كن أول المنفيين
واترك معطفك
كي تؤلمه المشاجب
وخذ حذاءك
كي لا تعود
فلن يشكل
غيابك
وخزا في القلب
ولا أرقا في الليل

كن ضوء المسير وماءه

إنك تسألين عني
وتقتحمين أسوار خارطتي
وتفضين أزرار ذاكرتي!
أيا زهرة المجد كيف تستبيحين كراستي؟..
هل تشكين في هويتي؟
إني إذا مجبور على كشف جارحتي ..!
             ***
أنا شراع شارد..
قد ضللت اليوم عن قافلتي..
ونسيت كل فتوحاتي
وصرت مباحا لكل عاتية

في الخريف  المرّ ،
و مساء ، كهذا  المساء
على رصيف القلب ،
 حطّـت سُنونوة
تفتش عن نصف حلم ،
هناك ،
في معطف البحر
و نصف ليل ،
يبحث عن نصفه
على جدار الفجر .
 
 

أيها الحطام الأسود الجميل،
يا هاجسا يحرضنا على السهر.
أبدا، لن نحتقر أسرارك الدفينة
في كأس النبيذ
فبين كأسين
وسيجارة ذابلة
ستكبر المسافات باتجاه من نحب
ستكبر على طاولة ما
طاولة ترقب الليل من شباك حلمنا
قبل أن تنام منهارة.

(1)
أُفكِّرُ أحياناً بأشياءَ كثيرةٍ
بفلسفةِ علمِ الأحاسيسِ
بالصرختينِ اللتينِ تطلقهما عيناكِ من حنجرتي طائرٍ حبيسٍ
بملايينِ النجومِ والمجرَّاتِ... وبمصيرِ الكونْ
وأحلمُ مطعوناً بشظايا الأمَلْ
فيقولُ لي صديقي الذي لا صديقَ لهُ
أنَّ ما أفعلهُ أشبهُ بجنونِ نيتشة...

(2)
يحدِّثني صديقي الذي اشتعلَ الثلجُ في رأسهِ

أخاف لندرة الخيل الأصيل
ذات سبق
أنني أسرج حمارا
واشتهي أن لا أموت وحيدًا
وألا يُملأ صدري غبارا

لا تسأليني من أنا
أنا باختصار
أشلاء إلهٍ مزّقه الكفـّار
أنا ليلٌ أبديٌّ يا قمري
وصيامٌ لا يدرك إفطار

إلى نلسون مانديلا
أنفاسُهُ في الريحِ أغنيةٌ مسافرةٌ
ربيعٌ صمتُهُ المختالُ بينَ أظافرِ الجلاَّدِ..
نهرٌ صوتهُ يمشي على قدمينِ عاريتينِ من عاجٍ وفولاذٍ
يقومُ كما تقومُ طفولتي الأنثى من الأطلالِ
غُصَّتهُ غصونٌ وارفاتُ الصيفِ..
 
من ذا جاءَ من خلَلِ الضبابِ
كأنَّهُ ما تخلعُ الأحلامُ من أسمالها
وكأنَّهُ برقٌ يُروِّضُ بالشموسِ
حديدَ هذا السجنِ والصلصالَ...

أيها الطريق الطويل
يا صاحب حزن وعويل
لا تدع متاهة جرحك قربي
فرأسي حقيبة سفر قديم
للعاشقين
للعابرين من دروب منسية
لليائسين من قصيدة أو مرثية.

أيها الطريق
سأمضي دونك
فلي ليل أسلكه

دمعةً أخرى
وتجاعيدُ وجههِ خطوطاً
لم يدرِ
 ربّما لم ينتبه متى تقاطعت
وخطوطُ شعرهِ تشابكت ما بين أصابعه
شاهدني عدّة مراتٍ
ولمم يشأ
فذاك الواثق في الصورةِ
مزيداً من الغُربة..
ودمعةً أخرى
قد عَرِفَ أنه لم يعد في اللعبة..

دعيني أتملى في حسنكِ
دعيني أملّى
رمانة الشفتين الملوية
مازلت عن لثمكِ
ما زِلت طفلا..
خذي لهفي
 و تسمري ألهو في أذنيكِ قرطا
وأذوب في جفنيكِ كحلا
فأقَّاطَر منهما شمعا و ليلا..
دعيني أخبئ في حسرتِكِ
ليوم الضيم شمسا، طينا

و حملتُ قبركِ بين أضلاعي أنا
فعلمتُ كيفَ تـُحطَّمُ الأضلاعُ
و علمتُ كيف تعيشُ فيكِ ملاحمي
سُفناً و يُبدِعُ مِنْ صداكِ شراعُ
و علمتُ أنكِ لا تصيدينَ الدُّجى
إلا  و فيهِ  مِنَ  الشِّباكِ  شعاعُ
ما جاورتـكِ يدُ الذليل ِ و ظلُّها
مِنْ دون ِ عزِّكِ لعنة ٌ و ضياعُ
ما  حطَّمتكِ العاصفاتُ و إن طغتْ
بجميعكِ الأمراضُ و الأوجاعُ
أنتِ انتصاراتُ السَّماء ِ على الثرى

سهوا
أوقفني البحر
ولفني الليل
بعباءة من الانفعالات البلهاء .
وكلما اقتربت
كان البحر ينتفض مشتعلا
في ثناياي..
كمركب صغير تتقاذفه الأمواج
وهو يخطو في مهب العاصفة
وكان ذبيب نوايا الغرق
يثب مرتعشا


لم تجلس وحيدا
ومن عمق الريح
تصنع أوهاما
من حريق؟

هل تسمع دقات قلبك
ما زالت تحمل خزنك
من جرح مساءات قديمة؟

العاصفة تستلقي على سريرك
وأنت مشغول بأعقاب السجائر

لا ترحلي
توسّدي كل الذكريات
وامسحي بيديك لون السماء
لا شيء هناك
غير زرقة عينيك
وحبا صوفيا
وتوحُّدا
لا ترحلي
واتركيني ألبس
معك، جبة حلاّجيه
لقد غدونا

لونُ الرياحِ أطفأَ شموعي
وأظلمَ بيتي وكتابيِ
بينَ يديٌ ماتَ القلمُ
الذي كانَ يرقصُ بالكلماتْ .
الوردُ الذي يعشقُ النورَ
أخرجَ شوكهُ
واشتدٌ ساقهُ
في لهفةٍ منْ يتركُ
نبيذَ الحياةْ .
شكلُ الرياحِ الجديدُ يشبهني
وحجمُ العاصفةِ القادمةِ...

ثمة أفق
 يرفض أن ينتظرني عند المساء
 العاكف على العتمة.

هل يعرف أحد كيف يمكن
أن يعانق الأفق
خصر صفصافة
تهدهد نجمة على قارعة الغروب
وتناغي ترانيم شفق
موغل في مواكب النخيل؟
أخبرت امرأتي ذات  أنة

في هباء الليل
تمضي العتمة منتعلة
صمتها اليومي الفاخر
صوب الضباب المتروك
وحده
مبتغاها أن تشاركه
ألقه ’ نبيذه ’انطواءه
مثلما صديق.
2-
في هباء الليل
السماء الحزينة