
كانت أمه حزينة، ومازالت ،حزينة لأن الأيام كانت تعاكسها ، مات زوجها الثاني واستمر الحفر في عمق الذات ،كانت خناجره تقطع أوصال الروح وترمي فتاتها لديدان الهم ، فترسل الروح نشيجها تمتصه حافات الشعاب المحيطة ذات الألوان الشهباء المصفرة وقد تعلقت بها أشجار الطاقة والصبار.
وكثيرا ما كان إبراهيم يتساءل وهي تهز أخاه الأصغر فوق ركبتها : هل هي تغني باكيه أم تبكي مغنية!؟ .
– ما سرك يا أماه!؟ و من أين يغزوك هذا الأسى !؟، يهم بسؤالها ولكنه يتهيب، فيندفع كالسهم خارجا كي لا تمتد جراحها إلى وجدانه.
يهيم إبراهيم على وجهه مشردا ، يقفز من حجر إلى حجر ، يعتلق بهذا الغصن ثم بذاك ،يكسر ما استطاع تكسيره، يلتقط الحجارة ، يقذف بها الغيلان التي تحاصر آسرته ؛ يشعر بوجودها ؛ تطل عليه من وجه أمه ولا تغادره يغني يصرخ ، ينادي تدخل حفيدته .
- ما بك يا جدي، لم تنادي
- لا شيء، لم أناد يا بنيتي.