في يومكَ المشتاق للدّمِِ،رحلةٌ في الذّكريات ِ
تعُدّ من رحلوا بلا معنى
وأنتَ سليلُ-أعرفُ منتهاكَ –رحيلهم
فغيابهم كالنّوقِ ،تسير في طُرُق معبّدةٍ بعزلتنا
ودائمة الحضور كشعبنا
منشورةٌ أجسادهم يتهلّلون، يكبّرون-برغم بحّتهم وآلام النّزيفْ
(هم أدركوا)
" أصواتهم تعبتمن الصّدأ الممزّق في الحناجرْ..."
هم فصيلٌ آخر للميّتينْ
كانوا بلا عنى الحياة يُسيّجون رؤاهُمُ المتواضعهْ
لا يحلمون بقصّة للحبّ تنأى كالخرافةِ

(1)
هنا
في المشهد المنسي من صلاتك الأخيرة
ما بين الأزقة و الغبار
ما بين الريح و سطح الإسفلت الساخن
كان الهمس الداكن
و كُنَّ صبايا الحي يُرَتِّقْْنَ ما خَرَّبَه الدهر
و كانت أغنيات فيروز عبر مذياع الصباح
تأخذ لوناً جديداً
هو نفس اللون القديم قبل ميلاد غابة الأسرار الشائعة
بنفس المذاقات الرائعة

لا بحر في قلبي
كي يصبَ النهر فيهِ الاغنياتْ
الآن ينمو نرجسٌ
لأموتَ في ماءِ البحيرةِ
شاخصاَ نظري إليّ
إلى غموض السنديانةِ
في القميصِ الأخضرِ المنسوجِ
من إبرٍ تطرّزني على ليلِ الخميسْ
والأرض مسمارٌ يعلـّقني على الصفصافْ /
 
تتحجّرُ الأنثى

تُسُامِرُنِي ..
عُيُونُ الفَجْرِ .. تُشْجِينِي ..
تُسَافِرُ فِيْ
أَنَا المَصْلُوبُ بِالأَمْسِ ..
بِلاَ شَمْسِ ..
بِلاَ حُلْمٍ سَيَدْفَعُنِي إِليَ الآَتِيْ
أَنَا الإِنْسَانُ .. وَالإِنْسَانُ مَعْصُوبٌ
بِمَا يَهْوَى مُلُوكُ الغَيْ
أَنَا الصَّوْتُ الَّذِي نَاحَت بَوَائِقُهُ ..
عَلى شَفَتِي ..؛ فَنَاحَ عَلَيْ
أَنَا الطِّفْلُ الَّذِي غَنَّت صَبِيَّتُهُ ..

1
رسالتي ستملأ ُ الطريقْ
وسوفَ يرتوي الهوى
منها ، وقدْ
تعشقـُها الغيومُ ، أو يحضنـُها البريقْ
رسالتي
لابدَّ أنْ تثورَ في
تأمُّـلِ ِ النائم ِ ، أو تَرَقُّبِ الغريقْ
رسالتي يوماً ستستفيقْ
على بكاءِ شاعر ٍ رقيقْ
يحزنُهُ الغروبُ، أو يقلقـُهُ الشروقْ

ذكرى لديَّ لصيقةُ القمرِ
انا ما مشيتُ فكيفَ كيفَ ستقتفي أَثَري ؟!
  وفواكهي حمراءُ
 يا لَمشاعلِ الشَّجَرِ !
هذا كتابي في يميني
والمدامعُ في شمالي ,
كلُّها رَهْنُ الخلافِ
 ورهنُ قلبي وهو يسعى
للهطولِ على الضفافِ
بحيثُ فيها تنبضُ الأمواجُ كالوَتَرِ
ويجيءُ فصلُ المَغرِبِ

"ما تيسر من غناء الوداع في حضرة الدرويش "
ما من مكان في زحمة الرثاء سوى نهنهة القرفصاء..
وما من كلام يليق براحل الراحلين سوى سرب عشق معتق في دنان الأمهات..
هكذا أبدأ الخاتمة..
كلها الكلمات تسمرت منذ غروب السبت..
جف الندى ..
تحت الخماسين . أطلقها المذيع الجهوري .فبكيت
لم يفاجئني موت من ترك الحصان وحيدا..لكنه جزع الفراق..

* *

وغابت.....
ولمّا أشرقَتْ مزَّقت أضلعي
شمسُ الغيابِ
وباتَ الركامُ كبيرا
فالصمتُ يحطِّم في قلبي
همساتُ الروحِ الأخيرة
فتعالي إنِّي قاتلٌ نفسي
بأوهامٍ في هيام
وماعادت صغيرة
...........................
ياأيتها الفراشاتُ

(1)
الآنَ بعدَ نزولكَ العبثيِّ عن أولمبَ. بعدَ هشاشتي كقصيدةِ الصوفيِّ
بعدَ مدى انتظاركَ في مهبِّ الحُبِّ من قد لا تجيءُ لوعدها أبداً
وبعدَ دمِ اشتعالكَ فيَّ كالعنقاءِ. بعدَ رمادِ روحي. ذلكَ المنثورِ
في بحرِ الأدرياتيكِ. بعدَ دموعِ أمكَّ في ظلامِ السبتِ فوقَ ثرى يديكَ
وبعدَ كُلِّ نساءِ بيكاسو ودالي. والغنائياتِ. ألحانِ البكائياتِ
بعدَ دمي ينامُ على حوافِ الشعرِ والشطآنِ. بعدَ هواكَ.....
أعجزُ أن أموتَ أمامَ موتكَ ميتَتي الصغرى....
وكلُّ الموتِ يا محمودُ – يا أشهى المرافئِ في هوى الأقمارِ-
كلُّ الموتِ عجزُ الكائنِ العربيِّ شيلَ مسدَّسٍ يغفو على مرمى قرنفلتينِ
والتصويبَ في فرحٍ على تاريخهِ.....

ماذا نقول للوز يافا؟
لبحيرة ظلّت ترقّب موتها
لصبيّة ضاعت شرائط
لصهيل حيفا إذ يتعتعها الرّحيل؟
ماذا نقول لعشقه الدّامي
لقصيدة المنفي
ليمامة تركت هديلها بالجليل؟
ماذا نقول لأمّنا
وغطاء قلّتها رماه اللّيل،
وأصيص نعنعها تشتّت في الزّمان؟
ماذا نقول لجدّة سكبت دموعها

بزهوٍ شدَا:
أَمِثْلي أحدْ؟
و قالَ بحزْنٍ: ألا ليتني كنت غيري
لأخرُجَ من تعبِي
أرفِّه عنِّي هنا، أو هناك
ألا ليتني كنت غيري
أنا من تهبْني الرياحُ مواجِعَهَا
فتسكن أوتارَ قلبِي
كلحنٍ حزينٍ شجيٍِّ
كمعزوفةٍ للفرحْ
كمولودةٍ لي

ذهبَ  الحبُّ   يميناً وشمالاً       
و  انتهتْ  رحلة ُحبِّي
ضمنَ أوراق  الخريفْ
أأضيفُ
الـعـَالَـمَ الكاذبَ نحوي
كيفَ للمقـتـول ِفي عـيـنـيـكِ
مرَّاتٍ
يُضيفْ
لم  أعدْ إلا حـطـاماً يـتـمـشَّى
في مرايـا ألفِ جرح ٍ
عربيٍّ أمميٍّ عالميٍّ

وحوش !
انا الشفقُ المُضاءُ بِحُمرةِ الزَّهَرِ
نشأتُ مع الوحوشِ الضارياتِ
جميعِها بعرينِها وبنابِها النَّضِرِ !
فأيَّاً مِن أحاديثي الكِثارِ
تُرى اليها سوفَ أختارُ ؟
انتبهتُ ,
فليس مأمولاً عن الشكوى هُروبُ
وعن مَرِّ النسيمِ به ترفُّ رموشُها
فإذا دمائي تنثني
ورمادُها ناراً يؤوبُ !

1- لم يمل بعد
 من صحوة ينهض لينام
يتثاءب بيقظة
ويحلم بغسل وجهه
برائحة قهوة لم تبرد
في صباح يمضي
كشمس خرافية
تغري الأمهات
بنشر الغسيل باكراً
والتلاميذ
باختصار جداول الحصص ..

إني امرأة .. أخذت من الطير جناحه و من
البحر هيجانه ..
و من البركان تمرده ..
و لكني كطير حبيس ..
في القفص مكاني ..
 
إني امرأة سلكت دروب عشتار و ليليت
أردت أن اكمل ما بدأت به .. و لكنهم قالوا  
خرج الصباح .. فتوقفي عن الكلام المباح ..
و ها قد سرقوا مني أحلامي
 

هنا أنظر الآن وحدي
و حولي وجوهٌ رتيبة
كتيهِ السراب الكئيب
وجوهٌ غريبه
تنام الصباح بأروقةٍ في الضباب
بجوف الضباب انتصاب المرايا
و حسونِ عشقٍ
يزور المكان
لديه حصان الهواء
يدنو
بلا هامشٍ من حذر

الآن من شغف الصّباح
ومن نوميَ العميق بلا عملْ
من كلّ أغنية بصوت الأم ّ تنعى
آخر الأطفال من فرسانها الشّهداء
من جسد الحقيقة عاريَ المعنى
أنمّقُ وجه وجهي
مثل كل!ّ النّاس لا أصواتهم/ أحلامهم/ أوهامهم
حتّى العواطف زيّفوها
والمبادئ في مكاتب شغلهم
كالعاطلين على الأملْ

آنَ لي أنْ  أتركَ المنفى وأمضي
لبساتيني وأرضي ،
حاملاً صبري وإيماني وحرفي
فوقَ رأسي ،
وبكفي أحملُ الدرعَ ، وسيفي
فوقَ كتفي
فلقدْ طالَ اشتياقي
لزقاقي ورفاقي
ولزيتوني وأرضي
فأنا خمسونَ عاماً