"المــتعــة إلــه زائـــف"
مارك مانسون  
لماذا نعيش الحياة؟ وما مصادر قلقنا وبؤسنا البشري؟ وهل تدربت البشرية يوما على عيش حياة تخالف المألوف؟ وما هي معايير حكمنا على نجاح تجاربنا أو فشلها؟ وما مغزى القول بنسبية الفشل والنجاح؟ وهل السعادة قيمة ذاتية لأجل كينونتنا أم منظار أن يرانا (الغير) سعداء؟ وكيف يمكننا أن نكون إنسانيين حاملين لقيم عظيمة؟

  أليست غريبة هذه الحياة! أليست لعبة مسلية وشاقة في الآن معا! هذه إشكالات وتأملات ولدت من رحم "مارك مانسون" وهذا كتاب ينزاح عن المعيار بلغة "جون كوهن"، كتاب يمتلك سلطة فكرية يمارسها على القراء، تنغمس في رحاب فكرة وتقول في قرارة نفسك هذه حقيقة ثابتة لا فرضية داروينية، لكن مؤلف "فن اللامبالاة" يعمل على تحطيم أصنام كل اليقينيات بمطرقة فريديريك نيتشه تحطيما عنيفا، وكأنه يقول لنا لا وجود لحقائق يقينية في عالم الحياة، هذه الرواية العامرة بالأسرار والمغامرة الجريئة، وحياة العقل ليست قارة وتابثة، فهي متقلبة في كل الأطوار، أولم يقل الفيلسوف المغربي "طه عبد الرحمن":" العقل الذي يبلغ النهاية في التقلب هو العقل الحي الكامل..."[1]. فالعقل هو نبي مقدس، هو سر وسحر الوجود، وبه صنع الأساطير تاريخ البشرية، وأثتوا مجدها الخالد على مر العصور.

"لا نحتاج إلى فلاسفة بالمعنى الذي حدده التقليد الغربي" فتحي المسكين
تقديم
    يعتبر فتحي المسكيني التقاليد الفلسفية طرقا للتعبير عن أنفسنا، يتساوى في ذلك الإغريقي والعربي والروماني والأوربي المعاصر، فهذه التقاليد هيئات لأنفسنا، نحن الذين نطوعها ونخترعها ونعطي لها الكلمة عن طريق استعمال هذا البدء الفلسفي أو ذاك من أجل استئناف مستقبل التفكير الإنساني. ويؤكد المسكيني على أنه لم يكتب عن اليونان -رغم أن العرب تفلسفوا انطلاقا من نصوص اليونان- بل هو مجند أساسا لإعادة هيكلة اللحظة الفلسفية العربية أي الإختصاص العائلي لمن يتفلسف بلغة الضاد، ويعتبر الأمر نوعا من الإستئناف المؤجّل لمفهوم الفيلسوف مرة أخرى(1).

شجّعني موقف الأستاذ فتحي من التقاليد الفلسفية على مساءلة علاقته بالإغريق؛ فكتاباته تحفل بإشارات إلى الإغريق وعلاقة الملة بالتراث الفلسفي الإغريقي. كما أن انتماء المسكيني إلى "ثقافة الملة إلى حد اللعنة" ودعوته إلى العودة إلى "مصادر النفس العميقة" وانفتاحه على نصوص "الآخر الفلسفي" مثله مثل أسلافه (ابن رشد أنموذجا)، يعتبر رهانا لافتتاح عصر جديد وتأسيس حداثة خاصة: "حداثة مغايرة".

" الحجر الساقط من علِ كلما كان موضع بدء هبوطه أعلى كلما كانت شدة وقعه أقسى..."
ولد أبو البركات ابن ملكا البغدادي في البصرة سنة 1087 ميلادي وتوفي في بغداد سنة1165 ميلادي ولُقِّبَ بفيلسوف العراقيين وأوحد الزمان وعرفه عام الناس باسم البلدي وذلك لتخصصه المعمق في الفلسفة ومبالغته في الاهتمام بالعلوم التطبيقية والطب النفسي وبراعته في الابتكار في الفيزياء والميكانيكا والفلك.
تتلمذ في الطب على يد كبير الأطباء في زمانه الحسن سعيد ابن الحسين وكان واسع الاطلاع على مؤلفات جالينوس وطرقه في العلاج ولكنه سار في الطبيعيات ومابعدها على منهج أرسطو وابن سينا والفارابي.

"أخشى أن تكون ساحرة الفلاسفة، أي الأخلاق، هي التي تمكر بهم هنا لتجبرهم على أن يكونوا مفترين  على الدوام" 
فريديريك نيتشه
"في العالم شيء يرغم على التفكير. هذا هو موضوع لقاء أساسي وليس موضوع تحقق"  
جيل دولوز   

تقديم

يجب التأكيد على صعوبة الإنفلات من الاخلاق والأحكام الأخلاقية، والتي فرضت نفسها على الأفراد والجماعات على طول تاريخ البشر والثقافات والحضارات. إن الحكم الأخلاقي هو الذي وجّه الفلاسفة والمؤرخين وعلماء النفس، وإن الفن والدّين والعلم والتاريخ والتقنية نُظر إليها من جهتها الأخلاقية، وذلك بما ثبت من تفحص هذه المجالات من أنها كانت مشروطة للأخلاق في غايتها ووسائلها ونتائجها. فالقيمة الأخلاقية عدت بهذا القيمة العليا(1). لكن ما يتعب أكثر، هو أن نرى في النوازع الأخلاقية ما يحرك عمل الفيلسوف أو المشتغل بالفلسفة، مع ذلك الإعتزاز بالإنضمام إلى الجماعة والخضوع لقيمها وقوانينها، والإنتشاء بخدمتها وتدعيم سلطتها. إنه الشعور بالواجب، والوعي، والعزاء الوهمي بالإنتماء لإرادة عليا؛ إرادة الجماعة. ضدا على هذا النزوع الإرتكاسي، وجب "تجديد الإنطلاقة" والبحث عن مخارج للتشويه الذي أصاب إرادة "الإنسان الأخير" وقيمه ومعاييره الاخلاقية ومعنى و"جوده مع العالم". إنني أدعو هنا والآن، إلى التشديد على الوسط ومزاولة الصيرورة، وإعادة الإعتبار للجغرافيا على حساب التاريخ، وللفكر كقوة رحالة قادرة على زحزحة المثال وتجديد الإنطلاقة.

" لبست ثوب العمر لم أستشر   وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم   أدرك لماذا جئت أين المقر"
لقد برع عمر الخيام المولود في نيسابور بخراسان عام 1048والمتوفي فيها أيضا عام 1131 ميلادي في مجال الشعر والفلسفة والعلوم ولكن مجاله الإبداعي هو الرياضيات وبالتحديد علم الجبر والحساب ولقد تناول بالبحث مجالات معرفية وصناعية أخرى مثل علم الفلك والتاريخ واللغة والفقه والفيزياء والحياة.
لقد حاز شهرة عالمية من خلال الرباعيات التي ألفها بالفارسية وتضاربت التأويلات حولها ورأى الفريق الأول بأنها دعوة إلى التمتع باللذات والنعيم الدنيوي ورأى الفريق الثاني بأنها موقف واعي من الوجود.

"نحن لا نتوفر إلا على مفهوم فقير عن سياسة الجسد لدينا"
فتحي المسكيني
"أي نوع إنساني ينبغي أن نربي، وينبغي أن نريد، كنموذج للإنسان الأرفع قيمة، والأجدر بالحياة، والأضمن للمستقبل؟"
فريديريك نيتشه
تقديم
    تؤكد الأحداث التي شهدتها المنطقة الجغرافية الممتدة جنوب وشرق المتوسط منذ نهاية القرن العشرين على فشل ثورات دولة ما بعد الإستقلال، وفشل الرهان على الجيل الجديد (جيل الشباب) في تحقيق طموحات شعوب المنطقة في الحرية والديمقراطية والتنمية. بل تم اكتشاف أن هذا الجيل بلا انتماء هووي جاهز. إنه لا ينتمي أصلا لا إلى الأمة (بالمعنى الحديث) ولا إلى الملة (بالمعنى الديني)(1) ، نتيجة نجاح الدولة في إلهاء الشباب جماليا وتكنولوجيا عن دورها الذي اكتشفته الحركات اليسارية في العالم(2). لكن يمكن قراءة هذا الرفض على أنه رد فعل ضد نوع التربية التي فرضها الإنسان الأخير على أجيال من الشباب كي يصيروا أتباعا ورعايا مخلصين، ونتيجة منطقية لتنصّل نخبة من الأساتذة والمثقفين والمناضلين من تنوير هذه الأجيال الشابّة. وهنا لابد من التساؤل حول جدوى الدعوة إلى "العودة إلى النفس العميقة"، في ظل إحساس قوي ومتزايد عند شريحة كبيرة من الشباب بدور لوحة القيم التي رسمتها هذه النفس في تجميد إرادة النقد والإبداع وإشاعة الخضوع والإنقياد، وعرقلة كل نزوع إيتيقي للإهتمام بالجسد والطموح إلى إبداع قيم جديدة مع عالم مختلف.

"ليس الدّين مجرّد تقنية من تقنيات الآخرة، بل يمكن أن يكون أحد أنبل أشكال الإنتماء إلى الحياة"  
 فتحي المسكيني
"يلزمنا أن نكون فيزيائيين لنكون بهذا المعنى مبتكرين"
فريديريك نيتشه
تقديم
    طرح فريديريك نيتشه في مستهل كتابه "جينيالوجيا الاخلاق" إشكالية الجهل بالنفس والغربة عنها، وعدم البحث في الذات وحياتها وكينونتها. ودعا إلى التساؤل الجدّي عن أمور الحياة وأحداثها، وخاصة بكل ما مُجّد حتى الآن تحت إسم الأخلاق وعن دورها في عرقلة تطور البشرية أو تعزيز هذا التطور. وهذا يعني حسب نيتشه، أننا بحاجة لنقد القيم الاخلاقية وأن قيمة هذه القيم ينبغي أن تطرح قبل كل شيء على بساط البحث لمعرفة الشروط والأوساط التي ولّدتها. يبدو أن مطلب نقد القيم الاخلاقية أصبح اليوم ضرورة حيوية، في ظل إحساس قوي بخطورة "شبكة المعنى" التي أخذ يفرضها عالم التقنية، لكن مع رغبة في "تنوير الإنسان الاخير"(1) في ظل عودة محمودة إلى الهوية الدينية وإلى مصادر النفس العميقة. إن الأحداث الكبرى التي شهدها العالم منذ القرن الثامن عشر هي علامات عن أمر "الإكتمال" و"النهاية" و"الأخير"، لكن بشارة "العولمة" في نهاية القرن العشرين تدل على ظهور "بدء أول" أو "عهد آخر" هو عهد "البدو"(2)، عهد الحلم بتغيير الإتجاه. هذا مع سابق العلم أن لا منعطف للفانين، الذين هم نحن، إلا بعودتهم إلى كينونتهم الخاصة يستفتونها كما يؤكد مارتن هايدغر، أو "العودة إلى النفس العميقة" والإقبال على تنوير "الإنسان الأخير" بتعبير فتحي المسكيني.

" الكيمياء هو الفرع من العلوم الطبيعية الذي يبحث في خواص المعادن والمواد النباتية والحيوانية وطرق تولدها وكيفية اكتسابها خواص جديدة"- جابر ابن حيان، الكيمياء في كتابه العلم الإلهي
ولد أبو الكيمياء جابر بن حيان عام 721 ميلادي بطوس في إيران وتوفي بالكوفة في العراق عام 813 ميلادي وتأثر بجعفر الصادق وخالد ابن يزيد والحميري وكان معروفا في اللاتينية باسم yeber وgeber.
ذكر ابن خلدون بأن لابن حيان سبعين رسالة في الكيمياء كلها أشبه بالألغاز ومليئة بالأسرار وبالتالي كان أول من علم الكيمياء ومنزلته منها كمنزلة أرسطو من المنطق ولكنه اشتغل كذلك بالطب وعلم الصيدلة ومال إلى التصوف وسبق غيره في اهتمام بصناعة السموم والتداوي بها وتحضير الحوامض والعلاج بها.

" إذا كان لدينا مصدر ضوء ومرآة كروية، فكيف نحدد النقطة التي ينعكس عليها الضوء لعين الناظر؟"
تراوحت حياة الحسن ابن الهيثم بين البصرة في العراق من حيث هي أرض المولد سنة965 ميلادي والقاهرة في مصر مكان الوفاة سنة1040 ميلادي وعرفت عدة رحلات علمية مهمة إلى الشام والأندلس.
حاز ابن الهيثم على فكر موسوعي جمع بين الفلسفة والأدب وبين الرياضيات وعلم الطبيعة وبين الفلك والجغرافيا وبين علم المناظر وطب العيون وتأثر بأرسطو وبطليموس وإقليدس وجالينوس والكندي وثابت ابن قرة وتوصل في مجال الإدراك البصري والهندسة إلى اكتشافات مهمة أثبت صحتها العلم الحديث.
أطلق عليه مؤرخو العلم فيزيائي القرون الوسطى وأطلق عليه المستشرق رينر اللقب اللاتيني Alhazen وحفظت مكتبة فرنسا الوطنية بباريس ومكتبة ليدن ومكتبة بودلن في أكسفورد أعماله الفيزيائية والهندسية.

يمكن لعبارة الوعي الذاتي أن يكون لها معنيان. فهي تعني أولا معرفة الإنسان بأفكاره، بأحاسيسه وبأفعاله. وتعني ثانيا قدرته على الرجوع إلى أفكاره وأفعاله.
بصفة عامة، نعتبر الوعي الذاتي جوهر الإنسان. إنه ما يجعل منه ذاتا؛ أي كائنا يربط علاقات خاصة بالعالم وبذاته تميزه عن غيره من الحيوانات. كل هذه العلاقات الخاصة تعني إجمالا الفكر (ديكارت) أو الروح (هيغل).

أ) الوعي هو ماهية الفكر
أول فيلسوف تمكن من إعطاء تعريف واضح للوعي هو ديكارت في القرن السابع عشر. ففي "خطاب في المنهج"، يبحث ديكارت عن حقيقة من شانها التغلب على الشك. تمثلت النتيجة النهائية التي أدى إليها الشك المنهجي في يقين لا يرقى إليه شك: الكوجيتو، "أنا أفكر، إذن أنا موجود".
هذه الحقيقة ذات الأهمية القصوى، "أنا أفكر، إذن أنا موجود"، هي أساس الفلسفة. إنها تسمح بتعريف الروح كجوهر متميز عن الجسد يحدد طبيعة أو ماهية الإنسان. الإنسان بالتعريف كائن أو جوهر مفكر.
هذا الفكر أو المعرفة المباشرة (أنا كائن مفكر. الفكر يمثل الشكل الخاص لوجودي) التي يمتلكها الإنسان على نفسه، هو ما يسميه ديكارت الوعي، والذي هو بالتالي وعي ذاتي دائمًا.

" حساب الهند قوامه تسع صور يكتفي بها في الدلالة على الأعداد الى ما لا نهاية له وأسماء مراتبها أربعة وهي الآحاد والعشرات والمئات والألوف" ، الخوارزمي، مفاتيح العلوم،
عاش محمد ابن موسى الخوارزمي بين 781 و850 ميلادي بين خوارزم وبغداد وتأثر بأبي كامل شجاع ابن أسلم وعاصر المأمون وعمل في بيت الحكمة ولقد اهتم بالجغرافيا والفلك ولكنه برع في الرياضيات.
لقد ألف الكثير من الكتب وترك عددا من الرسائل العلمية على غرار الجمع والتفريق في الحساب الهندي وتقويم البلدان ومفاتيح العلوم والعمل بالإسطرلاب وصورة الأرض ورسم الربع المعمور، ويبدو أن كتابي المزولات والتاريخ الذي ذكرهما ابن النديم في الفهرست قد ضاعا وأن مسلمة المجروطي قد أنقذ النسخة العربية من كتاب علم الفلك الهندي المنقول إلى اللاتينية ، غير أن كتابه المختصر في حساب الجبر والمقابلة هو العمل العلمي الذي نال به شهرة واسعة وخلده وجعل منه عالما رياضيا فائق الابتكار.