- 1-
أسرارك ليست اخفى من
انظمة العسكر
ومع ذلك تحفظينها
كبخيل يكره اولاده.
والأسرار اذا لم تفضح
يتآكلها الصدأ
والجثة التي تكورينها
فوق ظهرك لن تحدث فرقا
غدا عندما تسطع الشموس
ستذوبين كقطعة شحم

تُنَـاديـني:
أَيا وَلَدِي
وأبواقٌ تُغطّي صوتَها الحاني
كأنَّ الصمتَ أضحى من محابِسها
تنـاديـني :
من الشطآنِ والرّملِ الذي فَرغتْ خَوابيهِ
وأحداقٍ وقد ثَكِلَتْ
 وصمتٍ في وُجوهِ الدّربِ والصِبْيهْ
وجلادٌ على أبوابِ خَيمتِنا
تُـنادِيـني
من الأكواخِ والجُدُرِ

أكرر…
لقد ذهب الجميع الى وظائفهم
الألغام نحو المطبخ تهيء عصيدة الخطى..،
والأبناء لزراعة المدى بالعكازات
كذلك الأم وهي تتبضع الغرقى في "شارع النهر"(1)
تركت الصحون المنكفئة تضيء بمؤخراتها صورتي
وأنا أجفف الشظايا على حبل الوريد..،
لم يبق سواه ، فمن غير دواء وبطابوق جمهوري
يُضمّد المتقاعد أحلامه الملكية..،
لذا بات من اللائق حقاً أن أجري تعديلاً على مساوئي
وأستدير نحو شريط لاصق لأثبت معتقداتي في غرف النوم

من الشبَّاكِ غَنَّى بالقصائدِ وارْتِعاشاتٍ يُواريها
عن الأشجارِ والأطيارِ والأمواهِ والشهداءِ والهمساتِ
والطرقاتِ والأسمارِ والأسلاكِ والأمطارِ والعبراتِ
واللوزاتِ والأمواجِ في جفنِ المساجينِ
يُداري لَونَ غِنْوَتِهِ عن الريحِ
وسَجّانٍ يُسَبِّحُ بالمفاتيحِ الَّتي حكَمتْ
وسِلسلةٍ وقد نُزِعتْ من العظمِ
من الشباك ينعَى نجمةً سُرِقتْ
يُدنْدِنُ لحْنَ مكلومٍ على بلَدٍ
ينادي للمناديلِ الّتي تَهْفو
إلى حِبٍّ ينامُ على قَصائِدِهِ

قريبا من الموت
كان جندي بالمرصاد ،
يتلو للبحر بريده
و يكتب اسمه على جسر أيامه
و يغفو .
و شاعر يبكي أطلال قصيدته
يفتح قلبه للريح  ،
يرثي سواحل الراحلين  ،
يرتق جرح الأرض
و يكبو .
طفل على بوابة المنفى  ،

على مقربة من عش الأرض،
 عند ساعة الاستيقاظ
للبحر، يحفر شعاع الشمس ثقبـاً.

تكف المشهدَ ورقة مبللة بالفجر
ساذجة كعين الوجه النسية.

 و نهار الآن الآخذ بالنائمين،
 يرمي  في الليل ظلالهم النائمة.
شعر: بول إلوار
ترجمة: صلاح انياكي أيوب

الغرفة موصدة الباب
وأنين الليل يختمرُ
وحدي أناجي حرقتي
ودموع تنهمر وتنهمرُ
والليل وشاح من ندم
فنور المصباح يحتضرُ
الساعة مثقلة بعقاربها
وصورة حبي عن عيني تندثرُ
ولليل نواح لا يدمى
وصياح غراب في الآفاق ينتصرُ
وطقطقة الماء على الأرض تذوبني

يمكنني الليلةُ يا حبيـبـتي

أن أتذوقَ أشـهى قصيدةً

عاصفةٌ من أنفاسك المتألقة

تجتاحني

تسقطُ كُلَّ أوراق الترددِ

وملاك يعدو في غابة ذاكرتي

يقطفُ ثمارَ الحزنِ عن أشجارِها...

يتعرى الحبُّ للحبِّ

للشعرِ

للصلاة على جسد الحلم ...

لا تتعجل أيها الحبُّ الهاربُ

يفترش الأرض
يكور أعضاءه
يمسك بركبتيه
يبحث عن دفئ المكان
الى جانب الصور
المعطر ببول المارين
    *    *     *    *
عسكري بلباس أخضر
يركل الجسم الصغير
يستنهضه ...
" قم يا ابن العاهرة"

مرة أولى:
أخاطبك وأقول:
إن سعادتك تعاستي
وحينما يحالفني الحظ
تغدو الكلبية لصيقة بك
هكذا فقمة سعادتك
حينما تبرز قوة ضعفك
أما قوتك الفعلية
فلا يعرفها إلا تلك التي ولدتك

إني لأراك كمن يرى

أخاف من ألمي
من ثورة الجرح الغائر،
في القلب ألف نزيف
وأنت أيتها الهاربة إلى
قلبي...
ضمدي ما بقي من سؤال
خذي كل شيء...
خذي الحياة كلّها
واضربي موعدا لدمي
اغسليه ..... أو...
وقح هذا المرتع

انسيابُكِ في الأشياء يملأني مثل ساعة سائبة :
شعريةُ الخريف وهو يُجوّف كينونةَ الطبيعة.
شمعدانُ القلب جنوبَ ضحكتك الزرقاء.
الموقدُ الحجري حيث مَكَنَةُ الُحبّ المعطلة.
سِحليةُ الوقت تفْركُ حبّات الضوء.
غيابُك إذ يتدلى من السقف مثل جثة مزهرة.

وماذا بَعْدُ ..؟
دقاتُ ساعة السماء في قُدّاس بيتهوفن.
الحديقةُ حيث ترقُدُ الأبديّة.
اسطرلاب القديسة تيريزا يومىء جهةَ المقبرة.

الغبار على المرآة
ينتظر بدون ملل ملامح
فتاة شقراء
وتفاصيل يوم مزدحم بالذكريات
ليمارس عادته في كنف الخيال
أو يمارس نسيانه في زحمة العمر
حتى يراوده السبات.
ثمة حلم خلف المرآة يصيح
وثمة قميصك المفتوح المرتحل
إلى أفق الهوى دونك
يغطي المرآة مزهوا بالعشق

إلى عمر الأزمي 
البيد يوما لم تساومك،
فرسك لم يسرجه سواك
لم تدجنه شيوخ القبيلة،
و كما الريح
لم تنحن سوى للنخلة السامقة،
و في مواسم الجدب
دوما تفكر بالعيون الظامئة
و حين تعود بالنوق،
و في عيونها تنمو نار قراك
فلا تنكسر...

قواريرُ تتكسرُ في الحانةْ.
وأخرى تتشققُ
وكؤوسٌ منَ الذهبِ الخالصِ
تمضي إلى الصالةْ .
وأخرى تبعثُ منْ مقبرةِ الجهلِ
تملأُ بماءِ الموتِ الأخيرِ
زمنَ العروبةْ .
قواريرُ تقرعُ أخرى
وتتهجى آيةَ الغبارِ
وتسقطُ ثملةً
ثمٌ يحضرُ الساقي المغلوبُ المكسورُ

لمّا غوانا جحيم الرّحيل..
حرقنا بجنون بطاقة الهوية..
كي نصير مثل الرّياح ..
لا بلاد لها !!

كان الطّموح
جوادا نيزكيّ الجنوح والجموح..
وكان الحلم كونا فسيحا
مستفاض الخيال..
والمدى عوسج للأمنيات
التي طارت

وترٌ لماءِ الصمتِ بينَ حديقتينِ
صغيرتينِ لساعدَيها
تسمعانِ النبضَ في قاعِ البحارِ
وترفعانِ على حدودِ الليلِ
قلباً غيرَ مُكترثٍ
بما البلُّورُ يهمسُ فيهِ
مثلَ صليلِ أجسادِ المُحارِ الحيِّ
في شغفِ الأصابعِ......
 
ها هنا أتأمَّلُ الأيامَ دونَ عواطفٍ سوداءَ
أُصغي لانتباهاتِ الحفيفِ وراءَ فصلِ الصيفِ

لا تريحيني
يا امرأة سميتها
ثم فقدتها
على شجر هناك...
لا تريحيني
ففي عينيك بحر
صار يرفضني بشدة
ليت لي سرا في الظلام
لعلقته مشنقة للنهار
قبل أن أوزعه
على القبور والنجوم.

أيَا أمّاً يثورُ بخصرِها جُرحٌ
كأنَّ الهمَّ إكليلٌ
وَيا لَهْفي
على أرضٍ وقد أبْكَتْ حرائِرَها
وأمواج من الآهاتِ كَبَّتْ في شَراييني
فقد رَضِعتْ شِفاهي دمعَ زيتوني
وما زالتْ ثِيابي تذكُرُ التينةْ
ولم تنشفْ مناديلي
فهل أنْسَى زُقاقاً كنُتُ سامِرَهُ
وأشجاراً تُذبُّ الريحَ عن جُرحي
وعند تَراكُمِ الحزنِ