ABSTR3-jean-miotteاستيقظ الحنين فجأة كان الجو ماطرا ,كومة من الذكريات المتداخلة تتهاطل على مخيلتي , الليل يستمتع إلى تخبط الصور و المشاعر....اللوعة ، الحنين .. الحسرة ... الندم ... الانتظار وحده كان كفيلا كجواب على كل الترهات الفلسفية التي كانت تطبق على انفاسي حينها.

لمحت ظله الوارف ولمحت دمعة تترنح في مقلتي كلما مرر كفه على رأسي ليقول كيف حالك يا منير... 

يحفني براحته التي كانت بالنسبة لي تجسيدا حيا لمعنى الامان,كانوا ينادونه "عاشي" لا أعرف معنى اللقب لكن متأكد أن للقب علاقة ببصيرته الفذة أو ربما ببصره المفقود. الصمت المطبق في غرفته يضفي جوا صوفيا, الجدران مزخرفة بايات قرأنية...لا أدري لما كلما ولجت الغرفة تشدني نفس الآية "إن الانسان لربه لكنود"..

550469تتبارى العصور أحياناً على ... التشابه !
واضعة أحلام العباد فى رحاب السماء التى تُنْظَرُ ولا تُطَال !
ونبقى نحن الشعوب على حال من شرئبة عنق الأحلام ... دوماً !

25_6_1954
الوقت : الشمس على وشك الشروق ، لا زالت تلتحف بـــ السماء .. أسمع تثاؤبها من هنا ... من موقع قلمى فوق الورق !

المكان : طريقٌ ، صُفِّت الأشجار فيه على الجانبين ... يُخَيل لـــ عين الناظر إليه أنه ربما تلك الأشجار تأخذ طريقها إلى الأبدية أو لـــ ربما ... إلى ما بعد المنتهى !

 

_ هتف رفيق الخطى فى وجدانه ، وهو يسير بـــ جانبه أو لـــ ربما يسكن ظل الرجل فوق الأرض : تُرى أفي نهاية هذا الطريق سنجد المسيح مصلوباً فوق شجرة لم يتبق منها سوى الجذع ... ؟!

arbre-rouge-1908-1910كان الجو باردا و حبّات المطر ترقص على بلّور السيارة في رشاقة وعناد، حين كنت أقف بسيارتي على ناصية أحد شوارع العاصمة تونس ، كنت أنتظر صديقي طارق ..لقد تأخّر هذه المرّة ...كنت في كل مرة أنزل فيها للعاصمة نذهب إلى أحد المطاعم ونحتفل بالحياة فنحتسي السعادة و نتبادل أنخاب الانعتاق و أهازيج الانفلات لاسترجاع وهج الشباب و أكاذيب الطفولة ..لكنه هذه المرة تأخر ، المطر مازال يراقص البلور و أنا جامد في مكاني ...أنتظره .
أطلّ برأسه تسبقه هالة حزن لبستْ محيّاه ، في حين ظلت تلك الحمرة التي تغشى عينيه شفقا أبديًّا لا يفارق وجهه القمحيّ المتناسق ، جلس حذوي داخل السيارة ، عانقتُه :
- كيف حالك ؟

pistre1974لطالما كانت العلاقة بين المثقف والسلطة ملتبسة على الدوام. تستضمر توترات أوديبية حادة تتوزع نفس المثقف وقلبه أساسها صراع لا يهدأ بين رغبتين جامحتين: الارتماء في أحضان السلطان ـ الأب المستبد الذي يحتكر جميع السلط ولا يقبل أن يشاركه فيها أحد. والابتعاد عنه صونا للكرامة وإيثارا للسلامة أي "الفطام عن الدنيا"[1] بتوصيف أبي حيان التوحيدي. ونروم في هذا المقال النظر في العلاقة الملتبسة التي جمعت السلطتين: العلمية والسياسية في سياق الثقافة العربية من خلال نوع أدبي مخصوص تمثله الآداب السلطانية، التي شكلت في تقديرنا منبعا لا ينضب لشرعنة الاسبداد وتبريره داخل منظومة الثقافة العربية.      
ـ "سوق السلطان":
يقول ابن قتيبة في "عيون الأخبار": "حدثني سهل بن محمد قال: حدثني الأصمعي قال: قال أبو حازم لسليمان بن عبد الملك: "السلطان سوق فما نفق عنده أتي به"([2]).
يكشف هذا القول عن "صورة السلطان" كما تشكلت في ذهن "الخاصة" ممن حظي "بشرف" الوصول إلى "مجلس السلطان" الذي لم يكن يسمح بتخطي عتبته إلا "لأصحاب الامتياز" الذين توافرت لهم "بضاعة" خاصة يمكن أن تنفق في "سوق السلطان". فمن هؤلاء؟

abstrait2AAإلى آسية .بـ، وإلي في لحظات تيهي الجميل.
"فكرت من جديد في حياتي من خلال الأصفار ..فكرت في كل شيء من خلال لا شيء : إنني غاضب على هذا الجوع البشري الذي لا يكف حتى الموت.لم أعد أذكر كبريائي التي تمنعني من أن أحب.دائما يغلبني الفجور الأقوى من العفاف في نفسي.أبدا لم تأتني التي في أوانها أشتهيها :لم افهم امرأة واحدة إلا في نزوات الخيال : في الرشفات لا في رشفة .ربما فكرت في كلهن. كانت رغباتي موزعة فيهن .الحياة التي فكرت فيها لم أعشها...سلوا ذالك الذي عاشها ولم يفكر فيها .."  
محمد شكري / مجنون الورد
 
كصمت متقادم متعب ،حلت وطأة الأشعة الحمراء ،وكان الأجدر بنا كعاشقين يلهوان بالمطر والثلج وشمس المدينة المندسّة في ثنايا جسدينا ،أن نتحايل على الثورة المنبعثة داخلنا :ثورتنا التائهة بين كل الإسقاطات المعقولة والحالمة .ثورتنا تلك ألا تحترف السكر ومتاهات الحانة اللعينة "بالساتيام "؟

femme beautاللعنة!...رنّ منبّه الهاتف النقال ..أغنية فرنسية رومانسية تأخذك إلى عالم الجنّ والملائكة  ..أنهض من فراشي مسرعةً..عكس الأيام السابقة  ...إنها الساعة السادسة والنصف صباحا ..أتعثّر في اللحاف الأبيض ..أمسك بالهاتف أوقف رنينه الدافئ الملحّ ..إنه يوم أشبه بصهيل الذاكرة أو بشموخ وشمٍ بربريّ ...اليوم سألتقيه الساعة السابعة والنصف بجانب مقر عملي ..لقد نظّمت كل شيء كي أكون في الموعد المحدَّد ...لا أريد أن أتأخّر عليه كما كان يحدث كل مرة ..لقد رتّبتُ كل شيء حتى سيارة الأجرة التي ستقلّني من شارع قرطاج حيث أسكن إلى مقر عملي ..اتفقتُ معه على الوقت ..قلتُ له الساعة السابعة و النصف  بالضبط لا أريدك أن تمرّ عليّ ، لا تحرمني جنون اللقاء ولذّة التحدي ..

abst48566701إليك:
إلى كل إخفاقاتنا الآتية.

وكانت ليلة دامية .
في ليل حاد الزوايا والشقوق والأمكنة،  سرت كالمخمور بين أزقة المدينة القديمة.  لا. فقد كنت مخمورا حقيقة. لم أعرف أي قدر هذا الذي جرني إلى هذا المكان، هنا لا يرغبون بالغرباء! كن مثلهم أو تلاش. تقلص ظهري وأنا أركن الى الرصيف وكأنني سأتلقى ضربة مفاجئة. طمأنت نفسي بعد ذلك'' لا. لن يموت أحدهم قبل الموعد الذي حدد له" !.  تنجدني في الكثير من المرات استيهاماتي الدينية تذكرت قول أرغون"أنا أومن بالإله بين الفينة والأخرى". أووف - صحت في داخلي-  من الذي أيقظ الشاعر في هذا الوقت بالذات - فليذهب كل الشعراء إلى الجحيم-  رددت مرة أخرى بصوت خافت - سوف أنجو-سوف أنجو-  هراء.  شيء بداخلي يدعوني إلى الاستسلام.  تحسست وجهي بيدي. انه دم. بدا السائل الأحمر زاهيا على ضوء أخر عمود إنارة. جررت قدماي المتعبتان حتى ضريح "سي العربي بن السايح" وهناك جلست مرة أخرى لالتقط أنفاسي المتلاحقة. كيف يراني هؤلاء.  فلتمدني السماء بسيجارة تشتعل لاشتعل معها.  أصوات هنا وهناك.وعلى بعد أمتار قليلة بدت لي  سيدة مسنة وهي تتسول رغيف خبز. كنت أصادفها في كل صباح وفي فمها تلك الكلمات المعتادة ''شي خبيزة عالله يا المؤمنين" .

1157989إلى صديقي اللدود على الجانب الآخر من الجبهة،،
..........
هل فكرت يوماً يا صديقي أن تخوض عملية انتحارية، فدائية، وطنية؟ (لك أن تسميها ما شئت).
هذا بالضبط ما فعلته قبل ساعات من الآن، وأنا بكامل وعيي ودون تأثير من أحد. ولا يخالجك شعور بأنني أحدثك من البرزخ أو أي مكان سماوي آخر، فأنا ما زلت انتظر الصاروخ. أتذكر حين كتبت مقطوعة أدبية لم أقم بنشرها في أي من صحف الوطن خشية أن تتلصصوا عليها كغيرها من النصوص، رغم أنني موقن من أن رجالكم قد اخترقوا جدران عقلي وعرفوا ما فيه، يومها هذيت في مقدمة ذلك النص: "بين بيتي وبيتي شارع موغل في الموت"، هي الجملة ذاتها التي دفعتني إلى التفكير في العملية الانتحارية تلك. فقد قررت أن أخوض غمارها دون إبلاغ عائلتي أو حتى وسائل الإعلام التي ستمارس كل نزواتها كي تظهر وجه البطولة فيما أفعل.

مفضلات الشهر من القصص القصيرة