تسكنني الريحْ
فحِيحٌ فحِيحٌ
وقطر شحيحْ

يا الساكن خلف المعنى
كم من المغنى
يغريك تصريحا
وتلميحْ

أنا القوّال الفصيحْ
لا كلِم مطواع يسعفني اليوم
ولا حيلة حُبلى

جدّي كنعان لا يقرأ، إلاّ الشعر الرصينْ
يلعبُ الشطرنجَ، أحياناً،
يلاعبُ أحفاده، يتشعلقونَ بفرسهِ البيضاءْ
أضِفْ، ﺇﻟﻰ ذلك ... جدّتي
وهي من أصل هكسوسي
لكنها، تزعم ﺃﻧﻬﺎ نبطيّة
ترعى بقر الوحش ﻓﻲ بادية الشام
تكتبُ على القرميد الأحمر، أشعاراً حزينة
تحصد شقائق النعمان، ﻓﻲ أول كل ربيع
ترقص ﻓﻲ ملاهي واق الواق:
1. رقصة الثرثرة.

حين غادرتنا نبرة الصوت:
ارتأت السماء أن تترجم خيالنا
ارتأت النجوم أن تنسج أماكن اللقاء مع موتنا
ارتأى الليل أن يحبك قصة العتمة في مصائرنا
و حين خذلتنا الكلمات
اقتربت النهاية من المضيِّ ....... بداية لحنٍ جديد
أخذتنا هفواتنا :
نندب الراحلين
ونبكي على أفق كان يستر رقصة ابتسامتنا

هكذا غاب
حين تَكَاثَرَتْ حَكاَيَا التَّعَبِ والاهَاتِ
حِينَ عَاوَدَهُ الانْكِسَارُ
فَغَابَت الشَّمْسُ التِّي كَانت تَجْلبُ
الكَثِير من النُّور
الكثير من الحُلم
الكثير من كلِّ شَيء
هكذا غاب
حِين أصْبَحت حَيَاتُه
نَهَاراً يَذْهَبُ وآخَرَ يَأْبى أن يَأْتي
رَتَّبَ أَحْزَانَهُ بِرفْقٍ

قريباً من المجلس البلديِّ،
بعيداً عن المجلس البلديِّ،    
اتّكأتُ على حائطٍ باردٍ،
مثل مقبرة السفح،
كنتُ وحيداً وحيداً،
وينخرني الهمُّ والوهم والانتظارْ.
وبعد قليلٍ
سألتُ المدينة عن ناسها
وجفاف ينابيعها، وابن باديسها
وعن موت حُرَّاسها في الدروبْ.
وَناديتُ (مالكَ حدّادَ)،

بين صخب وصخب
نداءات
من زوايا الألم
حُجُب كثيفة العقم
في فجوة... أصوات
أمواج  تهمس من مصب
تتابع
هنا وهناك
عبور رمال الرمضاء
في صمت
تلمع

أَرْبِطُ الْأَزْمِنَةَ بِالْأَزْمِنَةْ،
وَبِمِسَلَّةِ الْخُطَى أَرْفُو الْأَمْكِنَةْ،
مِنْ وَطَنِ الْمَنْفَى إِلَى رَصِيفِ الْمَبْغَى،
أَرْكُضُ وَدَاخِلَ مِعْطَفِي تَهُرُّ الرِّيحْ،
وَتَحْتَ جِلْدِي الْكَابِي تُبْحِرُ مَرَاكِبُ الْكَآبَةْ .
لَا خُبْزَ لِي، فِي بِلَادِ الْمَنَافِي وَلَا خِصْراً نَاعِمْ،
لَا الْحَانَاتُ وَلَا الْمَبَاغِي وَلَا الْأَسِرَّةُ وَلَا الْغُرَفُ الْمُعْتِمَةْ،
كَانَتْ كَصَدْرِ أُمِّي .
بِأَسْنَانٍ نَخِرَةٍ وَأَصَابِعَ تَعْبَثُ بِأَوْرَاقِهَا الرِّيحْ،
قَضَيْتُ دَهْراً أَتَسَكَّعُ عَلَى خَشَبِ الْخَرَائِطْ،
تَنْفَتِحُ أَزْرَارُ الْمُدُنِ عَلَى صَبَاحَاتٍ عَكِرَةْ،

أفروديت
تعد المساء كعادتها
وتنام عارية
على دهشة غريب
تتجلى لمن بعدها
راعية للقمر
كي ينضج الليل
في دم بناتها،
هن آهات
مسهن شبق سري،
وخفة ما لا تشفى،

أمولاتي أريقي الخمر هيّا
ففي غيبوبة الخمر الحياة ُ
أريقيها فداك العمر إنّي
بها أصحو وإن حلّ الممات ُ
فهاتيها بثغرك نحو ثغري
لتنتفض الحواس الغافيات ُ
يداً ليدٍ ونعبث بالليالي
فماً لفم ٍ وتنهمر اللغات ُ
ووحده يعلم الورد المدمّى
بأنّا نحو ثغرينا غزاة ُ
أمولاتي أريقي السحر هيّا

وَطنٌ وَطنٌ وَطنْ
خُطبٌ خُطبٌ خُطبْ
موْجٌ وموْجٌ وموْجٌ
وأنا وحْدِي
رمادُ غَيْمةٍ،
وهذا البَحْرُ اللاّنِهائِي
وجَعُ الغِيابِ وحُلمُ العَابرِين
يصْنعُنِي هدِيرَ بحْرٍ
كفُخّارٍ دحْرجتْهُ موْجةُ الطّفُولة
فَهشّمتْهُ أشْلاءً بقايَا الوَطن
هذا هُو ..

ياطائر الغيب
أعرني صرختك ..
لأوقظ بها أموات العالم !!
فلا هديل ،
ولا كأس ،
ولا قرنفلات ..
فقط الليل يتضخّم
ومراياه !!
**
أي طائر الغيب ، أينك ؟
حزني دائريٌّ

هم اسلموه لليل وانا أعد نهاره
هم يزرعون في صدره  العوسج
وانا اغري الزنابق بكفيه
هم يدعون الأرض كي تعاديه
وانا أسر  للوطن أن لا يختط رمسه
خارج قلبه
رجل في قلبه نخلة وامرأتان
وعند قدميه يتوالد الرمان
وشجر الحناء والسرو
الذي ظله كالسيف
أبوابه مشرعة لقرى الطير واليعاسيب

بينَ غُصنِي ويدِي كفُّ مَلاكْ
وغُصنيَ الصّغير،
قبّلَ جبْهتِي وانْحنَى لِلإلهْ
بخُشوعِ الأبْرياءْ
وصَغيرِي لمْ يكبُرْ، لمْ يُغادرْ عشّهُ
كانَ عِيدًا وعُرسًا فِي السّماءْ
ومِحْرابَ اعْتِكافِيَ فِي المَساءْ
وحُظوَتِي عوْنًا علىَ النّائِباتْ
وموْعدًا لأجْملِ الذّكْريَاتْ
وأنا لمْ أكبُرْ، لمْ أهْرَمْ
إلاّ بعدَ الفِراقْ

عبدت الوجوه بإسمنت
الأمس لتخنق الخراب في
طريق البزوغ
أيا رحيلا للنهايات
والبدايات مستحيلة
الفرار وحده
والكهف قد يخرجك
من الذاكرة
لتطوف الأزقة بلا بطاقة
تعريف ولا صوت تسأل به
العالم عن فحوى المسير

ابق هادئا قدر ما استطعت
لا تتحرك كثيرا
أنت تشوش أفكاري
لا تكثر الالتفات ...هنا وهناك
عندما أحدق بك
لا ترتبك ....ولا تتلون 
فانا أحاول أن أفتش
عن وجهك القبيح في ذاكرتي
اعرف تأثير نظراتي عليك
لكن حاول فقط أن تبقى جامدا
أنت الان رجل كبير

السَّاعَةُ مَيِّتَةٌ عَلَى الْجِدَارْ ،
لِذَلِكَ سَيَتَأَخَّرُ الْمَسَاءْ ،
الْحَارِسُ اللَّيْلِيُ يَعْرِفُ أَنَّ اللهَ لَنْ يُشْعِلَ ـ اللَّيْلَةَـ النُّجُومْ .
وَبِالْأَمْسِ فَقَطْ، كَانَ رَقَّاصُ السَّاعَةِ يَقْفِزُ فِي الْمِينَاءْ ،
وَالنَّارَنْجُ يَغْفُو عَلَى الرَّصِيفْ ،
الْعُشْبُ يَغْمِضُ عَيْنَيْهِ فِي حَدِيقَةِ الْبَيْتِ الْأَمَامِيَةْ ،
وَيَهْجَعُ الْحُزْنُ فِي أَقْبِيَةِ الْقُرَى ،
تُخْفِيهِ قُبَّعَاتِ الْقِشِّ ،

قال لي:
خطاهم منفى
وشمسهم لا تُشرقْ
الماضي حطبٌ ميّت
وأنت حيٌّ ترزقْ

وقال:
خطاهم إلى الوراء
فلا تمش الى ورائك
اتبع خطاك إليك تراني

وقال:
نفوسهم حرائق

في البلاد  البعيدة
يوقد الناس الحطب
ويسمرون
يتحلقون حول الشاي والحكايا
ويروون سيرة  الثلج  والغابات
وسيرة العابرين بين الفصول
في البلاد البعيدة
يوقد  الناس  الحب ويعشقون
يغلقون الباب دون  الشجر الواقف
في الفناء
ويتكتك ثمر البلوط