يا ذات الحرف المائيّ
أنا مائيٌّ أيضاً
وكلانا يحمل في عينيه
صليب الماء !
أنت امرأةٌ عنّي ،
وأنا رجلٌ عنك !
جسدانا .. سنبلتان
والشوق طيورٌ وحشيّه !
خلّيك هناك
على جرف العالم منّي
ما ولد العالم إلّا

جئت إليك لأرتاح قليلا،
فالشوارع لازالت تغرق في قذارتها.
رغم أننا أمس كنا نهتف للثورة،
و كان الجميع يغني...
لكني لا أعلم ماذا حدث للأغاني،
و كيف أفسدت الأفكار ألحانها..
لذلك جئت إليك لأرتاح
فالشمس لم تعلن بعد عن قدومها،
و الحرب سيدفعنا إليها القوادون.
ومعركة الفجر لازالت بعيدة..
لذلك دعيني أرتاح قليلا،

أشم رائحة رحيل
وسقوط القمر في غياهب الظلام
يقتص من ضوء سكنه
ولا عزاء لي
غير نور قلبي
وبضعة أمتار داخلي
فلقد استوطنني
غيابك
ولا عودة
ولا مراثي
ولا ثوب حزن

تماما خلف السور،
سؤالُ خصْلاتها على شال النور
بابلُ انتظارها على الأعتاب
فتيلُ دمعها المنساب
رفاتُها الأعْيُن الحُور
تَوَقدُ سُمْرتها في الغروب..
قبيلَ الباب ،
يكتئبُ كخزانة الأرْشيف تماما
كالمخطوطة القديمة على الرفوف
تحقيقها لَغُوزٌ وحبرُها مجفوفْ..
قبيل السور تماما،

في جوف الصخر أحفرني هائما على وجهي    
وأرسم تفاصيل عبثي على أجنحة صقر
 لكن شرايين القلب تحتج على شططي
إذ تأبى أن أمارس سلطة الهزل
على مرفأ الحنايا أوعلى ضفاف المهجة اليابسة
في الجانب الآخر........،
على أطراف البحر...... ،
أسمع رجع أمواج طافحة بالأسى تترنح في داخلي
وأظافر الغم جائعة تنهش ذاكرة العمر
زخات حبر متفحمة تتساقط على شعري
وأنا لا زلت هائما في محيط لا يكاد يلملم كلماتي

في صخب المقام
الملبد بالحريق
ناشدت شعاع المطر
مايعينني على الرباط
الدرب باردة
فمن وهب الفصول ولادتها
ومن أوقع النار
خلف فوضى الموج
أدبر الصباح
في اللحد الكامن
والماء يصرخ حافياً

فرَّ الناس إلى الجبال
قد أوشك الموج أن ينفرط
فلا عاصم من الغفلة
نسيت يدي على فم الحقول
فتذكرني الدرب
لكن الجهات أضاعت خيول المواسم
أزفّت ساعة الشقاء
فاختر موتك
على حواف المطر
أو فوق سرَّة الغيوم
لكنني طاعن في البؤس

-1-
قال لي حكيم الشعر
وهو يدس المجس
تحت قميصي
وهو يضعه تحديداً
فوق جدار القلب
قال لي وأنا أترنح
فوق المحف البارد:
ماتحمله ياعزيزي في أحشائك
قصيدة ستحل قبل الأوان
كم أخشى عليها نزفا وإجهاضا!

حرّر..
سرّ إكسيرك الدائريّ
لتصل ..
إلى قاع المرايا
لتقول للحلم ... (كن ، فيكون ) !
حديث السماوات ..
إنّك طفلها الغجريّ
وحديث الفناء ..
إنّك اللّانهاية !
هناك طائرٌ ... ما
يحترف صيحتك !

خذي مثلا الوسادة،
فهي لم يسبق أن خذلتني
ولا تودعني..
بل تحتفظ بأحلامي،
لأنها تعرف أني سأعود إليها حين أتعب.
و في أحيان كثيرة
كل القصائدة تأتي،
حين أضع رأسي عليها ليرتاح..
بل هي أيضا تسمح لي بمعانقتها،
بلا أسئلة..
وفي الصباح تتشبت بي،

حين يتضاحك الزمن
حين ينزف ، ويتألّم
فذاك ... أنت
**
أتلعن الزمن
وأنت هوَ ؟
وتنبذه ، وهو فيك ؟
**
السكّين في يدك
فمَن هو القاتل ؟
والمدن مهجورة

قالت الشقراء:
أنا عذراء مريضة،
لذلك لا أسمح للرجال بالدخول
فإن رفضوني،
سيؤلمني ذلك أكثر من الموت.
و ها أنا الآن وحيدة..
فأجابتها الشعلة وهي تتمايل:
أما أنا فأرقص حتى الموت،
لأنير الغرفة المظلمة.
و أفعل ذلك وحيدة في الظلام.
وها أنا الآن وحيدة في الظلام.

أنا من دون الحلم
صرت شجرة بلا أوراق
طيفا بلا ألوان
كم من مدينة نسجت في جسد خيالي
أصير فيها الحاكم والمحكوم
أبدل الكلمات نساء
تغمرني لحظة العشق كل صباح
تتلون بألوان باهتة عند الظهيرة
تصير بدون لون عند المساء
ويخيم عليها الليل البهيم بسكونه
فيتساءل القلب ما الحل

أيتها المرآة الصادقة،
أخبري الناس عن مكان العدو
فالعالم تزداد كل يوم بشاعته..
و أخبري أيضا حبيبتي،
عن عينيها الرائعتين
اللتين ترهقهما بالنظر إلى الفراغ
قبل أن ينطفأ بريقهما..
و أخبريني،
أيتها المرآة الواضحة..
عما فعله الزمن في شكلي
و عن هذا الغريب الذي يشبهني.

دعيني أهاجر
دعيني أغامر
دعيني أخوض خضم (المجهول)
فقد تكون مخالبه أرحم
من وعود حزب/حرباء!

دعيني أموت
بعد سقوط الأوهام
فقد تكون صراحة الموت
أقلّ قسوة
من مناورات (الحياة) !

تَبَّتْ يَدَا الغَيْمِ السّابِحِ
بِلاَ ذَاكِرَه.
تاهَ يمْخُر العُبابَ بِلاَ باخِرَه.
يَا غَيْمُ،
لماذا تركتَ القوْمَ مُمْتَشقينَ قرْآنهمْ
وغَدَوْت.
يا غيْمُ،
خُذِ الكِتَابَ بِرِفْقٍ،
وَانْثُرْهُ شُهُبًا في وجْهِ القبائلْ،
 في وجْه الظَّلامْ.
مَا بَالُ السَّوَادِ يَلْبَسُنَا مُتَخَفِّيّا،

الآنَ موْكِبٌ جَدِيد ..
الآنَ موَاكبُ أُخرَى، حُبْلىَ بِالأَسْفلتِ ولُغَةِ المِلْح
كلُّ الموَاكِبِ تمُرُّ الآنَ من هنا
علىَ الأجْسادِ، بِلاَ طُرُقٍ ..
خلْفَ مَواكِبِ العهْدِ الجَدِيد
ولرُبّمَا أمَامهُ، أوْ تَسْبِقُهُ ومنْ يَدْرِي
فالخَفَافِيشِ تَطِيرُ فِي الظّلام،
وبِلاَ طُرُقٍ ..
فكلُّ الجُدرَانِ التِي بنيْناهَا، عَبَّدُوهَا لِلزُّوَّارِ ليْلا
***
قدِيمًا علّمُونا رفْعَ الوَطنِ بَيْن الأكْنَاف

مازلتُ اذكرُ لونَ السماءِ
حينَ يهبطُ الظلامُ
على شواطئ نهرِ طفولتِنا*
ويرتمي القمرُ في أحضانهِ.
أتذكرُ ضحكاتك البريئةَ
قبلاتِ اللقاءِ والوداعِ
كلامَ العيونِ
وهمسَ الشجونِ.
آه .. يا سيدةَ العشقِ...
لقد طالَ الغيابُ
واصبحنا مكبلين بسلاسل الفراقِ

قولي كل ما تريدين الآن،
قبل أن تتسع المسافة بيننا.
أو قبل أن يأخد الوقت سمعي..
أترين كل هذه الطيور التي تحلق مبتعدة،
إنها تدعوني لألحق بها..
وتلك السفن التي كانت ترتاح في الميناء
إنها تطلق صافرتها الأخيرة.
لتخبرني أن الرحلة قد بدأت.
قوليها الآن،
فالموت لا يعرف الإنتظار،
وكل يوم يسرق جزءا مني..