليدية القائمة على النقل والشحن المعرفي، إضافة إلى التطور الذي عرفه التفكير في التعليم وفي التَّعَلُّمْ، المتمركز حول المتعلمين. هذا التطور الذي طبعته علامات بارزة تتجلى في التركيز على الطرق النشيطة والنقاش حول أولوية التحفيز وحول علاقة المعرفة بالطريقة، والقائم على الربط بين أهداف المعرفة ومعرفة-الفعل، مع إعطاء الأولوية أحيانا لمعرفة الفعل. دفع إلى البحث عن نموذج بيداغوجي يعطي معنى للتعلمات، ويدخل المتعلمين في خطوات تمكنهم من بناء تعلماتهم الخاصة وتوفر لهم فرصة الاكتساب الجيد للمعارف والمهارات المتداولة.
في هذا السياق "أغرقت فكرة المشكل المدرسة والتكوين اليوم"1. لأن "رغبة تقديم المشكل بالمدرسة وتقديم المتعلمين في وضعيات تسمح لهم بتشغيل تفكيرهم وترسيخ وعيهم بكون تطورهم رهين بمواجهتهم للمشاكل. أصبحت طموحا عاديا للمدرسة وللمدرس، نظرا لإسهام الإرث التربوي في الاستئناس بالفكرة"2 ، خاصة في  ديداكتيك  العلوم والرياضيات
في محاولة للإحاطة بضبابية فكرة المشكلة سنقدم أهم ما أورده ميشيل فابرMichel Fabre   في مقال له حول حضور المفهوم في الفلسفة المعاصرة ناقش فيه أفكار أربعة من فلاسفة المشكل Bachelard, Dewey, Deleuze, Mayer  مستقصيا مراحل الظهور الابستمولوجي لبراديكم المشكل،  وانعكاساته على الحقل التربوي  والبيداغوجي.3

anfasse22124يسود الاعتقاد في تمثلات المتعلمين والمدرسين أيضا بأن مادة الاجتماعيات ترادف الملل والنفور أثناء تقديم تعلماتها، وأن هذا ما يفسر تبرّم المتعلمين وعدم اهتمامهم بالمشاركة في بناء تعلماتها. بيد أن تجربتنا المتواضعة ما فتئت تثبت بطلان هذه التمثلات والأحكام المسبقة، وهو ما سنعرض له في هذه المقالة القصيرة.
إن الخلل الملحوظ في تدريس المادة لا يكمن في طبيعة المادة نفسها، بقدر ما هو موجود في طرائق تدريسها في الأقسام. فعلى مدى عقود وقع تكريس طرق معينة في تدريس المادة من خلال أسلوب إلقائي جامد وفاتر ويفتقد إلى الحيوية. فكان من الطبيعي أن يتسرب الملل إلى المتعلم والمدرس على حد سواء، ويترسخ النفور والصد وعدم الاهتمام.
والواقع أن مادة الاجتماعيات تعد من أفضل المواد المدرّسة في مدارسنا، إن لم نقل الأفضل على الإطلاق لعدة اعتبارات منها أنها مادة جامعة تستوعب مجموعة من العلوم الاجتماعية. فرغم أنها تتألف من مكونين هما: التاريخ والجغرافيا، فإن تعلماتها ومحتواها المعرفي والمنهجي والمهاري يمتد ليتداخل مع علوم أخرى مثل علم الاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم الإحصاء...إلخ.

Anfasse02135تقديم المترجم:
يتناول الأستاذ" كين روبرسون" المتخصص في التربية والمستشار لدى العديد من المنظمات الحكومية ومدرس الفنون بجامعة (Warwick) عدة قضايا تربوية في هذا الحوار . ويركز بشكل خاص على مشكل بيداغوجي محوري تعاني منه المدرسة الفرنسية بشكل خاص. يتعلق الامر بعدم قدرة النظام التربوي والتعليمي على مواكبة التغيرات والتحديات اتي يطرحها المجتمع المعاصر. فإذا كان المجتمع التقني يوفر آليات متعددة للتعلم كآليات التعلم عن بعد، والتي تمكن الشباب من التعلم بسرعة مهما كانت المسافات التي تربط بينهم، فإن النظام التعليمي الفرنسي الى جانب أنظمة تعليمية أخرى لا زال مركزا على الشكلانية والصرامة في اتباع التقاليد، وهو الامر الذي يجعل الخريجين غير قادرين على التكيف مع متطلبات سوق الشغل. لذلك يدعو كين روبرسون الى إعادة النظر في النظام التربوي الفرنسي من اجل مواكبة المتغيرات الراهنة للمجتمع.

سؤال: تعتبر التربية المثالية هي تلك التربية التي تمكن الفرد من تحقيق ذاته، وان يجد طريق النجاح. لماذا في نظركم تفشل المدرسة في تحقيق هذه الغاية؟
روبرسون كين:  من النادر أن نجد شابا قد استطاع تحقيق ما كان يطمح اليه على مستوى الشهادة الجامعية التي حصل عليها أو المهنة التي يشتغل بها، أي أنه قد حقق ذاته فعلا. إن هذا الاختلاف والتعارض بين ما يطمح اليه الانسان وما يحققه فعلا على أرض الواقع، أو بين الرغبة والميول والانجاز على مستوى الواقع يعكس وجود النظام التعليمي في ازمة. ويمكن ارجاع ذلك الى عدة أسباب من أهمها ان الأنظمة التعليمية قائمة على  نظرة ضيقة ومحدودة حول مفهوم الذكاء، لذلك نجدها تنتج برامج محدودة ومناهج نمطية وتقويمات لا تأخذ بعين الاعتبار الا النتائج النهائية والمعبر عنها بنقطة عددية.

Anfasse02125المدرسة فضاء التنوع بامتياز، والمدرسة الجيدة هي في العمق شبيهة بالمدينة الجيدة، ذلك الفضاء الذي يمكن للأفراد المتنوعين أن يعيشوا فيه بصورة جماعية وإن بكيفيات مختلفة. مسألة تدبير الاختلاف تشكل هاجسا ملازما للمدرسة كإطار عرضة للاختراق من قبل النقاشات والسجالات التي يثيرها المجتمع، هذا الهاجس حاضر بقوة لدى جميع الفاعلين المنشغلين بقضايا المدرسة.
لقد خلصت الأبحاث السيكولوجية إلى وجود اختلافات فردية وبين فردية تسم المجتمع المدرسي، ودعت الى النظر إلى هذا الاختلاف كمعطى طبيعي وموضوعي، يتعين استحضاره عند تدبير فضاءات التعلم والتكوين وفق مسارات وخيارات بيداغوجية تجعل المعطى الآنف الذكر مصدرا للإثراء، ولا يكفي الاعتراف الإيجابي بالفرد دونما مساءلة المحيط الخارجي  وقدرته على بلورة الإمكان الفردي. وبخلاف النظر طبيعة الفصل الدراسي كفضاء لاحتواء الاختلاف ولتعلم الحياة والعيش بصورة مشتركة، فإن استمرار الاعتقاد بفرضية التجانس أو تجاهل اللاتجانس من قبل المدرسة سيبدد الجهود الرامية الى مجتمع مدرسي تتوزع في إطاره فرص التعلم والتحصيل بعدالة ما يضمن تحقيقا فعليا لمبدأ تكافؤ الفرص وللتربية على الديمقراطية ضمن دائرة الأهداف النبيلة للنظام المدرسي.
التفريق البيداغوجي

anfasse20120يعد المكون التقويمي بصفة عامة والإشهادي منه بصفة خاصة، أحد أهم وأصعب المكونات المؤثثة لبنية للمنهاج الدراسي ضمن المنظومة التربوية، محورية وصعوبة هذا المكون تجعل منه يحظى بهذه الهالة البيداغوجية ضمن مسار المنظومة التربوية، ويستنفذ جهدا بيداغوجيا وزمانيا معتبرا من الفرق التربوية المسؤولة على إعداده وتمريره وتصحيحه جهويا ووطنيا، ومن هنا فلا أحد يدعي بأنه يمتلك المفاتيح الأساس للإحاطة بهذا المكون التقويمي/الإشهادي (الامتحان الوطني) على مستوى التخطيط والبناء الإعدادي أو على مستوى تدبير عملية تصحيحه وتقويم نتائجه وأبعاده... إن هذه الوقفة التأملية البيداغوجية مع محتوى الامتحان الوطني في عنصر الموضوع الأساس بوضعيته الاختباريتين (وضعية الاشتغال بالوثائق / وضعية كتابة الموضوع المقالي)، ليس الهدف منها تبخيس وتقزيم مجهودات اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مواضيع الامتحان الوطني الموحد، أو التشكيك في مصداقية مجهوداتها، بل الهدف منها إثارة العديد من القضايا المرتبطة بهذا المكون التقويمي، ومنها أساسا الصعوبات المرتبطة بإعداد وبناء الوضعيات الاختبارية لهذا الامتحان الإشهادي، ومدى تناغمها شكلا ومضونا مع محاور الإطار المرجعي المحين لاختبارات الامتحان الوطني الموحد للباكالوريا -2014-، والمستويات الإدراكية لفئة المتعلمين المستهدفين، ومحاور المنهاج الدراسي الخاص بالمادتين...  في أفق بلورة تصورات بيداغوجية عقلانية من أجل تجويده إعدادا وتمريرا وتصحيحا...