acrylique-130x89تحت ظلال وارفة، انغمستُ بكل كياني مستمتعا برائعة:
"A l’est d’Eden"...
أصبتُ بإشعاعات إيحائية نافذة، مفاجئة، تفجرتْ بعد سكون...
جذبني من وراء سياج التين والزيتون، وحديقة عدن، ظل امرأة تتهادى ببطء نحو الساقية الجارية....
غادرتُ موقعي...من"عدن" وتبعتُ المرأة...
لفحتْها نظرتي المغناطيسية  من بعيد...
شرعتْ تمسح المحيط بعينيها...باحثة عن شيء ما...

- 1 -crimson-pearl
على نغماتِ كلامه تفّتحتْ  أنوثتي ، صرت  أقف  أمام  المرآة  كثيراً ،  أتأمل جسدي ، أتحسس طياته ، أستكشف  مفازاته ، أسير  في صحرائه ، فتلهبني  حرارته  و سرابه ، أبحث  عن  واحةٍ أو نخلة ، أستلقي  تحت ظلها ، وأغفو  بانتظار أن  توقظني  لمساته ، لمساتٌ بحرارة جسد يحترق ، لمساتُ أصابعَ كالصواعق لجسدٍ كله قنابل موقوتة  .
هاهو  يطلّ من نافذته ، تخترق  أنفاسه  الزجاج ، تلسع  وجهي  بحرارتها و جرأتها ، تجتاحني نظراته , مثل خيول  برية  تستبيح  سهولي ، وقع  حوافرها  يوقد  في  صدري  ألف بركان وبركان ، يبتسم ، فتنسكب  أنهارٌ من  الزيت ، تزيد  نيراني  اشتعالاً ، فأحترق  بلذةٍ وخدر .
ابتسامته  تحاصرني ، تتسلق أسواري ، تدكّ  أبواب الرهبة ، و تحطم  الصفيح  الصدئ ، تتسلقني  ابتسامته ، فتنطفئ  مقاومتي ، و تستسلم  شفتاي ، وترسمان  ابتسامة  وردية . يلوح  بيده ،  فينتفض  قلبي ، وتلوح  يدي ، يغلق  نافذته . أبقى  وحيدةً ، أغمض عيني ، تكتسي  السماء  بلونٍ وردي ، أحلق  عالياً ، هل  هو  الحب ؟ .
سؤال  يكبر ، يتضخّم ، يمتد  بين  الروح  و الجسد ، بين  القلب و العقل ، هذا الذي يكسو الأشياء ثوب البهجة و الحضور الناصع ، الذي  يجعل لوناً و مذاقاً لكل شيء ، و يجعل كل مذاق  ألذّ و أشهى ، وكل  لون  أزهى و أجمل ، هذا الذي  يبعث الحياة  في  الدنيا ، ينمّي البرعم ، و يفتّح  الزهر ، و يدني الثمر ، و يُكبّر الحلم ، هل هو  الحب  ؟.

2509113535_small_1كلوديـا ...بائعة التّفّاحْ، دَّكْنَاء كحبة بُن، كانت كالرابعة والعشرين شَّتاءًا...أيُّهذا الجمال؟ حُزْن في عينّاها البّلّيلة، كأنكسار الغروب بخموره المُعَتقة. حُزْنها جحيم سحيق، صفيق،...حُزْن يسير بمَسّاء خَلفَ أطراف عميقة السَّماءُ، كُلّ شيء في يديها يُسكب في طيوب. يَطالَه رفات السفر، في حليّكَة، وَالسير الذهول، يتمادى بنان شّحذ في الجسّد الرَّاقص تيهه.

كلوديـا ...كانت كالفراشة تطير بأنبهار، تتلظَّى وتنشُّ الفرح المَّيتُ والتليفُ، تثريّ مسخ عملاق منْ الزوال وَالطَّويَّهْ، تُسرج وَتًسرح فرْط الدلّال، تًطلَّ عَلينا من قلادات البلايـا، تمسُّ، تًلوي، تًفتح المزاليج الحزْينة بالعَيْن بلكزة قويّة، تًذَرْذَرْ مُخْمَل اللَّحْن.

أيُّتها العطرُالمُرَفَّه، وَرَخاءَ الوهجُ، وَأُغْنيَّةَ الحُسّن العَفّيفّ، كلوديـا مَليكَة مُثْقَلة النشّيد المُدلَّل...، بَابَ الْمَدينّة كَقصيدة تنشّي رَخاوة الْتميّع بالْمَيل وَالْشَّهوة وَالْهوى، الخَمْرَةُ تتحلَّب منْها العاطفة، تعلَّم ذاك الْقَلْبَ يَشيل الْبَحْرَ إلَى القادمون، الخوافيّ، وَبَخَرُ الْخمرة أشْيعُ من لَّمْس الْقُبلّة، قَطْفاً، في شرهة متحفزة أبدًا للوثوب....،كلوديـا  مُنسرحة كَصفحة النّهْرَ تتقفى أحُزْانها الَّتي لا تُمهي، كأنَّما إنسراح يَمطلَ فيها منَ الرموز خليقة منْ الأستعارات وَالتشّابيه لحُزْنها الأَيْهَم.

peinture-abstraite-acryliquمـطـلـع
استعدادات داخل القصر تجري على قدم وساق، منذ وقت مبكر. خدم يعدون الموائد في الفناء، ويزينون حواشي الأبواب بسعف النخيل، ويضعون عليه فوانيس الإضاءة؛ فيما خادمات تهيئن ما لذ وطاب في المطبخ الكبير، ويرتبن أواني مذهبة بعد غسلها ومسحها. نافورة الماء في الباحة الكبرى؛ رذاذها المنتثر ينعش مساحات خضير نضرة. المنصة العظمى أعدت بعناية فائقة، وفرشت بزرابي ملونة. كراس وثيرة صفت في المقدمة قرب المنصة، وخلفها وضعت أخرى للخاصة، وبعهدها الكثير للعامة. غدا القصر في أبهى حلة، وكل شيء على ما يرام.

عند الغروب بدأت تصل أولى أفواج المدعوين الكبار، وشيئا فشيئا امتلأت الساحة بعامة الجمهور. لقد أتى الناس من كل حدب وصوب تمليا بفرجة لا مثيل لها. الكل أخذ مكانه ينتظر، والجوقة دلفت بآلاتها، وانكبت تسويها، وتتنصت انتظارا لإشارة الانطلاق من المايسترو. إلا أن الإذن لم يعط، لأنه لم يصل بعد. ولا يبدو أي قلق في عيون الجوقة، ولا في عيون الخاصة أو العامة. هذا انتظار حلو، وليس مرا. فهو مثل حلم يتحقق، والمنتظر تقام له الدنيا، ولا تقعد، كما يقال. الانتظار الحلو غدا يحلو أكثر على تقاسيم؛ تتناوب على العود والكمان والأرغن، والعلبة الريتمية الصاخبة أيضا. فتهتز الرؤوس نشوى، والمقطوعات تنهمر بسخاء في أرجاء القصر الكبير، و الأمير في متم السعادة؛ يوقع بيديه ورجليه، والخاصة والعامة يذوبون استمتاعا.

terreurفجأة وجدت نفسي واقفا وسط هذا الحشد الهائل من الناس وأنا امسك بيدي هذه الرمانة اليدوية المنزوعة الأمان التي قد تنفجر الان في اية لحظة بمجرد التراخي البسيط الذي قد يصيب يدي . وأنا  اصرخ بين الناس أن  يهربوا بعيدا عني ولكن يبدو  وكان لااحد يسمعني ولم يهرب من امامي احد لغاية الآن . ربما السبب هو هندامي الانيق وربطة العنق التي لفت حول رقبتي  بعناية واهتمام كبيرين , كما تلف المشنقة  بإحكام على رقبة مجرم  يؤمل ويُنتظر موتُه منذ زمن بعيد , جعلت لا احد يصدق ان هذا الرجل الذي يشبه استاذا جامعيا ولا يثير الريبة بشكله أو تصرفاته أن يكون إرهابيا .
إنني الآن في مأزق حرج أتساءل مع نفسي بخوف شديد ماذا لو انفجرت هذه الرمانة اليدوية بين هذه الجموع البشرية من الناس فما الذي سيجري عند ذلك ؟ سوف تحدث الكارثة . سيموت الجميع وأنا أولهم . وسيلحقني عاران الأول عار ضميري الميت أصلا , وعار اللعنة التي ستلحق لحمي المتعفن .

cafe-mousseقطع مسافة مقدار شارع وسط المدينة  ثم انحرف إلى زقاق... ، و لم يكن يدرك المسافة التي بقيت للوصول إلى المقهى المجاورة...دخان سيجارته يلف عنقه ، يستعذب مداعبته  لقفاه ....و ضجيج المارة يتسلل إلى كلّ زوايا المكان المهجور ...تتكوم في نفسه افتراضات غريبة ...يتوهم كل العالم ينظر إليه و من حوله سيارات عاطلة من كلّ الماركات ، يحاول حجز المقعد الأمامي لأقربها ، لم ينظر إلى  المسافة التي  تفصل بينه و بين المقعد ، وقعت رجله في الوحل ، يحدّث نفسه سرا : متى أصل ؟ ... و حبّات (الكاوكاو) ، تتناثر في فوضى ، يهرس ما وقع منها بين أضراسه على عجل ، تحدث طقطقة ، يتلذذ بها ، تقع حبّات ، يفركها بقدمه الذي يملأ حذاءه الخشن لسوء حظها  ، يداه ترتعشان للهفة غير مفهومة ... و رغبة قديمة ، يلتفت ذات اليمين و ذات الشمال كالخائف من شيء يتربص به .

( 1 )sisyphus-abstract-lenore-senior
وقف سيزيف منهك القوى ، و العرق  يغسل جسده ، و خلف  المنصة  يجلس  كبار  الآلهة ،  يشربون الكولا  .
خاطبه كبير الآلهة بابتسامته السماوية : سيزيف  أيها  البشري  المغتر  بقوته ، ألم  تتعب ؟.
هل أعجبتك الصخرة ؟ .
-  تعبت ، تشققت يداي ، أحرقني حرّ  الصيف ، و جمدني  ثلج  الشتاء ، ولكن لن أركع … عندي  بقية من الأمل  .
- أي  أمل  يا  سيزيف ! .
- أن يتحرر الإنسان من قيود الآلهة  ، قد  ينقضي  زماني  دون  ذلك ، ولكن لا بد  من زمن   يلد رجالاَ ، يطهرون الأرض ، هذا  الزمن  قادم  لا  محالة  ، لا  أدري  بعد  مائة عام أو مائتين  أو  أكثر ، ولكنه  قادم  بلا ريب .

87موقعك وسط حلقة الجبال الهرمة أعطى للمشهد بلاغة الإبداع ،  إيقاع يهتز له بؤبؤ العين إنبهارا ،
الجبل للجبل , تذكرني حلقتهم  بطقس رقصة " أحيدوس"  ألأمازيغي الدائري ، المرأة للرجل ، و الرجل للمرأة،
" للبندير " نغم  به الدائرة تدور كما الشكل الدائري له  ،                                                                  
للبندير دائرته ،

للحيدوس دائرته ،          
للشمس دائرتها ،  
للأرض دائرتها ،     
لجلسة الأكل دائرتها         
و لتيغزى  دائرتها ،

مفضلات الشهر من القصص القصيرة