أذْكُرُ يَوْماً
فِي حَارَتِي ٱلْبَئِيسَة،
قَبْلَ أَنْ يَهُلَّ
ٱلنَّهَارْ.
أَذْكُرُأَنِّي
رَأَيْتُ قِدِّيسَة،
كَانَتْ تُسَرِّعُ ٱلْخَطْوَ
بَيْنَ دُرُوبِ
ٱلدِّيَّارْ،
وَتُسَابِقُ صَدَى أَجْرَاسِ
ٱلْكَنِيسَة.

كما المارد الأسطوري يأتي
يمتص عذرية البياض
عفوا سيدي الانتظار
من هنا مر التتار
جسدي كان بقايا أغنية
أيها الوجه المرمري الصاعد من موتي.
أيها المنبعث من رمادك
ومن حلمي
كيف أمشي ويداي خلفي؟
كيف أدجج مرايا حمقي؟
******

على جَبهتِي خُدُوش
طفُولتِي
لا تشْبهنِي طبعًا
ولا تُشْبهُ مَن يُشبِهنِي....
بيَاتٌ جنبَ الصّحُون,
وعَرَباتُ بائِعِ الثمُورِ, وقذَرات بامتِيازٍ ...
*********
كُنْتُ أغتسِلُ بدَمعِي
وأغْزلُ مواويلَ الحِكْمةِ بقَلبٍ حَزينٍ..
أعُدُّ اللُّقيمَاتِ حِين الوِفاضُ يغْرقُ فِي اللاشَئ
فأسْتكِينُ لِمَغصِي,

كالغزالِ الشاردِ تنتظرُ عويلُ المطر
ثمة بلاد غيري مَكْسَبٌ .........
انا بلاد لا تتقن الغناء
وأوتاري مبتورة
وهذا لحدي لا ينهض ولا يتفكك من تلقاء ذاته
مبتورة الأوتار يا عازف الناي ،
والوصية شبه الوصية مُكتظة بالحطبِ
وورق قشر الشوفان والبندق،
ويصحو نداء الظباء عند أخر رحيل لها .
ثمة بلاد غيري مكسب .........
انا بلاد لا تتقن الغناء

هذِه الأرْوقَةُ فِي شَارعِ الصَّمتِ
حَزيِنَة
الأقبِيةُ الخَضَراءُ وأسْوارُ المدينةِ حَزِينَة
جِدارِيتُنا علَى الرّصِيفِ
تنْزفُ دُخانَ المَوتَى
تُراوِغُ صَدأ الأصابعِ المُهملةِ..
ونَظرَات
شَامتٍ
مُقنَّعٍ
المارَّة تحْملُ تجَاعِيدَها فِي جُيوبٍ
أنْشَدتْ لَحنَ الفَراغِ

تخطئ كي تصيب
تخطئ كي تخطئ
الدروب مقطوعة
الصوت الجديد كارثة
الحياة كتاب شبه مغلق
الهواء والشوارع المشمسة مرعبة
عتبة البيت هي آخر حدودك
خطوتك الساكنة تناديك
صوت أمك واليد اللطيفة التي ترتب وحدتك
أنت يا صغيري هناك!
فوق العوالم اللامتناهية في الصمت

١-
فكرت بتلك الليالي
المجنَّحة بالخوف
وكم كانت صباحاتنا بعيدة..
بعيدة جداً.
لدرجة أني كنت أراك
في أكثر من حلم
وكنت تختفي في كل مرة،
هكذا إلى أن يطرق الضوء بابي
فينتهي طعم الليل بكل مافيه!

٢-

يدٌ ترتعش
قهوة كولومبية
هدوء
تحت ركام صداع
ونوايا عالية الغضب
دخان برقصة أفعى

أبدأ التفكير بك
يباغتني نبضٌ
مثل خيول حبيسة
تشقُّ صدري

مراكش ايتها المدينة المفجعة
جمالك الصارخ الغاوي
وحسنك الطاغي جلاد
كم اردنا هجرك
فاستعبدنا جمالك المر
وتنكرك للبسطاء
مر
مراكش ايتها المدينة اللعوب
زوجة الاب انت
تكرمين الغريب
اقصد تجعلين من الابن الغريب.

اليَوم
وتحْتَ غَمضٍ بَائسٍ أسَاءَ الظَّن بِقَدرٍ ملْعُونٍ
ستُسْحَبُ
الأغْنِياتُ مِن حَلقِ البَلابلِ
وتُعلّقُ الشَّارَاتُ بَعيدًا عنِ الأبوابِ
وَستَخضعُ الأهالِي لقُرفصاءِ الخزي
فَوحْدها الكِلابُ تُخلدُ استِجابتَهَا لصَفير الأسيادِ ,
لِميلادُ أعْجُوبة بينَ مَسْعَى السُّجناءِ...
مِن سِجنِ مْيامِي دَايْدْ إلى سَانْ بِيدْرُو ....
****
اليوْم

1-
من اعتاده الضوء
لن تكسره العتمة

2-
لن توقف اتقاد شمعته
كلمة ليلِ
3-
من اعتاده الضوء
لن يقتله العواء المبكر
للوحشة
بل يجده الضوء

يحدث أن يمتلئ حيّنا بالبسملة
تطلقها طيور رات رجلا
يحمل باقة من الرّحمة
ويتّزر بردة مطرّزة بالتناهيد
يتبعه قلب امراة مثقوب كناي
يسيل منه صوت مغيّم بالانتظار
يحدث أن يكسرني المجاز
فأتورط في عشق رجل
لا بيت له ولا كنايات تستر نوافذه
كي يملأ سلالي شعرا
يوقفني حاسرة القلب

خارجين إلى القبر كنا،
نجر وراءنا أذيال الدهر المتعب...
نمشي ...،نتوقف.
ثم نمشي...،و نمشي...
بائع السجائر الحزين،
جالس فوق كرسي من رماد،
ينتظر كعادته زيارة المساء.
يبيع سجائره في موكب مهيب،
يأخذ الدراهم ، و يعدها في نشوة جنسية،
يبتسم داخل جسم رمادي...،
ملفوف بسواد التاريخ العتيق،

أداعبُ وهمي
في ركن البرود
من خبايا روحي
العنيدة
أهاجرُ عنها بعيدا
على الأقل
خطوتين
لأطل على جبل الكدر
و أقلِّبَ أوراقيَ العتيقة
أغرق
أو أذوب في شموعي

ابحث عن جدوى
في كل معنى يغمرني
فوضاي
هواجسي
هناك شيء ما
يعيد صياغة الموسيقى

يؤثث روحي من جديد
يتشكَّل
يرتب..
يحرق أوراقاً رثَّة

لا شيء....
مستغرب
في أرض المهباج
فكل شيء .. كل شيء
عاقرٌ ومباح
كما في السيرك
فقد فصّلوا الظلام
على مقاسنا
واقتسموا الشمس
تحت موائد خيانتهم
بين

ها أنت الآن تقف أمامي نصفك رجل والنصف الآخر شبح ابيض شاحب
خائف ترتجف من البرد
تحاول أن تجمع شجاعتك وتشحذ لسانك
وتمرن عضلات خدك على الكلام
هي كلمة واحدة وتجاهد النفس والروح كي تقولها

أنا يا غرناطتني ويا أندلسي راحل
يا غزالتي البرية
ماعاد ريحانك يغويني
ماعاد نمش وجهك يحييني
ما عدتي يا فيروزية العينين وطن أضع فوق جبينك الأخضر جبيني

مثلتها بظبية رآها نرجس، جلنار أو بنفسج
فمنحته حسنها ليغدو بساطا مونقا
كأن الرقوم منها استعارت بهاءها
أو روض توشى للربيع مهللا
أنظر إلى قطرات الندى وقت إنبلاج الفجر
تجد تباشيرا بانت على محياها
مع اصطباح الصباح بمحاسن مقلة
من حمرة علت وجهها
كأن الورد استقى منها لونه
من تبسم ثغرها
كتبسم الرضيع لأمه