ما الأدب ؟ ما العلاقة التي تربط بين الأدب والبلاغة ؟ وهل كل ما يكتب يندرج ضمن يافطة الأدب ؟ أسئلة وغيرها طرحها ، نهاية الأربعينيات من القرن الماضي ، الفيلسوف الوجودي جون بول سارتر في كتابه الشهير" ما الأدب ؟ "
يغدو التمييز ، حسب سارتر ، بين الأدب وغير الأدب أمرا في غاية الصعوبة ، فبالرغم من الأبحاث التي وازت الدراسات النقدية الغربية ، منتصف القرن الماضي ، تظل أعمال كل من رومان ياكوبسون و بول ريكور رائدة في هذا المجال ، حيث لامست الجرح من خلال التفكير العقلاني والوجودي في موضوع الأدب . و به يكون العبور آمنا نحو الوظيفة التي يقوم بها الأدب في الحياة .

كلما سمعت عن الحكايات الشعبية أحس وخزا لذيذا في قلبي ووجداني ، وإن كان علي أن أستغل ما درسته في كلية الآداب والعلوم الإنسانية :من دراسة لبنية النصوص الأدبية وتشكيلها الفني ونكهتها الإبداعية ،وإن كان علي أن أمرس مهارتي النقدية وأن ألبس جبة الناقدة التي تمنيت أن أكونها وتعلمت مهارتها ، علي أن أدرس الحكاية الشعبية المغربية.
قد يقول البعض : هل تستحق الحكاية الشعبية المغربية الدراسة ؟ أليست مجرد إنتاج شفهي بدائي الميلاد و الهيئة ؟ ألم يتم إبدالها بالتلفزة وبرامج والتطبيقات الحاسوب الذكية ؟ ألم يمتلئ الفراغ العاطفي والزمني الذي كانت الحكاية تعوضه ؟
هل ما يزال الفرد يحتاج إلى ليالي السمر حيت يجتمع الكبار وتشرئب رؤوس الصغار لسماع قصص وحجايات الأم والجدة؟ ، في ظل الأشرطة القصيرة المسجلة والفيديوهات الغزيرة وحمى المعلومات والصور المهلوسة التي لا تنفك في الانهمار إليك اذا دخلت نسق الحياة الرقمية التي عوضت كل كيان ثابت ظُن أنه لن يهمل.

في الأدب أحداثٌ ووقائعُ يسجلها التاريخ ، فالخلود الذي يرسو عنده هذا الحلم ، يظل مشدودا إلى ظواهر تتناقلها نصوص غائبة ، تسعى نحو تجسير حوار بناء بين القديم والحديث . فمن زاوية التفاعل والانفتاح ، يصبح العبور آمنا بين عظماء في التاريخ الإنساني ، ويصبح أيضا ـ أي العبور ـ ذا مغزى يعجُّ بعبر وقيم نبيلة ، تخدم تاريخ الأدب . فمهما حاول النقد الأيديولوجي الحديث أن يطمس هذه الحقائق التاريخية ، إلا أنها تظل موشومة في ذاكرة الأدب ، تطفو بين الفينة والأخرى في الساحات الفكرية ، وتتلون بمنطق العصر .
في الأدب الغربي ، كما هو معروف ، مساحات شاسعة ومضيئة من قول وحرية وإبداع ، ينتقل عبرها الأديب نحو العالمية و الخلود بفعل الانتشار الواسع للترجمة والطباعة ، والمنافسة الشديدة بين دور الطبع والنشر . فكان الأدب الألماني ، من هيكل إلى حدود برتولد بريخت مرورا بهولدرلين ، قد استفاد من هذا التطور وغير مجرى التاريخ في أوروبا . فما عسى لشاعر ألمانيا العظيم ، يوهان فون غوته ، إلا أن ينظر إلى ما يخلده في الأدب . فعبر مصفاة المسرح ، باعتباره أبي الفنون ، استطاع غوته أن يكون مسرحيا وشاعرا وفيلسوفا ، وتمكن من أن يخلق لنفسه هالة من جنون العظمة ؛ أسوة بأبي الطيب المتنبي في الأدب العربي ، الذي اختار المنفى بقوله الشهير من الوافر :

1 - التعرّف
قبل هذا الوقت لم أعرف ميلانين و لا الأديبة فتحية دبّش لكنّي كنت محظوظا حين قامت الكاتبة و لا أعلم لماذا بالإشارة لي في منشور فايسبوكي يخبر عن ندوة أدبية ستقام ذات سبت بباريس عاصمة الأنوار و الثقافة حول رواية عنوانها ميلانين، و لأنّي كنت متعطشا لمثل هذه الندوات فقد راسلت مباشرة الكاتبة في الخاص للإستفسار منها عن الحضور و هل مازالت هناك أماكن شاغرة نظرا للإجراءات الخاصة المتبعة نتيجة الكوفيد-19، فكان الردّ بنعم يمكنك الحضور.
بعدها كان عليَّ الحصول على ميلانين لقراءتها قبل موعد اللقاء، بحثت عنها في النات و خاصة في الموقعين اللّذين أشارت لهما الكاتبة لكن لم أتمكن من شرائها، بدأ القلق يدبّ فيَّ لأنّي لا أريد الحضور للإستماع فقط بل أريد المشاركة في النقاش، خطر ببالي أن أتصل بالأستاذ علاء الدين السعيدي أحد الناقديْن اللذيْن سيؤثثان اللقاء و فعلا أخبرني أن لديه نسخة يمكنه إعارتي إياها و تواعدنا على اللّقاء.

إنْ كان الكلام عن الأدب في عمومه صعبا فإنّه يزداد صعوبة في السِّيَرِ الذاتيّة لأنّ تناول سيرة كاتب، هو تماما كالدخول لبيته و حاضنته، فتجد نفسك كقارئ مكتفيا بالقراءة دون جرأة في التفكير في الكلام عمّا تقرأ، ففي حضرة الألم يخرس اللسان، و يصبح الأمر بالغ الصعوبة إن وجدت نفسك تطالع سيرة لسجين سياسي سُجِنَ و حِيلَ بينه و بين الحريّة زمنا، فكان التأريخ لمحنته ملاذه الوحيد لإنقاذ نفسه و ذاكرته لكن و بتواضع كبير أمام عذابات المساجين السياسين، كان من الواجب علينا الكتابة عن أدب السجون التونسي الذي لم يأخذ حظّه في تونس إطّلاعا و دراسة رغم المآسي الإنسانية التي شهدتها الجمهورية منذ الإستقلال إلى سقوط نظام المخلوع و رغم أنّه الشهادة الخالدة عمّا جرى من إنتهاكات لحقوق الإنسان خلال تلك الفترة المظلمة من تاريخ تونس.

مقدمة :
تبدو الرواية المنجزة مؤخرا للرّوائي الجزائري واسيني الأعرج  الموسومة بـــــــ ليليات رمادة من بين النُّصوص التي تثير أكثر من إشكال، فبالإضافة إلى نسختها الرّقمية المُتَاحَة على شبكة التّواصل الاجتماعي التي كُتِبَت مُنَجَّمَة ومصحُوبة بتعليقات القُراء فإن النّص الذي صدر حديثا -  سيصدُرُ قريبا عن دار الآداب اللبنانية في مطلع شهر أكتوبر- [1] قد تغير كثيرا عن نسخته المُنجَّمة ليتحول في بنائه ونهايته وأشكال تفاعله .

و يُحيلُ  النّص الرّوائي أساسًا من خلال عمليَّات تراكُميَّة مُتنوِّعة على دلالات وقيم مُختلفة ترسم ملامح النّص وتفضح عُمقه الإيديولوجي الذي يحتاجُ إلى إنعام وتفحُّص لكشف ما يحمله من أفكار. ولكنّ هذه الأفكار تظلّ دائما محكومة بما يُحيلُ عليه النّص المحايث أو العتبات هي رؤى  حمّالة للدَّلالات والمعاني كاشفة لمنظُومة القيم يصدر عنها النّص .إذ لا يُمكن قراءة الواقع من منظور واحد .هو أشبه بمُفترق طرق للمعايير والقيم المتداخلة والمتشابكة ....ويتمثّلُ دور الروائي في تفكيك وتفصيل هذه التَّقاطعات واختزالها إلى عناصرها العميقة والأساسيّة  . [2]

مقدمة: السينما بوصفها محاكاة للواقع، يمكن أن تقع موضوعا للتحليل، و تدرج الأحداث من حلقة إلى أخرى في زمان ومكان مخصوصين، وبتدخل شخوص ذات مواصفات معبر عنها أو معبرة عن ذاتها، يمكن أن يكون محل تمحيص وتدقيق نظر، إنها بهذا المعنى أي السينما لغة أو شكل تعبيري، بل هي عالم يتميز بخصوصيات عدة لكنه يظل على اتصال بالواقع وبحياة الناس، من خلال ذلك الخيط الدقيق الذي هو التعامل بنفس عملة الواقع؛ فهو يصور واقع حياة الناس منضبطا للمتعارف عليه من الأسباب والنتائج. ولا يكسر منطق السبب والنتيجة في شيء إذ أنك لا يمكن أن تجده يعطي السلطة وقوة الظهور لغير أهلها، ولا العيش على هامش الحياة لغير الشخوص الذين يلقون ذلك المصير في الواقع مثلا... وزيادة عن البعد الواقعي لأي عمل سينمائي تلفزي ( مسلسل، فيلم، فيلم قصير...) يحضر البعد الفني الذي من خلاله تتجلى خواص السينما كفن؛ ففي هذا المستوى تكمن الرسالة التي يختزنها العمل السينمائي، وفيه يتم العمل عليها. من مثل: توجيه المتلقي إلى نوع من الفهم المخصوص، أو إطلاق عنان التأويلات حسب تنوع فئة المتلقين...إلخ. وهو أمر يعتمد أساس على رؤية المبدع للعالم وثقافته و مبادئه.

اليابان البلد القصي عند الطرف الآخر من الأرض هذا الأرخبيل الذي تعلم الإنسان فيه أن يواجه مصاعب الطبيعة الأرض المتشظية أفلاذا في شكل جزر،والأعاصيروالزلازل التي لا تحابي بشرا ولا حيوانا  ،هذا البلد الذي تعلم كيف يصغي إلى العالم فيأخذ أفضل ما عنده من معارف علمية وتقنيات في بدايات القرن دون أن يفقد خصوصياته الروحية والسياسية والثقافية والاجتماعية فيطلع إلى العالم بمعجزة التقانة والصناعة وقد كان الراحل يوسف إدريس يقول: أخاف من الألمان واليابانيين من عقدة التفوق عند الألمان وعقدة النقص عند اليابانيين ،تعلمنا- ومن العلم ما قتل- نحن العرب أن نخضع في أحكامنا وفي تبعيتنا للغرب الأمريكي والأوروبي وفي خضم ذلك نسينا جزء هاما من الأرض ومن التاريخ ومن الثقافة في الطرف الآخر من الأرض فاليابانيون تعلموا أن لا يخضعوا للهيمنة الأوروأمريكية وأن يبحثوا بأنفسهم ويترجموا بأنفسهم ويعرفوا العرب وثقافتهم بأنفسهم بلا وسيط أوروبي أو أمريكي أذكر أن كاتبا عربيا التقى بباحث ياباني جاء إلى القاهرة في مهمة ترجمة مقدمة ابن خلدون إلى اللغة اليابانية فلما استغرب الكاتب العربي ذلك أضاف الباحث :نحن نملك ترجمات للمقدمة من اللغات الحية ولكن لا نملكها من العربية رأسا ،حكومتي ترغب في نقلها من العربية، لا شك أن النقل من العربية مباشرة غير النقل من لغة وسيطة حية. هذا المثال الحديث يبين كيف يعتمد هذا الشعب النشيط على نفسه.

مفضلات الشهر من القصص القصيرة