1 ـ البدء
سَريري رَحبٌ اللّيلةَ
يا أفلاكُ اِستريحي بقُربي
دُوري في كفّي كالخُذروفِ
يا سماءُ تَمدّدي على بدنِي
أفصّلُ لك من جِلدي خريطةَ الكونِ
أنتِ
أيّتُها الشّمسُ الغائبةُ خضراءُ
هذا جبيني مَسارٌ لكِ
 
البحرُ يَدخُل الأرضَ من بوّاباتِ السّواحل

1   
المدينة مزق
إسمنت وخواء
الإبرة انكسرت
أما الكشتبان فانتكس
كأنه يصلي لإله كاذب
إثرها أوقدوا النيران
لمن؟
لا رماد
لاستحمام الفنيق
فقط خواء

وجهُ أمي عافَ كُلَّ حُقولِ الرُّز ..
مُعَلَّقةً ،
على احلامِنا ..
أمي ..
تُجَفِّفُ
الفَرَحَ و الاسماكَ و الأضواء ..
فَوقَ رؤوسِنَا الضَّاجَةِ بالسُّقوفِ والجُدْرانِ
كَمْ تَلَمَّسْنَا بأطْرَافِ الخَيْبَةِ
جُدْرَانَاً كثيرةً
كمِ أرْتَكَبْنَا الشِّرْكَ بالرَّغيفِ
حينَ سَجَدْنَا بالمَطَرِ

أتذكر أيامي معك
كمن يرى الأشياء عبر نافذة قطار مسرع :
نائية وجميلة
والقبض عليها مستحيل
من وقت إلى أخر
فلنعد أطفالا
ولنحزن بلا كبرياء زائف
يوم احتضر
سافكر بتلك اللحظة المضيئة
حين وقفنا في الظلمة
على شرفة القرار

إلى روح الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم
الذي غادرنا منتصب القامة مرفوع الهامة

من أين يأتينا الفرح؟    
والحزن في مآقينا أشد من الحزن
وأوضح
وحمام الشعر بعدك ما عاد
يصدح
فمن أين  يأتينا المرح؟
يا حصانا وحيدا غادرت بلا
استئذان

أجنحة ترفرف

أزيز بالقلب يكاد يصيبني بالصمم .......
نحلة محاصرة هناك
تلعق عسلها في صمت
و ترفرف بأجنحتها داخل المريء
تقاوم قدر الاختناق
.............

قاومي

وأنا أرحل ،
ذروت  قصور رمالك
على رموش 
أول إعصار
وامتطيت أشرعة الموج
صوب ..... المدى
   كأي عاشق
للسفر و الإبحار

علمتني الحياة
 كيف أحمي مشاعري

عزيزتي
حين يحط وُجَيْهُك - الشلال
على غصن الذاكرة – الصحراء
أحلق بعيدا بعيدا
عن عيون الواقع الشوهاء!
***
عزيزتي
ما ذنبي..إن وجدتني أتسكع، عبر دروب المدينة البكماء؟
ما ذنبي..إن ذوت على شفتي زهرة الابتسامة؟
ما ذنبي..إن امتدت في عيوني جذور نخلة الأحزان؟
ما ذنبي ..إن كنت أبيت تحت "الأخشاب المسوسة"

كان يَرى
في مَا يرى النائمُ
أنّهُ يَغطِسُ في البحر
يتنفّسُ الماءَ و يُلاعبُ الحيتانَ

كان يرى
في ما يرى النائمُ
أنه يَسكُن الشّمسَ
يَصطلي ويُصلّي في قُرصِها
 
كان يرى

تقتضي الوقت
أن نتلو ندوب الممر
أن نجلو مرايا السفر
ثم نجثت جذر العلل!
تقتضي الوقت
أن نُجَفّفَ مستنقعات الخديعة
أن نكشف أسرار الفجيعة
ثم ننساب نحو عيون الأمل!
تقتضي الوقت
أن نَعُدَّ ضروب حبسنا
أن نَهُدَّ صروح يأسنا

يرسم غصن زيتون
وحمامة
يستلقي حالما
بصبح شفيف
وبستان برتقال
وابتسامة
وعلى حين غرة
يصدم سمعه
دوي انفجار
فيتناثر غبار
وتصعد سحابة

لو كان الموت يتكرر فينا
لاخترت أن أموت فيك
ألفا وتسعمائة وثلاث وستين مرة
ولأنني مملوء بك حتى النخاع
سأروض الردى لعلي أموت فيك
عشرة أضعاف سنوات عمري
ولأنه لاحظ للموتى في نوم الأحياء
ولا حظ  لهم في خيوط الشمس
فلن أنام إلا في دنياك تحت ظل شمسك
لتفيض من كلماتي حروف عشقي
أنقشها دموعا على خصر الوجع

هذا الرحيل يشطرني
هناك خلف تلك الفوانيس النائمة
تماماً خلف أقدام التلال
يعجن التراب دموع العابرين
يرتعش البياض على غصن الماء
ويحلّق وتر المآقي
نحو السراب الغائب
حيث تنعق الغربان

في ميادين المدينة بخار أسود
يحجب عريها ويفور

هذا الوطن
رحيل موغل في الرماد
في البدء كان اليمّ
كان الملح والماء
وعندما نفخ الرسل
مواسم الرمل
زرع الرجال الحياة
ومازالوا في سفر

امتشقتني فضة الملح
أغفو على كتف المسافة

بين أحضان السواقي ,و الصخور...
حيث يقبّل الصّنوبر خدود الأفْق البعيد,
 و تشرب الفراشات من خمور المساء الحزين,
و تستحم أحزان الحلّاج بزفرات المساكين.
أعلن القمر اليتيم, بين حين و حين...
أن أباه توفي شهيدا بين أحضان السنين,
 و أن أمه الحالمة, تركته وحيدا للبحث عن الحطب.
فلسعات الشتاء الغاضبة,
أعلنت أنها لن ترحم المجانين.
و أنا باق بلا حذاء,يا أبي , بلا معين...
الأشواك يا أبي, مزقت ثيابي...

هذه الليلة سأرحل إلى أحلامك
لأكون كما تريدينني
نعم، سأكون قويا لأحملك بين ذراعي
سأصير الحبيب الذي لا يكف عن البوح و السؤال
سأغار عليك من النسيم
سأحضنك كلما إقتربت مني
لن أترك ثانية تمر دون أن أقبلك فيها
في أحلامك لن تراقبنا العيون في المقاهي
فكل الأماكن ستكون لنا...
في أحلامك سأشتري لك وردتا حمراء،
من الطفلة بائعة الورد الفقيرة

تكتب الريح بالطّين
أسماء القرابين
تنحني شلّالات النار
وتمضغ الرمال بطنها جوعاً
أين الفرسان ؟
من رأى رقصة الغجرية
الرقصة الأخيرة
فوق الصدى الخافت
بلا صياح

كأنّني وأنا ألوي عنق الصحراء

هدير الفؤاد صاخب
كموج المحيط

همس البوح
صارخ
كبكاء الثكالى

وديان من وجع و أنين
شلالات من ذكرى و حنين

فهات شعاع عينيك

من أين ابدأ ؟
من الريح التي مزّقت صدري
وأدمنتها القصائد
أم من جرح الأسئلة
في جعبة الوقت المتساقط
هذا حزن مندس تحت ذاكرة الندى
وأنا أنتفض في غباري
على أرصفة الشروق الممتد
نحو الشراع
أنا السّامق على بعد خسف وأحجار