مَتَى صَارَ هَذَا الْعَالَمُ أَضْيَقَ مِنْ سُمِّ الْخِيَاطْ ؟
وَمَتَى أَصْبَحَتْ هِذِهِ الْمُدُنُ مَوْبُوءَةْ ؟
آنَ لِلْبُيُوتِ الْكَئِيبَةِ الْحَبِيسَةِ فِي الْمَوَاخِيِر أَنْ تَتَنَفَّسَ الْبَحرْ ،
وَلِلْفَوَاجِعِ الَّتِي تَعُضُّ عَلَى نَهْدِ الصَّحْرَاءِ أَنْ تَنْتَهِي .
آنَ لِلْحُزْنِ الْجَاثِمِ عَلَى بَوَابَةِ الْقَلْبِ أَنْ يَنْتَهِي ،
حَتَّى تَشْرَبَ الْمَدَاخِنُ تِبْغَهَا فِي حَضْرَةِ السُّكُونْ .
وَآنَ للنَّبِيِّ الَّذِي يَغْفُو تَحْتِ جِلْدِ الظَّهِيرَةِ ـ
وَفِي لَيَالِي الشِّتَاءْ تَتَقَاسَمُ عَبَاءَتُهُ الْجَنَادِبْ ـ
أَنْ يُبَارِكَ الْعَنَاقِيدَ فِي أَقْبِيَةِ السُّفُنِ الْمُتْعَبَةْ.
وَعَلَى الْيَاسَمِينِ فِي الشُّرُفَاتِ الْوَفَاءُ لِكَمَنْجَاتِ الْأَصِيلْ .

لهب
أقصى اللذات
داخل قفص
يذوب
طباقا ذابلات
سُحَابَة
تدون شهوة الغمام
بين الحصى
تتدفق صنوف النَّوَى
هبات مقذوفة
من

تسكنني الريحْ
فحِيحٌ فحِيحٌ
وقطر شحيحْ

يا الساكن خلف المعنى
كم من المغنى
يغريك تصريحا
وتلميحْ

أنا القوّال الفصيحْ
لا كلِم مطواع يسعفني اليوم
ولا حيلة حُبلى

السَّاعَةُ مَيِّتَةٌ عَلَى الْجِدَارْ ،
لِذَلِكَ سَيَتَأَخَّرُ الْمَسَاءْ ،
الْحَارِسُ اللَّيْلِيُ يَعْرِفُ أَنَّ اللهَ لَنْ يُشْعِلَ ـ اللَّيْلَةَـ النُّجُومْ .
وَبِالْأَمْسِ فَقَطْ، كَانَ رَقَّاصُ السَّاعَةِ يَقْفِزُ فِي الْمِينَاءْ ،
وَالنَّارَنْجُ يَغْفُو عَلَى الرَّصِيفْ ،
الْعُشْبُ يَغْمِضُ عَيْنَيْهِ فِي حَدِيقَةِ الْبَيْتِ الْأَمَامِيَةْ ،
وَيَهْجَعُ الْحُزْنُ فِي أَقْبِيَةِ الْقُرَى ،
تُخْفِيهِ قُبَّعَاتِ الْقِشِّ ،

مهداة إلى نبيل مطر
بعظامي أكتب قصائد كونية منفية
بعظامي أكتب قصائد عربية منسية
بنصغي، بدمي، بعروقي، بعرقي
أرسم أهراما سوسية،طنجية، مغربية
أبني قصص حرية صينية، مغربية كونية
أنا الشرقي، أنا الغربي، أنا الصيني,الياباني
الاسباني،الايطالي،الفرنسي،البريطاني،
الألماني الأمريكي، البرتغالي…….أنا المغربي
أنا العابر للقارات بوقود جسدي الطيع و عظامي الشاعرة
أنا المنسي في دهاليز المتاحف السلالية

جدّي كنعان لا يقرأ، إلاّ الشعر الرصينْ
يلعبُ الشطرنجَ، أحياناً،
يلاعبُ أحفاده، يتشعلقونَ بفرسهِ البيضاءْ
أضِفْ، ﺇﻟﻰ ذلك ... جدّتي
وهي من أصل هكسوسي
لكنها، تزعم ﺃﻧﻬﺎ نبطيّة
ترعى بقر الوحش ﻓﻲ بادية الشام
تكتبُ على القرميد الأحمر، أشعاراً حزينة
تحصد شقائق النعمان، ﻓﻲ أول كل ربيع
ترقص ﻓﻲ ملاهي واق الواق:
1. رقصة الثرثرة.

في ذكراك، يتجدد العهد،
بعد غياب طويل،
سعيد وأنا أخربش هذا المخطوط، لأحكي لك ما تيسر من أحوال البلد،
وما انتثر من أوراق القبيلة وأطرافها.
لا شك أنك متابع لما يجري،
فأخبارنا تصلك تباعا من خلال الوافدين الى مقامكم الأزلي،
من رفاق ودعونا بدون سابق انذار،
ركبوا طريقا في اتجاه واحد،
 لا يقبل العودة الى الوراء كمياه الوديان وهي تتسابق الى مصاب البحر،
لملاقاتكم،

هكذا غاب
حين تَكَاثَرَتْ حَكاَيَا التَّعَبِ والاهَاتِ
حِينَ عَاوَدَهُ الانْكِسَارُ
فَغَابَت الشَّمْسُ التِّي كَانت تَجْلبُ
الكَثِير من النُّور
الكثير من الحُلم
الكثير من كلِّ شَيء
هكذا غاب
حِين أصْبَحت حَيَاتُه
نَهَاراً يَذْهَبُ وآخَرَ يَأْبى أن يَأْتي
رَتَّبَ أَحْزَانَهُ بِرفْقٍ

قريباً من المجلس البلديِّ،
بعيداً عن المجلس البلديِّ،    
اتّكأتُ على حائطٍ باردٍ،
مثل مقبرة السفح،
كنتُ وحيداً وحيداً،
وينخرني الهمُّ والوهم والانتظارْ.
وبعد قليلٍ
سألتُ المدينة عن ناسها
وجفاف ينابيعها، وابن باديسها
وعن موت حُرَّاسها في الدروبْ.
وَناديتُ (مالكَ حدّادَ)،

قنطرة تَرْتَجُّ
أنت
أيتها الروح
بُحَيْرَة طقُوس
للرياح الشاحبات
مَعْبَر
للصرخات العاريات
تَصَّعَّد
مساء الْمَلَق
لِنِسَاء دَوَاة
نظرات هاجعات

أَرْبِطُ الْأَزْمِنَةَ بِالْأَزْمِنَةْ،
وَبِمِسَلَّةِ الْخُطَى أَرْفُو الْأَمْكِنَةْ،
مِنْ وَطَنِ الْمَنْفَى إِلَى رَصِيفِ الْمَبْغَى،
أَرْكُضُ وَدَاخِلَ مِعْطَفِي تَهُرُّ الرِّيحْ،
وَتَحْتَ جِلْدِي الْكَابِي تُبْحِرُ مَرَاكِبُ الْكَآبَةْ .
لَا خُبْزَ لِي، فِي بِلَادِ الْمَنَافِي وَلَا خِصْراً نَاعِمْ،
لَا الْحَانَاتُ وَلَا الْمَبَاغِي وَلَا الْأَسِرَّةُ وَلَا الْغُرَفُ الْمُعْتِمَةْ،
كَانَتْ كَصَدْرِ أُمِّي .
بِأَسْنَانٍ نَخِرَةٍ وَأَصَابِعَ تَعْبَثُ بِأَوْرَاقِهَا الرِّيحْ،
قَضَيْتُ دَهْراً أَتَسَكَّعُ عَلَى خَشَبِ الْخَرَائِطْ،
تَنْفَتِحُ أَزْرَارُ الْمُدُنِ عَلَى صَبَاحَاتٍ عَكِرَةْ،

أفروديت
تعد المساء كعادتها
وتنام عارية
على دهشة غريب
تتجلى لمن بعدها
راعية للقمر
كي ينضج الليل
في دم بناتها،
هن آهات
مسهن شبق سري،
وخفة ما لا تشفى،

كَانَتْ رِيحٌ خَفِيفَةٌ تُرَبِّتُ عَلَى رِيشِ قُبَّعَتِي ،
وَمَطَرٌ أَصْفَرُ يُلْعَقُ غَضَارِيفَ نَافِذَتِي ،
قَارِعُ الْأَجْرَاسِ السَّمَاوِيَةِ يَعْبَرُ نَحْوَ النُّجُومْ ،
وَعَرَبَاتُ الْخَرِيفِ تَعُجُّ بِسُرَادِقَاتِ الْمَوْتَى ،
وَخُفَّاكَ يَسْتَوْطِنَانِ رِكَابَ السَّحَابْ ،
وَعَلَى كَتِفِ رَبْوَةٍ كَانَتْ قُبَّرَاتٌ تَجْلِسُ الْقُرْفُصَاءْ ،
وَكَانَتِ الدُّنْيَا خَالِيَةٌ ، كَأَبْرَاجٍ مَهْجُورَةْ ،
وَالْأَبَدِيةُ تَبْتَعِدُ خَلْفَ سَدِيمِ الضَّبَابْ،
وَكُنْتُ بِالْخَطِيئَةِ قَدْ حَصَّلْتُ الْفَنَاءْ ـ
لَمْ تُحَرِّضْني كُتُبٌ مَحْظُورَةْ ،

وَطنٌ وَطنٌ وَطنْ
خُطبٌ خُطبٌ خُطبْ
موْجٌ وموْجٌ وموْجٌ
وأنا وحْدِي
رمادُ غَيْمةٍ،
وهذا البَحْرُ اللاّنِهائِي
وجَعُ الغِيابِ وحُلمُ العَابرِين
يصْنعُنِي هدِيرَ بحْرٍ
كفُخّارٍ دحْرجتْهُ موْجةُ الطّفُولة
فَهشّمتْهُ أشْلاءً بقايَا الوَطن
هذا هُو ..

ياطائر الغيب
أعرني صرختك ..
لأوقظ بها أموات العالم !!
فلا هديل ،
ولا كأس ،
ولا قرنفلات ..
فقط الليل يتضخّم
ومراياه !!
**
أي طائر الغيب ، أينك ؟
حزني دائريٌّ

أي شجن يغوي العراق..، أي الملاحم القديمة
ولمَ صوت الفرات حزين
ولا تنبت في ضفافه سوى الحسرة
لو قال النخل للبصرة أجلي موتك
والسراب
تعود القوارب إلى دجله
لو قال الماء للفرات... لكنه ماء الفرات
دم
...
عراق..، يا عراق

بينَ غُصنِي ويدِي كفُّ مَلاكْ
وغُصنيَ الصّغير،
قبّلَ جبْهتِي وانْحنَى لِلإلهْ
بخُشوعِ الأبْرياءْ
وصَغيرِي لمْ يكبُرْ، لمْ يُغادرْ عشّهُ
كانَ عِيدًا وعُرسًا فِي السّماءْ
ومِحْرابَ اعْتِكافِيَ فِي المَساءْ
وحُظوَتِي عوْنًا علىَ النّائِباتْ
وموْعدًا لأجْملِ الذّكْريَاتْ
وأنا لمْ أكبُرْ، لمْ أهْرَمْ
إلاّ بعدَ الفِراقْ

عبدت الوجوه بإسمنت
الأمس لتخنق الخراب في
طريق البزوغ
أيا رحيلا للنهايات
والبدايات مستحيلة
الفرار وحده
والكهف قد يخرجك
من الذاكرة
لتطوف الأزقة بلا بطاقة
تعريف ولا صوت تسأل به
العالم عن فحوى المسير