في الخريف  المرّ ،
و مساء ، كهذا  المساء
على رصيف القلب ،
 حطّـت سُنونوة
تفتش عن نصف حلم ،
هناك ،
في معطف البحر
و نصف ليل ،
يبحث عن نصفه
على جدار الفجر .
 
 

أخاف لندرة الخيل الأصيل
ذات سبق
أنني أسرج حمارا
واشتهي أن لا أموت وحيدًا
وألا يُملأ صدري غبارا

لا تسأليني من أنا
أنا باختصار
أشلاء إلهٍ مزّقه الكفـّار
أنا ليلٌ أبديٌّ يا قمري
وصيامٌ لا يدرك إفطار

إلى نلسون مانديلا
أنفاسُهُ في الريحِ أغنيةٌ مسافرةٌ
ربيعٌ صمتُهُ المختالُ بينَ أظافرِ الجلاَّدِ..
نهرٌ صوتهُ يمشي على قدمينِ عاريتينِ من عاجٍ وفولاذٍ
يقومُ كما تقومُ طفولتي الأنثى من الأطلالِ
غُصَّتهُ غصونٌ وارفاتُ الصيفِ..
 
من ذا جاءَ من خلَلِ الضبابِ
كأنَّهُ ما تخلعُ الأحلامُ من أسمالها
وكأنَّهُ برقٌ يُروِّضُ بالشموسِ
حديدَ هذا السجنِ والصلصالَ...

إغمدي قُبلةً في خفايا الوريدْ
لعلِّي بما يتكاثرُ منِّي وراءَ ظلامِ الخطايا أعودْ
لعلِّي بما يتناثرُ منِّي على وردةِ الثلجِ
أخطو على جمرِ روحي
وأستلُّ من نهرِ قلبي طيوراً مهاجرةً
في فضاءِ النشيدْ
 
إغمدي قُبلةً في خفايا الوريدْ
 
هنالكَ خلفَ المجازِ المُفخَّخِ بالعطرِ يوماً
سأشربُ سحرَ الحجازِ

دمعةً أخرى
وتجاعيدُ وجههِ خطوطاً
لم يدرِ
 ربّما لم ينتبه متى تقاطعت
وخطوطُ شعرهِ تشابكت ما بين أصابعه
شاهدني عدّة مراتٍ
ولمم يشأ
فذاك الواثق في الصورةِ
مزيداً من الغُربة..
ودمعةً أخرى
قد عَرِفَ أنه لم يعد في اللعبة..

دعيني أتملى في حسنكِ
دعيني أملّى
رمانة الشفتين الملوية
مازلت عن لثمكِ
ما زِلت طفلا..
خذي لهفي
 و تسمري ألهو في أذنيكِ قرطا
وأذوب في جفنيكِ كحلا
فأقَّاطَر منهما شمعا و ليلا..
دعيني أخبئ في حسرتِكِ
ليوم الضيم شمسا، طينا

أنتظرك
و بين يدي قمر لا يريد أن ينام
آه..لو تشائين لناولتك
ضوء الليالي
لكنك اقترفت هذا الرحيل.

أنتظرك
وفي قلبي
ماء،
حب،
وسلام

سهوا
أوقفني البحر
ولفني الليل
بعباءة من الانفعالات البلهاء .
وكلما اقتربت
كان البحر ينتفض مشتعلا
في ثناياي..
كمركب صغير تتقاذفه الأمواج
وهو يخطو في مهب العاصفة
وكان ذبيب نوايا الغرق
يثب مرتعشا


لم تجلس وحيدا
ومن عمق الريح
تصنع أوهاما
من حريق؟

هل تسمع دقات قلبك
ما زالت تحمل خزنك
من جرح مساءات قديمة؟

العاصفة تستلقي على سريرك
وأنت مشغول بأعقاب السجائر

قريبا من الموت
كان جندي بالمرصاد ،
يتلو للبحر بريده
و يكتب اسمه على جسر أيامه
و يغفو .
و شاعر يبكي أطلال قصيدته
يفتح قلبه للريح  ،
يرثي سواحل الراحلين  ،
يرتق جرح الأرض
و يكبو .
طفل على بوابة المنفى  ،

لا ترحلي
توسّدي كل الذكريات
وامسحي بيديك لون السماء
لا شيء هناك
غير زرقة عينيك
وحبا صوفيا
وتوحُّدا
لا ترحلي
واتركيني ألبس
معك، جبة حلاّجيه
لقد غدونا

ضباب على طريق الذكريات
غبار يغلف… روحي
يحملني الهواء الثقيل
لاغفو بين يديه
على شرفة العابرين
ويعدو على طرقاتنا
صمت صمت
وفي عتمة الحزن
انسل مني
الى حدقات العيون
التي لا تراني

ثمة أفق
 يرفض أن ينتظرني عند المساء
 العاكف على العتمة.

هل يعرف أحد كيف يمكن
أن يعانق الأفق
خصر صفصافة
تهدهد نجمة على قارعة الغروب
وتناغي ترانيم شفق
موغل في مواكب النخيل؟
أخبرت امرأتي ذات  أنة

في هباء الليل
تمضي العتمة منتعلة
صمتها اليومي الفاخر
صوب الضباب المتروك
وحده
مبتغاها أن تشاركه
ألقه ’ نبيذه ’انطواءه
مثلما صديق.
2-
في هباء الليل
السماء الحزينة

ليس في القلب غير امرأة وحيدة
امرأة ترتعش بين أناملي
كعصفور يحلم بوطن آخر
يحلم بعشق غير هذا العشق
الطاعن في أرق الأمسيات
غير هذا الجرح الراسخ في الذكريات.

ليس في القلب غير امرأة وحيدة
تكاد في موكب الجرح
أن تطرد صفو المدينة
أن تطرد صخب القصيدة

أيها الحطام الأسود الجميل،
يا هاجسا يحرضنا على السهر.
أبدا، لن نحتقر أسرارك الدفينة
في كأس النبيذ
فبين كأسين
وسيجارة ذابلة
ستكبر المسافات باتجاه من نحب
ستكبر على طاولة ما
طاولة ترقب الليل من شباك حلمنا
قبل أن تنام منهارة.

كل شيء في هذي العتمة
 يجلوك...
العصفورُ بريشه الذهبي
 رقّاصُ ساعة الحائط بين هُنيهة وأبد
 كُنَّاشُ الذكريات
 فائضُ الصمت في فيلم "المومياء"
 بريدُ أحبة لا يصل
 خيطُ الحنين المنسكب بهدوء من خصاص النافذة
 الكأسُ المترعة بالخيبات
 الغرباءُ فــي مدن لم تزرها
 فيروزُ كلَّ صباح في مذياع الجيران

القاطراتُ تكسرُ صمتَ الطريقِ
تنشرُ فوقَ سكةِ الزمانِ
وموتِ المكانِ
تعري حقيقةَ الوطنِ
الذي بارَ
والذي صارَ
والذي غابَ والذي ذابَ
تقتلُ روحَ البقاءِ
وشرودَ الوطنِ الذي ماتَ بالسكتةِ
وبالضربةِ القاضيةْ .
القطارُ الأسودُ