جلست على مصطبة اسمنتية انتظر قدومها ...
قيل لي :ستاتي عند السادسة؛ وربما تتأخر الى السابعة ..وقيل لي ايضا : اذا تاخرت اكثر ’ فما عليك
الا الانصراف او اللجوء الى وسيلة اخرى ان كنت مضطرا للسفر..
فسر كهل طويل القامة عريض الوجه ’ قائلا بلكنة امازيغية : الحافلة يا بني لا تنطلق من البلدة انها تمر منها وهي في طريقها الى المدينة ’ وان كانت مملوءة فلن تدخل الى هنا ..
شكرت للرجل شرحه ’ ونظرت الى ساعتي ’ اكيد انها تشمت بي ..
هي ذي بلدتك ومسقط راسك ؟ من يصدق ثلاثة ايام وانت تلف الدروب ’ تسال هنا وهناك .. اين خالك حمدان ؟ اين عمتك ميمونة ؟ واين هو الحاج ؟ والاكواخ ؟ والحقول ؟ اسماء ’ مجرد اسماء ..انمحى عالم وانبنى اخر’ كانك تحلم ...
شهر غشت والحرارة لا تطاق ’وكل ما اتمناه : مغادرة البلدة اللحظة وباسرع ما يمكن .. اعدت النظر الى ساعتي ’كان عقاربها لم تعد تتحرك فعلا ’ واتكات الى الخلف مغمضا عيني ’ فاثار انتباهي جرس سقاء يرن في عياء ’ وانشغلت بالاستماع الى رناته الرتيبة الحزينة ’ لكن الرنين ايقظ احساسي بالعطش’ فجف حلقي وضاقت انفاسي ..اين هو هذا السقاء؟ اين هو؟قلت : لن يكن الا وراء هذه الحيطان .