أنفاسيهمهم بكلمات أساسها ساقط ....لكن .....في قرارة نفسه  فقط.
- أسمعك تقول شيئا ما !!
- لا ، فقط اغني ...
يغني ˤ مادا تراه سيغني وهو يكاد يهضم أغاني سعيد المغربي كلها ، .....أغاني لا تكاد تنطق إلا بما يذكي نار الالتزام باللاشيء في عالم يخلقه لنفسه ، حيث لا زالت نبرات أدب الواقع تحرث بقوة في نفسه التي لم تستوعب بعد كل شيء .....طبعا لا يسعه إلا أن يغني ، ودواخله تعج بالخوف من هدا الكائن الذي لن يكون إلا " المعلم "
- وقاد خدمتك يا هاد بنادم....!!
 لك الحق في اختزال كياني كله في مجرد أنني لا شيء ......يحلم ....لا بد له أن يصبر اذن.... طبعا كبرياؤه يمنعه من معاودة عناق زاوية درب ما ، وتأبطه علبة السجائر ....لن يبيعها  مرة أخرى ، سيعمل الآن ، على الأقل ،  سيستر كيانه في خندق مغلق ...لن يراه أحد يهان
- جيب الفأس ......جيب البالة .....جيب خنشة ديال السيمة .....جيب .....و جيب .....

أنفاسولم تجد حاشية الملك بدا من التفكير جديا في تنفيذ وصيته بممارسة كل طقوس توديع الميت من الغسل إلى الدفن، أوحى حاجب القصر لخليفة الفقيد، بأن هيبة المملكة في الميزان، وهو يسر لنفسه عبارة على المحك.
أعلن في آخر خطبة ألقاها بنفسه قبيل وفاته، عن رغبته في الحشر بين قبور العامة في ضاحية المدينة، لم تكن لهجته مما تعودنا عليه، بل لعل الكلمة هذه المرة كانت من تأليفه على غير عادته فيما يلقيه أمام الشعب بمناسبة وبغير مناسبة، في لغة متهلهلة بنبرة حزينة تكتنف صوته المتقطع، وبينما كان الترقب بلهفة حادة لسماع ما سيعلنه من قرارات حاسمة بعد الذي صار في مملكته البئيسة، فاجأ الجميع كعادته بالقفز على الأحداث، ليحدثهم عن دنو أجله، وما قرر اتخاذه من مبادرات يصحح بها أخطاءه حتى لا يعترف بما كان يحتاج إليه من تكفير عنها قبل فوات الأوان، لم يذكر شعبه الوفي بالمحجة البيضاء التي تركهم عليها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولم يكرر على مسامعهم وصف البلد بالجنة التي يتربص بها الحساد، باختصار شديد، يا بني، كان الملك غريب الأطوار، يتلعثم في جمع حروفه المبعثرة، باهت الوجه ذابل الجفون.

أنفاساليوم هو الثامن من مارس..بأية حال عدت يا عيد ؟
وجدت نفسي أضحك وأنا أقف في المطبخ مشعثة الشعر والشعور كعادتي
لا أدري من أين تفجرت هذه الرغبة في الضحك لدي وقد أقلعت عن ممارسته منذ سنين
هل هي المرارة تتزين داخلي فترتدي ثوب الضحك لتقيم حفلة في مسرح نفسي الخرب؟
المفروض على الأقل أن أرتاح قليلا هذا اليوم من رائحة الملفات ورطوبة المكتب ورياء الزملاء.
تتكلمين عن الراحة؟ قهقهت نفسي داخلي بصوت كالفرقعة.
خجلت وأنا أرى زوجي وحماتي الجالسين في الصالون يشرئبان نحو المطبخ يستطلعان..
تصنعت الانهماك في تغيير قارورة الغاز الفارغة بواحدة جديدة..
سمعت حماتي تهمس لابنها الذي هو على بركة الله زوجي..كان همسها مرتفعا..لعلها أرادت أن تشعرني بمساندتها.
- قم يا رجل وساعدها ألا ترى أنها تئن تحت ثقل القارورة.

أنفاسكنت ارقب مجيئها كل يوم,انتظر إطلالة بهائها الساحر وأنا رابض في زوايا التيه الدامسة.هدني التعب وأضناني شوقها الحارق.تمثل أمامي في كل أحلامي باعتبارها ملاكا قادما من عمق السماء.تداعب فروة راسي غارزة أصابعها الناعمة,الممدودة بشكل أسيل.ملامح وجهي المتلاشية تحت ظل الذكريات العابرة فوق سقف الحلم,تتفصد عرقا يتلالا على مسام جلدي المصفوع بلهيب الشوق.ولكن لما تقبلني بشفتيها المكتنزتين,تبرح جسدي كل ضروب الألم لأنتشي تحت ضغط رحيقها العسلي,ثم تمضي سرابا يتعرج في التواءات وتقاطع أزقة الضياع,بين تهويمات الواقع المدلهمة.كيف يمكن لقصة حبي هاته التي تماهت مع أوصال الجسد المتداعي,الآيل للسقوط في كل لحظة,أن تصير لغوا أنفس به عن ضيق صدري وحرج خيالي؟
قررت بعد عناء ملاحقتها انه يجب ان أوقفها عند حدود استطاعتي لالتمس منها أعذارا عساها تستحيي من دلالها الزائد.وتفسح لي مجالاتها كي اندس بين تلابيب غنجها واكشف سرها الدفين ليصير حلمي هدا ناموسا أطبقه في حياتي قبل مماتي.

القصف يشتد ، الصواريخ والقنابل تتساقط كالمطر ، والانفجارات تدوي في كل مكان ،المدينة تحترق...
ثم هدا الوضع ، وصاح القائد الاكبر في مكبر الصوت: انت محاصر برا وبحرا وجوا ومن تحت الارض ايضا ، فلتخرج الينا انت واهلك والمقربون حفاة عراة ، والا دمرنا المدينة..
اصفرت الوجوه واصطكت الركب وقال سيادته لمستشاريه العشرة : افتوني في امري ...
احنى السادة المستشارون رؤوسهم
انتظر سيادته لحظة ثم صاح:قلت افتوني في امري..
فقال الاول :نبيع كل شيء يا مولاي
-امن راي اخر؟
فقال الثاني : السرداب السري يا مولاي.
ثم نظر سيادته الى كبير المستشارين وخاطبه:وانت ما رايك؟
هز كبير المستشارين راسه وقال :الاستسلام او الموت يا مولاي.

أنفاسفي هذا الليل البري ، البارد ، والهادئ ، والمخيف ، والممطر بهدوء، كنت أسمعه يأتي خفيفاً من بعيد ، كأنه صوت طائر محبوس ، أو صوت لكائن آخر لا أعرفه ، لكنه صوت أنيس ، يشبه الموسيقى أحياناً، وأحياناً يشبه الرنين البعيد .
أسمعه الآن ، وأنا أرتجف برداً ، بعد أن ترجلت من سيارتي التي هوت في منحدر صغير وسط براري المدينة القريبة ، حين كنت أبحث عن مخيم غامض الملامح.
أغلقت أبواب السيارة بعد أن أضأت نورها القصير ثم مضيت ، تجاه ضوء بعيد وشاحب ، يظهر أحياناً ويغيب فجأة ، ظللت أسير وسط الظلام ، على أرض مظلمة ، ورطبة لازالت تستقبل مطرها الخفيف ،وحولي ذلك الصوت الذي يأتي من كل الجهات موسيقياً وعذباً، يرن في أذني الآن بقوة ، صوت أليف ومميز وسط هذا الضياع الغريب ، حتى أنني لا أعرف اتجاه المدينة ، رغم الأضواء البعيدة والباهتة التي أراها تنبعث أحيانا من كل اتجاه ، و تختفي فجأة وكأنها شهب دخلت في لعبة مسرحية مع ( خوفي ) الذي لم يبلغ منتهاه ، لكنه لازال ممتعا ومُنتظراً أو متحفزاً أو مندهشاً.

أنفاس1)
الآن وقد عبرت إلى هناك, أستطيع أن أجزم دون مواربة, بالحقيقة التالية:
إن كلبا يعبر الطريق لا يفعل ذلك أبدا بشكل عفوي, فلا شئ عفوي في الحياة, وما يبدو عاديا حد الإبتذال ليس مفصولا بالضرورة عن الوقائع العظيمة للتاريخ..
كل كلب يعبر الطريق إنما يفعل ذلك بغرض الإيذاء.
2)
كان المطر قد توقف..
وتوقفت ماسحتا الزجاج الأمامي عن الرقص..فتبدت الطريق أمامي شبيهة بعاهرة مصابة بالسفيليس ودائمة التحفز لإرسال شتيمة مقذعة لأول قادم.
الطريق لا تمضغ اللبان..

أنفاسو صِرْتُ غَريباً بِيْنَ أَهْلِي وَ مَعْشَرِي    وَ مَنْ كَان ذَا فِكْر كَفِكْرِي يُغَرَّبُ1
 كم أشبه دون كيشوت , فأنا بسيط البنيان , و أحيانا أشعر أن أفكاري ساذجة , و أذكر أن بنية نبهتني لأمر الشبه , فكانت دائما تناديني بدون كيشوت , وعندما كنت أسألها لمَ ؟ , ترد ضاحكتا :
ـ تمتلكِ لحية كلحيته .
و أزعم أن أمر الشبه لم يكن مقتصرا على اللحية فحسب , أظن أن تلكِ البُنية رأتني أُكْثِرُ من قراءة الجرائد , فاعتقدت أنّي مهوس بقراءة الصحف كهوس دون كيشوت بقراءة كتب المغامرات .
عموما , مرت بي الأعوام , و تعرضت لعدة تجارب حياتية , جعلتني أعتقد اعتقادا ـ لا يخالجني فيه شك ـ أن دون كيشوت هذا شبيهي , فقصتنا واحدة , كلانا أصابتنا لعنة الملل , فأردنا أن نصنع شيء في حياتنا , هو قراء روايات مغامرات الفرسان , و أنا قرأت كتب الفلسفة و الشعر و قصص الحب , هو تأثر بما قراءه حتَّى عد نفسه فارسا , و أنا تأثرت بما قرأته حتى خلت نفسي شاعرا , و عاشقا , بل , و فيلسوفا أيضا .

مفضلات الشهر من القصص القصيرة