إلى جبيهة رحال

كان يمحو أسطر الليل من دفتر الأحبة
يتلو على سمع الحبيبة المعذبة
كتاب العبور لشط الفجر
كان يتمطى تحت لحاف القهر
و يعدو – ضاحكا – صوب مواسم احتراقه العذبة!
***
هل تعرفون ولدا تنام المدينة
يشاكس و يرفض أن ينام!
هل تعرفون ولدا يجري كالنهر

العشق ابتلاء يا أهل الهوى
وانفاس المحبين ذنوب الّليل
وحين يعزف لهيب الشوق
لحن الاحتواء
يصطف أهل الغرام
في صلاة الفجر المبتلة
والإمام قدوة العشاق
يصيح من صبابته
أيا ويلي اتبعوني

امرأة في بخار الّليل ترقد

1 ـ البدء
سَريري رَحبٌ اللّيلةَ
يا أفلاكُ اِستريحي بقُربي
دُوري في كفّي كالخُذروفِ
يا سماءُ تَمدّدي على بدنِي
أفصّلُ لك من جِلدي خريطةَ الكونِ
أنتِ
أيّتُها الشّمسُ الغائبةُ خضراءُ
هذا جبيني مَسارٌ لكِ
 
البحرُ يَدخُل الأرضَ من بوّاباتِ السّواحل

تكتب الريح بالطّين
أسماء القرابين
تنحني شلّالات النار
وتمضغ الرمال بطنها جوعاً
أين الفرسان ؟
من رأى رقصة الغجرية
الرقصة الأخيرة
فوق الصدى الخافت
بلا صياح

كأنّني وأنا ألوي عنق الصحراء

كلما لمست بياض جسدك،
و نويت أن أرسم لي خندقا،
أو زورقا،
أو ينبوع ماء،
تتلطخ أصابعي بدم طازج،
وينتحر في صدري الكلام.
كل شيء كان ممكنا،
اضطراب البوصلة،
طلاق الورد من عطره،
تجمد الماء في عروق الأشجار،
موت طائر اختناقا بغنائه،

1   
المدينة مزق
إسمنت وخواء
الإبرة انكسرت
أما الكشتبان فانتكس
كأنه يصلي لإله كاذب
إثرها أوقدوا النيران
لمن؟
لا رماد
لاستحمام الفنيق
فقط خواء

وجهُ أمي عافَ كُلَّ حُقولِ الرُّز ..
مُعَلَّقةً ،
على احلامِنا ..
أمي ..
تُجَفِّفُ
الفَرَحَ و الاسماكَ و الأضواء ..
فَوقَ رؤوسِنَا الضَّاجَةِ بالسُّقوفِ والجُدْرانِ
كَمْ تَلَمَّسْنَا بأطْرَافِ الخَيْبَةِ
جُدْرَانَاً كثيرةً
كمِ أرْتَكَبْنَا الشِّرْكَ بالرَّغيفِ
حينَ سَجَدْنَا بالمَطَرِ

أراك تتسلقني من جديد أيها الخريف،
لا أوراق بقت لي لتسقطها ،
كلها سقطت قبل أن تجف.

هبي كيف شئتِ يا رياح ،
صفيرك بلا أوراقي محض هروب،
لا لحن فيه،
ولا شجن يشفي الجراح.

هذا عرائي،
مرّ أنّى شئتَ أيها الخريف،

إلى روح الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم
الذي غادرنا منتصب القامة مرفوع الهامة

من أين يأتينا الفرح؟    
والحزن في مآقينا أشد من الحزن
وأوضح
وحمام الشعر بعدك ما عاد
يصدح
فمن أين  يأتينا المرح؟
يا حصانا وحيدا غادرت بلا
استئذان

أجنحة ترفرف

أزيز بالقلب يكاد يصيبني بالصمم .......
نحلة محاصرة هناك
تلعق عسلها في صمت
و ترفرف بأجنحتها داخل المريء
تقاوم قدر الاختناق
.............

قاومي

لملمت صهيل الجسد المتوج بالرغبة
وسرت أرتل حلم طفل بمعانقة السماء
لمن هذا الغناء
لمن هذا التردد الملح على الخاصرة
لملمت أوراق الذاكرة
لا شيء يقلقني أكثر من جدار أخرس
لاشيء يخطف شبق نزوة راقصة
 على وتر العبور
سوى حلم بتره مبضع الصمت
على حافة مدينة فاجرة
تبعت رائحة الخبز في جلد الهواء

عزيزتي
حين يحط وُجَيْهُك - الشلال
على غصن الذاكرة – الصحراء
أحلق بعيدا بعيدا
عن عيون الواقع الشوهاء!
***
عزيزتي
ما ذنبي..إن وجدتني أتسكع، عبر دروب المدينة البكماء؟
ما ذنبي..إن ذوت على شفتي زهرة الابتسامة؟
ما ذنبي..إن امتدت في عيوني جذور نخلة الأحزان؟
ما ذنبي ..إن كنت أبيت تحت "الأخشاب المسوسة"

كان يَرى
في مَا يرى النائمُ
أنّهُ يَغطِسُ في البحر
يتنفّسُ الماءَ و يُلاعبُ الحيتانَ

كان يرى
في ما يرى النائمُ
أنه يَسكُن الشّمسَ
يَصطلي ويُصلّي في قُرصِها
 
كان يرى

غريبٌ
وبلدَتِي دعْوةٌ أنثرُها 
ومْضَةً فوَمْضَة
بيْنَ القوَافِل صَوْمعَةً وصَلوَات
كنّا نسِيرُ معًا وسَط الجُمُوع
والبحْرُ يسْبقُنا مَوْجًا وسِرْجا
وكنتُ أمُدّ يدِي نحْو ظفائِرِها
لأُعْطِي الغَريبَ حُبّا ودَعوَات
وكنّا نفْترِشُ الأدْرُع لِضحَايَا الحُبّ القدِيم
كُلنَا غُربَاء
حِينَ يُلوّحُ الحِرْمَانُ ومِيضًا كالبرق

يرسم غصن زيتون
وحمامة
يستلقي حالما
بصبح شفيف
وبستان برتقال
وابتسامة
وعلى حين غرة
يصدم سمعه
دوي انفجار
فيتناثر غبار
وتصعد سحابة

لو كان الموت يتكرر فينا
لاخترت أن أموت فيك
ألفا وتسعمائة وثلاث وستين مرة
ولأنني مملوء بك حتى النخاع
سأروض الردى لعلي أموت فيك
عشرة أضعاف سنوات عمري
ولأنه لاحظ للموتى في نوم الأحياء
ولا حظ  لهم في خيوط الشمس
فلن أنام إلا في دنياك تحت ظل شمسك
لتفيض من كلماتي حروف عشقي
أنقشها دموعا على خصر الوجع

قالت لي
حدثني عن المخيم
قلت
المخيم هو القصائد المنفية
وزورق الحكايات
المخيم الأرض الثكلى
هو زهرة الحب
في الفرح
فراشة في الخيبات
رقصة الموت
المخيم وحشة الحسرة

هذا الوطن
رحيل موغل في الرماد
في البدء كان اليمّ
كان الملح والماء
وعندما نفخ الرسل
مواسم الرمل
زرع الرجال الحياة
ومازالوا في سفر

امتشقتني فضة الملح
أغفو على كتف المسافة

بين أحضان السواقي ,و الصخور...
حيث يقبّل الصّنوبر خدود الأفْق البعيد,
 و تشرب الفراشات من خمور المساء الحزين,
و تستحم أحزان الحلّاج بزفرات المساكين.
أعلن القمر اليتيم, بين حين و حين...
أن أباه توفي شهيدا بين أحضان السنين,
 و أن أمه الحالمة, تركته وحيدا للبحث عن الحطب.
فلسعات الشتاء الغاضبة,
أعلنت أنها لن ترحم المجانين.
و أنا باق بلا حذاء,يا أبي , بلا معين...
الأشواك يا أبي, مزقت ثيابي...