هو ذاك الذي يستوطن أعماقنا منذ القديم انه شعور ملازم لنا ...هي أشياء مبهمة تحيل الرؤية المفعمة بتناهييد مألوفة داخلنا... نحس غالب الأمر بالانحباس الوجداني والقوقعة المحاطة بنا من كل الجهات انه ولا شك التردد من فعل وقول ما يخطر داخلنا ...نكون أحيانا أحرارا من سطوة العشق المدمر لا نفاسنا المرهفة وتارة أخرى نكون مقيدين تقيد العبيد بين أيديه ...تدمرنا شيئا فشيئا حواسنا المدركة لتخيلات لا متناهية .... يعيقنا الصمت أحيانا وهو يحمل إلينا رسائل عديدة تفضح كل ما يختبئ في كيان النفس ... ترهات توقفني أحيانا أمام المألوف انه لفائت ارق تلك الحكاية الليلية اللامنتهية من عهد الطفولة واني لأجدك عديم المعرفة بالا حساس الناطق عديم المشاعر المرهفة قاسي القلب يدفعني تذمري إلى كرهك أيها "الحلم "وانك لهنآك في اليقظة المبتغاة من عوالم شتى استهوتك لأكون أنا هي الشريرة هذه المرة انتقم مني ومنك مرارا بعد الاشتياق ...
سـيَـعـود... ـ قصة : المصطفى السهلي
ضربتْ كفا بكف... ولعنت حظها التعس الذي جعلها أضحوكة بين نساء القرية... أصبحن الآن يتندرن بها، ويشربن قهوة المساء وهن يلكن فضيحتها، والبعض منهن وجدنها فرصة للشماتة والتشفي... كثيرا ما تساءلن بينهن وبين أنفسهن: كيف قبل أحمد الزين الزواج بها، وهي على تلك الخِلقة؟ دمامة وجه وقبح منظر زادتهما العين المفقوءة سوءا وبشاعة... ولسان سليط لم يسلم من سُمِّه أحد من سكان القرية... كن يقلن: كيف صبر ذلك الرجل على كل هذا الأذى دون أي يسمع له أحد شكوى أو يحس بنفور من"الضاوية"؟ ومن أين لها الضوء وكل ما فيها ظلام ووحشة ونكد؟ قالت الهاشمية بكثير من المكر: لايصبر على هذه الكتلة من الشر إلا من ذاق منها عسلا مصفى تحت جنح الليل... ومن يدري، فلعل الله آتاها من مفاتيح الدخول إلى قلب الرجل ما لم يؤته امرأة أخرى غيرَها؟
جيران ـ قصة : هشام بنشاوي
بقيت تلك العبارة ترن في أذني على الرغم من أنها لم تكن موجهة إليّ، بيد أن شكوى زميلي نكأت جراحًا لا تندمل :" يمكنك أن تنتقل من هذا الحي إن لم يعجبك الحال !". حاولت تخيل ملامح ذلك الجار، وهو يتفوه بها غير مراعٍ أنه مربي أجيال. لم يكن يعنيني أن ابنه المراهق لا ينام إلا صباحًا، فذاك شأنه، وغمز بعينه حين مرقت سيارة كالبرق من أمام المقهى، وغمغم : "هذا ابنه". ومن جوفها، تتناهى موسيقى صاخبة...
- الموسيقى هكذا أيضا في البيت.
لم أعقب، إذ تعطلت لغة الكلام، وتابع محدثي :
- الضجيج يخترق الجدران، ويقض مضجعي.. هذا الصعلوك يقضي سحابة نهاره نائما، وبمجرد أن أضع رأسي على الوسادة تبدأ حفلة الفوضى... غير عابئ بأن هناك أطفال يستيقظون مبكرًا للذهاب إلى مدارسهم، وهناك آباء ليسوا مثله ومثل والده...
حلم ـ قصة : القدميري وفاق
نهضت ذلك الصباح كالعادة تحضر الإفطار..تقبله قبلة جافة قبل ذهابه إلى العمل ..يذهب هو فتبقى هي وحيدة
جلست كالعادة تقلب يومها بين أعمال البيت وشرود ذهنها مع لحظات الماضي الحلو..
أيام الحب الأولى ..تذكرت أشياء جميلة عاشتها معه..
تذكرت تلك القبل التي كانت تستغرق ساعة دون أن يحاول أحدهما أن ينزع فمه من فم الأخر ..
وتذكرت أشياء أخرى كالتي تجمع مجمل العشاق المهووسين بالحب
مخطط رواية:رشيد والرميد ـ قصة : رمضان مصباح الإدريسي
تكتب سراب في يومياتها: "أنا لا أكتب رواية بل أضع مخططا قابلا للتنفيذ؛ سواء نفذ أم لم ينفذ"
من رواية: " يوميات سراب عفان" ل :جبرا إبراهيم جبرا
تقديم:
أقترح عليكم أن نفكر جميعا في هذا المخطط الروائي ؛الذي سيشتغل لا كما تشتغل الروايات :
سنمارس ما يسميه جرار مانتيه:"القص داخل القص".ويعبر عنه أيضا بالطريقة الاندماجية.
الهدف نبيل ,إذ العقدة هي رشيد نيني ؛ولن تنحل إلا بتحريره من سجنه الذي لم يعد مقبولا ,في
هذا الفجر المغربي الذي نعيشه ؛بكل تفاؤل.
ما دامت كل المقالات والمرافعات لم تحرره فلنجرب جميعا هذا العمل الروائي التشاركي:
تطيّر ـ قصة : حمادي بلخشين
كان الجوع قد برّح بي، حين عاينت على الحصباء آثار دماء.." لعلّها طريدة قد أفلتت من قانص" هكذا حدّثت نفسي.. حين أمعنت في تتبع آثار الدّماء، انتهيت إلى غار، ما إن توغلت فيه، حتى صعقني دوّي فزلزلة.. حين أستعدت وعيي، أبصرت مدخل الغار و قد سدّ دوني.. حين تمالكت نفسي، أستويت قائما ... كنت كلّما تقدّم بي المسير في الغار، تكاثرت الدّماء من حولي، حتى تحوّلت إلى نهر يجري من تحتي.. ظللت أخوض في الدّماء و بي من الرّعب و الهلع ما الله به عليم، حتى أدركت بوّابة خشبيّة متآكلة، كتب عليها، و بخطّ رديء: " سجنان".. حين دفعت البوّابة، ألفيت نفسي أمام بنايتين كئيبتين كتب على إحداهما " سجن1"، و على الأخرى" سجن 2"، و بين البنايتين، ممرّ إجباريّ ممتدّ ينتهي بستارة سوداء مسدلة.. كان الممرّ ضيّقا لا يكاد يتّسع لشخص، لأجل ذلك عبرته بشقّ الأنفس.. ما ان أدركت السّتارة ثم رفعتها، حتى طالعتني بيداء مترامية الأطراف، كثيرة الحصباء، ملتهبة الحرارة لا أثر فيها لحياة.. بعد مسير دقائق يائسة، هبّت عاصفة رمليّة، فعمدت الى قميصى فاتخذته لثاما ثم لجأت إلى ظلّ صخرة و قد أيقنت بالتهكلة.. بعد سويعة أو تزيد، و حين هدأت العاصفة، و فيما كنت في موضعي ذاك، مرّ بي راكب مقنّع، ما إن استوقفته بإشارة من يدي، حتى توقف ثم أناخ راحلته، كاشفا عن وجه شديد القبح رغم بياض بشرته و زرقة عينيه و شقرة لحيته القصيرة، ما ان كشفت له عن وجهي، حتى ظهرت على محيّاه علامات الغبطة و البشر.
عينُ الدُمية ـ قصة : عبد الفتاح المطلبي
(( أكتب بنفس الجدية التي يلعب بها الأطفال))
خورخي لويس بورخس
كان علي أن أفعل شيئاً قبل ذلك اليوم الذي سأخبركم بما جرى فيه من أمور تبدو عادية ما كانت لتلفت انتباهي يوما لولا اطلالتي على ماحولي من وراء عين الدمية وكان ذلك بمحض الصدفة ، إذ أنني ما اعتدت أن أرى الأشياء أو أن أصفها بهذا الوصف قبل هذا اليوم ، لم أستطع استيعاب تلك الأمور ولم أفهم ما جرى لفرط بساطة الحدث فقد جرى كل شيءٍ دون توقع، كنت سائرا بقدمين أدمنتا الدرب حتى أنني لم أفكر بالنظر إلى تفاصيل الأشياء ،منشغلاً بما حولي من هلام لزج وصريرٍ مزعج ينتج عن مفاصل أخطائنا الفادحة،أعني نحن الذين تجاوزنا سنّ رشدنا، والعبث الذي يحيط بالحياة ويلوث النظرات ويربك الأرواح،ولم أتذكر يوما طفولة الحياة وجمالها الملفت كأنني من السحالي التي تبيض ولا يعنيها بيضها ، تتوهُ عنه و أحيانا تأكله هي دون أن يهمها إن كان بيضها أو بيض غيرها ، يالها من حياة تقضمني بشراهة، كنت أفكربما يحصل، بأولئك الذين يعبثون بالحياة وبي أنا الذي قبلت ذلك العبث دائما بروح أنهكها العجز و العمى، أفكاري مشوشة وموقفي من الحياة عصيب.
صمت الفراشات وبريق قلم اهتز... ـ ضحى عبدالرؤوف المل
وحده القلم الصامت بين أنامل تهتز، وحروف تتراكض كالفراش المبثوث هيبة ووقاراً، جعلني أفكر بصمت!.. وأتساءل مُربّ ام معلّم؟!.. وكل ما فيه ينساب بانسجام حديثاً وحركة وانفعالاً مدروساً لا يخلو من اتزان وحكمة تنطرح بهاء وسخاء من خلال كلماته التي تتأنّى وتترفّق بلطف وهي تخرج من بين شفاه لم تهدأ خلال عمر مثمر قطفت منه الثقافة جزءًا كبيراً، فأينعت سراجاً مستنيراً وفكراً فلسفياً جوهره العلم...
وحدها تلك اللمعة الشاردة في عينيه جعلتني أشعر بالذكريات المنطوية داخله، وذاك الغنى الروحي العميق الذي أورثه ذاك الهدوء والصبر وحسن الاستماع...
تركت القلم مغشيّاً عليه مُمدّداً على ورقتي وأمسكتُ برواية واحة الغروب لعلّني أهرب من التفكير في مسيرة حياة رجل لم أحدثه كثيراً لكنه طبع فيّ تساؤلاً زاد فضولي في معرفته أكثر وأنا مؤمنة أننا في عصر عولمة سريع التطور، فكيف استطاع ان يكون معجماً متنقلاً وهو في جهاد نفس وفكر مملوء بالحداثة...