كتاب الملامح الاقتصادية للعالم 2016، جيو سياسية. جيو اقتصادية، تحت إشراف فرانسوا بوست وآخرون
IMAGES ECONOMIQUES DU MONDE 2016 , GEOPOLITIQUE.GEOECONOMIQUES , Sous La direction de François Bost et autres, Paris, Armand colin 2015.
العالم على وقع التوترات :
تذكرنا الظرفية الأوروبية والدولية التي يوجد عليها العالم، يوميا بالدرجة القصوى للتوتر، وفي بعض الأحيان القابلة للاشتعال. فإذا كانت سنوات 1989 – 1991 قد شكلت نهاية للحرب الباردة فإنها فتحت أبعادا جديدة من خلال وضع حد للمواجهات ما بين القوى الكبرى والتي عملت بشكل موسع على تنظيم الهندسة العالمية خلال نصف قرن من الزمان، وبعد مرور 25 سنة بعد ذلك يمكننا ملاحظة بأن عوامل التوتر، والأزمة والمواجهة ما زالت قائمة، ولكن بطبيعة ونوعية نوعا ما مختلفة. ورغم ذلك فإن هذا العالم المتوتر ليس إلا عالما فوضويا والذي أصبح في نفس الوقت عالما غير مقروء وغامض.
وهكذا وبشرط بذل المجهود من أجل ترتيب، تعريف وتحليل المنطقيات، الفاعلون والأمكنة، فإن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الحالية، التي انطلقت في سنة 2006، تلقي بجذورها ضمن الاختيارات الاستراتيجية (عدم انتظام، تضخم القطاع البنكي...) المتبناة من طرف البلدان الكبرى المتقدمة في بداية سنوات 1980 بهدف إعادة بناء أسس التناغم العالمي بعد التراجع الذي تم تسجيله في مواجهة بلدان الجنوب خلال العشرية 1960 و 1970. حاليا ومنذ 9 سنوات، على انطلاق هذه الأزمة الهيكلية ، والبعيدة عن حلحلتها، لم تتوقف عن الارتداد في حين أدت الاختيارات العملية المتبناة من طرف السلطات السياسية والمالية إلى ظهور صعوبات جديدة. وهكذا، ففي الوقت الذي يشهد فيه تنظيم القطاع البنكي شللا بظهور فقاعات جديدة من المضاربات في الأسواق (أسهم – التزامات – العقار...) والمنشطة من طرف الكثلة النقدية الضخمة لمختلف الأبناك المركزية، الاحتياطي العالمي من الديون العمومية والخصوصية، يتجاوز 200000 مليار دولار خلال ربيع 2015، قصر من ورق من ضمنها جزء قابل للانهيار عند أقل صعود لنسب الفائدة. إعادة بناء النظام الاقتصادي والمالي العالمي يظل إذن مسألة جيواقتصادية وجيو سياسية أساسية . لكنها لن تظل الوحيدة على الأقل.