"الكثير من الناس ليس لديهم عالم"
"الذي يكون الإحساس، هو الصيرورة-الحيوانية"
جيل دولوز
تقديم
    "كل حيوان له عالم"، يقول جيل دولوز في سياق جوابه عن سؤال كلير بارني وهما يتناولان حرف "A"(1). كلمة دولوز هذه، هي صرخة موجهة إلى كل الذين لا يؤمنون ب"هذا العالم"، إنهم يحيون حياة الجميع، أي، حياة مجرد أي شخص وأي شيء. أما الحيوان، فله عالم يعكس تناغما حيويا أصيلا مع الطبيعة، بحيث يتم نسج علاقات ولقاءات وتنسيقات مع عناصرها المتنوعة والمختلفة، ينتج عنها عملا فنيا رائعا، جعل جيل دولوز يقول:"ربما يبدأ الفن مع الحيوان".  فالحيوان هو طور من أطوار صيرورة دائمة هي الصيرورة الكونية التي تشمل الصيرورات الأخرى وترتبط بها. الشيء الذي يفترض حسب دولوز، هجر تلك العلاقة الإنسانية مع الحيوان، وإقامة  "علاقة حيوانية" معه.
1-تأسيس عالم: دور اللقاء والتركيب
    سأقتصر على تقديم مثالين لحيوانين صغيرين هما "القرّادة"(القملة) و"عصفور أستراليا" Scenopöites dentirostrès))، مع التأكيد أولا على اقتران عالم الحيوان بالوضع والأغنية واللون في علاقاتها مع شؤون الموطن، وثانيا الإنتباه إلى حركات الحيوان وخطوط هروبه(انفلاته) المذهلة ومجموع العلامات التي يبدعها. وسيشكل الإلتقاء والعثور والتركيب دلالة على عمل مبدع ومبتكر لحياة وعالم وصيرورة؛ صيرورة حيوانية.
-القرّادة(القملة):
تتحدد القرادة بعواطف ثلاثة، يقول جيل دولوز، وذلك كل ما تستطيع القيام به باعتبار العلاقات التي تكون مركبة لها، إنه عالم ثلاثي الأقطاب وكفي ! يؤثر فيها الضوء، فتتسلق إلى أعلى الغصن. وتؤثر فيها رائحة الحيوان الثديي، فتترك نفسها تسقط فوقها. ويضايقها الزغب، فتبحث عن مكان فارغ من الزغب لتتسرب تحت الجلد، وتشرب الدم الساخن. لا تملك القرادة، العمياء والصماء، سوى ثلاث عواطف وسط الغابة الشاسعة، ويمكنها في باقي الوقت أن تنام عدة سنوات في انتظار اللقاء(2).

كتب جوينيي باتريك (Juignet Patrick) هذا البحث ورأى النور على صفحات موقع "philosciences.com" يوم ثاني أبريل 2015. فمن هو جونيي باتريك، يا ترى؟
ولد في باريس عام 1952، درس الطب في نيس واهتم بعلم النفس والفلسفة في نفس الوقت. بعد عام من العمل في طب المستعجلات، تخصص في الطب النفسي وتابع تكوينا في التحليل النفسي. أطروحته لنيل الدكتوراه في الطب ورسالته في الطب النفسي التي تلتها، كلتاهما تناولت التحليل النفسي وعلم النفس المرضي، فضلا عن مختلف الكتب والمقالات التي نشرت بعد ذلك. كطبيب نفسي متحرر، بدأ ممارسة العلاج النفسي للأطفال والبالغين منذ عام 1986.
بموازاة ذلك، قام بتدريس علم النفس المرضي في مدارس الممرضين والمساعدين الاجتماعيين، كما قدم محاضرات لطلبة دبلوم الدراسلت العليا في الطب النفسي وطلبة الدراسات المعمقة في علم النفس الكلينيكي..وبعد أن توقف نشاطه كممارس في عام 2015، يكرس الآن نفسه وجهده لتاريخ الأفكار والفلسفة.
تتخلل عمل ميشال فوكو قطائع عديدة. وسوف نركز هنا على الفترة التي يمكن تحديدها تقريبا بين عامي 1965 و 1975، وهي الفترة التي طور واستخدم فيها مفهوم الإبيستيمي. وكان لهذا المفهوم حضور استغرق مدة قصيرة؛ ظهر في "الكلمات والأشياء" في عام 1966، تم التخلي عنه بعد عشر سنوات، لأن ميشيل فوكو اعتبر أن استخدامه أدى إلى طريق مسدود.

يؤسس طه عبد الرحمن نظره في مراتب الترجمة العربية للنص الفلسفي على وجوه التعارض أو التقارب بين الفلسفة والترجمة. هذا ما يمكن اختصاره فيما يلي:
1-    وجوه التعارض بين الفلسفة والترجمة
1-1 - التعارض بين عقلانية الفلسفة و فكرانية الترجمة:
 يرى طه عبد الرحمن أنه لما كــان الأصـل فـي نشأة الفلسفة هو طلب معرفة تقطع صلتها بمــا هـو تمثيل أسطوري، أي معرفة مبنية على مبدأ اللوغوس، أي العقل، بخلاف المعارف المبنية على مبدأ الميتـوس أو الوهم، وكانت الترجمة ترجع إلى التأثير الديني الذي يتجلى في أمرين أولهما قصـة برج بابل فـي التوراة ، حيث استوجب التفاهم بين الشعوب - التي بلبل الله لسانها - قيام الترجمة، وثانيهما ترجمة الإنجيـل من الآرامية إلى اليونانية واللغات الأوربية، فإن العلاقة هي علاقة تعارض، بحيث يلزم " أن الفلسفة التي تدعي الأخذ بأسباب العقلانية تسقط في العمل بأسباب الفكرانية متى جعلت من الترجمة أداة تكشف بها الحقائق وتفتح بها  الآفاق".(2)
1-2- التعارض بين شمولية الفلسفة وخصوصية الترجمـة: لما كـانت الفلسفة تدعي أنها لغة شمولية من حيث كونها تهتم بدراسة الكليات والمعقولات، وكانت الترجمة تتصف بالخصوصية اللغوية رغم ادعـاء بعض التراجمـة باللغة الخالصة ومنـاداة بعـض اللسانيين بالكليات اللغوية، فإن العلاقة الثابتة بين الفلسفة والترجمة هي التعارض بين شمولية الأولى وخصوصية الثانية.
1-    3 - التعارض بين معنوية الفلسفة ولفظية الترجمة: لما كانت الفلسفة لا تعلق لها باللفظ وإنما بالمعنى، حيث غرض الفيلسـوف أن ينشئ الفكـر الذي هـو جملـة مـن المعاني المرتبطة فيما بينها ارتباطا استدلاليا، وكان المترجم على خلاف المتفلسف ينظـر فـي اللفظ نظره في المعنى وذلك باهتمامه بـالبنى  المعجميـة والنحويـة والبنى النصية، فإن طه عبـد الرحمان يثبت التعارض الثالث بين معنوية الفلسفة ولفظية الترجمة.

Anfasse19120" ليس في الصنائع العلمية فقط بل وفي العملية. فإنه ليس منها صناعة يقدر أن ينشئها واحد بعينه، فكيف بصناعة الصنائع وهي الحكمة؟"  ، أبو الوليد ابن رشد ، تهافت التهافت.
لا فرق عند الكاتب الحاذق بين القول بالحكمة العربية بالانطلاق من تجربة لغة الضاد في التكلم برهانيا والتنصيص على الطابع الإسلامي للفلسفة المذكورة بالنظر إلى أن غالبية الفلاسفة كانوا من الملل الوافدة.
غير أن التفريق بين حكمة المشرقيين وفلسفة الغربيين صار أمرا إجرائيا ومطلبا منهجيا لمحاولة تحرير الفكر التابع من هيمنة النموذج المتبوع وتصفية الحساب بالمعنى الرمزي مع مركزية لوغوسية استحوذت على الفضاء الافتراضي للتحضر الإنسي في نمط واحدي ينفي كل تعدد معقولي يتفق مع الكثرة البشرية.
الغرض ليس بناء حكم موضوعي تجاه الفلسفة الغربية التي يتقاسمها الكل بشكل معولم ولا نية إنصاف الحكمة المشرقية بعد طول جحود وازدراء متزايد وضيم متعاظم، فهذا مقصد يتطلب الحياد والتجرد، بل معاودة البدء من جهة مغايرة عن الحقبة الوسيطة التي ينتمي إليها الفكر الفلسفي في حضارة إقرأ ومن منظور يحتسب بدقة وعناية تحولات الفن والأدب والإنسانيات والعلوم والفلسفة في الأزمنة مابعد الحديثة.
ليس المطلوب هو البرهنة عل الدور الكبير الذي اضطلعت به الحكمة المشرقية في قيام الحداثة الفلسفية الغربية سواء عن طريق الترجمة الوفية والتعريب الذكي والنقل الأمين للحكمة اليونانية والعلوم القديمة، ولا التذكير بالرّيادة التي أنجزها علماء الشرق في مجالات الطب والتاريخ والمنطق والرياضيات والفلك والجغرافيا واللغة والاقتصاد والمجتمع والسياسة والآداب والفنون والمعمار والبصريات والقانون، بل القيام بإطلالة على بعض المفاهيم الواردة في التراث المادي الذي ظل حاضرا بالنسبة إلى التجربة النقدية وبقي محفوظا في المكاتب والمتاحف والأرشيف بالرغم من أشكال الإهمال التي تعرض لها أو حملات التوظيف والتلاعب السياسي التي تعمد تجفيف المخزون الروحي الذي ما يزال حيا في الشعور الجمعي.

Anfasse19115مؤلف هذا الدراسة الفلسفية هو غيون ليجي..نشرها بالموقع الالكتروني "iPhilo" يوم 2016/12/03. يمتهن الكاتب تدريس الفلسفة، ويهتم بالفيلسوفين أبقور، مونتاني، وبالفيلسوف سبينوزا على الخصوص. صاحب مدونة فلسفية هذا رابطها: http://chemins-de-philosophie.over-blog.com/.
ماذا نكون حقا، وماذا نعلم حقا عن أنفسنا دون الآخرين؟ بكل عفوية، نحن نميل إلى اعتبار أنفسنا ككيانات مغلقة على نفسها، مشكلة (بفتحة مشددة على الكاف) ذاتيا ومشكلة (بكسرة مضعفة تحته) ذاتيا إذا جاز لنا القول. ولكن ألسنا أمام نظرة مجردة للعقل، أمام وسيلة لتجاهل حركة الوعي بما هو توتر خالص نحو ما لا يكونه؟ وفوق كل شيء، ألا نتجاهل دور الآخرين في وجودنا؟ في هذا المقتطف من (كتاب) "الوجودية نزعة انسانية""، الذي كان في الأصل نص محاضرة ألقاها في عام 1946، يدعونا جان بول سارتر (1905-1980) إلى إعادة النظر في وجهة النظر الساذجة هاته. لأننا لسنا مثل روبنسون كروزو، الذي تقطعت به السبل على جزيرة، والذي فصل عن أشباهه بكثافة المحيط الزرقاء.

anfasse01115" لقد كان التناقض في الماضي ألد أعداء المنطق، وهو... اليوم منطق مجتمع في وسعه الاستغناء عن المنطق ، مجتمع يلعب مع التدمير ويسيطر تكنولوجيا على الفكر والمادة" [1]    
  من نافل القول أن الفيلسوف هو وعي بهذا العالم الذي يعيش فيه وأنه يهدف الى توضيح جملة من الاجراءات الضرورية التي يفترض أن يقوم بها ويلزم بها كل مشتغل بتطبيق المعرفة في الحقل السياسي:
- مساعدة الوعي السياسي قصد الالمام بالمعطيات والحيثيات من زاوية المبادئ الفلسفية الكبرى التي تستند عليها الممارسة اليومية أولا ، وعلى مستوى سراديب العمل السياسي وألاعيبه المتحكمة فيه ثانيا.
- تسهيل فهم المشاكل المطروحة بين الفينة والأخرى والأزمات المشتعلة التي تحدث بشكل دائم في المشهد السياسي ويترتب عنها كوارث اقتصادية ومخاطر اجتماعية تعصف بمقدرات الأفراد والجماعات.
- اطلاق جملة من النقاشات الهادئة والحوارات العقلانية يكون الغرض منها توضيح فائض القيمة في المواقف الخاصة وتفكيك ما أمكن من الأحكام المسبقة والصور النمطية وتنقية أشكال اللُّبس وسوء الفهم.

anfasse16105" المبدع ليس قسيسا يعمل بدافع المتعة"
"من دون الفن، ماذا تكون سوقية الناس"
جيل دولوز

تقديم
    عندما أعلن جيل دولوز في بداية تسعينات القرن الماضي على أننا نتوفر على الكثير من التواصل، لكننا نفتقر إلى الإبداع، إلى مقاومة الحاضر، فإن إرادته كانت متوجهة إلى الإعلان عن حقيقة صيرورة المجتمعات الحديثة، التي أخذت تنتقل من "مجتمعات انضباط" إلى "مجتمعات رقابة". ولعل أبرز مظهر لهذا الإنتقال، هو الدور الذي أصبح يلعبه الإعلام في تحديد ماهية الإنسان الحديث. فالساهرون على مصلحتنا لم يعودوا، ولن يعودوا في حاجة إلى أوساط الإنغلاق(السجون، المدارس، المحترفات، المستشفيات، السجون)، بل فقط إلى توجيه كلمات-أوامر/معلومات قادرة على تكوين منظومة رقابة جديدة. إن مستقبلنا لن يجد مشروعيته في مؤسسات دولة السيادة أو الإنضباط، بل في "منظومة الرقابة"؛ بحيث يمكن للناس أن يجولوا ما شاؤوا وبكيفية حرة، ومع ذلك فهم يظلون تحت مراقبة أعين "عنكبوث عالمي" مزود بأحدث تقنيات الرصد والإتصال. فرضت هذه التطورات على جيل دولوز، الإنخراط أولا في تقديم مقاربة فلسفية للتحولات التي شهدتها المجتمعات الحديثة؛ مجتمعات الإخضاع والتأديب، وأكد على بداية تحولها إلى "مجتمعات رقابة" -متفقا مع فكرة صديقه ميشيل فوكو، ومع الإسم الذي أطلقه ويليام بوروز على هذا النوع الجديد من المجتمعات- وثانيا في البحث عن أشكال جديدة لمقاومة هذا الحاضر، مانحا للفن والعمل الإبداعي أدوار طلائعية لقيادة نضال الإنسانية ومقاومة الموت.

anfasse16102هل نحن في حاجة إلى الفلسفة اليوم ؟سؤال بالرغم من بداهته يحمل دلالات عميقة تبرز انطلاقا من تحديد قيمة الفلسفة وربطها بالحياة ، أي بالأبعاد الكبرى للإنسان الأنطولوجية و الإبستومولوجية و الأكسيولوجية. إن الفلسفة لا يمكن أن تقدم نفسها كجملة من المعارف والمعلومات الجاهزة للتلقين بل هي نقد غير نهائي  لأسس كل معرفة ومن هنا صعوبة تعريفها .فهي إلى جانب كونها مشروعا للتأمل الفكري الصرف ، فهي أيضا معرفة بشؤون الحياة الانسانية ،أي بكل ماله علاقة بالوجود البشري الاجتماعي و الإقتصادي والسياسي ،وهو ما يعني أنها تأخذ بعين الاعتبار فهم المعطيات والوقائع الملموسة لحياة الإنسان من زاوية مخالفة لعامة الناس .هذا ما جعلنا نبحث عن طبيعة العلاقة بين الحياة والفلسفة في أفق تبيان رهاناتها الكونية والشمولية والجذرية من خلال التأكيد على أهميتها وقيمتها و راهنيتها و وظيفتها داخل كل مجتمع. فهل لا تزال الفلسفة تتناول الوجود الإنساني والمعرفي و القيمي تناولا إنسانيا ؟أو بالأحرى كيف يمكن اعتبار الفلسفة اليوم نزعة إنسانية محضة تمجد الإنسان كمركز في الوجود والمجتمع  وتكرس ثقافة الاختلاف؟هل للفلسفة دور في الحياة؟ومن ثم هل نحن في حاجة إليها؟

يشكو العديد من الدارسين من غموض معنى الحداثة، ومن تعدد وعدم تحدد مدلولاتـها. وإذا كان هذا الغموض والالتباس يرجع في جزء منه إما إلى غموض ذهني، أو إلى غياب العناء الفكري اللازم أحيانـا، أو إلى سوء نية مسبق ضد الحداثة، فإن أحد أسباب هذا الغموض هو كون هذا المفهوم حضاريا شموليا يطال كافة مستويات الوجود الإنساني حيث يشمل الحداثة التقنية والحداثة الاقتصادية، وأخرى سياسية، وإدارية واجتماعية، وثقافية، وفلسفية الخ...
مفهوم الحداثة هذا أقرب ما يكون إلى مفهوم مجرد أو مثال فكري يلم شتات كل هذه المستويات، ويحدد القاسم المشترك الأكبر بينها جميعا. وبمجرد انتهاج طريق هذا النموذج الفكري المثالي، فإن الدارس يشعر مباشرة بوجود قدر من التعارض بين الحداثة والتحديث. فالمفهوم الأول، يتخذ طابع بنية فكرية جامعة للقسمات المشتركة بين المستويات المذكـورة، منظورا إليها من خلال منظور أقرب ما يكون إلى المنظور البنيوي، بينما يكتسي مفهوم التحديث مدلولا جدليا وتاريخيا منذ البداية من حيث إنه لا يشير إلى القسمات المشتركة بقدر مـا يشير إلى الدينامية التي تقتحم هذه المستويات، وإلى طابعها التحولي.
وعندما يختار المرء الدخول إلى هذا الموضوع من الزاوية الأولى، زاوية الحداثة، فإنه يجد نفسه محكوما بضرورة الاهتمام بالثوابت والقواسم والسمات المشتركة، مهملا الخصوصيات ومظاهر التباين، كما يجد نفسـه مدفوعا إلى عدم التركيز على الوقائع والأحداث والتواريخ والفواصل، موليا الاهتمام الأكبر للمنحنيات العامة في كل مستوى.

يقيم بعض الفلاسفة تعارضا بين الاستلزام الصناعي والاستلزام الطبيعي من حيث كون الأول يتعذر تطبيقه على صورنة الجمل الطبيعية ما جعلهم يفكرون في تأسيس استلزام خاص يراعي خصوصية اللسان الطبيعي استلزام لا يتقيد بقوانين المنطق الصوري من قبيل 'عكس الثبوت' و'عكس الانتفاء' . لكن هؤلاء الفلاسفة تعاملوا مع 'المنطق الصوري' على أساس نظرية واحدة لا تعدد فيها والواقع أن الصوريين أنفسهم مختلفون فيما بينهم حول تأويل بعض الروابط المنطقية مثل اختلاف الحدسيين مع التقليديين في قبول بعض المبادئ المشهورة مثل الثالث المرفوع والبرهان بالمثال المضاد...في هذا المقال سنسعى إلى تصحيح بعض الأفكار المتعلقة بالاستلزام وما شابهه من سوء فهم من قبل بعض المشتغلين بالفلسفة .
بداية سنتطرق إلى ما نعنيه بالاستلزام الصناعي وكيف يعرفه الرياضيون والمناطقة؟ وما الفرق بين الاستلزام والاستنتاج المنطقي؟ غالبا ما يختلط الاستلزام الصناعي بمفاهيم محايثة من قبيل مفهوم المتوالية وسنبين باذن الله الفروق بينهما ، وأخيرا سنقف عند بعض الفروقات التي أوردها الأستاذ طه عبد الرحمان في التمييز بين الاستلزام الصناعي والطبيعي.
1.الاستلزام الصناعي:

في الواقع هناك سؤالان وليس سؤالا واحدا، فلو أخذنا سؤال "ماذا حدث قبل الانفجار العظيم ؟"، مباشرة سيطل علينا ستيفن هوكينغ (أشهر فيزيائي) ، والذي اعتبر ضمن  معرض نقاشات Reddit AMA (ريديت إسألني عن أي شيء) أن المرأة هي أعظم لغز كوني ! لا مشكلة.. سنبدأ بحركة زمنية من المرأة عائدين لما قبل الانفجار العظيم :
حاول العديد من الفلاسفة  فهم المرأة ولكن بتعبير مجازي أرادوا وضع الكحل في العين فآذوها ! منذ عهد الإغريق والفصل واضح بين الفلسفة كممارسة ذكورية وغسيل الملابس بجانب الوادي كممارسة أنثوية؛ حتى الفيلسوفة الوحيدة التي استطاعت تحقيق شهرة وتأثير، تعرضت للاعتداء والضرب حتى الموت من جانب المسيحيين المتعصبين، والحديث عن هيباثيا الفيلسوفة الغنية عن التعريف.
جاء فرويد، هذه الشخصية التي اختزلت تاريخ البشر في كلمة (أو بتعبير أدق في نظرية) وهو أيضا صرّح بأن أعظم سؤال/لغز (قبل ستيفن) هو : "ما الذي تريده النساء ؟". وهذا سؤال اشتهر لديه بلا إجابة.. مع أنه قام بالإجابة عليه بكلمة واحدة (التي تختزل التاريخ البشري) كما ذكر المقربون، وقال Penisneid أي "الرغبة في القضيب".