آه لو كان لي أن أعيد دفة الزمن
إلى الوراء من جديد!
إذن؛
أسبح في البركة مثل كل الأطفال والبط، وكل الدجاج
لعلي أصمد في وجه عجاج
الحاضر الموغل في السواد
أستدرج العقارب الصفر بزهرة الخردل
أعمل في المحجر
في الحقل
أشرب من ماء المطر الجاري في الجدول
أسقي الماء من البئر الحلو والمالح

ولمن تُراني أكتب قصائدي؟
يا أخي العزيز، كنت مؤيدي
وكان نصحك الجميل، وكان فيك سندي
كنت بالأمس، ترسم لي مجدا، تراني في سؤدد
ولأجلك تمردت على النشاز، على السراب، كي تراني
ولكنك لم تر غير تمردي !
و لو تعلم قبل أن تعاتبني
أن تمردي ليس من أجل ذاتي
فلأجلك تركتها في صبحي، في مسائي، وحين سباتي
حتى عندما أناجي نفسي أو أنظر إلى مرآتي
لو تعلم أن صداها وطيفها كانا دوما يعذبانني

يا ليتني شبّاكُ موسيقى
يسافرُ خلفَ أحزانِ البعيدْ !

ياليتني قنديلُ ياقوتٍ
على شبّاكِ سهرتها الوحيدْ !

لأقولَ للبنتِ الوحيدةِ
حينَ تهدأُ هدهداتُ الليلِ
عن شجني
ويحملني جناحُ الريحِ من طللٍ
إلى طللٍ

أنتِ في عمري كوكبُ النُّورِ و  أسبابُ حضوري
و  إدمانُ اشتياقي لرائحةِ التُّرابِ المُمْطَرِ
و إدمانُ اغتيالي في بساتينِ  الزُّهورِ
حينما النبضُ يجري نحوَ ظلِّكِ الغضِّ
و حينما يسوقُني العبثُّ الشقيُّ
رغمًا عن الثَّلجِ في رأسي
و رغمًا عن البردِ في أقصى شعوري
كي ألاقي خدَّكِ النَّظرَ الموشَّى
بأحلامِ الحياةِ
فأسكبَ القُبُلاتِ عليهِ أمواجَ عبيرِ
و أمسكُ الأيدي الطَّريَّةَ في افتتانٍ

عنْدما تبْكِي "شمْسُ"..تخْجَلُ دمُوعُها
من الضّياءِ..
تتخفّى..تتستّرُ بِسُجُفِ الغُيُومِ..
تبْسُطُ يَدَ التمنُّعِ..
تُذَلِّلُ مسَارَ الدمْعِ..
يَهْمِي المُزْنُ عنْدها،
وتهْدِرُ الأنْهارُ.
*************
عنْدما..تتألّمُ" شمْسُ"...
ترْفُضُ المسكّناتِ..
تُخزِّنُ الوجعَ..ذاكرَةَ حياةٍ

1 – غَباء
أبْرِحُ نَفْسي عِتابا
لِأنّي عَميتُ ...
نام ذَكَائِي
عَميتُ حُيال بهائكِ .
كانت عُيوني غَبيّهْ.
... يا لَشَقَائِي...
2 – سُموٌ
 يُسائلٌني اللّغْوُ
عَنْ سِرّ صَمْتي ...
تَتَوارى خَلْفَ لِسانِي

( 1 )
في ترحالي المجنون
نسيت جواز سفري مرة
في نقطة التفتيش
 لم أجد الا صورتك بجيبي
قدمتها لضابط الحدود
ختم عند القلب
ابتسم وقال : عاشق
مسموح له الدخول ..
          ***   
 (   2  )

أَرْبِطُ الْأَزْمِنَةَ بِالْأَزْمِنَةْ ،
وَبِمِسَلَّةِ الْخُطَى أَرْفُو الْأَمْكِنَةْ ،
مِنْ وَطَنِ الْمَنْفَى إِلَى رَصِيفِ الْمَبْغَى ،
أَرْكُضُ وَدَاخِلَ مِعْطَفِي تَهُرُّ الرِّيحْ ،
وَتَحْتَ جِلْدِي الْكَابِي تُبْحِرُ مَرَاكِبُ الْكَآبَةْ .
لَا خُبْزَ لِي ، فِي بِلَادِ الْمَنَافِي وَلَا خِصْراً نَاعِمْ ،
لَا الْحَانَاتُ وَلَا الْمَبَاغِي وَلَا الْأَسِرَّةُ وَلَا الْغُرَفُ الْمُعْتِمَةْ ،
كَانَتْ كَصَدْرِ أُمِّي .
بِأَسْنَانٍ نَخِرَةٍ وَأَصَابِعَ تَعْبَثُ بِأَوْرَاقِهَا الرِّيحْ ،
قَضَيْتُ دَهْراً أَتَسَكَّعُ عَلَى خَشَبِ الْخَرَائِطْ ،
تَنْفَتِحُ أَزْرَارُ الْمُدُنِ عَلَى صَبَاحَاتٍ عَكِرَةْ ،

همسُ عَينَيكِ امتِدادُ الأهِ في عُمقِ الغِياب
سافري في مدِّ أعصابي وكوني لي امتدادًا...
تهدأ الأشواقُ في فصلِ العِتاب.
كانتِشارِ الضوءِ في الصُّبحِ المُسَجّى؛
يَحتَويني بَردُ عينَيكِ لأمضي في تَجاعيدِ الحَياة.
فَوقَ نَحري تَتَهاوى همَساتُ الشّوقِ مِن صَمتِ الشِّفاه.
سافِري في ليلِ إحساسي لعَلّي...
أدرِكُ المَخبوءَ من قَهري...
 وأصحو مِن ترانيم الشَّتات.
عَلِّميني: كيفَ يَهوي نَجمُ سَعدي..

لا أقف امامك أيّتها المرآة ..إلا لأراها...
ملامحها تعانق قسماتي..
تتلمّس بسَماتي...
أقف أمامك ..يطيل شوقي الوقوف ..
بمساحة الزمن ..
بعمق الشجن ..
بكل عبق فاح بين حنايا الوطن .
ابتسامتها ....تركس عصفورة ..تشدو على شفتيّ
وجهها ...يتلبسني ..يسكنني ..
مني ..إليّ...
نظرتها ...تغوص في وجداني ..

الغياب الأوّل٠٠٠
المكان الذي لم يصل بيننا خدعةٌ
الزمان الذي لم يطل ظلّنا كذبةٌ
النجوم التي نثرت نورها دوننا ظلمةٌ
الكلام الذي لم يٌحطْ بالذي شفّنا عُجمةٌ
الرّياح التي عبرتْ هكذا
دونما وردة من يدكْ غلطةٌ
المياهُ التي أترعتْ خافقي
رغم حرّ البكا٠٠٠٠٠عذبةٌ٠

الغياب الثاني٠٠٠
تختفي هكذا مثل شمس الخريفْ

توقعتُ أن تهتفي البارحهْ
فكم كنتِ مشتاقة للحديثِ الطويلْ
وصوتي الجميلْ
رميتِ بنفسكِ من غير وعي بعمق مياهي
ولم تسألي عذبة هي أم مالحهْ
ولم تأبهي لصقورِ شفاهي
وكم قلتُ أنّ شفاهي
طيور مهاجرة جارحهْ
أنا موسميٌ ولا تجدينني بكلّ الفصولْ  
فهذه فرصة رفض الهوى أو قبولْ
فدوري كما شئتِ حول محيطي ودقّي الطبولْ

1 ـ الأبُ

بادرني بالقولِ
وهو يزيلُ من حولِ عينيْهِ
ما علِقَ بهما من بياضِ الأرقِ:
قتلُ الأبِ معناه
أن تصحوَ من النّومِ دونَ أن تجد شاربَكَ
المعقوفَ على مداراتِ
سلطةٍ متوهَّمةٍ
وموروثٍ يلوِّحُ بعصاه الغليظةِ
ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشّمالِ!

 

بالغصّاتِ وضوءُ الشمسِ الغاربُ
معكوسٌ في قدحي الفارغ ِ
والذكرى المرّةُ
تعتصرُ الدمعَ الساخنَ
من أعماقِ العينْ !
بالغصّاتِ أودّعُ آخرَ أيّامِ الصيفِ
وأستقبلُ كلَّ خريفِ الصبرِ
بعينيّ الدامعتينْ !
وأقولُ لنفسي الأسيانةِ
 يا نفسي !..
يا حقلَ حفيفٍ مملوءٍ بالريحِ

ولا شيئ. يربكني
غير أني نسيت الطريق
ولم الحظ الباب
الذي قد رسمت
علي دفتيه مرارا
طيورا من الأرجوان
وفاكهة من جمان
وكنت رسمت بفحم الليالي
خطوطا تقود الًي حجر أمي
وكنت نثرت زهورا من الياسمين
وبحر حنان

أناس ينشرون
أفراحهم
كل صباح
على شرفات منازلهم...
فتيات يحملن أحلامهن
على جفونهن
من غير انتهاء...
تماثيل تحف المدينة
وزغاريد نساء
فقدن أزواجهن في الحرب...
وعلى الجدار ذكرى

بهتت وأنا أرنو لجمالها الأخاذ
كانت بملامح شبيهة بحلم لازوردي
كانت ظبيا مرقطا جامحا
 يثب ذات اليمين وذات الشمال،
حين هممت أن أرتشف من نور عينيها ضحكت
وأشارت بسبابتها لورقة بردي مهلهلة
قالت : هو ذا خطاب عشتار إليك
أتله وحواسك في كامل توثبها
لا تدع لرذاذ الذكرى أي حيز للحكي
خذ الخطاب بكل العشق المعشش فيك
ولا تعز ربة الحب فيه

القُبَّعَاتُ الَّتِي تَحْتَفِي بِهِ  ، تَرْفَعُهُ عَالِياً ،
كَخَيْمَةٍ يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ وَيَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءْ ،
يُفْرِدُ ظِلَّهُ فَيُغَطِّي حَدْبَةَ الْقَارَّاتْ ،
يُلُامِسُ الْهَبَاءْ قُفَّازُهُ الَّذِي أَكَلَتْ أَصَابِعَهُ أَزْمِنَةُ الْوَبَاءْ ،
يَسَعُ غَيْمَةً لَمَّا تَسْكُنُ أَحْشَاءَهُ الرِّيحْ .
آنَ يَلْبَسُنِي يَصَّدَّعُ صَدْرُهُ بِوَجَعِ الْجِرَاحْ ،
وَآنَ أَلْبَسُهُ أَمْتَلِيءُ بِخَيْبَاتِ الْحَيَاةْ ،
أَفْتَحُ فِي جُيُوبِهِ حَانَةً وَأُشْعِلُ كُلَّ مَوَاقِيدِ الشِّتَاءْ ،
كَانَ يُشْبِهُنِي ، مُبَقَّعَةٌ سَنَابِلُ يَدَيْهِ بِبُقَعٍ سَوْدَاءْ   ،
نَشْتَرِكُ مَحَارِمَ البُؤْسِ وَسُعَالَ الْفُصُولْ .
تَحْتَ الْعَتْمَةِ وَالْمَطَرْ يَرْفَعُ يَاقَتَهُ عَالِياً كَالشِّرَاعْ ،

وَأَنْتَ تُوَدِّع ُالشِّفَاهَ الَّتِي تَسِيلُ بِالرَّغْبَةِ عَلَى الْأسِرَّةْ ،
وَالْخُصُورَ الَّتِي تَنْضَحُ بِاللَّذَةِ عَلَى الْمَرْتَبَاتِ الْبَارِدَةْ ،
مُثْقَلٌ بِالْمَعَاطِفِ الَّتِي تُشْبِهُ السُّحُبْ ،
وَأَقْمِصَةَ الْحُزْنِ السَّوْدَاء . 
إرْمِ ضَفَائِرَكَ وَجَوَارِبَكَ لِلرِّيحْ ،
وَارْشقْ أَحْلَامَكَ بِالْوَحَلِ وَأَحْذِيَةِ الْمَطَرْ ،
وَصَلِّ مِنْ أَجْلِ زَمَنٍ لَنْ يَعُودْ ،
صَلِّ مِنْ أَجْلِ سَمَاءٍ مَاتَتْ عَلَيْهَا الْحَيَاةْ ،
فَسَقَطَتْ عَنْهَا نَيَاشينُ النُّجُومْ  .
الْبُؤْسُ يَطْرُقُ نَوَافِذَ الْمَدِينَةْ ،
وَالْأَقْوَاسُ مَشْنُوقَةٌ عَلَى الْأَبْوَابْ ،