أَجْنِحَةٌ كاسِرَةٌ بَيْضاءُ
مَنْ جاءَ بِها الآنَ تُمَزِّقُ الظَّلامَ مِثْلَ خِرْقَةٍ مِنَ الكَتَّانِ ؟
تُرْمى جُثَّةُ اللَّيْلِ تَجُرُّها الكِلابُ ،
أَعْظُمٌ سَوْداءُ في الرَّصيفِ في الصَّحْراءِ في مُنْتَصَفِ التَّاريخِ
في المَقابِرِ المَنْسِيَّةِ التي تُغَطّيها ظِلالُ الشُّوكِ .
عَظْمُ اللّيْلِ مَزْرُوعٌ بِكُلِّ حُفْرَةٍ
بَعْدَئِذٍ
تُشْرِقُ شَمْسٌ حُرَّةٌ تَحْمِلُها أَجْنِحَةٌ بَيْضاءْ ..

أَجْنِحَةٌ بَيْضاءُ تدفئ النَّشيدَ الوَطَنِيَّ في حَناجِرِ
التَّلاميذِ ..

كم قطارا ًيندفعُ في المُخيلة
وكم سكة ًتنتهي في محطاتِ عينيه ؟

كم طائرا ًيفردُ جناحيهِ في ضبابِ الغَسق
وكم إمرأة ًسيستوعبها خواءُ المكان ْ  ؟

كم ضوءا ًسيسيلُ على كفيه ِ
لكي يُزاحَ ظلامُ الصباح ْ ؟

وكم شجرة ًمن زئبق ٍسيرى
حتى تبين َالحدائقُ في الأسى ؟

دِلاء فِلسْ هوفِِِنْ (*)
*****************
أبْرقتُ للغيمِ الأسيلِ كما الخدودِ
وحوليَ الدانوبُ رَفَّ مُلَوِّحاً بِعَصا المايسترو
آمِلاً أنْ أُحْتَذى في غَصَّتي !
يا أيُّها الدانوبْ
يا ضحكةً وطَيوبْ
يا غيمةً خضراءْ
كُنْ مثلَ عينيَ مُلْفِتاً بالدَمعِ
أنظارَ الدِلاءْ !
------------
(*) فلس هوفن : من قُرى الجنوب الألماني

جاءَ الجوابُ : تَفَضَّلوا , فانقادوا
مُتدافعينَ يزينُهم حُسّادُ !
دخلوا الدِّيارَ على غِرار جروحِهم
مُتَبَسِّمينَ وللجروحِ رُقادُ
ما ضَرَّ لو وَفّى بوعدٍ واعدٌ
وأتى على قَدْرِ النَّوى الميعادُ ؟
شَهَقَتْ كرومٌ واحتَمَتْ صَفصافةٌ
مِن شوقِهم وتمارضَتْ أورادُ !
لَهَفاً أعادهمُ الشَّذا لعرينِهِ
وتسابقتْ لفِخاخهِ الأكبادُ
يا لَلرياحينِ الغَداةَ وقد سَعَتْ

في الساحة الرحبة
لا يتناغم النغم الشجي
مع آهات الحسرة !!
ولا يولد الفجر الضائع
من خلال الثقوب الضيقة !!
ولا ينسرب الماء الراكد
في أنابيب المحن !!
بل يتموضع الألق في ركن قصي
وينداح الفرج في زمن التردي
ينداح !!
يهتز الأمل بركانا  في عصر التشفي

مشوشة الذهن أنــا..
فكرة تشدني..خاطرة تجذبني..قصة تؤرقني
أمسك ورقة ..أحمل قلما
تبدأ رحلة الشخبطات..الطلاســـم
أرسم بيتــا...
أرفع مدماكـــا ...
أفتح شباكا يطل على الشـــــرق
أشّرع بابــا يُطـــل على الغــرب..
فوق السقف ..
بيــّـــرق ألــــوان..

هنا ... من تلاشي الممكن من الضوء
ومن حياة – البني ادمي- في التصنت على إيقاع  خطوته بالاتجاه
لا سقف ناعم لتلك السماء
ولا شكل مقنع للإله
هنا... بين قضبان حديد هذا الألم
وهشاشة الصبر
وسخرية الحب في التغني –كما كان دوما-
بانكسار القلم
لا طعم لطعم البرتقال
لا موعد لفوج الحامض من الليمون
لا نافذة تطل  من  مطل

(1)
محبوبتى ليست كما كانت نقية ..
فقد عرفت معنى الحب !!!؟

(2)
قالت لى الجدة يوماً:
لا تعشق ..
لا تغضب أبداً يا ولدي
معذرة يا جدة .. أنا لست نبى!!

(3)

ها وقد كف المنشدون عن الإنشادْ
سيكتفي الرب ..بصمت العبـــــــــاد
سينمو العشب أيضا بين اللحوم الفاسدة َ
فوق الأرض وتحت الأرض.
سيأتي الطيرُ بلا  هدف كعادته
ويدنو الخيرُ.....
سنلمح من بعد جيل ٍ
أسراب النورس تعلو وتعلو
على سهول يلفها الصمت ُ
منسية يبدو
محيت من دفتر الميــــــــلاد!!!

أنا آتٍ إلى ظلِّ نهديكِ آت
قالها المعذَّب وهو يغادرُ جسدَ الأرضِ
إلى صدرِ السّماء
لكنني ما زلت أهرب من ظلِّ عينيكِ
وأخجلُ من دمع أمي ...
وكان ثمة أشباح تطاردنا
وتموز يبحث عن أمواتَ تصلحُ أعلافاً للجند
المنسحبين من بيوتهم
تاركين الجرادَ يأكلُ أثداءَ نسائِهم
عند صلاة الفجر
تساقطَت عُرى كلماتي

مديح بورخيس:

وحيدة أتجوّل في الخلايا
نثار العصور لا يشغلني
ثمّة من يزيل القشرة عن القشرة
فتنبض حشرات العقل
في الشطر الأخير من قراءة العتمة
حيث "بورخيس"
حافيّ القدمين
يرقص فوق نافورة
لا لينفيّ المركز

من أي باب خرجت
وتركت الحصان وحيدا؟
أم هل تركك الحصان وأسرج لليل المترامي
حد الجنون غيابك؟

قد كان في نيتي أن أقيم على إثرك
شيئا من حزن
ومن قصيد,
لكن كم من الحزن يكفي
وكم من الدمع يكفي؟
منك الرحيل ومني ما لاتشتهي

(1)
أستلُّ نظرتكِ التي انتحرَتْ على أسوارِ أشعاري
كسرِّ الضوءِ في الأرواحِ
أسندُها ذراعَ الوردِ... صدراً مخمليَّ الموجِ ليسَ يضُمَّني ..
غاباتِ موسيقى... وشلاَّلاً مسائِّياً على حيفا...
أعُضُّ بمقلتيَّ الريحَ... عنقاً ليِّنَ الدُفلى لرائحةِ المساءِ
كأنَّ فيَّ غباءَ قلبِ الثورِ في شمشومَ حينَ أدورُ حولي دونما مغزى
أهوِّمُ في فضاءِ اللا مكانِ. يدايَ أغنيتانِ عن ليلايَ
قلبي فوقَ أبوابِ الظلامِ فراشةٌ عمياءُ
فولاذيةُ المعنى أدقُّ بها غدي....

هُوَ ليسَ لِبلاباً ،
فكيفَ تَسَلَّقَ السُّورَ العظيمَ إلى حدائِقِ يَاسَمِيِنِكِ
و اشرَأَبّْ .
هُوَ ليسَ غيماً ،
كيفَ أسقطَ ثَلجَهُ ناراً تَلَظَّى
فوقَ رَوضَةِ مَن أحَبّْ .
هُوَ ليسَ بُركاناً ،
فكيفَ تجرَّأت يَدُهُ على حَرقِ الغُصُونِ
لكي يُفَزِّعَ في رُؤاكِ حَمَامَتينِ
فتَهرُبانِ إلى الفضاءِ
على جناحٍ من لَهَبْ .

1- بعيدا عن الذات:
الصباح نفسه....
الشمس تطل من زاوية الرتابه...
تبحث في الأجساد عن أثر ربابه
ليست الأجساد غير لفافه...
بين شفتي الدهر والقتامه..
الكلمات نفسها....
تحيات الصباح على الأبواب...
في رحاها اليومي تنساب..
وليس على العتبات بسمات...
تدفق صامت  متجهم...

الكل في الكل انا في كف مولاي...
وكف مولاي وطن مثقوب ...
وكف مولاي سكني وكفني ...
وانا حذاء مولاي الشتوي
يدوس بي الورد والزهر والبشر
والحلزون اذا مشى يتنسم المطر
وانا سيفه القاطع ..
اذا ما اشار باصبعه حملت على الجميع..
وانا مظلته ودفتر مسوداته ونظارته التي يرى بها كل الاشياء...
وانا منديله الذي يمسح فيه ما يشاء ...
وعصاه وكرباجه ومسدسه ...

كأن الزمانَ تعطلَ
كأن الأرضَ شاختْ
كأن الخسوفَ والكسوفَ تناغَما
كأني ما عدْت’ أرى سوى خَبطِ غيمٍ أسودَ
كأن الصرخاتِ المكضومةَ تتشظى
كأن الكلامَ يرتد’ خافتآ في بئرٍ عميقةٍ
كأن البراريَ تتَمطى
والقتلى يهرولونَ بلا رؤوسٍ
كأن الزجاجَ مائعٌ على الفراشِ
والبشرَ هائمونَ سكارى
كأن طفلآ رَمقني بعينٍ شزراءَ

أَنَا مَا
كَذَبْتُ عَلَيْكَ يَوْمَاً سَيِّدِي
مَا خَانَ قَلبِيَ إِنَّمَا ..
قَد كَانَ يَثْأَرُ مِن جُنُونِ الظُّلْمِ فِي عَيْنَيْكَ،
مِن زَيْفِ الأَلَقْ
أَجْتَثُّ نَفْسِيَ مِن حُطَامِ يَحْتَرِقْ
فَكَانِتِ الثَّوَرَاتُ تَنْهَشُ دَاخِلِي
وَتَأَرُّ قِي
.. شَكُّ أَحَالَ أُنوثَتِي
وَأَحَالَنِي
.. مِنَ البَرَاءَةِ وَالشُّمُوخِ إِليَ الغَرَقْ

يا حُسنَهُ قَدَحاً سكرانَ عن قَصْدِ
قد زارني دون خطوٍ
والرياحُ سعتْ مَوّارةً ضدّي
في حانةٍ بذُرى بغدادَ وسطَ دمي
تحتَ الأراجيحِ
خَلْفَ الشطِّ والوردِ !
والأنجُمُ اجتَمَعتْ
والناسُ ما اجتمعوا
في كلِّ يومٍ لنا وَصْلٌ ومُنْتَجَعُ
لكنْ مع الشكوى
والصَّبُّ لا يقوى