لا يوجد في الدنيا شاعرٌ واحدٌ أحقُّ بالرثاءِ منكَ
يا صديقَ الغيومِ والقمرِ والظلامِ والسجونِ والندى 
والأرصفةِ والتسكُّعِ والأزهارِ والجنونْ
يا ابنَ سلَميةَ الضلِّيلْ
يا صديقي الروحيَّ الذي لم أرهُ عن كثبٍ
 إلاَّ من وراءِ الضبابِ
والمرايا الكافرةِ والأسوارِ المنيعةِ والغبارِ
ولم ألتقِ بهِ ولو مرَّةً واحدةً
أتُرى تغلَّبَتْ ملائكتُكَ على شياطينكَ ؟
أتُرى نلتَ ثأركَ من يهوذاكَ الشخصيِّ
أيُّها العصفورُ الأحدبُ الذي يحملُ وطنَهُ القتيلَ

رؤيا عن نهرٍ لازْوَرْديٍّ دَنِفٍ عاشقْ
أودى بِثوانيهِ الحُبُّ
دقائقَ إثْرَ دقائقْ !
وقروناً إثْرَ قرونْ
نَهرٌ جُنَّ
وثانيةً جُنَّ بهِ المجنونْ
لا أعشقُ ما فيهْ
إلاّ كُلَّ أغانيهْ
نهرٌ من خفْقِ البانْ
بضفافٍ تَتَعرّى كالجانْ
وهو بِبالي الآنْ

قُلْ ما الذي يُغويكَ
وافعلْ ما يشاءُ العابرُ الساحرُ
ما بينَ قوافيكَ
مُحمَّلاً بنيسانَ وعيَنيّْ قَمرٍ مُعَذَّبٍ.....
فقولكَ القادمُ من كُلِّ الأقاليم ِ إلى
هالاتِ زهرِ الياسمينَ
جارحٌ مثلَ شفيفِ الضوءِ
لا يستنفذُ الشعاعَ في قصيدتي
بل أنهُ يرفعُ من هبوطِ أسمائي
قليلاً نحوَ لفظٍ غامضٍ......
يحاولُ التخفيفَ من تصحُّرِ الأشياءِ

مرة حدث ان سيدا جميلا
استيقظ في الصباح
كانت أنثاه ، كما تكون عادة
عارية
إلا من سماء وحيدة
رأى السقف والشرائط الملونة على طائراتها،
رأى العيون التي تنوء بالمشهد المكرر،
وفكرت أنامله .
لكن سلمه العالي كان يشتهى الصعود،
ولا شىء يثنيه
عن طفولة يعبرها في الحلم

مهداة إلى سعدي يوسف                  
جواربُ الظل. رائحةُ النافذة
الوسطى . حمّى الفراشة. عزلةُ
الجسر. هواجسُ شيخ في السبعين
يبكي بحرقة أمام النهر . قبضةُ عشب
يابس في بهو كنيسة مهجورة. قرنُ الأيّـل
المكسور../ .أشياءٌ يرميها البحر
على قدمي...ويمضي/.
لا أحد غيري  أمام البحر .أمرّر كفي
في الماء، أشمّ حقل كروم خلف هضاب
وضباب ، وأرى ما ليس يراه الحالِمُ: أرى سعدي

( 1 )
هذه الحانة ُ والليلُ وأصنافُ الهموم
رحلة ٌ تفتحُ لي بابا ً..
لكي أغفو على خدّ النجوم
طائرا ً ما بين أرض ٍ و سماءِ
وليكن تحت حذائي
كلّ ما كانَ ..
فلا شىء مع الوقت يدوم
أيّها النادلُ كأسا ً ..
وليكن للثلج فيها ما يكون
قطعة ٌ تكفي .. أو اجعلها اثنتين ِ

كي يراك ..
تفتح الزهر
وأنت المكظوم من وطن لم يتزين
من العيب
تتأوه في مقتبل
 العطر ..
يأتي الصباح يغني باسمك
ولم يجدك
ينبع الضحك
في النارجيلة
ولايستطيع قهقهتك

حين َأضَعتُ الفتاة َفي صَخب ِالجياع ِ
إنشطرَ وَهج ُالترَقب ِ
وبان َ إصفرارٌ رَطب ٌعلى جسر ِالتأرجح ِ
فكانتْ وجوه ُالعابرين َخاوية ًصفراء َ
نهايات ُالشجر ِ المُتَيبس ِ
أيدي الشحاذين َالمُصَابة ُبغرغرينيا المعادن ِ
العاهرات اللواتي لا يطِقن َروميو َولا جولييت َ
ولا إلتِفاتة َثمل ٍمِثْليَ
البائعون َالمُخبرون َعُيونَهُم صَفراء َ
الإسفَلتُ يلمَع ُأصفرَ والشرُفات ُ
الرَّغبة ُجائعة ٌبدون َنقود ٍ

رافقت عتمتي وأنا
ألج احتفال الضوء
لألقى شاطئي يوما
ولا ألقاه مهجورا 

مقعدي فات
فأجلسته قربي
و تبادلنا العتمة جنبا
إلى جنب

في ما مضى هوت

سوريا:
حُلمي َأن ْأعبرَ الصّحراء َالمُحْمَرَّة َ
نحوَ البيوت ِالبيض في الأعاليْ
ينتابُني إحساس ٌغامرٌ
غريب ٌوملموس ٌ
يومض ُإلى جهة ِ
الوطن ِالكامن ِفي داخلي ْ.

إنه كتاب ٌمفتوح ٌ
مهئ ٌللقراءة ِ
بعدما سُطِّرَتْ كلماته

بخام براءتي الأولى
عاريا ..أنتصب قدامك:
مجنون بسماء الربيع
مفتون بكتاب السنا
فلماذا ترجك الدهشة العظمى
كلما اندلعت
من أحشاء الصقيع أناشيدي!؟
ولماذا يطويك الصمت الغريب
كلما بحت بعنوان غدي
أو رفعت يدي
عكس السديم الأعمى!؟

في سجون الوهم
تريقك براثين أشلائي
ومن أوجاعي
 ينبثق الوحي
وأسفار الحزن
 أنسجُ بداية الروح
فلا تغازلِ الموت
حين يسكر الليل
بنبيذ قمري
اقترب مني أمنحك ثغر عصارتي
وألفحك بشهوة من شقوق بركاني

دعني مع الريح واتركني بلا سند ِ
ما عدتُ أهتمّ للأوجاع في كبدي

دعني ولي خبرة ٌ في الصبر تعرفها
كلّ الرياح التي مرّت على جسَدي

جذعي له هيبة ٌ .. رأسي بها شممٌ
عمري .. حسابُ الهوى يجري بلا عددِ

باتت جذوري جراح الأرض تعشقها
مذ سافرَت نحوها يوما ً ولم تعُد ِ

القصيدة مهداة للمرأة بعيدها
بمقدورك أن تـُضْرِم النار بي
أن تـُمزّق ثيابي
زاولْ غريزة الهوى
وطارحْ ثم ارعشْ وراوغْ
رُغم غثياني..
صفـّدْ أفكاري كلما أشرقــَتْ
احشر أنفك
 تحسّسْ زواياي
بمَلامِس الإخطبوط
انثرْ حولي مملكة من غبار

تنزل عناقيد الليل ملتحفة بالنجوم ،
فتفترسها شقيات كمدي ،،،
و تقطف من هضابها جراحي ،،،
هذه المعابر الآتية من لوعة خطواتي ،
تدنو من تصدع فراغاتي الشاحبة في أطر اللاشيء ،
تعرشني على طواحين مرّ الكسرة ،
فأتلبد في زاوية مقفرة مني ،،
أضاجع في شوكها أضراس الفاجعة ،،
أهيم على رمل مسحوق
تحت سنابك الدم النابت في شروخ القتل ،
و أنتفض سكينا أكلت أسنانه ذئاب الملح ،

حلم متجذر في الروح يأبى إلا أن يُتمّ نوره 
أَجِدُه ملطخاً بالدمـاء يصلي بحرقة و جنون
بين الحرائق و الدخان المتصاعد من بيوت الفقراء
من أجساد الأطفال و الأمهات...

آه أيتها المأساة المتخمة بالمراثي !
ما أصعب الحياة حين يرفع الموت منجله
يتلألأ الحلم عاجزاً
يسقط مغشياً ضحية لعبث الإخوة
عبث الحقد و الطمع...

رائحة الويسكي المنبعثة من أنفاسكَ
قوية لتجعل الولد الصغير مترنحاٌ
لكنني تمسكت بك بشدة كالموت 
فرقصة كهذه لم تكن سهلةٌ
 
وضججنا نمرح ونرقص بصخب
حتى انزلقت الأواني من رف المطبخ
لكن تعابير وجه أمي العابسة , مقطبة الحاجبين:
 لم تنفرج
 
يدكَ التي أمسكت معصمي

يدخل,
و تفرد كونها
على باب البحر
تآخي النوارس,
يبصر بين أهدابها
أسطورة الرمل.
فعد إشارات النجوم
و مضي يتسربل بالموج
يشق بطنه
باحثا عن بحر
يآخي رملها‍.

1
دخلتُ المبنى الشامخ العريق أبحث عن مسكن
طرقتُ الباب أحمل أشواق العمر، أجاب الفاعل :
عذرا صغيرتي بيتُ الشِعرِ مأهول ..
نكستُ راية الأحلام، وعدتُ أسكنُ دفتي ديــــــــــوان
أفترشُ السطور، وألتحفُ حروف القصيد....!
2
لمّ أطراف القضية، ضمّ زوايا الأوراق، ركنها على رف الكتب
 كان بطل الكلمة، وصاحب الشعارات،
  انتهى استعراض العضلات، تنفسّ الصعداء:
ما أسهل توقف حرب، وما أصعب  إنهاء عقد ثقة