قريباً من المجلس البلديِّ،
بعيداً عن المجلس البلديِّ،    
اتّكأتُ على حائطٍ باردٍ،
مثل مقبرة السفح،
كنتُ وحيداً وحيداً،
وينخرني الهمُّ والوهم والانتظارْ.
وبعد قليلٍ
سألتُ المدينة عن ناسها
وجفاف ينابيعها، وابن باديسها
وعن موت حُرَّاسها في الدروبْ.
وَناديتُ (مالكَ حدّادَ)،

أفروديت
تعد المساء كعادتها
وتنام عارية
على دهشة غريب
تتجلى لمن بعدها
راعية للقمر
كي ينضج الليل
في دم بناتها،
هن آهات
مسهن شبق سري،
وخفة ما لا تشفى،

أمولاتي أريقي الخمر هيّا
ففي غيبوبة الخمر الحياة ُ
أريقيها فداك العمر إنّي
بها أصحو وإن حلّ الممات ُ
فهاتيها بثغرك نحو ثغري
لتنتفض الحواس الغافيات ُ
يداً ليدٍ ونعبث بالليالي
فماً لفم ٍ وتنهمر اللغات ُ
ووحده يعلم الورد المدمّى
بأنّا نحو ثغرينا غزاة ُ
أمولاتي أريقي السحر هيّا

الحزن والألم
توأمان
تَدَفُق بلاء على البلاء
الفراق
بخار يصعد
من لَظى الْعَتاق
هَدْي
على أبواب حَرْف النفاق
يا تائه
أنشر الغيم
فوق صُرُوف النَّوَى

ياطائر الغيب
أعرني صرختك ..
لأوقظ بها أموات العالم !!
فلا هديل ،
ولا كأس ،
ولا قرنفلات ..
فقط الليل يتضخّم
ومراياه !!
**
أي طائر الغيب ، أينك ؟
حزني دائريٌّ

هم اسلموه لليل وانا أعد نهاره
هم يزرعون في صدره  العوسج
وانا اغري الزنابق بكفيه
هم يدعون الأرض كي تعاديه
وانا أسر  للوطن أن لا يختط رمسه
خارج قلبه
رجل في قلبه نخلة وامرأتان
وعند قدميه يتوالد الرمان
وشجر الحناء والسرو
الذي ظله كالسيف
أبوابه مشرعة لقرى الطير واليعاسيب

ظِلُّ غَيْمَةٍ عَابِرَةْ ،
يُكًرْكِرُ فِي صًهْدِ الظَّهِيرَةْ ،
غَيْرَ آبِهٍ ، بِجَدِائِلِ الشَّمْسِ الْمُلْتَهِبَةْ ،
وَفِي الشَّارِعِ ،
تَحْتَ ظُلَّاتِ الْفَرَاشَاتِ وَالْحَشَرِاتِ الْمُجَنَّحَةْ ،
تَتَرَاكَضُ ، قُبَّاعَاتٌ بِأَدْمِغَةٍ مُنْصَهِرَةْ ،
وَتَقْفِزُ شَيَاطِينٌ مِنْ سُدَّةِ السَّحَابْ ،
مَازَالَتْ فِي الْجُبَّاتِ رَغْمَ الْهَجِيرْ،
( لَمْ تَعُدِ الْغِوَايَةُ ، عٌمْلَةً رَائِجَةً فِي السَّمَاءْ .
وَفِي الْأَرْضِ  عَابِرُونَ ،
بَاحِثُونَ عَنِ الَّلذِةِ ، بَعَدَدِ خِصْيَاتِ النُّجُومْ)

عبدت الوجوه بإسمنت
الأمس لتخنق الخراب في
طريق البزوغ
أيا رحيلا للنهايات
والبدايات مستحيلة
الفرار وحده
والكهف قد يخرجك
من الذاكرة
لتطوف الأزقة بلا بطاقة
تعريف ولا صوت تسأل به
العالم عن فحوى المسير

ابق هادئا قدر ما استطعت
لا تتحرك كثيرا
أنت تشوش أفكاري
لا تكثر الالتفات ...هنا وهناك
عندما أحدق بك
لا ترتبك ....ولا تتلون 
فانا أحاول أن أفتش
عن وجهك القبيح في ذاكرتي
اعرف تأثير نظراتي عليك
لكن حاول فقط أن تبقى جامدا
أنت الان رجل كبير

يوم َ الختْمِ على فِــــيَّ
اسْتُنْطِقَ جِلْدي، فَــباح:
كان سليخَ الأعماقِ..
سليلَ الطّوفان..
كان شهيَّ الروحِ .. شَبِقَ الأوجاعِ..
تقلّبَ فوق أجيج الحُزْنِ
مليّاً..
سَفَّ رمادَ الحقلِ الأخضرِ
 في بَدْء الإشراق..
وتساقَى أجاجَ  هواه الأوّل ..
أوشكَ أنْ ِيُزْهِرَ فيما احترَقَ الوقتُ..

قال لي:
خطاهم منفى
وشمسهم لا تُشرقْ
الماضي حطبٌ ميّت
وأنت حيٌّ ترزقْ

وقال:
خطاهم إلى الوراء
فلا تمش الى ورائك
اتبع خطاك إليك تراني

وقال:
نفوسهم حرائق

في البلاد  البعيدة
يوقد الناس الحطب
ويسمرون
يتحلقون حول الشاي والحكايا
ويروون سيرة  الثلج  والغابات
وسيرة العابرين بين الفصول
في البلاد البعيدة
يوقد  الناس  الحب ويعشقون
يغلقون الباب دون  الشجر الواقف
في الفناء
ويتكتك ثمر البلوط

للْخُلدِ عَرَاءٌ مَجنُون بمَقاسَاتِ الانْتظَارِ...
 انتِظَار سَاعَة انهِيَارِ الاقْبِيةِ
 علَى ظِلالٍ مَاجِنة تقصِفُ ما حَولهَا بالجَفَاءِ
 عَالِية تُصَفِّفُ رُمُوزَ التَّارِيخِ
 بينَ اليَمينِ واليمِينِ....
 بَينَ اليَمينِ وألاّ اليَمينِ
وَلاَ جَدْوَى للأَدْعِيةِ
 وَلاَ مُغَالاة فِي الاحْجيّةِ
وَحَاكِينِي أحَاكِيك
فكُلُّها الاشْيَاء مِن حَولنَا انفِعَالٌ خَاطِئ

حين غادرتنا نبرة الصوت:
ارتأت السماء أن تترجم خيالنا
ارتأت النجوم أن تنسج أماكن اللقاء مع موتنا
ارتأى الليل أن يحبك قصة العتمة في مصائرنا
و حين خذلتنا الكلمات
اقتربت النهاية من المضيِّ ....... بداية لحنٍ جديد
أخذتنا هفواتنا :
نندب الراحلين
ونبكي على أفق كان يستر رقصة ابتسامتنا

لا أحد مهتم
بحذائك الملمع
وأنت تحاول أن تشاهد
وجه الشمس فيه
لا أحد مهتم
بأثر القبلة
على عنقك
كختم إلهي على محيا نبي
لا أحد مهتم
برائحة الخمر
المنبعثة من يومك

رغم آلام الجراح ...
رغم جبروت الطغاة...
نهض...وتكلم...
رغم اذلال الأعداء...
رغم قساوة الاستعباد...
نهض...وتكلم...
تكلم...ولا يشكو...
كالحريم المسحولة...
تكلم ...ولا يبكي...
كالأيتام المتروكة...
تكلم...ولا يخشى...

بين صخب وصخب
نداءات
من زوايا الألم
حُجُب كثيفة العقم
في فجوة... أصوات
أمواج  تهمس من مصب
تتابع
هنا وهناك
عبور رمال الرمضاء
في صمت
تلمع

أيا عاشقة الكلمة
يا مخملية الكليم والبسمة،
اسكبي من محبرة روحك
جنونا بثورة الأشعار.
أبجديات بلذة مخمورة،
لتداعبي كلماتي،
حروفي قلمي وأوراقي.
قد قبلت بك أميرة في صرح الكتابة،
 بين صفحات الورق داخل أغوار الدواة،
وملهمة لقلمي .
فأهلا بك في حديقتي.

أعبر الحياة بحذر
أتجنب المنعرجات والحفر
 الريح العاصفة والنهر
بفكر معطل وإحساس حجر
لا تستهويني قطارات الغد المجنونة
 لا أملك الناصية
لا أوجه المطية
في خريطة معالمها مجهولة  
لن أشغل نفسي بالحدود او الحقوق أو الفواصل
لا أحلم لا أتخيل  
فقد رضخت روحي وفكري امتثل