anfasse01112لقد تضمنت الأجناس الأدبية عامة، والأعمال الأدبية التي تدور في فلكها، شخوصا تعد انماطا مساعدة لإتمام العمل الفني، ليغدو متكاملا، لكن هذه الشخوص تتمثل مواقف تعبر عن رؤية الأديب لواقع، وتعلو هذه الشخصيات نماذج تعبر عن الفكرة المرادة، والرسالة المتوخاة، تسمى هذه الشخصيات التي تحمل الرؤى والمواقف، بالنماذج الأدبية.
إن النموذج الانساني في الأدب، نتاج تصوير يقوم به الكاتب، فيتمثل فيه صفات وعواطف "كانت من قبل في عالم التجريد، أو متفرقة في مختلف الأشخاص."  فهو إذن كما يقول كليب KLLEP:  "مفهوم جماعي للشخص أو السلوك(...) نجده كثيرا في الفن الشعبي والأدب والمسرح. وأنه مركب "من سمات نفسية أو شخصية أو طباع أو عقلية خاصة."وهذه السمات "البارزة للأفـراد الذين لهم مكانة متميزة في المجتمع وهذا ما يحفزهم لتبني نوع خـاص مـن سـلوك الدور."

Anfasse24107مدخل :
بداية علينا التنويه بكون مفهوم الكتابة النسويّة مفهوما مغلوطا ابتدعته الثقافة الذكوريّة المتسلطة بمجتمعاتنا العربيّة للتاكيد على دونية ابداع المرأة العربية ، الحقيقة مفاهيم كثيرة وجبت مراجعتها كمفهوم المبدع الشّاب او المبدع العصامي : الكتابة لايعنينا جنس صاحبها، ولا عمره و لا علاقة لها ايضا بكرّاس المعلم ،الكتابة هي الكتابة و النصّ هو النصّ المحكّ الحقيقي للحكم عليه  محكٌّ جماليّ لا يخضع البتّة الى تقسيمات جنسيّة/فئوية –جنس كاتبه -  و لا يتأثر بالعمر او المستوى التعليمي  و محمد شكري و جمال الصليعي  خير دليل كم من اكاديمي فشل في ان يكون شاعرا و كم ناقد ارعب الكتاب بنصوصه النقديّة تعذّر عليه ان ياتي بربع ما ابدعه  الشاعر أو الروائي رغم ما يحمله من تنظيرات و علم بالمباني و المعاني والمدارس و اللغة  .
نبوغ نازك الملائكة ، تجديدها و فعلها الطلائعي باعتبارها من روّاد الشعر الحديث و المجددين فيه لا علاقة له قطعا  بأنوثتها بل احدثت بنصّها  " الكوليرا"  شرخا في الثقافة العربية زلزل مسلّماتها ، كل هذه الزلزلة تعود الى المنجز الابداعي في جماليته و طرافته بعيدا عن جنس صاحبه ،لذلك فهذا التقسيم بين كتابة نسوية و اخرى ذكورية –حسب اعتقادي – هو تقسيم ملغوم و خاطئ .

Anfasse24105"الشيخ والبحر"، الرواية (أو القصة) الشهيرة للكاتب الأمريكي "أرنست همنجواي" (1) والتي كانت وراء فوزه بجائزة نوبل للآداب وبجوائز أخرى قبلها وبعدها، وتم تحويلها إلى عدة أفلام سينمائية (2) وتلفزيونية فضلا عن ترجمتها لعدد من اللغات منها العربية في أكثر من ترجمة... (3)؛
فرغم عدم استقرار الرأي حول ما إذا كان هذا العمل السردي الخالد رواية (قصيرة) أم قصة (طويلة) فقد ظلت "الشيخ والبحر" نصا إبداعيا عظيما يغوص في أعماق النفس البشرية مدا وجزرا ويسبر أغوارها انطلاقا من موضوعة صراع الإرادة والمواجهة المفتوحة ضد الاستسلام مهما تعددت العوائق والمثبطات وتوالت مكائد الزمن وطال أمد تحقيق المبتغى.
يقوم "أرنست همنجواي" في هذا العمل الإبداعي الخالد بنحت قيمة العزيمة في حياة الأفراد بتسليط الضوء على الصراع التاريخي للإنسان مع الطبيعة لتطويعها لفائدته.. وغير ذلك من القيم والمعاني والرسائل العميقة التي تبقى طازجة عند تتبع مسار وسيرة وأجواء وظروف عيش الشيخ، هذا البحار النحيف الذي لم يسعفه الحظ على صيد أية سمكة طيلة 84 يوما من نزوله المسترسل للصيد، حتى إنه أصبح عرضة للسخرية من طرف البعض، لكنه لم يفقد الأمل في تجاوز "حظه العاثر" إلى أن تحقق له ذلك حيث علقت "سمكة كبيرة وفاخرة" في صنارته..
ولأنها كانت ضخمة جدا استحقت منه المغامرة للفوز بها، فلم يتوان عن مجاراتها في عرض البحر يومين متتالين، بليلهما ونهارهما، حتى تغلب عليها وأحكم ربطها إلى مركبه الشراعي الصغير..

Anfasse24104لنوضح فكرة التعدد القرائي، ينبغي أن نسلم أولا بأن القراءة شرط ضروري لكل عملية تأويلية، لأن النص "لا يقدم إلا مظاهر خطاطية، يمكن من خلالها أن ينتج الموضوع الجمالي للنص، بينما يحدث الإنتاج الفعلي من خلال فعل التحقق"[1]. وكل محاولة لفهم وتأويل النص تصطدم بصعوبات تخص نوعا محددا من القراء. فهناك القارئ الحقيقي والقارئ الافتراضي، القارئ المتمرس والقارئ العادي، القارئ الناضج والقارئ الساذج. ولكل واحد منهم طقوسه القرائية، التي ترجع إلى مؤهلاته ومعارفه وطرقه التي تمكنه من اقتحام جسد النص الروائي وتفكيكه. ثم إن القول بالتعدد القرائي، يتجسد في الممارسة الممنهجة القائمة على قواعد وخطوات لمساءلة النص الروائي والتعاطي معه.

"جيرترود": بين القارئ العادي والقارئ المتمرس: 
من الطبيعي ألا نخفي إعجابنا بقارئ متمرس، يبحث عن النوع الجيد من الرواية. لا يفقد الصبر في التنقيب، وله مهارة التمييز من الصفحات الأولى بين رواية جيدة، متوسطة وأخرى شبه رديئة*[2]، و "يتلذذ بإنتاج خطاب مواز للنص"[3]. ناقد لغوي وسميائي، يقرأ ليظهر فشل القارئ العادي الذي لا تتجاوز قراءته نطاق النص. وبه يكون ساذجا "سريع السقوط في فخاخ السارد"[4] بسبب خموله و جفاف فكره. عكس القارئ المتمرس الذي يقدم افتراضات ويشارك في تأويل الأحداث، متتبعا تفاصيل الرواية بعين قارئ مدقق ومحقق. واختيارنا لمحمد الأشعري و محمد أسليم باعتبارهما قارئين متمرسين جاء مقصودا لنبين من خلاله قصور القارئ الساذج.

anfasse16108في هذه الدراسة، سنحاول التطرق إلى مفهوم التلقي و علاقته بالأثر الجمالي في رواية "جيرترود"، وذاك من خلال ثلاثة أبعاد لأثر التلقي في رواية جيرترود، والآتية على الترتيب التالي: التلقي والأثر التشكيلي، التلقي والأثر البيوغرافي، التلقي والأثر المعرفي. وتبقى مسألة أساسية لا بد من الإشارة إليها، وهي أن إشكالية هذا الأثر سندرسه هنا انطلاقا من ثلاث قراءات لنقاد مغاربة: (بنيونس عميروش، حسن المودن، عبد الرحمن التمارة).
أ‌)   التلقي والأثر التشكيلي في رواية "جيرترود" :
- التشكيل والمعرفة البصرية "بنيونس عميروش"
في دراسة نقدية جديدة، كان الفنان التشكيلي والناقد الفني المغربي بنيونس عميروش(*)[1]، سباقا إلى تحسس الأثر التشكيلي في رواية "جيرترود"، وهذا ما تفسره دراسته النقدية المعنونة بـ "التشكيل والمعرفة البصرية في جيرترود" إذ تفضي هذه الدراسة إلى قراءة جديدة تفرض علينا مواكبة المقالة سطرا بعد سطر لنبين الأثر التشكيلي في رواية "جيرترود".
     وعلى الرغم من تساؤلنا المستمر، عن الدافع الذي جعل الناقد المغربي بنيونس عميروش ينحاز إلى تقديم دراسة نقدية لرواية مغربية، بعد أن ألفناه في شكل نقدي متعلق  بالجانب التشكيلي؛ سنجد أنه وقبل كل شيء فنان جمالي يضع الإبداع كله موضع مساءلة نقدية، بما في ذلك النصوص الروائية. لهذا من الطبيعي أن يكتب عن تجربة حسن نجمي، خاصة وأنه في عمله هذا كما يقول: "يقدم مادة روائية بقدر ما يقدم مادة تُعنى بالثقافة الفنية"[2].

anfasse16103استهلال كتمهيد وجيز
وأنا أتصفح المجموعة القصصية للإعلامي والأديب  المتميز مجد الدين سعودي ،حيرتني العتبة النصية الخارجية بكل تفاصيلها اللوحة والعنوان ،والألوان..
اللوحة تتوسط الغلاف بدفتيه معا ،باللون البنفسجي يميس بين  الغامق والفاتح، ترمز إلى كتلة من الدخان  شكلت ما يشبه خصلات من الشعَر متموجة ،أو وردة مكدسة البتلات ،أكان هذا او ذاك، فهي  تشخص ما يعتمل في النفس من هزات واضطرابات خلخلت الهدوء والسكينة ،وما سيوضح اعتقادي هذا هو العنوان الملغز، المشكّل من ألفاظ بسيطة متداولة ،ولكن تتناغم في ما بينها  في علاقة، نتج عنها التباس لا يمكن فك إبهامه ،إلا بتبصر سره ...
(وصف ما لا يوصف ) كلمتان متنافرتان :وصف وفي الآن نفسه ما لا يوصف ،كيف نصف أشياء لا يمكن وصفها ،الأشياء التي لا توصف معناها لا شكل لها ولا لون ولا حجم، أي ليست لها عناصر يمكن تحديدها من خلال الوصف ..وقد يقصد الشاعر المتراكمات المترسبة في غمد  العمق، التي تُحَس ولا تُلمَس أو تُرى بالعين المجردة ، مجموعة من الهموم والرغبات والتطلعات تزلزل كيان الذات الإبداعية ،لانعرف سرها ولكن نفهم معناها بالحدس ،بتقاسم الشعور مع المبدع  حين عبّر عنها في صفحة الإهداء (( إلى ديموقراطية العرب المؤجلة إلى أجل غير مسمى )) (( إلى ربيع عربي مغتال )) ((إلى حلم في الطريق)) ((إلى سفر ملغى ))..وغيرها من العبارات التي تدل بالكاد ،على تطلعات مبدعنا الإنسانية ،والتي يمكن اختزالها في عبارة واحدة ،هي ((  أن يعيش الإنسان في فجر سعيد خال من وعكات الحروب والفقر والتهميش ،متمتعا   بالكرامة وكافة الحقوق )) وهذا هو المثقف الحقيقي الذي يتأبط صفائح البياض  في يمناه ،وأحباره في يسراه ،ليُسيلها دموعا نائحة على الأوضاع الإنسانية المخرومة ،التي تعبَثُ بها أياد الطغيان والجبروت ،وتنكّل بها بأبشع الصور ..لإيصال الأصوات المختنقة والآهات الموجعة والعذابات المقلقة على حد قول مبدعنا في صفحة الفهرس  بتصرف ...

تقديم:
ارتبط التواصل بعوالم معرفية كثيرة، جعلت منه موئل التفاعل والتعالق بين صنوف الإنتاج الفكري والعلمي والثقافي. ورغم أن اللغة اللفظية، أو العلامات التواصلية اللفظية، في مقابل العلامات الرمزية والإشارية غير اللفظية، لا تشكل إلا النزر القليل وسط هذا العلم، إلا أن دورها فيه، لا تخطئه عين الدارس.
ويمكن رصد العلاقة الوظيفية الرابطة بين عالَمي اللغة والتواصل من خلال الإجابة على السؤال الآتي:
ما هي حدود التأثير اللغوي في صياغة مجال تواصلي إجرائي وفاعل؟
للإحاطة بأبعاد هذا السؤال نقترح التفصيل في المحاور الآتية:
مفهوم التواصل بعلاقة مع العلامات التي تتراوح داخل التواصل بين لفظية وغير لفظية، والعلاقة الرابطة بينهما هي علاقة تقوية وتكامل، تحقيقا لكفاية تواصلية جيدة.
وتعتبر العلاقة بين التواصل اللغوي والإنتاج المعرفي والفكري هي ذاتها العلاقة الرابطة بين اللغة والفكر، وإنما كان الحرص على أن يكون التواصل الأكاديمي باللغة المحلية، بغرض الاقتصاد في طاقات الاستيعاب النفسية والعقلية، وتفجيرا لمواهب الإبداع والإضافة، وتنمية للرأسمال الرمزي وتعميقا للقدرة على الانفتاح.

anfasse30095قد يكون من نافلة القول أن تصدي نقادنا لتجارب الشاعرات المغربيات كان خجولا، نظرا لعدة عوامل واعتبارات وفي مقدمتها طبيعة الذهنية التي كانت سائدة في المجتمع المغربي المحافظ، والتي وجدت تربة خصبة في قيم الأمس البائدة التي كانت تنظر إلى المرأة باعتبارها سكنا للرجل وملكا له لا غير.
غير أن إصرار المرأة المغربية علي إسماع صوتها المتميز، والتعبير عن خصوصياتها وطبيعة هواجسها هو ما حملها على تحدي هذه القيم المحافظة لنزع وشاح الحيف الذي التف لزمن غير يسير حول جسدها التواق إلى التحرر كليا من جميع أشكال القيود التي حاولت تكبيل هذا الجسد، وشل كل حركات أعضائه.
ولذلك سيعرف المغرب في أواسط العقد الستيني – من القرن الماضي- حركة أدبية وفنية واجتماعية نسائية بدأت تتشكل ملامحها، وتعبر عن مواقفها وآرائها في المجلات المتخصصة، والملاحق الثقافية لبعض الجرائد الوطنية التي بدأت تنتبه إلى تجارب شعرية نسائية شدت إليها الأنظار بسبب أصالة هذه التعبيرات وتميزها – من جهة – ونظرا لخصوصية أصواتها التي بدأت في نسج خيوط قصيدة مغايرة لما ساد قبلها – من جهة أخرى.

مفضلات الشهر من القصص القصيرة