واثقا، يعمل الأدب في بناء ذوق الأمة. فبقدر ما نتحدث عن الحضارة والبناء الحضاري، بقدر ما يستوجب تربية الشعور و الإحساس بالمسؤولية الفردية و الجماعية. فعندما نلاحظ ما وصلت إليه السينما و المسلسلات التلفزيونية في الشقيقة مصر المحروسة، فإننا ندرك حجم الدور الذي يلعبه الإبداع الروائي و القصصي و المسرحي في تربية المشاهد على الإمتاع الفني و الأخلاقي و القيمي أيضا. فمن هذا المنطلق، يعزى نجاح السينما المصرية بالخصوص، إلى نقل معظم الأعمال الروائية لكبار المبدعين إلى السينما. وكان لنجيب محفوظ، في ذلك، حصة الأسد ؛ انطلاقا من روايته " بداية ونهاية " إلى جانب " اللص والكلاب " مع سعيد مهران، وصولا إلى " ميرامار " و " خان الخليلي " و " قصر الشوق " ؛ لينضاف عشاق السينما إلى عشاق الرواية، فأصبح اسم نجيب محفوظ يحلق عاليا، كعـُقاب كاسر، في سماء مصر والعالم العربي.
ماذا حدث للأدب الروسي المعاصر؟ - جودت هوشيار
ألغيت الرقابة على المطبوعات في روسيا منذ حوالي ثلاثين عاما. وكان المتوقع أن يشهد هذا الأدب ازدهارا حقيقيا في أجواء الحرية والليبرالية، ولكن حدث العكس تماماً. حيث قلّ عدد القراء بشكل حاد، وعانت المجلات الأدبية (السميكة) المرموقة من انخفاض شديد في مبيعاتها، ولم تعد الأعمال الأدبية تنشر بعشرات أو مئات آلاف النسخ، كما كان الأمر في الحقبة السوفيتية، بل بعدة آلاف من النسخ في أفضل الأحوال .فما الذي حدث ؟
يقول البعض ان السبب يعود الى شيوع الأنترنيت، ووسائل الترفيه الجديدة . وهذا صحيح الى حد كبير . ولكني أعتقد أن السبب الرئيسي يكمن في إلغاء دور النشر الحكومية الرصينة، وإنشاء دور النشر الخاصة التجارية في روسيا، والتي باتت تتحكم بكل ما يتعلق بطباعة الكتب ونشرها وتوزيعها وإشهارها. ولم تعد تنشر الا الكتب الرائجة تجاريا، وهي في معظمها كتب خفيفة لا تتسم بقيمة فكرية وفنية كبيرة، وتنتمي الى أدب الرعب والجريمة أو المغامرات، أو الروايات النسائية لتسلية ربات البيوت، او روايات الحب الرخيص ، التي تجد اقبالا من المراهقات . كتب تُقرأ مرة واحدة لقضاء الوقت ثم تُرمى غالبا في حاويات القمامة .
غرائبية الواقع والمتخيل في الرواية العربية المعاصرة: فرانكشتاين في بغداد وضريح أبي - ذ. مروان الخريبي
نزع بعض الكتاب العرب إلى تحديث الرواية العربية وتجديدها بتكسير القواعد الفنية والتأسيس لصيغ مبتكرة تقوم على هدم بنية الحكاية وتفتيت معناها، وذلك من خلال تدمير المبنى التقليدي للمحكي وتحريره من قيود الكلاسيكية القديمة، حيث صار "العجائبي بؤرة الخيال الخلاق الذي يجمع مخترقا حدود المعقول والمنطقي والتاريخي والواقعي، ومخضعا كل ما في الوجود من الطبيعي إلى الماورائي لقوة واحدة فقط، هي قوة الخيال المبدع المبتكر"[1] الذي يحول الوجود بإحساس مطلق بالحرية فيشكل العالم كما يشاء ويصوغ ما يشاء غير خاضع لشهواته ومتطلبانه".
حين نعود إلى القواميس العربية لتحديد مفهوم الرواية، نجد أن اللفظة تدل على نقل الماء وأخذه، كما تدل على نقل الخبر واستظهار، فقد ورد في لسان العرب: روي من الماء بالكسر، ومن اللبن يروي ريا، والرواية أيضا البعير أو البغل أو الحمار، يسقى عليه الماء، والرجل المستقي أيضا رواية. ويقال" روى فلان فلانا شعرا، إذ رواه له متى حفظه للرواية عنه".[2] فالمدلولات المشتركة للرواية تفيد في مجموعها عملية الانتقال والجريان والارتواء المادي أو الروحي...
نحو مجتمع المعرفة: واقع القراءة في المغرب – د.مصطفى الغرافي
ما من شك أن مقاربة واقع القراءة بطريقة فعالة وناجعة أمر غير ممكن ولا متيسر ما دمنا لا نتوفر في المغرب على معطيات تفصيلية تلخص نتائج الدراسات الميدانية التي تقوم بها مراكز بحثية متخصصة تتيح تشخيص الوضع القرائي بشكل موضوعي ودقيق، لكن ذلك لا يمنعنا من القول إن واقع القراءة في المغرب لا يبعث حاليا على الارتياح، حيث ترتفع أصوات عديدة معلنة تذمرها من واقع ثقافي تهيمن عليه مظاهر التأخر والتراجع. ويمكن تلخيص أزمة الثقافة المغربية، في الوقت الراهن، في تزايد العرض وضعف المقروئية، حيث صار المعروض من النصوص أكثر من المقروء. وهو ما جعل المتابعين لظاهرة الإنتاج النصي، في الوقت الحالي، يطلقون على هذا الوضع مصطلحا دالا هو "استنزاف الخطاب". فما هي علاقة القراءة بالتنمية؟ وكيف تساعد القراءة على تحقيق مجتمع المعرفة؟.
النــزعة الإنسانية في الأدب المهجري(1) - إبراهيم مشارة
حظي الأدب المهجري بعناية الدارسين ونقاد الأدب ومازال كذلك، ولهذا الأدب محبوه ومتذوقوه ، فقد كان فتحا في أدبنا الحديث، فتح عيوننا على مباهج الحياة،وروعة المغامرة وإغراء الحرية ، بعد أن ظل أدبنا أحقابا طويلة نائما في مغارة التاريخ مغمضا عينيه على مستجدات الحياة مكتفيا بالاجترار من الكتب القديمة ، وكد الذهن لا في توليد المعاني البكر، بل في تنميق الكلام والولوع بالأسجاع واللهاث وراء التورية وفي مباركة الأوضاع القائمة وهي أوضاع مزرية تميزت بالركود الاجتماعي والتأسن الثقافي والاستبداد السياسي وكانت غاية الأدب أن يصل إلى البلاط مسبحا بحمد الحاكم آناء الليل وأطراف النهار لتحقيق مآرب شخصية مضحيا بمصلحة الجماعة لحساب المصلحة الشخصية .
التطور الإبداعي في مسرحيات شوقي الحمداني - عبد النبي بزاز
يضيف المؤلف المسرحي شوقي الحمداني ل " ريبرتواره" المسرحي مؤلفا جديدا يجمع بين دفتيه ثلاث أعمال مسرحية هي: " ما كاينش فيها لمزاح"، و" حسي مسي "، و" أحسن ليك" وقد اختار كتابتها باللغة الدارجة تماشيا مع نهج يزاوج فيه بين التأليف بالفصحى والدارجة حسب ما تقتضيه رؤيته الإبداعية، وما تمليه خلفيات وأبعاد العمل المسرحي، وطبيعة موضوعه، ونوعية غاياته ومراميه.
وقد وفق الكاتب، بشكل لافت وجلي، في إعادة صياغة وكتابة مسرحية " ما كاينش فيها لمزاح" من الفصحى بتغيير عنوانها من " هي نجية" في إصدار سابق إلى الدارجة في منجزه الحالي مؤكدا مقدراته اللغوية والإبداعية في المزاوجة بين الفصحى والدارجة في أعماله المسرحية في صياغة لا يشوبها أي إسفاف أو قصور.
المضمر في رواية الحركة لعبد الإله بلقزيز- جعفر لعزيز
الحركة رواية تاريخية، عادت بنا إلى حركة عشرين فبراير، مصورة الحركات النضالية الشبابية في تلك الفترة، حركات نضالية تَنشطُ في مدن كبرى بالمغرب، وفي الجامعات والأحياء الجامعية، ومُحدِدة أيضا لبعض المواقف الفكرية والإيديولوجية، التي يتمتع بها المناضلون الشباب، وقربتنا الرواية من حركات الربيع العربي في مختلف الدول العربية، وعَبر شخصيات الرواية تسلل عبد الإله بلقزيز إلى طبيعة الأشكال النضالية التي كانت تُقام في تلك الفترة، الرواية واضحة المعالم والخطوط، إنها ترسم صورة عن الإنسان المناضل، وعن مطالبه المشروعة، والذي كان يتكلم بلسان الشعب الصامت، متحديا عقاب السلطات ونتائج التمرد المغبونة والمَزِقَة، الحركة عمل مُصورٌ لمناضلين حقيقيين وانتهازيين، في فترة المطالبة بالحرية والعدالة والملكية البرلمانية.
الخطاب وإشكالية الوعي بخطورته: حوار مع الدكتور مصطفى سلوي - أجراه أمجد مجدوب رشيد
مفتتح:
صارت بنينة الكلام وتنظيم الكتابة وإثخانها بالمقصديات وحيل اللغة...والتناصات والمضمرات من مشاغل التنظير والتحليل النقدي الحديث ..ولم تعد خطورة الخطاب كشبكة من الأنساق المشكلة بحرفية وذكاء مقصورة على فئة النخبة التي تتداول صيغه.. بل انتبه منتجوه إلى قوة تأثيره على الجماهير وفي مجالات شتى. ..خاصة ووسائل التواصل المعاصرة أتاحت الفرصة لمنتجين جددا ومستهلكين من نوعيات جديدة في البروز..هذا الحوار يتناول بعضا من هذه القضايا وينعطف إلى غيرها ..في سياقات شديدة الإمتاع والإفادة.