" الفلسفة هي النظر في مواضيع ما تزال المعرفة الدقيقة بها غير ممكنة"
- راسل برتراند – الفلسفة وقضيا الحياة-
مازالت الفلسفة المعاصرة في طور التشكل والنشأة والظهور دون أن تصل إلى درجة واضحة من التكوين والتطور والاكتمال. ومازال تاريخها لم يكتب بعد وذلك لأن المؤرخ يشتغل على أشياء تمت وصارت في عداد الأموات، بينما يشتغل الفيلسوف على التجارب الحية ويخوض في مسألة ينابيع الحياة ومصادر الذكاء والمشاكل المعرفية ويحاول صياغة الأسئلة الأساسية للراهن.  لكن ما المقصود بالفلسفة المعاصرة؟ وأين تختلف عن الفلسفة الحديثة والوسيطة ؟ وهل تخلصت نهائيا من الميتافيزيقا؟ وماهي مناحيها النقدية؟
تبحث الفلسفة المعاصرة في مشكل الوجود بصورة عامة والوجود الإنساني بالخصوص وفق مقاربات فنومينولوجية وتكشف عن أزمة العقل عند بحثه عن ميتافيزيقا العلاقة وتتبنى رؤية مفتوحة عبر الوعي والقصدية والبيذاتية وتعمل على توفير الإمكانية الملموسة للدروب الفكرية المؤدية نحو الحياة الحقيقية.

حنة أرندت

ما فتئ الناظر في الأوضاع العالمية إلا ويرصد جملة من مظاهر العنف في الحياة الاجتماعية والسياسية، هذه الظاهر التي لازمت الحضور الإنساني طيلة سيرورته التاريخية، سواء تعلق الأمر بالحقل الديني أو الثقافي أو السياسي، هذا ما جعله محطة تفكير عميق، وفي تناول مجموعة من العلوم الاجتماعية والإنسانية. 
اختلفت المقاربات الفكرية والمعرفية في تحليل هذه الظاهر الأنتربولوجية في الإنسان، بين القبول والرفض، بين الطبيعي أو الثقافي، بين الموجه والغير موجه. راصدة تارة أسبابها المباشرة وغير المباشرة وتارة أخرى مظاهرها و تجلياتها.

حاولت المفكرة الألمانية حَنّة أَرندَت المتخصصة في الفلسفة السياسية من موقعها، أن تواجه هذه الظاهرة المتفشية من وجهة نظر خاصة بها، حيث عملت على تقديم جملة من الأسئلة الجريئة حول الموضوع وجعله تحت مجهر تحليلي ونقدي. إذ تم تناول هذه الأفكار في عمل فكري وسمته بـ "في العنف"[1]. تتساءل في بدايته عن هذه الدينامية العالمية حول العنف، حيت تقول : كيف يمكننا أن ننتزع أنفسنا من عبثية فكرة العنف المتجسدة في انتشار الرغبة في التسلح وتطور تقنيات وآليات العنف؟

يعتبر الإنسان أسمى الكائنات، كونه يتسم بملكة العقل والتفكير وهو الوحيد الذي يجسد تفكيره في ممارساته اليومية بطريقة واعية ومنظمة ، غير أن تطور التفكير البشري مر بعدة مراحل حيث إن كل مرحلة تحمل في أحشائها بذور فنائها الشيء الذي جعل الفكر البشري دائم التقدم والارتقاء باعتباره قائما على مبدأ هدم القديم وبناء الجديد، من هنا يمكن أن نطرح الإشكال التالي ما الذي يعني لنا أن نفكر بأنفسنا ؟هذا الإشكال تتفرع عنه جملة من الأسئلة من قبل  ما هو التفكير ؟ ما هي أنواعه ؟ وما هي أساليبه؟ ماهي موضوعات التفكير  ؟ هل يمكن الحديث عن عوائق التفكير في الذات ؟ كيف تمكن الفلاسفة من الانتصار للتفكير العقلاني ؟  .

  إن التفكير في أعم تعريفه يعني جملة من العمليات العقلية التي يقوم بها الكائن البشري لحل المعيقات و المشاكل  التي تعترض سبيله .يذهب لالاند في موسوعته الى تعريف التفكير " بنحو عادي أكثر يقال على كل الظواهر المعرفية (في مقابل المشاعر و المشيئات ) عندئذ يكون الفكر مرادفا للعقل وللعاقلة .[1]" كما يذهب جميل صليبا "أفكر في الأمر تفكيرا أي أعمل العقل فيه ، أو رتب بعض ما يعلم ليصل إلى المجهول . وفكر في المشكلة أعمل الراوية فيها ليصل إلى حلها . والتفكير عند معظم الفلاسفة عمل عقلي عام ، يشمل التصور ، والتذكر ،والتخيل والحكم والتأمل ، ويطلق على كل نشاط عقلي" .[2]

قبل الدخول في صميم الموضوع المختصر في العنوان أعلاه، يجدر بي أولا التعريف ببرتراند راسل.
هو فيلسوف وعالم منطق وشخصية عامة بريطانية، ولد عام 1872 ومات سنة 1970. درس الرياضيات والفلسفة في جامعة كيمبريدج وتخرج فيها العام 1894، ودرس فيها كما حاضر في عدد من الجامعات. عرف عنه إسهامه الكبير في تطوير المنطق الرياضي الحديث، وحاول مع الفيلسوف وايتهد أن يستكملا الأساس المنطقي للرياضات من خلال كتابهما المشترك “أسس الرياضيات” (Principia Mathematica).
فضلا عن ذلك، ألف راسل عددا كبيرا من الأعمال الفلسفية عن مشكلات العلم الطبيعي، وكان غزير الإنتاج فكتب في الأخلاق والسياسة والتربية وغيرها. وقد ترجم بعض من كتبه إلى لغة الضاد، منها “تاريخ الفلسفة الغربية” و”حكمة الغرب” الذي أعتمد عليه بالأساس في كتابة هذا المقال، بالإضافة إلى سيرته الذاتية و”مبادئ الرياضيات” وغيرها. نال جائزة نوبل للآداب في العام 1950. هذا، وقد اشتهر بمواقفه الداعية إلى السلام ونزع السلاح وتدمير الأسلحة النووية، لأجل ذلك سجن مرتين.

" نحن نعيش في عالم نائم علينا أن نوقظه بالحوار مع الآخرين. وما إيقاظ العالم سوى شجاعة الوجود في أن نوجد ونعمل ونبحث ونخترع ونبدع ونخلق"
غاستون باشلار، شاعرية أحلام اليقظة.
تطرح المعرفة العلمية الكثير من القضايا والانشغالات من جهة المناهج والمفاهيم والقيم التي تبشر بها وتنتج هذه الاشكاليات من خلال احتكاكها بأنماط المعرفة الأخرى سواء المنتشرة في المجتمع أو في  دوائر الثقافة والدين والسياسة وتتنزل ضمن إطار تاريخ الأفكار والتجارب الصناعية والأدوات التقنية. فماهي طبيعة العقلانية العلمية؟ وما الفرق بين التناول الابستيمولوجي والتناول الفلسفي للمعرفة الواقعية؟ وكيف وضع غاستون باشلار الخطوط العريضة للابستيمولوجيا؟ وما المقصود بالفلسفة الصامتة عند دسانتي؟ وأين يمكن تنزيلها ضمن النشاط العلمي؟ لماذا اشتغل غرانجي على صلة الواقعي الافتراضي؟

سعى المفكر عزمي بشارة في هذه الجزئية من كتابه: الدين و العلمانية في سياق تاريخي إلى بيان أن الدين ليس عبارة عن خزعبلات أو حكايات خرافية أو مجرد تصورات فلسفية خاطئة يحملها الفهم الشائع للبشر، كما أن ظاهرة الإلحاد و ما يجبلها من مقولات لا ترقى إلى أن تكون نظرية علمية قائمة بذاتها، كما ينفتح بشارة على المقاربات الفلسفية التي جاء بها الفيلسوف الألماني عيمانويل كانط، و التي تؤكد أن موضوع العقل مغايراً تماماً لموضوع الدين، بحكم أن المفاهيم الجوهرية أو بالأحرى النومين لا يدان للعقل البشري المجرد حذقه بوسائله و آلياته الفهمية فهو يوجد خارج الفاهمة البشرية التي لها قيومية معرفة الظواهر الفيزيقية المجردة التي تدرك بمنطوق العقل أما المفاهيم النومينية فهي من المفاهيم التي اضطرت العقل إلى القول بها، تلافياً لمشكلة النقائض ( تكافؤ الأدلة في البرهنة على الأشياء الماورائية الغيبية) وكذا تمهيده للتأسيس لفلسفة أخلاقية مبنية على أخلاق الواجب لذات الواجب[1].

ويبقى المضمون الحقاني الذي يسعى إليه العقل العلمي مرتهنا بالأمل ، من منطوق الأسئلة الكانطية الشهيرة : ماذا أستطيع أن أفكر؟ ( المرتبطة بالعقل المجرد) ، وماذا أستطيع أن أعمل؟ المرتهنة بالعقل العملي الأخلاقي، و ماذا أستطيع أن آمل؟ ، المرتبطة بالعقل الديني (سؤال الأمل : هناك غائية نهائية نعمل لأجلها). ومع ذلك فالفكر الفلسفي الإنساني منذ الأزل تناول موضوعات مرتبطة بالدين ذاته، كما عمد بشارة إلى استحضار المقاربات الدينية للفيلسوف فريديريك هيغل الذي جعل الظاهرة الدينية مرتبطة جوهرياً بالعقل المطلق، ومؤكداً في النهاية إلى أن قضية الفصل بين المعقول و الإيماني لا يكفي لحذق الانسجام و التفاعل الثقافي و التاريخي و الإتيقي بين الدين و الفلسفة.

"ماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" (يسوع)[1]()
 تتميز كل ثقافة بفضاء مهيب من الثراء الروحي والغنى الفكري من حيث هي تجربة إنسانية متفردة لا ندّ لها في الكون ولا نظير؛ وإذا كانت الإنسانية قد شهدت تنوعا في تكويناتها الثقافية عبر تاريخها، فإن هذا التنوع الهائل قد شكل خمائر التطور الحضاري للوجود البشري منذ الأزل، وقد كان من الاستحالة بمكان على الإنسانية أن تنجز ما أنجزته من سؤدد، وأن تحقق ما حققته من مجد الانتصارات، من غير هذا التنوع الثقافي المتخاصب بين الأمم والشعوب. ومع أهمية ما حققته الإنسان من إنجازات حضارية فإن هذا التنوع الثقافي والتخاصب الحضاري ما زال يشكل البوتقة التاريخية التي تتشكل فيها خمائر الحضارة الإنسانية وتتقدم ما بقي الإنسان وما بقيت الإنسانية[2].

ولكن الإنسانية تواجه اليوم تحديات ثقافية كبرى تتمثل في هيمنة ثقافة برغماتية مادية ذات لون واحد واتجاه واحد تفرضها عولمة اقتصادية متوحشة في مختلف مجالات الحياة والوجود، إنها ثقافة السوق والميديا والاتصال، ثقافة تستمد نسغ وجودها وقوتها من قدرتها على إشباع الرغبة والنزوة وتلبية المتطلبات الماددية للجسد في دورة رغائبية من تمجيد لروح الهيمنة ونزعة السيطرة وسطوة القوة، إنها باختصار ثقافة مفرغة من القيم خالية من المعاني والدلالات الروحية الإنسانية التي لطالما جعلت من الإنسان إنسانا ومن الشعوب شعوبا ذات تراث إنساني.

"لا أحد من الفلاسفة كان أكثر نبلا من سبينوزا"
جيل دولوز 
" من يعرف ذاته وانفعالاته بوضوح وتميّز يشعر بالفرح"
باروخ سبينوزا
إهداء: إلى أمي زهرة الحسن تزدايت.

تقديم

لماذا أطلق جيل دولوز لقب "أمير الفلاسفة" على باروخ سبينوزا؟
لأن سبينوزا أعاد للجسد قيمته؛ عندما صاح:"على ماذا يكون الجسد قادرا؟"، وعندما اعتبر النافع والمفيد، والخير والحسن هو ما يزكي  ويقوي الإستمرار في الوجود، وعندما فضح ثلاثة أشكال من صور الشخصيات الأخلاقية: العبد والطاغية ورجل الدين.
ولان سبينوزا كتب رسائل حول الشر، وقام بأكبر عملية للحط من قيمة الإنفعالات الحزينة و منطق الخرافة وأخلاق الإرتكاس، وحاول إصلاح العقل وأعلى من شأن الإنفعالات المرحة.
وسبينوزا أيضا، حسب دولوز، فيلسوف كبير؛ لأنه رسم مسطحا جديدا للمحايثة، ومادة جديدة للكينونة، وأقام صورة جديدة للفكر، وغيّر من دلالة الفكر أو "فكر بشكل مختلف" بتعبير ميشيل فوكو.

" إذا حاول العقل أن يقرر فيما إذا كان العالم محدودا، أو لانهائيا من حيث المكان، فسيقع حتما في تناقض وإشكال، فالعقل مسوق إلى التصور بأن وراء كل حد شيئا أبعد منه، وهكذا إلى ما لانهاية له. ومع ذلك فإن اللانهاية في حد ذاتها شيء لا يمكن إدراكه"
كانط، نقد العقل المحض

يطرح كانط الإشكال التالي:هل العالم أزلي أم له سبب أحدثه؟
في البداية، العالم من حيث هو نسق مكتمل من الواقع هو وهم من أوهام العقل يصعد بشكل غير مشروع من خلاله من الشرطي المعطى إلى اللاّشرطي المفترض أي بعبارة ابن رشد يقيس الغائب على الشاهد.
العالم لا يمكن معرفته بطريقة استدلالية بالانطلاق من مبادئ ميتافيزيقية لأن ما يمكن معرفته هو الكون أي الظواهر المكانية والزمانية غير المعروفة التي يوحدها الذهن بواسطة مقولاته القيلية دون أن يصل بها إلى الوحدة النهائية. لكن اذا جاز الحديث عن عالم فيزيائي ومقاربة معرفية للعالم في الفلسفة النقدية عند كانط التي تحاول التأليف بين مقولات الذهن ومعطيات التجربة،
 من جهة أخرى يخضع كانط في كتاب نقد العقل المحض ظاهرات العالم بماهو فكرة كوسمولوجية الى المعالجة الريبية التي تطرحها الأفكار الترسندنتالية الأربع ويظهر وقوعها في جملة من النقائض المحتمة.

إذا كانت التكنولوجيا الحيوية إحدى المظاهر الحاسمة للتقدم التقني الذي يشهده عصرنا، فإن ثمة سؤالا ينفتح على أفق فلسفي لا يقل أهمية وقيمة عن السؤال الأخلاقي، وهو ذلك المتعلق بنمط العقلانية الموازية للتقدم التقني الذي تفتتحه الثورة البيوتقنية في أفق الألفية الثالثة؟ هذا السؤال يرتبط في وجه منه –لنقل الأساسي- بصيرورة الكائن المعاصر من حيث هي صيرورة ترتسم في عالم يعيش تحت التأثير المباشر والعميق لقوة جبارة تدعى التقنية.
 
شهدت العلوم المعاصرة تطورات مذهلة في المنتصف الأخير للقرن العشرين 20. وقد تسارعت وتيرتها أكثر مع اقتراب نهاية القرن المذكور، مستفيدة في ذلك من السباق المحموم بين اقتصاديات الدول المتقدمة التي راهنت في تقدمها وطموحها إلى تحقيق أعلى معدلات النمو الاقتصادي والرخاء الاجتماعي على التحكم بأنظمة البحث العلمي بدرجات عاليا وربطها بمتطلبات الإنتاج الاقتصادي، بل وإخضاعها في النهاية لمنطق السوق الخالص كما تشهد على ذلك اتجاهات البحث في نطاق ما أصبح يعرف بالبيو-تكنولوجيات.
وإذا كان من الطبيعي أن تطرح مثل هذه التطورات مشاكلها الفلسفية والنظرية على صعيد الموقف الأنطولوجي للكائن، كما هو الشأن في كل المنعطفات الإبستمولوجية التي عرفها تاريخ العلم منذ الثورة الكوبيرنيكية، فإن الثورة التي أطلقتها علوم الهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية Biologie moléculaire على إثر الاكتشافات العظيمة في مجال الاستنساخ clonage والتي يظهر أنها تكرست كإنجاز حاسم وعلى نحو لا يقبل التراجع فيما يخص أهدافه البعيدة مع الإعلان عن إنجاز الخريطة الشاملة للجينات البشرية (الجينوم) تطرح بالإضافة لذلك، مشاكل أخلاقية على قدر كبير من الحساسية والخطورة، بالنظر إلى طبيعة مجال تطبيقاتها وما يثيره من شكوك حول مدى قدرة العلماء على التحكم بنتائجها وأغراضها الإنسانية المعلنة، فيما كثير من الأصوات تدق ناقوس الخطر بشأن تدخل أطراف مستفيدة من هذه الثورة لتحريف إنجازاتها واستغلالها لأغراض لا إنسانية أو على الأقل ستنطوي على تهديد لحميمية الكائن البشري وكرامته وخصوصيته.

قبل البدء بقراءة مارتن هيدجر لمقولة هيراقليطس، سنعرض وعلى سبيل التقديم لهذا الموضوع، بعض الأمور المهمة والتي ستساعدنا على فهم وإدراك أهمية هيراقليطس في مسار الفلسفة عموما وفي لحظتنا الآنية أو المعاصرة على الخصوص.
    تعد هذه المقولة الفلسفية لهيراقليطس ،الأشهر في تاريخ الفلسفة الميتافيزيقية وقد جرى تداولها واقتباسها وشرحها وتأويلها من قبل كثير من الفلاسفة والمفكرين، وعلى أساس هذه المقولة انقسمت الفلسفة والفلاسفة إلى فريقين، الفريق الأول يتبع مقولة الوحدة والثبات البارمنيدسية (من بارمنيدس)، والفريق الآخر يناصر ويتبع فلسفة الصيرورة والتغيّر التي تولدت من مقولة هيراقليطس –التي نحن بصدد مناقشتها- وفلسفته عموما. وقد عادت هذه الفلسفة إلى الظهور مجددا وبقوة من خلال أعمال فردريك نيتشه لاسيما في كتابه حول (الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي)،  ونيتشه وقَبْلَهُ هيغل  يُعدّان الأساس الذي اعتمدت عليه التيارات الفلسفية المابعد حداثية، وإن كانت أهمية نيتشه أقوى وأكثر تاثيراً من هيغل، فالعودة إلى نيتشه هي عودة استلهام وأخذ وتأثير وتقليد وهذا ماحدث مع (هيدجر، فوكو،دولوز، دريدا، ليوتار) فهؤلاء (أقتبسوا وشرحوا وأوّلوا) نيتشه، بينما فعلوا على عكس ذلك مع هيغل، إذ أنّ همهم كان الخروج من عباءته، وقلب أفكاره ومعارضتها، وأحيانا إعلان البراءة من الانتماء إليه، ومثال ذلك ما طرحه (دريدا ودولوز) بأنّ (الاختلاف هو الأصل، وأنه أسبق في الوجود من الهوية، إذ أن الاختلاف هو ما يصنع الهوية).