"في البدء كانت الكلمة"-(إنجيل يوحنا 1: 1)
"أحب الكتاب ، لا لأنني زاهد في الحياة ، و لكن لأن حياة واحدة لا تكفيني"-عباس محمود العقاد
I. من الحسي إلى الافتراضي:
1
ماهي طقوسية القارئ العربي؟ قد يكون من الصعب إن لم أقل المستحيل الحديث عن أية طقوسية للقراءة في العالم العربي شرقا ومغربا. لعدم وجود أية دراسة ميدانية أو متابعة إعلامية حقيقية لهذا الشأن. هل المواطن بالعالم العربي يقرأ؟ هذا هو السؤال، لكن يقابله سؤال آخر بنفس الأهمية، ما هي القراءة؟ فهذا الفعل لا يقتصر على قراءة الكتب أو تصفحها، في زمننا الحالي فعل القراءة صار أكثر تعقيدا، لقد تخطى صفحات الكتب إلى العالم الافتراضي (زمن الصورة)، وقد تجاوز فعل القراءة الكتب الورقي، إلى كتب محملة على الأجهزة الإلكترونية، من الملموس إلى السحابي، من الحسي إلى البصري الخالص، فالطقوسية الجديدة لفعل القراءة مرتبطة الآن، بفتح الحاسوب أـشبكات التواصل الاجتماعي، كل هذا وغيره يُعتبر طقوسا جديدة، تجعلنا أمام ضرورة إعادة التفكير في موضوع طقوس القراءة.
البعد الفني في شعر عبد المجيد فرغلي قصيدة (أرواح تعود) أنموذجا ـ د. السعيد أخي
أرواح تـــــــــــــعود
هيا نعود الى الوجــــــــــــو د بعالم الأرض الجديـــــــــــــــــد
فلعلهــــا صــــــــفت النـفــو س وعـــاد جوهرهــا الفريــــــــــد
لـــم يبــق مـن دنس علــيـــ هـا وهـــى تمرح فــي الخلـــــــــود
هيـــا لعـــــالمنا القديــــــــــ م نعـــــود نبــــــــعث مـا نــريــــد
هيـــــــــــــا لنوقـظ أهلـــــه من الغـــفــوة الأمـــس البعـــــــيــــد
ونزيل "كــل خطيـــئــــــة" ســـــادت علــى هــذا الوجــــــــــود
ونقــــــــول يا أمــــم الورى هبـــــي أفيــــــقي من رقـــــــــود
بل حطــمي قـــيــد الضــلا ل ومــزقـي ثــــوب الجــــــمــــود
وتبــوئـــي عــرش الهـــدى وتـــطــــلعي نــحـو الصــــعـــــود
أمــــم الوجـــــــــود تآزري لا تـطـعمي حــربـــا وقـــــــــــود
إن الســــــلام "لنعــــمـــة" كــــبـــرى فــهل خفقـــت بنــــــود
"والغـــــزو" ولّى عـــــهده يا عالـــــــــم الأرض الجــــــحود
عيـشوا جميـعــا فـى إخــــا ء واتركـــــــوا هـــــذا الصـــــــدود
وتعـــاونوا بالبـــــر والتــــ ـــــقوى : فمــــا ســـــاد الحـقــــود
يا كــل روح فــي الوجــــــــــــــود تحــــــــرري ودعــــــــــي القــــــــــــيــــــــــــــــود
فلقــــــــــد كــــــــــــــــــفى ما كــــــــــــــان منك اذ: وعـــــــــــودي من جـــــــــــــــديد
إن مقاربة النص الإبداعي عند عبد المجيد فرغلي من حيث البعد الفني تستدعي أولا: الرؤية الشمولية للإحاطة بشعر عبد المجيد فرغلي، هذا الشاعر السامق المتمكن من أدواته والبارع في تصريف اللغة وحبكها ونظم ألفاظها ببراعة ومراس.
ميثولوجيا الأشياء ـ د.فاطمة تامر
نحن الضيوف على الأشياء/محمود درويش
/ في صحبة الأشياء/ ديوان اثر الفراشة
تلبسني الأشياء حين يقبل النهار/احمد المجاطي
السقوط/ديوان الفروسية
يتأثث العالم الإنساني بالعديد من الأشياء والأمكنة، والأدوات والوسائل، التي تساكنه ويدخل معها في علاقة روحية ابعد وأعمق من مجرد تسخيرها لتسهيل حياته ،وتلبية مطالبه ،مما جعل هذه الرابطة تنعكس في مختلف وسائله التعبيرية وتتخذ لها أبعادا في الأنساق الثقافية والرمزية ،ودفع الباحثين والنقاد والدارسين إلى الاهتمام بالموضوع ،مشيرين إلى أهمية الأشياء في الفنون والآداب. واقفين عند شعريتهاوتشكلاتها، دلالاتها وبلاغتها ،بطولتها و رمزيتها، وسلطتها وسطوتها .
في البدء كان الإنسان والأشياء
واو العطف هنا تعني ندية الحضور بين الطرفين، توطدت العلاقة وارتقت من الاستعمال المادي النفعي إلى الحس الجمالي والثقافي الحضاري والتوظيف الشعائري الطقوسي...
وإطلالة على لائحة الأشياء ذات القيمة الأسطورية التي رفعتها إلى مدارج القداسة تغني عن كل تعليق:سيوف-رماح-أقواس- خواتم-/تيجان- قبعات-........لذلك تتعدد نوافذ الإطلالة على موضوع الأشياء ويصعب حصرها في مجال دون آخر ،لتشابك خيوطها التي انتسجت مع جميع مناحي الحياة الإنسانيةListe d'objets légendaires et sacrés/
السينــــما ـ د.عادل بوديار
تمهيد:
يمثل تاريخ 1895 البداية الفعلية للسينما أين تم عرض أول فيلم سينمائي على يد الأخوين أوغيست ولويس لوميير (Auguste and Louis Lumière) بتصويرهما مشاهد من الحياة الواقعية في فرنسا سموها الواقعيات تمثلت في صور لقطار يصل المحطة، وعمال ينصرفون من عملهم، وصبي شقي يقف على خرطوم مياه بستاني مما يقذف الماء في وجه البستاني[i]، ثم ازدهرت السينما بعد ذلك بسرعة؛ بفضل تطور تقنيات التصوير مع توماس إيديسون (Thomas Edison)، فانتقلت من السينما الصامتة إلى السينما الناطقة، ومن السينما غير الملونة إلى السينما الملونة، ثم كان عام 1902 أين انتقلت السينما من مرحلة السينما التسجيل إلى مرحلة السينما الروائية مع الفرنسي "ميلييس" (George.Mélès) الذي أنتج أكثر من 500 فيلم[ii] كانت المشاهد فيها مرتبة ترتيبا مصطنعا، ومع تطور وسائل عرض الصورة تطور الفن السينمائي، وفي ظرف قياسي صارت السينما صناعة وفناً وأيديولوجيا تتحكم فيها رؤوس الأموال الكبيرة، والشركات العملاقة التي توجه نشاطها وفقاً لاقتصاديات السوق، وتطورات التقنية الحديثة، ومتغيرات الواقع.
قراءة في رواية " اللص والكلاب" لنجيب محفوظ ـ محمد ودغيري
- نجيب محفوظ في "سطور" :
- نجيب محفوظ روائي عربي مصري ولد سنة 1911 ، يرجع له الفضل في تطوير الرواية العربية والارتقاء بها من حيز المحلية إلى العالمية.
- من أعمال محفوظ الروائية نذكر ثلاثيته الشهيرة، بين القصرين، قصر الشوق ، السكرية ، ثم خان الخليلي ، زقاق المدق ، بداية ونهاية ، ملحمة الحرافيش، ورائعته أولاد حارتنا، وغيرها
- حاز نجيب عددا من الجوائز كان أهمها ولا يزال جائزة نوبل في الآداب. و هو الأديب العربي الوحيد الذي حصل على هذه الجائزة حتى الآن.
إلى جانب الرواية كتب نجيب محفوظ القصة القصيرة والسيناريو
-توفي نجيب محفوظ سنة 2006.
قراءة في عنوان الرواية
العنوان نص مواز يفيد الوقوف عليه في إضاءة عالم النص ، وفي توجيه القراءة نحو أفق معين. والناظر في العنوان الذي اختاره نجيب محفوظ لروايته يجده ينطوي على مراوغة مقصودة تنتهي إلى سياق واحد ، هو سياق المطاردة سواء كانت مطاردة الكلاب البوليسية للص هارب، وهو ماتعضده الصورة واجهة الغلاف ، أومطاردة شخصية تمتهن اللصوصية لشخصوص من عالمها استحقت بفعل ممارساتها أن توصف بالكلاب- الكلب بمعناه القدحي كما يوظف في الاستعمال العامي- وهو ما ترومه الرواية بتقديمها شخصيات منحطة تعيش على الخيانة والغدر والانتهاية.
- ملخص أحداث الرواية
تحكي ر واية اللص والكلاب لنجيب محفوظ قصة شاب مصري اسمه سعيد مهران ومن خلاله واقع فئات استبد بها البؤس في مجتمع مابعد ثورة الضباط الأحرار .
هل من هُويّة للخطاب في الرواية المغاربيّة ؟ ـ عبد الباقي جريدي
يحمل البحث المقترح عنوان ( هل من هويّة للخطاب في الرواية المغاربية ؟ ). وهو عنوان يثير من الاشكاليات ما لا يُحصى ولا يعدّ من ذلك مصطلح الخطاب وتشعب مباحثه اللّغوية والأسلوبية وارتباطه بمجالات مختلفة ومعارف متنوعة ،كما لا يرتبط هذا الاشكال بمصطلح الخطاب بل يحضرُ كذلك وربما بشكل أكثر وضوحا وقوة في مصطلح " الهوية " ، وهو من المصطلحات الفلسفية بالأساس والتي ارتبطت بجملة من الأفكار والقضايا والرّؤى، وقد خاض فيها الفلاسفة بدءا بأرسطو وأفلاطون ومرورا بدافيد هيوم وديكارت وصولا إلى سبينوزا وداريدا وقادمير و غيرهم بل نكاد نجزم أن موضوع الهوية من المواضيع التي قلّ وندر أن نجد باحثا أو فيلسوفا لم يدل فيها بدلو .
كما لا يخلو الحديث عن الهوية من الوقوع في تعميم وتجريد فعادة ما تستدعي مثل هذه المقُولات مقولات متشابهة مثل الذاكرة والقومية والتراث والخصوصية والكونية " وهي مقولات لا تأخذ بالاعتبار التحولات العميقة التي اخترقت مجتمعاتنا منذ بدايات النهضة واطراد المثاقفة " [1].
ولا يقتصر سؤال الهوية على المجال الفلسفي فحسب بل نجده موزعا بين علوم شتى بدءا بالعلوم الطبيعية والدراسات الأنثروبولوجية التي ترتبط بعلم " الإناسة " وكلّ الأنساق الثقافية من عادات وتقاليد وغناء ورقص وسينما وغيرها ، حيث يتسم موضوع الهوية بالتشعب والتفصيل وهو ما يمكن أن يربك عملية البحث ويضعنا أمام طريق متشعبة محفوفة بالمخاطر.
قراءة نقدية في المجموعة القصصية "البطل الذي لم يولد " للقاص المغربي "محمد رياض الفقيهي " ـ ذة. عزيزة شرقاوي
"البطل الذي لم يولد" مجموعة قصصية تشد انتباه القارئ وذلك لما تجمع فيها من مميزات ترفعها إلى مَصاف الإبداعات الأدبية الهامة ، ليست من صنف أدب الكتابة الخيالية أو الإستيهامية بل من أدب الواقع الذي يستوحي عناصره من جملة وقائع مفارقة تستحوذ على اهتمام القارئ وتجعله يتابع عوالم المغرب الحرون من كوة الرصد الجاسي للأحداث والوقائع ،ومن الوسائل الموظفة لذلك ؛ عنصر الترقب الذي يخيب أفقه بدءا من العنوان ، الذي يوحي بحديث عن بطل منتظر يرجى الخلاص على يديه لكن انتظاره أشبه شيء " بكَودو سامويل بكيث " الذي لا يأتي ،بل أبعد من ذلك مراما ،إن هذا البطل لم تكتمل شروط انبعاثه خلقا جديدا ،فهو مايزال موجودا في عالم القوة قانعا بعدميته .
بعد تحرير العنوان من مسوحه الخارجية يمكن ان نرى أنه بمعنى أخر نشيد أنشادٍ ؛ نشيد أم لم تفلح في إنجاب ولدٍ ذكر يعصمها من أن " تمطر سماء آذار طلاقا وتعاسة لا طعم لهما " ص 9، البطل. ويعطيها هيبة بين نساء القرية بل أمام زوجها أحمد الذي "يؤمن حتي الجنون بأن المرأة لابد أن تنجب ذكورا ، هي فكرة شب عليها ويعقد العزم على أن يشيب عليها " ص 9 ، البطل .
عساف، سقراط والمسيح – قراءة في "نهايات"(1) عبد الرحمن منيف ـ مصطفى ناجي
يريد هذا العنوان أن يجعل من التشابه بين تجربة عساف بطل رواية النهايات لعبد الرحمن منيف وتجربة كل من سقراط والمسيح ، مدخلا لقراءة هذه الرواية. ورغم أنه يضع على قدم المساواة ثلاث شخصيات قادمة من عوالم مختلفة (الرواية، الفلسفة والدين)، فإنه يستند إلى مجموعة من القواسم المشتركة بينها(2). لقد خاضت هذه الشخصيات صراعا مع مجتمعاتها من أجل تكريس قيم جديدة على أنقاض قيم تقادمت وأضحت عائقا أمام التطور، لكنها اصطدمت بعقلية تحجرت واستكانت للمألوف. وقد انتهت تجاربهم جميعا بالموت على يد الجماعة نفسها التي ضحوا من أجلها. وإذا كان النجاح قد تحقق لدعوة كل من سقراط والمسيح سنوات بعد موتهما، فإن نجاح دعوة عساف بعد موته كان محدودا كما سنرى.
إننا أمام شخصيات عاشت حياة بسيطة أقرب إلى الفقر، لكنها دعت إلى قيم سامية جديدة، وناضلت عمليا من أجلها، وماتت ظلما في سبيلها ميتة بطولية بوأتها بعد موتها مكانة عظيمة.
لقد رفض سقراط ضلال أهل أثينا، واستسلامهم لمعتقدات شائعة متوارثة يسلمون بها دون نقد أو تفكير. ودعاهم في المقابل إلى استخدام العقل وتمحيص الأفكار قبل اعتناقها. وكان مصيره أن اتهم بتضليل الشباب والإساءة للآلهة.... وحكم عليه بالإعدام. ورغم أن تلامذته هيأوا له فرصة الهروب، فقد قبل حكم المدينة بكبرياء، وظل مخلصا للقوانين. وقد خلد أفلاطون دعوته حين أسس الأكاديمية التي أعطت المصداقية لموقف أستاذه، وأعلت من شأن العقل في الفكر الفلسفي عامة منذ ذلك التاريخ.