anfasse18126لَجَأَ بنو البشرِ إلى التَّربيةِ منذُ عهدٍ قديم، بالضَّبط، منذ كانت له القدرة على التَّعلُّمِ من خلال ترابطِهِ داخل جماعاتٍ. فكانتِ الأسرةُ أوَّلَ تَجَمُّعٍ أُنيطَ به دورُ التربيةِ، وتنشئةِ الأطفال. ثم، ونظراً لما عرفهُ المجتمعُ البشريُّ من تَبَدُّلٍ، ظهرت المؤسسة المدرسية، لتعملَ هي الأخرى على تربيةِ وتعليمِ الطِّفل. لكن، فعلُ التربيةِ في التَّجَمُّعِ الأول، غيرُهُ في التَّجمعِ الثاني؛ فإذا كانت الأسرةُ تُربِّي الطِّفل بكيفيةٍ "عشوائية" أو ارتجالية، فإن المدرسة، بِعدِّها مؤسسةً مُختصة، تربي بكيفيةٍ قصدية، بحيث تضعُ أهدافاً، وغاياتٍ، تعملُ على تحقيقها وفقَ مسارٍ يتمُّ رسمُهُ سلفاً، مثلما تعتمد كذلك، طرقاً وأساليباً من أجلِ العمليةِ التّربوية. لقد ظهرتِ المؤسسةُ المدرسيَّةُ في إطارِ التَّحولِ الذي عرفهُ المجتمعُ الإنسانيُّ، حيث تَعَقَّدَ هذا المجتمع وَوَعُرَ فهمُهُ، فَاحْتِيجَ لحظتئذٍ إلى مؤسسةٍ تعملُ على إدماجِ الفردِ (=الطفل) في الحياةِ الاجتماعيةِ وجعلِهِ قادراً على الإنتاج. فماذا نعني بالمدرسة؟ ما الوظيفةُ التي تلعبها اليوم؟ وما علاقتُها بالمجتمعِ الخارجيِّ؟

anfasse27115يذهب الدارسون والباحثون في تشخيص علل منظومتنا التعليمية، ومواطن الخلل بها، مذاهب شتى، منهم من يرى أن الاضطراب آت من البرامج والمناهج، ومنهم من يحصر الداء في البنيات التحتية، والتجهيزات والوسائل، ومنهم من يركز على السياسيات التعليمية والمخططات الحكومية والمبادرات الإصلاحية، وهناك من يركز على البيداغوجيات المعتمدة، والمقاربات المنتهجة، وبعضهم يرجع معضلات مدارسنا وبرامجنا إلى الموارد البشرية التي يقال إنها غير مؤهلة ومدربة بما يكفي للاضطلاع بوظائفها على أحسن وجه، لاسيما وعدد لا يستهان به من أطرنا التربوية، إما تم تعيينه مباشرة بدون تكوين تأهيلي(الدفعات التي جرى تعيينها ابتداء من الموسم الدراسي 2007)، أو لم يستفد نهائيا من التكوين المستمر لاسيما في ديداكتيك مواد التخصص...لست ههنا في مقام تقييم العلل وتقويمها، وبيان الأصح منها، والأقرب للواقع الفعلي، والبعيد عن الحقيقة، لكنني أود في هذا السياق، الإدلاء بدلوي، في تشخيص أدواء منظومتنا التعليمة، والمساهمة في البحث عن الأسباب التي يمكن أن نرجح أثرها، وتأثيرها في تعليمنا وتعلم أبنائنا وبناتنا، وجميع المتمدرسين ببلادنا .

Anfasse12115ظهر مصطلح الذكاء الانفعالي لأول مرة في أوائل التسعينات على يد إثنين من علماء النفس هما بيتر سالوفي Peter Salovey من جامعة ييل وجون ماير John Mayer من جامعة نيوهاميشير في الولايات المتحدة، وذلك في بحثين نشراهما في العام 1990 و1993. غير أن انتشار هذا المصطلح على نطاق واسع لم يتم إلا عندما نشر المحرر العلمي لجريدة النيويورك تايمز، والمتخصص في علم النفس، المفكر دانييل غولمان D. Golman  كتابه الشهير ‹‹الذكاء الانفعالي : لماذا قد يكون أكثر أهمية من نسبة الذكاء›› (1995). وقد ترتب عن إشاعة هذا المفهوم أن اختير كأفضل عبارة جديدة في اللغة الأنجليزية في سنة 1995.
    وقد انطلقDaniel Goleman  من فرضيته حول الذكاء الانفعالي التي تقول: ‹‹ تحدد انفعالاتنا حدود أهليتنا على استعمال قدراتنا الذهنية الفطرية، وتبث في مصيرنا بالقدر الذي توسع أو تكبح هذه الانفعالات قدراتنا على التفكير والتخطيط والتعلم في أفق تحقيق هدف محتمل وحل مشكلة ... كما تقودنا انفعالاتنا إلى النجاح بالقدر الذي نكون محفزين بالحماسة والمتعة التي نحصل عليها مما نقوم به. وبهذا المعنى يعتبر الذكاء الانفعالي الكفاءة الرئيسية المؤثرة بعمق على باقي الكفاءات، وذلك بتنشيطها أو كبحها.›› (Goleman ; 1997 : 109 ). (1) (الترجمة لنا)

anfasse06114يتوخى تدريس النصوص الأدبية في مدرستنا تحقيق مجموعة من الأهداف المراد بلوغها من أجل الإرتقاء بالمستوى المعرفي والجمالي لدى المتعلم وكذلك إلى تنمية الحس النقدي لديه وتهذيب شعوره وجعله منفتحا على المنتجات الأدبية والفكرية القديمة والحديثة، وكذلك من أجل تكوين بعد ثقافي لديه٠ علما أن النصوص المقررة في الكتب المدرسية تختلف من ناحية عصورها وكذلك من حيث اتجاهاتها الأدبية والفنية، إلا أن طريقة تدريس هذه النصوص تختلف من جنس أدبي إلى ٱخر، إلا أن السؤال المطروح هنا،هو؛ هل يراعي فعلا ديداكتيك النصوص الخصوصيات الفنية والجمالية والإبداعية والثقافية التي ينتمي إليها النص ؟
حيث تذهب اتجاهات الفكر التربوي المعاصر إلى أن عملية فهم النصوص وتدريسها تعتمد بالأساس على التقاطع الموجود بين الثقافة الممثلة لأفق القارئ وبين النص على اعتبار أن النص ينتمي إلى عصر معين تتحكم فيه عوامل متعددة تؤثر على الكاتب بحيث لا يمكنه الخروج عن ثقافة عصره لهذا فالنص الأدبي يخلق نظامه الدلالي الخاص داخل النظام الدلالي العام للثقافة التي ينتمي إليها ، وبالتالي فإن إنتاج الدلالة يكون بالتفاعل بين النص والقارئ داخل سياق ثقافي معين٠

anfasse30103يشكل نظام التربية والتكوين قاطرة التنمية المستدامة، وقاطرة التغيير التي تقودنا نحو بناء المجتمع الذي نريد والإنسان الذي نريد والقيم التي نريد أن نمشي على خطاها جميعا. غير أن هذه القاطرة في بلدنا يبدو أنها تعرف كثيرا من الاختلالات والأعطاب. مما جعل الملك ينبه بذلك في خطاب 20غشت 2013 بقوله أن النظام التعليمي ‹‹أصبح في الوضع الحالي أكثر سوءا مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة››.
   ولمواجهة هذه الاختلالات قدم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رؤيته لإصلاح نظام التربية والتكوين في الفترة الممتدة بين 2015 و2030 ،  تحت شعار"من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء". وتتمثل هذه الرؤية في ‹‹بلورة عدة رافعات استراتيجية للتجديد، تتمثل في رهاناتها الكبرى في ترسيخ مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص، ومدرسة الجودة للجميع، ومدرسة الارتقاء الفردي والاجتماعي››. ما هي مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص؟
مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص

anfasse091012انتصرت كثير من الدراسات التي أجريت في إطار علم النفس المعرفي لفكرة وجود ارتباط وتلازم بين الدافعية والتعلم، باعتبار أن الدافعية تساهم في تحقيق الأهداف التربوية من أجل تحصيل واكتساب المهارات وتنمية الخبرات ومواصلة البحث والتكوين شأنها في ذلك شأن الذكاء والخبرة السابقة، هذه الدراسات أكدت وجود ارتباط بين قوة الدافع وارتفاع الأداء من جهة، وضعف الدافع وتدني المردودية من جهة ثانية. وبذلك تصير كل محاولة تعليم تنآى بنفسها عن فهم واضح ودقيق للحاجات والدوافع إلى الفشل، وقد تبين للباحثين أن حل المشكلات البيداغوجية المرتبطة بالعمل المدرسي بشكل سليم يفرض تحليل ظروف الحاجة أو الدافع، ولأن الدوافع في الغالب تكون خفية ما قد يترتب عنه إعطاء تفسيرات خاطئة لتصرفات ورود أفعال معينة فإن تعرف واكتشاف الحاجة التي تثير الدافع يبقى ضروريا.

1- التربية والحرية عند روسو:
يعتبر روسو واحدا من بين فلاسفة عصر الأنوار، وبكونه فيلسوفا، فقد انخرط في قضايا مجتمعه ، بحيث ساهم في نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية والتربوية التي كانت سائدة آنذاك ، وقدم مشروعه السياسي - التربوي بديلا لتلك الأوضاع ، لأن الغاية من مشروعه هذا هو تحقيق الحرية في النهاية وتخليص الإنسان من العبودية "حكمتنا في مجموعها مزاعم حقيرة، وكل مواضعاتنا من الخنوع أو الانحصار أو الضيق،  فالإنسان المتمدن يولد ويعيش ويموت في رق العبودية، حين يوثقونه بقماط، وحين يموت يسمرون عليه تابوتا، وما دام على وجه الدنيا فهو مكبل بشتى النظم"([1]) يرى روسو أن الطفل لا يجب أن تفرض عليه قيود منذ حداثته ، لكونه حين يولد يكون بحاجة إلى مد أطرافه وتحريكها ، كي يطرح عنه ما ركبه من الانقباض والتجمع الطويل في أحشاء أمه ، إذن علينا أن نَحُول بينه وبين الحركة داخل القماط ، وهكذا تكون الحرية حق طبيعي قبل أن تكون حق مدني للإنسان.

DERRIJEتقديم
تنتظم قراءتنا النقدية لهذا التقرير التحليلي ، حول خمسة عناوين رئيسة تركز على الجوانب المنهجية، على أن تتلوها لاحقا قراءات وملاحظات تشمل مضامينه و خلاصاته.
وللتذكير فقد أحدث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتاريخ 16 ماي 2014، تطبيقا لمقتضيات دستور2011، ليحل محل المجلس الأعلى للتعليم . و  من أدواره فضلا عن تقديم المشورة ،" تنوير ذوي القرار والفاعلين والرأي العام، بواسطة التقييمات الكمية والنوعية، المنتظمة والدقيقة لمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ".لذلك كان من الطبيعي أن ينجز هذا التقرير ألتقييمي والذي جعلناه محورا لهذه القراءة النقدية والتي نبغي منها ،المساهمة بدورنا و بموضوعية وتجرد ،في تنوير كل من يهمه الأمر بمن فيهم أعضاء الهيأة التي أشرفت على إعداده ،و المساهمة بالتالي في تطوير التعليم ببلادنا.
1-    مبررات التقرير و ربط المسؤولية بالمحاسبة
ينطلق هذا التقرير ،حسب معديه، من الوضعية التي آلت إليها منظومة التعليم ببلادنا ،ومما أبانت عنه العديد من الدراسات والتقارير الوطنية والدولية ،  من اختلالات متواترة ومتعددة الأوجه. حيث أصبحت المدرسة عرضة لانتقاد الفاعلين والمهتمين الذين يشتكون من عدم وفاء السياسات التربوية المتعاقبة بوعودها والتزاماتها. فأصبحت المدرسة المغربية والعمومية منها على وجه الخصوص، "مؤسسة في وضعية أزمة، تستهدفها الانتقادات من كل جانب وتعتبرها مصدر كل الأزمات الأخرى، مثل الأزمة الاقتصادية، لكونها لا تؤهل المتعلمين لسوق الشغل؛ والأزمة الثقافية، لكونها لم تعزز السلوك المدني وسط الأجيال الناشئة؛ والأزمة الاجتماعية، لأنها فشلت في مهمتها التربوية القاضية بتكوين مواطن مسئول".

mokhtar-cheaali    ساد الاعتقاد منذ بداية القرن الماضي أن الذكاء قدرة عامة أو عامل أحادي يتوقف عليه كل شيء في حياة الإنسان. غير أنه منذ الثمانينات تصدى جيل جديد من السيكولوجيين لهيمنة هذا المنظور التقليدي للذكاء، حيث عارض فكرة وجود شكل واحد متراص من الذكاء، وأسس لمنظور أوسع منفتح على عدة قدرات، مكن من تكوين فكرة أوسع عن إمكانيات النجاح في الحياة مقارنة مع الإمكانيات المحصورة التي كان يتحدث عنها الذكاء التقليدي QI.
   ويعتبر  عالم النفسHoward Garden  ، من جامعة هارفارد Harvard  بالولايات المتحدة الأمريكية، من أوائل هذا الجيل الذي تجاوز المنظور التقليدي للذكاء واقترح فكرة الذكاء المتعدد (1983). وتابع عالم النفس سالوفي Yale Peter Salovey من جامعة ييل بالولايات المتحدة، خطوات  Garden، حيث أسس لمنظور أوسع للذكاء يعترف بالدور الأساسي للمشاعر في التفكير وأهمية القيم النابعة من القلب في حياتنا، والغائبة عن المنظور المعرفي الصرف. وقد سمى هذه القدرات العاطفية بالذكاء الانفعالي أو العاطفي (1990) intelligence émotionnelle، وعرفه برفقة زملائه خاصة John Mayer ب‹‹القدرة على إدراك وتقدير والتعبير عن الانفعالات بشكل دقيق وتوافقي، فهو القدرة على فهم المشاعر وعلى الوصول أو إنتاج المشاعر التي تسهل الأنشطة المعرفية، وهو يتضمن كذلك القدرة على تنظيم هذه الانفعالات لدى الفرد والآخرين››

 CHEALI    سادت ظواهر مقلقة في المجتمع مثل العنف المتصاعد في المجتمع وداخل الأسرة وفي المدرسة، وساد الإحساس بالقلق وباللا أمن وانحراف في الأخلاق وتصاعد الاضطرابات النفسية. وتعتبر هذه الأعراض تعبيرا عن انحراف واضطراب سوسيو- عاطفي عام ترتب عن فقدان مراقبة انفعالاتنا. يفرض هذا الوضع الانتباه إلى الجوانب العاطفية والوجدانية خاصة في البحث السيكولوجي لتسليط الضوء على مكانة المشاعر والانفعالات في حياتنا وعلاقتها بتفكيرنا التي ظلت لسنوات طويلة خارج اهتمام البحث العلمي. فرغم أنه يتم الاعتراف بوجود الانفعالات émotions عبر تاريخ السيكولوجية غير أنها ظلت موضوعا خفيا وغامضا مما جعل منها، في جزء كبير منها على الأقل، غير مفسرة ومجهولة.
     ذلك أن في الخمسينات من القرن العشرين هيمن التيار السلوكي على السيكولوجية، حيث اعتبر السلوكيون أن مجال البحث العلمي ينحصر في السلوك القابل للملاحظة. وبذلك أبعدوا الحياة الداخلية (المشاعر والدوافع والانفعالات) من هذا الاهتمام. وفي الستينات من القرن الماضي اهتم رواد السيكولوجية المعرفية بما يقع داخل العقل أثناء ‹‹الإثارة والجواب›› ردا على التيار السلوكي الذي أهمل هذا الجانب. غير أنهم بدورهم اهتموا أكثر بالميكانيزم الذي يعالج به العقل المعلومة ويضعها في الذاكرة، وميكانيزم الإدراك والفهم والتذكر. غير أن نماذج معالجة المعلومة التي أخذ بها رواد هذا التيار لا تأخذ في الاعتبار أيضا المشاعر والانفعالات التي قد تؤثر بل تهيمن أحيانا على العقل مثل ما يقع لكثير من الأّذكياء حينما يصدر عنهم سلوك مشين ولا عقلاني في حالة الانفعال.

slider-programأولا: مفهـوم التقويـم وصيغـه
1.    التحديد اللغوي:
التقويم والتقييم مشتقان لغويا من الجذر العربي : ق - و- م، بمعنى عدَّل وصحح . ففي لسان العرب لابن منظور: قوم: أزال عوجه...يقال: قوم بمعنى عدل وصحح، قاس الشيء بمقياس معتدل متوسط... فالقياس يوجب الحكم على الشيء، والحكم يتضمن تقديرا لأهمية الشيء وفائدته([1]). فالكلمتان تحملان في ثناياهما معاني القياس والتصحيح والتعديل وإزالة الاعوجاج، بينما صيغة تقوَّم في المعجم الوسيط تعني: ...تقوم الشيء: تعدل واستوى وتبثث قيمته واستقام([2]). وهي بذلك تجمع بين معاني التقييم والتقويم.
ومن جهة أخرى، نجد كلمة تقويم تفيد في المعجم الأجنبي Le Robert:...تحديد وتقدير القيمة للظاهرة أو للشيء...([3]). كما تفيد الكلمة في المعجم الموسوعي لفيليب أوزو Philippe Auzou: حكم، قياس قيمة، كمية من تقدير...([4]).
من هنا، نلاحظ أن كلمتي تقويم وتقييم تميلان إلى التجانس بين التداول العربي والأجنبي٬ وتحيلان في الآن ذاته - انطلاقا من التحليل الدلالي الأولي - على معاني التثمين والتقدير والحساب والقياس.