على الأثر الفني أن يقدم ذاته للإدراك! ويجب إنجازه لينتقل من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل. ويتحتم على الإنجاز – على الأقل – بالنسبة لبعض الآثار التي تقوم على الرموز في انتظار من يفعلها. عندها يمكننا أن نتحدث عن وجود افتراضي ، حتى وإن كان الأثر منتهيا لا يضيف إليه الإجراء شيئا على إلى مقصد المؤلف. وضرورة التحقيق – مثلما يقول لنا "إنغاردن" "INGARDEN" يفرضها علينا الأدب المسرحي مثلا. فعندما أقول مسرحية أشعر أن ثمة شيء ناقص أحاول إتمامه، وأنا أفكر – في شيء من الغموض ، وحسب معرفتي بالمسرح- في الإخراج و المواقف، والنبرات. وكأن ما أفعله إنجاز خيالي ، بيد أنه يبعث الحياة في النص، ويضيء عتمته. فكلمة تأخذ معناها لأنها تنفلت مثل الاعتراف، وأخرى لأنها تنفجر، ومشهد يغدو دراميا فقط للوجود المحتشم لشخصية ملكية صامتة، وعبارة " كم استثقل هذه الزينات، وهذا الحجاب الفضفاض" تستدعي حركة نوعية، أو زيا خاصا.فإذا كان المؤلف في بعض الأحايين قد عمد إلى تسجيل إشارات تخص الديكور ، أو اللعب، فذلك لأجل القارئ أولا حتى يثير خياله في الحدود التي يسمح الكتاب فيها بمضاعفة المشرح المشاهد للمسرح المقروء.( 1) وفي واقع الأمر ، يكون جهد التخييل الذي أسديه للنص، حين يعترض إدراكي المباشر خط الكلمات، في خدمة الحكم، دون الإدراك. لأنني عندما أنجز المسرحية وفق قدراتي الخاصة، فإنني أسعى قبل كل شيء إلى الفهم، إلى الاكتشاف، أو إلى مناقشة المعنى. إنها حقيقة القراءة. ففي غياب الوجود الحسي الذي يتحول الأثر بموجبه إلى موضوع جمالي ، يقوم الأثر مادة للتفكير ببنيته ودلالته. بيد أنني في المسرح أتلقى السحر، أما في القراءة فإنني ببرودة أتدرب على ذكاء النص، والاستفادة الحسنة منه.ومن ثم تقدير الأثر . إنه التقدير الوحيد الذي تنتظره المسرحيات التي لم يتسنى لها حظ الوقوف على الخشبة .. وعندما لا أقف منها موقفا إستيطيقيا ، فإن الأثر لم يتحقق عندي موضوعا جماليا. (2) وذلك الاكتشاف يحققه الإنجاز الفعلي للمسرحية. وقبل البحث عن التغيير الذي يحمله الإنجاز لأصول الأثر ، لنرى كيف تفرض بعض الفنون إجراءها الخاص الذي يميزها عن غيرها .
1 - الفنون التي يكون فيها المنجز غير المؤلف:
إن الفنون التي تقتضي إنجازا، هي تلك الفنون التي يكون فيها إجراؤها مرحلة منفصلة عن إبداعها. وقد نسمي العرض الأول للمسرحية إبداعا، حتى وإن كان الممثل غير المؤلف، يحقق فيها لذاته نعت الفنان. ومن دون شك يظهر الفرق شاسعا بين الإنجاز والإبداع في العلاقة بين المهندس المعماري والمقاول. وبدرجة أقل أقل بين مصمم الرقصة والراقص. لأن فن "الباليه""BALLET" هو الفن الذي لا وجود له في غياب المنجِز، لأنه يفتقر إلى نظام من الرموز المحددة، وتتعين قيمته من قيمة المنجز وحده. وبغض النظر عن المهندس المعماري، فإن ادعى الممثل والعازف والراقص نعت الفنان، فلإحساسهم جميعا بضرورتهم للفن... كيف ذلك؟
1 - الفنون التي يكون فيها المنجز غير المؤلف:
إن الفنون التي تقتضي إنجازا، هي تلك الفنون التي يكون فيها إجراؤها مرحلة منفصلة عن إبداعها. وقد نسمي العرض الأول للمسرحية إبداعا، حتى وإن كان الممثل غير المؤلف، يحقق فيها لذاته نعت الفنان. ومن دون شك يظهر الفرق شاسعا بين الإنجاز والإبداع في العلاقة بين المهندس المعماري والمقاول. وبدرجة أقل أقل بين مصمم الرقصة والراقص. لأن فن "الباليه""BALLET" هو الفن الذي لا وجود له في غياب المنجِز، لأنه يفتقر إلى نظام من الرموز المحددة، وتتعين قيمته من قيمة المنجز وحده. وبغض النظر عن المهندس المعماري، فإن ادعى الممثل والعازف والراقص نعت الفنان، فلإحساسهم جميعا بضرورتهم للفن... كيف ذلك؟