abstraite-couloirما أكثر المفسدين، والمرجـفين في بلدته !..
أوغروا صدره ضد بلدته، فتركها غير آسف ، ويوم غادرها ذات شتاء أقسم أن ينضاف للائحة "خرج ولم يعد"؛ ضرب في أرض الناس، تطوح في بلدانهم مشردا،طريدا.. بات جائعا،التحف العراء.. واشتغل حمالا، ينوء تحت ثقل كل من يطلب خدماته، كان كبغل يلبي دون أن يحتج.. سمع ممن حمل أثقالهم كلاما جارحا، ونابيا،  وكان كل مرة يُـسرّي وقاحتهم بتحسس جيوبه وهو يسمع ما لا يرضيه، تلك طريقته في الحفاظ على أعصابه باردة؛ كان يقول :" لا بأس.. تركت أهلي من أجل المال، فلا مندوحة لي عن الصبر إذا ً"..
 اليوم يعود من سفرته وفي نفسه بعض من أمل من أن يجد دنيا الأمكنة التي تركها قد تغيرت وسكنها الأمل ، وأن ساكنيها قد تلطفت نفوسهم..

gockel-alfredأحبَّها فجأة !!
 كانت شقراء.. وكان هو سيد البوحِ والشِّعر...
 التقيا صدفةً ذات مطارٍ ...
 رأى في عينيها شوق المحطات.. وحنينَ الموانئ..
أحبها...
                    ****
        
أحبته فجأة !!
 كان سيد السيجارات التي لا تنطفئ.. وكانت هي اشتعالَ النار بالنارِ... ندى برعمٍ لا يشيخُ ولا ينكفِئ...
 التقيا ذات رحيلٍ مُرّ... رأت فيه الوطن ...

01112223456الحادية عشرة صباحا، ما تزال آثار النوم الثقيل بادية علي وجهها، إِنَّه يوم الجمعة.. بالنسبة لها عطلة من الجري وراء "الأمل" بحثا عن منصب شغل يُعيد لها هدوءَ نفسها وسكينتها.
   مركز الشرطة.. قالتها دون غيرها من الكلمات، مُستجيبا غير مُستفسر تحَرَّك سائق سيارة الأجرة نحو الوجهة مُسرِعا وكأنه يجتهد في تخميناته. مُتكِئة هي خلفه مغمضة عيونها، وآثار التَّعب والسهر الذي تُدْمِنه قد عبثت بملامحها، شاردة وراء مُحتوى المكالمة التي أيقظتها من النوم وطلبت منها الحضور للاستفسار حول موضوع ما!!!!؟ غير مُدركة ولا منتبهة للسائق وهو يسترق النظر إليها من خلال المرآة أمامه. ولم يتوقف فضوله عند هذه الحدود بل اخترق الصمت الذي تعمَّدته هي وقال: "مهنتكم صعبة جدا.." انتبهت لترى إلى من يتحدث فلا يوجد سواها معه، واستطرد في حديثه "كانَ الله فِي عَوْنِكُمْ" وقبل أن تستفسر أضاف: الشرطي يتعب كثيرا ولا عطلة له مطلوب دائما للحضور..، حرَّكَت رأسها بالإيجاب، وحاولت أن تنتزع ابتسامة من صدرها لكنها اسْتَعْصت.

PALOMBITحين اختطفه الموت أدركت مقدار ما خلفه غيابه في حياتها من فراغ ... فقد انقطعت علاقتها بمن حولها حين اختارته بدل ما أرادوا .... تذكرت جنازته .... القبر الذي ابتلع جثته كان بحجم ما تشعر به من ضياع، وفراغ ...
ترددت قليلا قبل أن تلامس أصابعها جرس الباب ... يبدو المسكن فاخرا ... هنا يقطن أناس لا يقلقون بخصوص أواخر الشهر، ولا يفرغون عجزهم بضرب الزوجة والأبناء ... كانت تشعر بالرهبة في السابق كلما مرت قرب مثل هذه البنايات ...
راودها شعور بالقلق ... فهي لا تعرف وجه الشخص الذي خاطبته في التليفون.
كم ينبض القلب بذكراه، وبقدر ما بقيت العين تحتضنه من ملامحه ... أيقنت الآن أن أجمل الفضاءات هي تلك التي لا زالت تحتل مساحات من الذهن والعين...
وتجيش النفس بعبير الذاكرة...

ifpcvsلَمْ يدقْ جرسُ مُنبه الساعة المنضدية التي بدتْ ككائنٍ نائمٍ فوقَ المنضدة الصغيرة المربعة بجانب السرير لذلك ظننتُ أنني سأتخَلّفُ عن موعد مرور سيارة الموظفين وحينَ دققتُ في الأمرَ وجدتُ أنَّ عقاربَ ساعة المنبه قد لفظتْ أنفاسَها الأخيرةَ عند الرابعة والنصف وعندما أزحتُ جانبا من ستائر النافذة المطلة على الجزء الخلفي من حديقة المنزل لمْ أستطعْ تبيُّنَ حدود الأشياء التي تقبعُ هناك وكانت الظلمةُ شديدة فكرتُ أن بطاريةَ الساعة المنضدية قد نضبتْ وكان عليّ إبدالها قبل ذلك نظرتُ إلى ساعة الحائط المعلقة  فوقَ جهاز التلفاز تماما فوجدتُها قد توقفتْ هي الأخرى وكانتْ عقاربُها تشيرُ إلى الثالثة والنصف ،رحتُ أبحثُ عن ساعتي اليدوية فلم أعثرْ عليها إلا بعدَ جهدٍ وكانتْ متوقفة على الواحدة وخمس دقائق ويالحظّي التعيس حينما نظرتُ إلى ساعة الهاتف النقال فوجدتُها قد مُحيتْ من شاشته وحلت محلها خطوط لا معنى لها .

kiss-abstraاستيقظ تحت تأثير الألم يجتاح رأسه كالمعتاد ... تحرك مغمض العينين، وبحذر شديد جلس على حافة السرير، ووضع قرصي الأسبرين الفوار في كوب ماء ... دلق محتوى الكوب في جوفه، وأغمض عينيه في انتظار زوال الألم.
حركة جسد عار بجانبه ... تذكر تلك التي تشكل وجودها في ذهنه ككائن بحجم وحدته
استدارت نحوه باسمه، استجاب لها واحتضن رأسه بتأفف ... طلب منها ارتداء ملابسها لأنه ينوي الخروج.
حشر جسده في ملابسه، السروال، القميص ... أرادت معانقته فدفعها برفق ... لاح فوق وجهها عبوس، فلامس خدها بظهر سبابته ورسم على شفتيه ابتسامة.
سبقته إلى الحمام لإصلاح هندامها وهمت بالخروج، ثم عادت أدراجها متسائلة:
-هل نلتقي السبت القادم؟

ما هذه الرائحة ؟؟ إنه يعرفها جيدا صار خبيرا إذا بفضلها ... إنه قادر على ملامسة رائحتها و هي مقبلة من بعيد ...إنه يشم صورتها كأنها تجلس حذوه ...
ما هذه الرائحة ؟
ODEUR-ABSTRتعجب من نفسه ... متى كان قادرا على تمييز الروائح ؟ كيف إشتم عطرها في ارجاء المكان قبل أن تأتي ؟؟... منذ متى صار يفهم بالعطور الباريسية الفخمة و هو من تعود على إقتناء الرخيصة منهاو المعروضة بأسواق المدينة ...؟
عجيب أمرك كيف لمن تعود أنفه على دغدغة الغبار و تذوق رائحة العرق المالح أن يصبح خبير عطور ؟؟
عجيب أمرك و محير ،.. هو العشق إذن  ... هنالك إمرأة ما .. 

hamasseدخلت السوق كعادتي.. أحب هذا الفضاء كثيرا، تجذبني الحلقة، كنت رفقة جدي لفقير ميمون صاحب عصا الخيزران ذاك القادم من قرن الزياش عند كرط ملوية.. كان الرجل ينفث الهواء بقوة في "الغايطة" .. هي المزمار، فتنتفخ أوداجه وتخال أن وجنتيه مطاطيتان.. الحلقة واسعة لا أحد يجرؤ على الاقتراب أكثر لأن صاحب الغايطة يلاعب "بوسكة"، لست أدري ما سر هذا الإسم لكنه مرادف لأفعى الكوبرا .. كنت معجبا برقصها .. تنتصب وارفة القامة سوداء .. المعركة بينها وبين صاحب الغايطة وكأن لا أثر لإنسي حولهما .. كنا صبية تبهرنا هذه الرقصة ونعجب أيما إعجاب بصاحب الغايطة، إنه "العيساوي" لا يهاب الأفاعي يأمرها فتنصاع .. يراقصها ثم يعيدها للصندوق ..

مفضلات الشهر من القصص القصيرة